المحرر موضوع: رأي في "جبهة المعتدلين"  (زيارة 799 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبدالمنعم الاعسم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 788
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رأي في "جبهة المعتدلين"
« في: 14:08 18/07/2007 »
رأي في "جبهة المعتدلين"


عبدالمنعم الاعسم
 malasam2@hotmail.com


 تشكيل جبهة للمعتدلين من فرقاء العملية السياسية والبرلمان، من حيث المبدأ، خطوة ضرورية ووقائية وواحدة من الاجابات السليمة على السؤال الذي ينشغل فيه العراقيون والعالم كله: من اين ينبغي التحرك لانقاذ العراق؟.
 ومنذ الاعلان عن النية في تشكيل تجمع للاحزاب والجماعات المعتدلة، العربية والكردستانية، قبل اكثر من عام، حصلت تجاذبات واعتراضات وتحفظات حالت دون ترجمة النيات الى واقع، وحين جرى تحريك الفكرة قبل اسابيع وتسمية الفئات التي تشكل اركان مشروع "جبهة الاعتدال" لجهة دعم الحكومة والعملية السياسية ظهرت ملامح بقع رمادية وغامضة على سطح المشروع، فيما بقيت اسئلة كثيرة عالقة من غير اجابة شافية، وبخاصة ما يتعلق بمفهوم الاعتدال وتطبيقاته، ولم يكن القول بان مناهضة العنف تشكل جوهر المشروع ومبرراته وحدود التزامات اطرافه كافيا لضمان بناء هذا التحالف وضمان استمراره بمواجهة العواصف والتحديات فان ثمة موجبات اخرى، من جنس الاعتدال والوسطية، ينبغي ان تتوفر كمشتركات بين فرقاء المشروع لكي يتطابق الشكل والمحتوى في دلالة الاعتدال السياسي للحالة العراقية.
 اقول: ان تشكيل تحالف، من الاحزاب المؤثرة في البرلمان، بهدف دعم العملية السياسية في العراق ومساعدة الحكومة للاستقواء على العجز والتفتت له ما يبرره في ظل تدهور العلاقات والالتزامات في صفوف الطبقة السياسية المشاركة في الحكومة والبرلمان، غير ان توصيف هذا التجمع بالمعتدلين وافتراض انه يمثل قوى الاعتدال في المشهد السياسي يحتاج الى الكثير من المناقشة والتدعيم بتطبيقات مرئية على الارض، كما يحتاج في المقام الاول الى تشخيض نقيض الاعتدال، وترسيم حدود واسماء ومواقع قوى اللااعتدال في المشهد السياسي، اخذا بالاعتبار ان نقيض الاعتدال  في التعريف المدرسي هو الغلو والتطرف، فمن هي القوى غير المعتدلة التي ينبغي التحشد إزاءها؟ واين تتجلى انشطة تلك القوى؟.
 وبكلمة موجزة، اعتقد ان صفة الاعتدال لا تتطابق مع واقع "جبهة المعتدلين" قيد الانشاء ما لم يجري انشاء مفهوم واضح للاعتدال في ميادين الطائفية والرؤيا الاجتماعية والقانونية والسياسية وما له صلة بالاعتبارات الدينية والقومية والمذهبية، فلا اعتدال من دون تصدٍ للااعتدال، ومن دون مواجهة منهجية(سياسية طبعا) للغلو والتشدد والمبالغة والتخندق، واحسب ان السياسات التي تعتمدها بعض الاحزاب المرشحة لمثل هذا التحالف بعيدة كل البعد عن الاعتدال، وثمة مسافة طويلة بينها وبين ان تحمل هوية الاعتدال، كما ان بعض سياسييها ابعد ما يكونون عن صفة المعتدلين، والخطورة هنا تتمثل في تبسيط او تشويه مفاهيم وخيارات الاعتدال والوسطية، وفي الاساءة لها، وتضليل وعي الجمهور ازاءها، في وقت تتبلور، اكثر فاكثر، الحاجة الى فاعليات واطر حقيقية معتدلة وذي تأثير في مسار الوضع العراقي المتدهور، بل ان انقاذ الوضع يقع الان، ومن زوايا عديدة، على عاتق المعتدلين وقوى الوسط  والديمقراطية الحقة في الساحة السياسية، بعد ان استنفذ المتشددون، من كل الالوان، امكانياتهم وطاقاتهم ، وتخبطوا في مواقفهم، واوصلوا العراق الى مشارف الحرب الاهلية المفتوحة.
  وبكلمة اكثر ايجازا، فانه لا  معتدلين من غير قناعة بفكر التسامح والسلم الاهلي والوسطية ومن غير الاستعداد الجدي على التضحية بالامتيازات ونبذ التخندق، ولا اعتدال من غير منهج يستهدف دحر التطرف بمختلف عناوينه، المكشوفة والمستوره.. وما بين المنزلتين. 
ـــــــــــــــــــــ
كلام مفيد:
"قال النبي محمد: فانما اهلك من كان قبلكم الغلو في الدين".
ابن عباس 
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة(الاتحاد) بغداد