المحرر موضوع: عراقة مسيحيو العراق ،،،،، الشعر العباسي "وثيقة دامغـــــــــة"  (زيارة 1741 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Laila Al-Ansary

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 35
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
      عراقة مسيحيو العراق ،،،،، الشعر العباسي
                    "وثيقة دامغـــــــــة"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ليلى الأنصاري
ـــــــــــــــــــــــــــــــ


إذا كان مؤرخو التاريخ السياسي  ،، لا يعطون أهمية  للوثيقة الشعرية ،، لكونها خاضعة للأهواء ،، فإن المهتمين بتاريخ الجغرافيا والآثار وتطور الأخلاق وعلم الاجتماع والمجتمع ،، يعدون الشعر وثيقة تاريخية في غاية الأهمية ، لأنها انعكاس زمانها ومكانها ......

ولذا يظهر جليا في الشعر العباسي وبجميع أدواره ،، صور للأديرة المسيحية ( موقعا ، وشكلا ، وحياة ْ ) ،، لا أظن أحدا يستطيع إنكارها ،، خاصة وان تلك الأشعار قد كتبها ( فحول الشعر العربي ) وحفظتها الكتب والعقول والقلوب المختلفة والمتنوعة تراثا لنا ،، وشاهدا تاريخيا صادقا ،، ومن تلك القصائد الشعرية التي وثقت تاريخ المسيحية ومسيحيو العراق ،، نستشف الآتي ،، مبتعدة قدر المستطاع عن المغالاة والتحيز للموضوع والقصور المخل له،، :ـ

(1)   تمتد الأديرة أو ( الديارات ) كما تسميها بعض أمهات كتب التاريخ من أقصى شمال العراق ( ديار بكر ) مرورا بالأنبار وديالى و إنتهاءا بالبصرة وعلى امتداد نهري دجلة والفرات ....
(2)   اللغة العربية هي لغة مسيحيو العراق في الأسواق ومع الأهالي ،، على أن لغة القساوسة والشمامسة والرهبان لهم لغة دينية خاصة يرتلون ويترنمون بها خلال طقوسهم الدينية ، ولاينكر عليهم بلاغتهم في اللغة العربية ...
(3)   يمتد عمر بعض الأديرة إلى ما قبل التوغل العربي الإسلامي ( الحجازي ) إلى أراضي العراق ،، بقرون عديدة ،،
(4)   تتنوع الجذور المسيحية وأصولها في العراق حتى العصر العباسي الأخير إلى :ـ
(أ‌)   بقايا الدولة البابلية ( المتمثلة بأديرة الفرات الأوسط "الحيرة وغيرها")
(ب) بقايا الدولة الأشورية (وهذا متمثل بأديرة الموصل وما حولها )
(ج) بقايا عرب العراق الذين كانوا قد تدينوا بالديانة المسيحية ، الذين رفضوا اعتناق الدين الإسلامي ، كما رفضوا اعتناق المجوسية أيام الحكم الساساني الفارسي للعراق ، خاصة قبائل ربيعة وأزد وتميم والتغالبة ،، وهذا واضح من من المساجلة التي حدثت بين أمير ربيعة ( المتدين مسيحيا ) وبين سعد بن أبي وقاص " رض " والتي على أثرها قتل أمير قبيلة ربيعة ..
(د) رعايا دولة المناذرة والتي كانت عاصمتها الحيرة ..
(هـ) المهاجرون من الأقاليم المجاورة ،، الخاضعة للسلطان العباسي ،، مستفيدين مما كان في بغداد ( دار الأمن والسلام ) من تسامح ديني وتعايش سلمي حضاري ومن الرفاه الاقتصادي وفرص العمل الكثيرة ..
(و) أسرى دولة الروم ،، الذين وهبوا للأديرة ،، من قبل الخلافة ،، بأعتبارهم حصة المسيحيون من عطايا بيت مال الدولة ، أو كهدايا من الأمراء لتلك الأديرة ... ومعظم أسرى الروم كانوا هدايا لأديرة الدجيل وسامراء وما بينهما ...
(5) إرتباط  مسيحيو العراق ( برابطة مخالفة دين الحاكم السياسي الجديد )  حيث أنهم اعتنقوا الديانة المسيحية حينما كان الحكم الساساني يعتنق الديانة المجوسية ، وأصر الكثير البقاء على ديانتهم المسيحية ،، حينما تحول العراق من الحكم الساساني الى الحكم العربي المسلم ،، وهذا يمكن القول بشأنه ( أن خاصية العند ) كمقاومة للمحتل ورفض ثقافاته ،، خاصية عراقية محض .
(6) وجود تسامح ديني واحترام معتنقات ومعتقدات الآخر منهج يتميز به العراقي سواءا كان مسلما أو مسيحيا أو يهوديا ،، لإدراكهم معنى الحياة ،،وضرورة التعايش السلمي ،، مقتنعين تماما أنه لايتعارض أو لايتقاطع مع دياناتهم ،، خاصة اذا عرفنا أن قمم أئمة المذاهب الاسلامية المتبعة اليوم ، كانت ( حية ترزق) في ذلك الزمان.. وخير ما نستدل به هو ( أن اللقاءات الفكرية والأدبية والعلمية ) في بغداد وتحديدا في عصر المأمون وما بعده ،، كانت تحرم  الاستشهاد بالتوراة والآنجيل والقرآن أثناء المناقشات والجدل ..... وأن الجدل الديني محله المساجد والأديرة والكنس ...
(7) سيطرة مسيحيو العراق ،، على أفضل المقاطعات الزراعية ( بصدر النهر ) ،، وتحويلها إلى جنائن ( كما وصفها الشعراء الذي سيأتي لاحقا ) وإستراحات للمسافرين ما بين مدن العراق ، برا وبحرا .. حينما يداهمهم الليل ،، تحوطا من اعتداءات قطاع الطرق واللصوص ،، وهذا يأخذنا الى الحقائق التالية :ـ
     أولا ـ أن مسيحيو العراق إما كانوا من قدامى السكان الذين أستمكنوا هذه     الآراض النادرة ،، ولايوجد من ينازعهم عليها بحكم العرف والمنعة والدين خصوصا اذا عرفنا أن المجتمع العراقي مجتمعا زراعيا ..
     ثانيا ـ أن المسيحيين والمسلمين كانوا في أرقى مستوى حضاري وأخلاقي وديني ،، وأنهم سواء أمام القضاء ،، الذي يبدو قويا ،، لعدم وجود اعتداءات بين الطرفين ،، للاستحواذ على أراضي الغير بالقوة  ..
   ثالثا ـ  يبدو أن قطاع الطرق واللصوص ،، يعدون الأديرة أماكن مقدسة ،، يخشونها دينيا ،، إلا ماذا نفسر عدم مطاردة المسافرين من التجار ومن الآخرين واللذين كانوا أحيانا كثيرة ( فرادى )  من قبل اللصوص وقطاع الطرق حتى في عقر الأديرة والتي عادة ما تكون خالية إلا من أفراد يعدون على الأصابع ،، مسالمين لا يملكون قطعة سلاح ولا يريدون تملكها ،، وهم في قرى ريفية معزولة وبعيدة عن ضجيج وآذان المدن ....
  رابعا ـ لعل القادمين الجدد للعراق كانوا يدركون حق المسيحيون العراقيون بأراضيهم ،، ويعرفون بنفس الوقت أن المسيحيون أهل الدار العراقية ،، ولايمكن منافستهم بتلك الممتلكات التي ورثها المسيحيون أبناء العراق من أجدادهم ، لكونهم ضيوفا ، أو لكونهم أضعف مالا وأبناءا ، أو لاطاقة لهم بذلك .

في الجزء الثاني // سنكون معا لنعرف عدد الأديرة التي ذكرها الشعراء ومواقعها وما قيل فيها من رقيق الشعر العربي العباسي وجميله ،، بألسن فحول وقمم شعراء العرب ..