المحرر موضوع: هموم بين الرياضة والسياسة  (زيارة 886 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مراقب عراقي

  • عضو جديد
  • *
  • مشاركة: 1
    • مشاهدة الملف الشخصي
هموم بين الرياضة والسياسة
في العراق بلانا الله بجيل مُضحك مُبكي من السياسيين الذين لا يملكون زمام أمورهم، وهم كالأطفال القصّر الذين هم بحاجة إلى رعاية وتكون مركزة من قبل غيرهم لكي يتابعوا نشاطهم اليومي ويقلّبون الأيام، وهؤلاء الساسة في العراق والحقيقة تقال وليس تجنٍ عليهم أنهم رهن إشارة غيرهم وربما يُفكر غيرهم وهم ينفذون، وأيضا أجندتهم السياسية يتم ترتيبها من قبل مخابرات أو سياسيين لا يمتّون للعراق بصلة، كما انهم محروسون أيضا من اناس ليسوا بعراقيين، ولا يثقون بمن هو عراقي ابن عراقي، ويحمل الهوية العراقية، وتجد الأجانب يحيطون بهم، ويتربصون بمن يوجه حتى نظراته لهؤلاء الساسة!!!
هذه بلية العراق الجريح، وهذا هو صنف الساسة الذين يملأون الدنيا كلاما وتنظيرا وضجيجا، تارة باتجاه النفط، وأخرى باتجاه الطائفية، وثالثة باتجاه المذهبية، ومقدرات العراق أصبحت وللأسف بيد هذا النوع من القادة، الذين توهم العراقيون أنهم وطنيون وقد جاؤوا ليخلصوا العراقيين من جور حكم ديكتاتوري ظالم، كانوا هم وأتباعهم من ضحاياه كما كان العراق أجمع، وسمع ورأى العالم أجمع كيف كانت محاكمة رؤوس النظام السابق ديمقراطية، إلى الحد الذي تم تغيير قاضي المحكمة ديمقراطيا، وليس لمرة واحدة بل لأكثر من مرة وفي أكثر من محاكمة!!!
إنها ديمقراطية مضحكة بحيث القاضي لا يمكنه أن يتفوه بحرية ويتصرف بحرية وبأصول قانونية، ليتم المجيء بآخر أكثر حرية منه وأشد تصرفا وأقسى حكما، والقضية الأولى كانت حول مقتل 148 شخصا في حادثة مضى عليها ربع قرن، لكن حوادث الأيام الراهنة من سينصفها إذا علمنا أن أضعاف هذا الرقم يسقطون يوميا إن كانوا بمفخخات أو بتفجيرات أو بأيدي منظمات مجهولة أو ميليشيا تستخدم سيارات قوى الأمن أو بغيرها من الوسائل، ولا أحد يحدد المُقصر أو يحاكمه علنا أمام الملأ لكي يتعرف الجمهور الجهة التي تقف وراءه!!! وحتى الذي يَحصل في محيط المنطقة الأكثر أمنا والمسماة بالخضراء تمضي هكذا دون أن يعرف حتى من طالتهم الأذية هناك من يقف وراء هذه الأعمال؟
ليس العراق هكذا سائبا، وليس من يرتكب الهجمات غير معروفا، كما ان أجهزة الدولة على علم بمعظم الجناة لكن المحاسبة تكون وفق مبدأ العين بصيرة واليد قصيرة!!! الذي يعتبر وبهكذا منطق أمرا مرفوضا، وقد يكون هذا الواقع من مفرزات دمج الميليشيا بأجهزة الدولة، فعندما كانت عناصر الشرطة أو الجيش في ميليشيا غير رسمية، كانت تحت طائلة القانون وتوجد عين تراقبها وربما تلاحقها وتقتصّ منها، لكن بعد دمجها بالأجهزة الحكومية أصبحت حرة من كل هذا، فلا من محاسب ولا من مراقب ولا مَن يلاحق ويعتقل لأنها أصبحت وحسبما يقول المثل حاميها حراميه، وفي الليل عصابات حرة وفي النهار أجهزة أمنية!!! أنه لأمر مضحك مبكي.
وقطعا ليس الكل هكذا لكن مفسد واحد يطغي لعمل مئات مع شديد الأسف، ومهما سرَّحت وزارة الداخلية من عناصرها لكن المرض قد أستفحل والعدوى تنتقل إلى الجديدين الذين يتم الاستعانة بهم سواء بالترغيب أو بالتهديد لتستمر المعاناة ويستمر العراقي بأعطاء المزيد من الدماء والمزيد من الأسى والألم والقلق على بيته وأهاله وماله وأخيرا على حياته!!!
لكن العراق ليس هكذا، أقله أن المرض لم يدمر كامل الجسم ولازال جزء منه معافى ولديه المناعة الكافية لكي يقاوم لفترة أطول، وقطاع الرياضة أحد أبرز هذه القطاعات والذي أصبح مضربا للمثل في أيامنا هذه، فمجموعة ملونة من عراقيين يضمهم المستطيل الأخضر، تناضل بل تقاتل من أجل أدخال البسمة لوجوه وصدور العراقيين وكسبت كل العرب وربما أجانب أيضا لاسم العراق وقضية العراق، بحيث يَفتخر بالعراقيين هؤلاء على الأقل الملايين وبضمنهم العراقيون وعندما يسقط أحدهم على أرض الملعب يحاول المعلق أيا كانت جنسيته أن يتمنى أن لا تكون أصابته بليغة لأنه منجم للفنون وللعب الفني النظيف، وسقوطه وخروجه يعتبر خسارة ليس للفريق فقط بل للرياضة ككل. فهذا نموذج عراقي أيضا.
إذن لدينا نموذجان أبهرا العالم أحدهما في السياسة والآخر في الرياضة، لكن الأول أبهر العالم بسلبيته وبعنجهيته واستهتاره بالآخرين وخصوصا العراقيين ويدخل الألم والحسرة إلى القلوب ويمضي قدما بقتل المئات يوميا وتهجير العوائل وسلب الأموال والاستيلاء على الممتلكات، بينما الثاتي يقاتب لكي يفرح العراقيين، يسقط ويتألم لكي يفرح العراقيين، يئن لكي يزيد الأمل في الحياة لدى العراقيين وأن العراق لازال ممكنا ارتقاؤه القمم، وقهره المستحيل رغم أن ما يحصل عليه هذا الرياضي يعتبر خردة قياسا (للصفطات) التي يحصل عليها السياسيون، هؤلاء يجلسون ويسكنون ويُخدمون في قصور مرفهة ومحمية ومحاطة بكل الأجهزة التي من شأنها حمايتهم من أية أذية، والرياضيون لا ملاعب تأويهم ولا أجهزة أو معدات أو معسكرات أو مال تحت تصرفهم لكي بواسطته يرتقون سلم المجد الذي يطالبهم به كل العراق.
فبأي حق نطالبهم بالفوز وهم حتى ملابس احتياطية لا يملكون لتبادلها مع زملاؤهم في أرض الملاعب، وأجسادهم لا تجد العناية الغذائية لكي يتم بناؤها وفق أسس علمية صحيحة، وأحدث الملاعب التي نملكها وبمواصفات دولية مضى هلى بنائها عقود طويلة، وأرض العراق بعبعا أمام الأجانب لو تواجدوا عليها، وكيف ذلك إن كان العراقيون أنفسهم لا يستطيعون تنظيم مباراة بجمهور مفتوح لمباراة محلية؟
فالسياسيون مفتوح كل شيء أمامهم ولكن نتاجهم وحصاد أيديهم أصبح معروفا للقاصي والداني، بينما الرياضيون لا شيء متوفر لهم وأصبح نتاجهم أيضا مثار حديث الدنيا، لا شك اليوم أن العراق يجسده: يونس ... هوار ... نشأت ... كرار ... مهدي ... نور ... ورفاقهم أجمعين الذين أجتهدوا وأبكونا فرحا ونحن نشاهدهم يلفون أجسادهم الجميلة براية العراق، وبعيدا عن أرض العراق.
مرحى للرياضة التي وحدتنا ولو لتسعين دقيقة في كل مباراة وكم نتمنى أن تطول هذه الدقائق لتشمل العمر كله، ويختفي من ينادي بالسنية أو الشيعية أو العربية أو الكردية ليكون لسان حالنا جميعا (العراق) لنقل معا جميعا...
عاش العراق
ولتسقط السياسة وتعيش الرياضة لأنها هي التي وحدتنا وأفرحتنا.