المحرر موضوع: أسماء في ذاكرتي  (زيارة 1668 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Saad Alsadoon

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 48
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أسماء في ذاكرتي
« في: 13:47 17/09/2005 »
أسماء في ذاكرتي

 لا نسمع اليوم إلا الشكوى من أفواه الكثير ممن صدموا بالتطبيق الجديد لمعنى ( الصداقة ) ذلك
 المفهوم الإنساني الخالص الذي إذا ما أجيد توظيفه برمزيته الإنسانية والثقافية بين طبقات المجتمع
 فإن ذلك سيفضي بالتأكيد إلى خلق مجتمعات عامرة بالكثير من المعاني الجوهرية الحية القادرة على
 تحديد بوصلة العلاقة بين الأفراد إلى الحد الذي يؤهلهم على تقليص مساحة التناقضات والأخطاء
 التي يمكن أن تعصف بالعلاقة الإنسانية والتي تعد من أبرز ملامح يوميات حياتنا .
فوسط عالم
 منغمس من رأسه حتى أخمص قدميه بفلسفة مادية بحتة لم تبق فضاءً إنسانياً إلا والتهمته تحت
 مسوغات وعناوين عدة يظل توق الإنسان قائماً في بناء جسور التواصل وتكاد تكون هذه الضرورة
 مطلوبة بين شريحة معينة أكثر من غيرها وخاصة شريحة المثقفين الذين هم بحاجة إلى من يتلقف
 صدى رؤآهم ويشاركهم في تشكيل تلك الرؤى . أما اليوم فقد أخذ مصطلح الصداقة معنىً فضفاضاً
 بفعل الكثير من تجاذبات العصر التي أودت بحياة الكثير من المعاني الجميلة الكامنة بين ثنايا مفردة
 ( الصداقة) التي أصبحت مرهونة الآن بثمة حسابات تحكمها المصالح الضيقة .
وقد تكون تجربة
 المنفى التي مازلنا نعيش فصولها منذ أكثر من عقد أفرزت الكثير من الحالات التي كشفت بصورة
 جلية عن المعنى الحقيقي للصداقة من خلال المواقف والسلوكيات الصادرة من اولئك الذين نطلق عليهم أسم ( أصدقاء) فكلماتهم مازالت حية تجد صداها في ذاكرتنا المثقلة بمآسي الوطن الجريح
 فلا زلت أتوقف بعد كل هذه السنوات عند معين الذاكرة الزاخر بخرائط الماضي الذي كلما قلبٌت
 أوراقه تلسعني كمن يمشي على حبات رمل صحراوي حارق فلم أجد وسط زحام الغربة غير أن
 أفتح أوراق كتابي الصغير لأقلام ومشاعر أحبتي من المبدعين ليدوٌنوا كل ما يتصل بالثقافة والجمال
 ومشاعر الصداقة الفياضة وما أن أزفت لحظة التباعد عن هؤلاء الأصدقاء حتى بات جوهر كلماتهم
 يصاحبني حيثما رحلت ، وأضحت كلماتهم ملاذاً لي وترويحاً دائماً يلازمني كلما يعتصر قلبي من
 هول الغربة وجفاء الأيام ، سواء في منفانا الصحراوي الأول في رفحاء أم في محطتنا الحالية 
 ديترويت .
فها هي كلمات الصديق الشاعر والمسرحي ثامر الرويبي التي خطها عام 1993 في
 أرطاوية السعودية تتماوج ذبذباتها حتى اللحظة على مسامعي حين قال :
 ( فالنبتكر الحلم مرة أخرى وفي منفى آخر لنرسم بعض خرائط العشق ) وتلك هي كلمات الفنان
 التشكيلي سعد علي الموسوي تجد رنينها وصداها في ذهني حينما قال في ذات العام 1993 وفي
 مخيم رفحاء تحديداً ( كنا نظن سيزيف مصاباً بالعقم ويالهول ما أدركنا أن سيزيف مصاب بإسهال
 في التناسل وقد أنجب شعوباً وقبائل وشيدنا من صخرته بيوتنا وقبورنا )
 وتتوالى الكلمات التي تميزت في غالبها بالأسلوب المعبٌر المشحون بتأملات الإنسان الهادئ المتأمل
 من الخارج مع أحاسسيه المتأججة من الداخل حيث يقول لي القاص حسن حمود الفرطوسي
 ( نحاول إزالة الصدى المتراكم منذ سنين ) وفي ذات السياق يدرج الشاعر حيدر الكعبي رؤيته للغد
 فيقول ( لكل غد آخر حكاية يرويها معتوه بقي أن ندفع الأمور إلى أقصاها بقلوب عزلاء عسى أن
 يتمخض الأفق عن وافد جديد )  وفي ديترويت عام 2002 تقاسمت التجربة عن قرب بالفنان المتألق
 قحطان العطار الذي لم يجد سوى هذه الجملة ليخاطب أبناء مجتمعه ليقول .
 ( شكراً لهذا الوقوف العراقي الجميل ) أما الصديق والرفيق كريم الدريعي الذي لم أعد أراه منذ 
 سنتين ونيف فقد قال لي ( بشر الكائنات البنية ، بقوة الشعر سوف أقلع أنياب الحيوانات المفترسة )
 وقبل أن يغادرني متوجهاً إلى الحبيبة بغداد ودعني الروائي مهدي علي الراضي بهذه الكلمات
 ( سعد الحالم الطموح يقطع مسافة الألف ميل )

سعد السعدون
saaadsadoon@hotmail.com[/size]