كان لا بد أن أكتب لك هذا الصباح فاعذريني إذا ما أثقلت عليك بكتاباتي , شيء ما بداخلي يحاول الفرار إليك …شيء ما يحتاج للاتحاد بك , وقلبٌ خافقٌ يحاول النطق باسمكِ فتتلعثم
الكلماتُ الورديةُ و تتساقطُ حروفها تحت قدميكِ كأوراقِ الخريف.
قبل قليلٍ أخذتُ جرعتي من أغاني الصباح… فيروزُ ما تزالُ تغني للحبِ و للمطرِ و للنوافذِ المفتوحةِ كقلبي حين يمرُ خيالكِ كأسرابِ الدوري فوق صفحاتِ الذكرى ربيعاً محملاً بآلاف الغيماتِ الشاردة.
فيروزُ ما تزالُ تغني للحبِ و للوطنِ و للصباحاتِ المشرقةِ…سجينةٌ كلماتها في هذا القرصِ المضغوطِ كأقراصِ ذاكرتي التي تختزنُ بين أعماقها صوراً و أحلاماً محترقةً ظلت تربطني بكِ رغم الذي كان.
أكتبُ إليك في هذا الصباح النقي كعينيكِ البريئتين و أنا أتناولُ فنجان قهوتي وحيداً مثلما كنتُ و مثلما سأبقى ,فيتراءى طيفكِ عائماً في اسودادِ القهوة… ضائعاً بينَ حباتِ الهيلِ التي تطفو على السطحِ , ويلوحُ أحياناً مع البخارِ المتصاعدِ الذي استنشقهُ بعمقٍ كما يستنشقُ قلبي عبيركِ الشذي ليستمدَ منهُ روح الحياة كلما أحس بالموتِ يحيطُ بهِ.
أقلبُ فنجاني رأساً على عقبٍ …أُ ديرهُ شمالاً و يميناً مئاتَ المراتِ و أتركهُ نائماً فوقَ طبقٍ مزهرٍ كقمرِ صيفي الوجنات…أقلبهُ مرةً أُخرى لوضعهِ الصحيحِ ,وأُطيلُ النظر في خطوطه المتعرجةِ و رسومهِ المليئةِ بالرموزِ و الأسرارِ كنقشٍ فرعونيٍ قديم.
هناكَ في الأعلى شيءٌ دافئٌ يشبهُ اسمكِ …و في الأسفلِ لقاءٌ قريبٌ بين شخصينِ هما أنا و أنتِ
و على الجوانبِ حمامةٌ تحملُ إلي خبراً سعيداً منكِ …و شكلٌ آخرٌ يشبهُ سماعة هاتفٍ تبشرني باتصالٍ مستحيلٍ لن يكون.
هكذا أظلُ كل صباحٍ اقرأُ فنجاني و أتخيلُ مواعيداً لن تحضري إليها و اتصالاتٍ هاتفيةٍ منكِ لن تكون, ورسائلاً معطرةً لن تكتبيها ذاتَ يوم.
هكذا أضحت قصةُ حبي معكِ …قليلٌ من آمالٍ خافتةٍ و كثيرٌ من أوهامٍ و أحلامٍ لن تتحقق أبداً و أسئلةٍ غامضةٍ لا جواب لها.
أبدل أبدل.