المحرر موضوع: إذا لستَ سريانياً فمن تكون !؟!  (زيارة 2003 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نذير حبش

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 61
    • مشاهدة الملف الشخصي
إذا لستَ سريانياً فمن تكون !؟!

نذير حبش

ألحديث عن السريانية كقومية وتاريخ وحضارة لا تتسع له مجلدات، وإن ذكرت الكندي ويحيى بن عدي وبختيشوع وبرديصان وحنين ومار أفرام وجبران خليل جبران وإبن الموصل نجيب الريحاني ، تكون قد ظلمت مئات من الفلاسفة والمفكرين والأطباء والشعراء والكتّاب والمترجمين والفنانين وغيرهم.

لكننا لسنا بصدد سرد التاريخ وتبيان الحضارة ـ وبمناسبة الحضارة ـ من نافلة القول أن نقول أن أجدادكم السريان هم اللذين إخترعوا أول أبجدية حية وعلمية في التاريخ ، وهي اليوم أمّ لغات العالم المتحضر، ولكم فخر ، يُتَكَلّم بها ويفكر ويكتب ، فكلمة الحضارة والمدنية نفسها (civilization) هي كلمة سريانية تعني (قبوليّة) ـ من بحوث الكاتب في اللغة ـ ، ومنها الإنسان المقبول والمهذب. وعندما يكون عكس ذلك ، غير مقبول في المجتمع ، يُعزل ويُحجز في مكان خاص (السجن).
وهناك الكثير من السريان ـ وهم موضع فخر ـ يحدثونكم عن تاريخكم وتاريخ أجدادكم والإنجاز الحضاري السرياني ، ألذي مازال متواصلاً حتى اللحظة ولن ينقطع.

قضيتنا هي هويتنا السريانية القومية والحضارية ، ألتي هي اليوم في مهب الريح ، وأين ؟! في بلدنا وأرضنا !! ويُقال أن الجيوش جاءت لبناء الديموقراطية في العراق وتقيم العدل !!
نختصر ونتسائل ونسأل: إذا لست سريانياً فمن تكون ؟!
مسيحياً مثلاً ؟ ديانة عريقة ، إعتنقها أجدادنا منذ بداية ظهورها تقريباً ، وشخصيتها المحورية ، ألسيد المسيح (ع) نطق بلغتنا. ألهنود الحمر والزنوج والصينيون وسكان الآسكا هم أيضاً مسيحيون ، لكن مسيحيتهم ليست مسيحيتك. ألأبعد من هذا ، ألمسيحية ديانة ، والديانة نسبية ـ عفواً أنا مثلكم لا أحبذ المصطلحات الثقيلة ـ نسبية أي متغيرة من زمان إلى زمان ، ومختلفة من مجتمع إلى آخر. كنتم على الوثنية ـ وكانت الوثنية ديانة راقية وليس كما يعتقد البعض خطاً ، عكس ذلك ـ تحولتكم إلى الصابئية واليهودية ، ومن ثم جاءت المسيحية ، بعدها الإسلام واليزيدية. وما زال التغيير من دين إلى دين مستمراً حتى يومنا هذا ، وهكذا سوف يبقى الحال.

ألديانة جزء من الهوية  القومية والحضارية للفرد والأمة ، ولكنها ليست كل الهوية. إنها بنية من بنى الذات داخل هذا الوعاء الكبير الذي يحتوي كل بنى الذات ، أي الهوية القومية الحضارية أي ألسريانية. أي أنت سرياني بوجود الديانة المسيحية ، أو غيرها من الديانات أو من عدمها.

أَنت كاثوليكي ؟ أم أرثودوكسي ؟ إنها مذاهب من الديانة ، أي أجزاء من الجزء . فإذا كان الجزء (الديانة) متغيراً فكيف يكون حال أجزائه ؟!
أليوم أنت كاثوليكي وغداً بروتستانتي أو أي مذهب آخر ، او ربما تهجر كل الديانات ، فالبتالي تهجر المذهب ، فمن تكون أنت إذا لستَ سريانياً ؟!

قبل التاريخ وبعده ، قبل الميلاد وبعده  كنت سريانياً وسوف تبقى سريانياً . ألسرياني إبن العراق ومؤسس لحضارته ، غُيّب من دستور بلده ، بعد أن إستقلّ البعض قطار حضارتنا وإدعوا  أنهم وحدهم هم الموجودون ، والقطار لا وجود له !! فمن تكون إن لم تكن لك هويتك القومية السريانية !؟!

تصبح مجرد نكرة ، مجرد نكرة ، تتلقفك هذه الكنيسة أو تلك ، ألتي كنت تؤمّها لأنك سرياني وهي جزء من هويتك السريانية القومية والحضارية . فلا أحد يسعى إلى الكنيسة ليستمع بالتفصيل ماذا قال مار بولس أو مار مرقص أو مار لوقا ، ولا أحد يذهب ليتفقه أي الفلسفات أفضل ، فلسفة القديس إنسلم أم توما الإكويني ، أو يفاضل بين الفلسفة الإكونية والإكوينية الجديدة ، إنك تلتحق بالكنيسة لأنك جزء من الأمة السريانية وقومك على هذا الدين ، أو ذاك المذهب ، ولأن الديانة هي جزء من هويتك القومية والحضارية ، فإذا لست سريانيا فمن تكون !؟!