المحرر موضوع: مسرحية الحرية الحقيقية تأليف وسيم جرجيس نعمت  (زيارة 14471 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كريم إينا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1311
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الحرية الحقيقية
                   تأليف : وسيم جرجيس نعمت
                      ساعد في الكتابة : منتصر سالم حداد
حالة إضطراب تعم الشعب بأكمله – يسلب وينهب ويقتل ويشّرد .. إلخ – وأحد الأشخاص يصرخ حرية حرية حرية – فوقف أحد الأولاد مندهشا ً بجانب والده ِ أمام هذا الحدث , فيلتفت إلى والده ويقول له :-
يا أبي هل هي هذه الحرية ؟
قال له الأب : لا يا بني , هذه ليست الحرية , بل يسمونها ( تسّيب) . إنهم يعبرون عن عنفوانهم وبشاعة قلوبهم . في اليوم الثاني أجلس الأب ولده على مائدة الطعام , وسأل الوالد ولده قائلا ُ :-
ماذا فعلت اليوم يا بني ؟
يقول الولد : ماذا أقول لك يا أبي , اليوم وجدت أشياء ً غريبة .
الأب بإستغراب : ماذا شاهدت يا بني ؟
الإبن : اليوم خرجت إلى الشارع ورأيت أصدقائي يحطمون المدارس ويأخذون منها أغراضا ً ويسلبون كل شيء حتى الذي لا حاجة له فيها .
ويصيحون حرية حرية . ورأيت الأطفال يدخلون النوادي والمقاهي ولا أعرف من أين يأتون بالنقود الكثيرة ,
أعتقد أن هذه النقود يجلبونها بصورة ٍ غير لائقة وأيضا ً يقولون ( الحرية – الديمقراطية ) أهذه ِ هي الحرية الحقيقية !
ماذا تقول يا أبي ؟
يقول الأب : يا ولدي سوف أقص لك قصة حقيقية من كتابي المقدس .
وتنزل الستار – ونرفع الستار
جمع من الناس يعملون أعمالا ً شاقة وآخرون يجلدونهم بالأسواط . وهنا يحكي الأب قصة ذاك الشعب الذي كان يعاني من نير العبودية تحت حكم فرعون مصر .
الأب : كان هناك شعب يسمونه الشعب الإسرائيلي . هذا الشعب كان يرزح تحت نير عبودية فرعون حيث كان يستعبدهم بعنف شديد , بأعمال شاقة بالطين واللبن وسائر الأشغال في الحقول , وكان هؤلاء يتكاثرون فخاف فرعون مصر من أن يتكاثروا فيقوموا على ملكه فقام بقتل كل ذكر ٍ يولد . هكذا كان يستعبد الشعب الإسرائيلي من عبودية فرعون مصر .
هنا يظهر موسى ماثلا ً أمام فرعون مصر ويقول له : ( أقول لك أطلق الشعب ليعبد الرب في البرية ) , ويتصلب قلب فرعون ويرفض إطلاق الشعب إلى البرية . وبعد محاولات عديدة وكثيرة من قبل الرب , وبعد أن مات كل بكر في الشعب المصري .
( هنا يظهر الشعب المصري , ويظهر فيه موت الأبكار من البشر إلى الحيوانات ) . وهنا يقوم فرعون بعد أن مات إبنه البكر ويقول : أطلقوا الشعب الإسرائيلي يكفي مارأيته من موت إبني , أطلقوهم .
تنزل الستار  
يظهر الأب وإبنه جالسان على المائدة فيقول الأب لإبنه تعال نذهب إلى غرفة الجلوس , ويقول أثنائها لزوجته أحضري لنا القهوة .
تنزل الستار
يظهر الأب مع إبنه جالسان في غرفة الجلوس ويسطر الأب كلامه .
الإبن : ماذا حدث بعد ذلك يا أبي ؟
الأب : أوه , إنه سؤال وجيه يا بني ومهم , حسنا ً سأقول لك الآن ماذا حدث .
بعد ذلك يا بني عندما خرج الشعب الإسرائيلي إلى الحرية أخذ يتصرف على هواه تارة ويأمر الرب تارة ً أخرى , كما يفعل الشعب الآن كل يتصرف على هواه .
الأب : إن الحرية التي تراها الآن لدى الناس ليست حرية بل ( تسيب ) إذا ً الحرية يا بني هي أن تسير حسب القانون بحرية وبدون خوف . إذا ً الآن لا وجود لحكومة ولا لشرطة فيتصرف الناس على هواهم , لهذا السبب الذي ذكرته أي كما يقول المثل ( غاب القط إلعب يا فأر ) .
الإبن : إذا ً يا أبي , عرفني , كيف تكون الحرية الحقيقية ؟
الأب : يا بني سأبدأ معك بالعبودية ومن ثم ستفهم الحرية . فالعبودية هي تجريد الإنسان من إنسانيته , أي يصبح الإنسان أشبه بحيوان أو مجرد آلة تستخدم للأعمال الشاقة , وتخضع لسيطرة من هو أعلى وأقوى وهناك أنواع من العبودية منها إستعباد الإنسان لأخيه الإنسان ومنها السلطة السياسية كما كانت السلطة الفرعونية تستعبد الشعب الإسرائيلي كما سردت لك سابقا ً , أي إستعباد الفقير من قبل الغني . بكلمة أخرى العبودية هي سحق المساكين وهذا ما جسده يا بني النظام السابق , حيث جسد بحق العبودية الحديثة أي السياسة الدكتاتورية وإخضاع الشعب تحت حكم مستبد وعدم تمتع الإنسان بحقوقه وهكذا تدمر الشعب . ولكن يا بني ليست العبودية التي ذكرتها الآن مهمة لإزالتها بل هناك عبودية أقسى وأبشع إنها إستعباد الإنسان من قبل أنانيته وشهواته وغريزته في أن يكون أفضل من الآخرين أي يريد أن يحطم الآخر لكي يصبح مثله أبدا ً . إنها عبودية المال , عبودية التلفزيون , عبودية ألcd , عبودية الإنترنيت وإلى أخرى من العبوديات يا بني .
الإبن : حسنا ً يا أبي إذا ً ما هي الحرية برأيك ؟
الأب : الحرية يا بني , هي حق مشروع لكل إنسان ولكل شعب . إنها مرحلة يا بني غير واضحة إنها مرحلة البحث عن الهدف , إنها ولادة الشعب نفسه , وفي الحرية أو في السبيل إليها مصاعب كثيرة يجب على الإنسان تحملها . يجب أن تأتي الحرية من صميم الإنسان نفسه وأن يكون للإنسان رغبة في التحرر . ولكن حذار من الخروج من عبودية ودخول بأخرى . حيث نحن خرجنا من عبودية نظام وقد ندخل في عبودية نظام آخر هي عبودية المادة والدّش والإنترنيت.
يسأل الإبن : أبي ولكن ماذا عن القانون وخاصة إذا كان هناك أحد رئيس يسلط على الناس بالقانون ؟
الأب : الحرية يا بني , هي أن تكون أكثر إلتزاما ً بقانون معين سواء أكان ديني أو مدني . إنه يعني أن تكون مسؤولا ً عن الآخر , أي أن توفر له حريته على حساب حريتك الشخصية وليس العكس ( تحطيم وإستعباد الآخر )  . وهناك أمثلة لأناس أن يوفروا فرصة الحرية لأناس كثيرين , مثل المعلم الذي يعلم . إذا ً إن العلم هو فرصة للتحرر من الجهل الذي هو أخطر أنواع العبودية الآن . ونرى أناس يستعبدون من قبل الأموال مثل الذين يأخذون الرشوة .
هنا يقف الأب هنيهة فيقول الإبن :-
أبي , الآن فهمت ما هي الحرية , إنها شيء لا يعطى بل شيء ينبع من الداخل يحققه الشخص نفسه .
يقاطعه الأب : يا بني لن تتحقق حريتك إلا إذا فتحت فمك أنت , إذ لن يعطيك أحد حريتك إلا إذا فتحت فمك وأثبت وجودك وشخصيتك لتحقق حريتك فمهما أبقينا أفواهنا مغلقة فسوف نعيش دائما ً عبيد أنفسنا . ولا تنسى يا بني إنك إن أردت أن تحقق هدفا ً ما عليك سوى أن تضحي بأشياء كثيرة جدا ً . فالمسيح ضحى بحياته حتى نخلص كلنا , هل فهمت يا بني ؟
الإبن : أجل يا أبي لذلك سأعمل على أن أفهم أصدقائي عن معنى الحرية عسى أن يفهموا . الحرية ليست أن تقتل من أبغض إليك ولا تسرق أشياء ليست لنا ولا تفدينا لأي شيء . لكن العبودية المؤلمة وأبشع عقوبات العبودية هي أن تحرم من العلم والثقافة لأن العلم نور والجهل ظلام , فهكذا يا بني يبقى سلاحك الذي تحارب به أعداء الحرية , لأن أعداء الحرية يكرهون العلم والثقافة لأنه حينئذ يظهر الحق على الباطل وهكذا يهدم كل شيء , كل ما بنوه وما خططوا إليه , وهكذا يصبح عثرة لهم ولكل من يكره العلم والثقافة . فلذلك يا بني إقرأ وإجتهد وتعلّم جيدا ً وتثقف لكي تقاوم الحياة بكل مافيها من الآلام وأحزان .
وهنا ينادي أحد الأصدقاء الإبن فيقول له :
الأب : إذهب يابني , أصدقائك ينادونك , إذهب فهذه فرصتك .
الإبن : سأعمل على ذلك , إلى اللقاء أبي .
الأب : إلى اللقاء .
وهنا ينظر الرجل إلى الجمهور ويقول لهم هل فهمتم معنى الحرية .
وتنزل الستار .