المحرر موضوع: مِن شجون الأسماء وجرائرِها  (زيارة 830 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سامي العامري

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 22
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مِن شجون الأسماء وجرائرِها
*-*-**-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*

سامي العامري
---------------


للشاعرة اللبنانية حنان بديع إبنة الشاعر الراحل بديع يوسف مقالٌ لطيف نُشِرَ مؤخَّراً في موقع دروب تشير فيه الى بعض معاناتها من اسمها في سنوات حياتها المُبكّرة وكيف كانت عُرضة لتعليقاتٍ قاسية من زملائها او بعض الشباب حينما تكون ردود  أفعالها أمام أيِّ موقفٍ ردوداً قد توحي باللا مبالاة او البرودة  فيسألونها مثلاً : إسمك حنان , فأين الحنان ؟ ومنهم مَن كان يُطلق عليها للتجريح حنش وليس حناناً الخ .. فكانت تحزن تارةً و تغضب تارة أخرى بسبب اسمها الى أن جاءتْ فضيحة دار رعاية الأيتام في بغداد لتطفو معاناة الكاتبة مُجدَّداً فدارُ الرعاية او مركز رعاية الأيتام أسمه أيضاً وياللسخرية حنان !
ما حدا بالكاتبة أن تنتفض مرةً أخرى لتكتب هذه المرة ليس دفاعاً عن اليتامى فحسب وإنما عن نفسها كذلك وكأنها هي المسؤولة عن المأساة !
قرأتُ مقالها فتأثَّرتُ فكتبتُ في صفحة التعليقات تحت المقال عدة سطور ذكرتُ فيها ( معاناتي ) انا أيضاً من اسمي قائلاً :
حول اسمك فطالما واجهتُ أنا هنا في المانيا ومنذ أكثر من عشرين عاماً السؤال القاسي الطريف التالي : هل انت يهودي ؟ يحصل هذا اذا سألني أحدُهم عن إسمي فإسم سامي معروف هنا كمختصرٍ للإسم اليهودي المتواتر المألوف سامؤيل او صامؤيل , وكثيراً ما كان اسمي أيضاً مدخلاً للخوض مع الناس في قضايا الشرق الأوسط والنزاع العربي الإسرائيلي ! وقضايا أخرى مثل :  لماذا يكون أمراً طبيعياً تعايشُ المغاربة العرب المسلمين مع اليهود لدرجة الأُلفة في حين فُرِضتْ الهجرة على العراقيين اليهود مثلاً ؟ ثم تتشعّب المواضيع الى أن تصل في النهاية الى موضوع الحوار بين الأديان !! كل هذا بسبب اسمي .
وممّا لا شكَّ فيه أنَّ اسم الكاتبة – وهي الشاعرة – لا بدّ أنه متطابقٌ مع شخصها ولكن
حول الأسماء والمسميّات فقد كانت تُهِِمُّنا أيضاً في سبعينيات القرن الماضي  نحن الفتيان في بغداد وقتذاك فنقوم بما يشبه المراهنة فيما بيننا فاذا سمعتَ عن أحد الآباء أنه أطلقَ على المولود الأوّل اسم وليد مثلاً والثاني حميد فإنّ اسم الثالث من الذكور في الأعمَّ لا يخرج عن ثلاثة احتمالات إمّا مجيد او رشيد او سعيد !
أمّا إذا كان المولود الجديد بنتاً وكان اسم أختها الأكبر هيفاء مثلاً  فسيكون اسم البنت هنا إمّا شيماء او عفراء او رجاء او آلاء ! وهكذا فبعض الآباء كثيراً ما يطرُبُهم جرسُ الإسم فيذهب الأبناء ضحية الرنين ! 
فقد ينشأ أحدهم خاملاً او مُغفَّلاً  فيما يكون اسمهُ فهمي , ولماذا فهمي ؟ لأنّ اسم أخيه الأكبر عزمي ! وكذلك عن الفتيات فتجد إحداهنَّ مُتَّزنة وخجولاً بينما اسمها رحاب , ولماذا رحاب ؟ لأنّ اسم أختها الأكبر سراب !
وممّا أتذكّرُهُ أنّ إحدى فتيات منطقتنا كانت ذات جمالٍ مُلْفِتٍ وغُنةٍ في صوتها ما جعلَها تُسحرُ الفتيان وكان الجميع يتمنى لو يفوز بقلبها !
هذه الفتاة مرّتْ يوماً من أمامنا في طريقها الى السوق ثم التفتتْ الى أخيها الصغير الذي تخلّفَ عنها قليلاً ثم نادتْ عليه – وربمّا بقصدٍ لكي تُسمعنا صوتَها -  فأسكرَنا صوتُها وقبل ذلك جمالها طبعاً , هذه الفتاة كان اسمها لمياء فقلتُ لأصحابي وقتها وبسبب فتنتِها : لو كنتُ أباها لأسميتها أشلاء !
وقد قرأتُ نكتةً  بصيغة سؤالٍ هو : أتعرف كيف يُسمّي الصينيون واليابانيون أولادَهم وبناتهم ؟  فيأتي الجواب بأنهم حين يولد لهم طفلٌ يرمون على أرضية الغرفة طنجرةً
(  قِدْراً ) فتتمُّ التسمية وفقاً لصوت الطنجرة !
وممّا أذكرهُ كذلك في بداية الثمانينيات هو أنَّ صدّام قد سمحَ لأسبابٍ ( عائلية ) الى الإقطاعيِّ الخرتيت خير الله طلفاح بالظهور على شاشة التلفزيون عدة مراتٍ مُحاولاً تزوير التأريخ الإسلامي والإتيان بالكثير من الهلوسات ولا أقول المغالطات عن وقائع تأريخية ثابتة وخصوصاً حول الشيعة ثمّ يشرع بعدها بسردِ صفحاتٍ من ( مذكّراتهِ ) وأحداثٍ عاصَرَها ويدّعي بأنه عاشها شخصيّاً فيقول مثلاً : وفي عام 1953 كنتُ جالساً في بيت المرحوم فلان او : وممّا قاله لي الوزير فلان رحمه الله , او في عام 1977 أخبرني المغفور لهُ فلان ...الخ .
ولاحقاً سمعتُ العراقيين في إيران وعلى الأخصّ الشيعة منهم يقولون عن ذلك للتندُّر :  شهود خير الله طلفاح كلّهم موتى !
هذا ( المؤرِّخ ) يقول في إحدى ( محاضراته ) التلفزيونية ما يعتبره إنجازاً يفخر به ما يلي : انا مَن سَمّى السيد الرئيس صدّاماً وذلك حُبّاً بمعاني الصِدام والفروسية . وأمّا عن اسمه هو بالذات فالتأويل حاضرٌ , يقول : خيرُ الله أطلَّ وفاح !
وتملُّقهُ هذا مع ذلك لم ينفعهُ في شيءٍ فعلى سبيل المثال قد شاءت المصادفات – وما أكثرَها في الزمن البعثي ! -  أن يلمع اسم إبنهِ عدنان بعد أن جعله صدام وزيراً للدفاع وعند هذا الحدِّ طبعاً يصبح الأمر جادّا فصدام المعروف بنرجسيتهِ المضحكة لا ولن يستسيغ صعودَ نجمٍ غيره وهو الذي جعل  صورَهُ وتماثيلهُ على طول البلاد وعرضها بمثابةِ أخطبوطٍ عملاقٍ لقزمٍ سياسي ,  فكان أنْ تربَّصَ بعدنان خيرالله  حتى حَلَّتْ اللحظة المناسبة حيث كان عدنان ومعاونوه مُحلِّقين في طائرة استطلاعٍ عسكرية فأطلقَ على طائرتهِ صاروخاً جعلَهُ يتناثر كطائر الحَجَل على ذُرى كردستان !

*-*-*-*-*-*-*

كولونيا –  تموز - 2007
alamiri60@yahoo.de