المحرر موضوع: أبوغريب ـ ح23 ـ دفع ثمن حلم غيره ...!!  (زيارة 1239 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل jalal charmaga

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 290
    • مشاهدة الملف الشخصي
أبوغريب ـ ح23 ـ دفع ثمن حلم غيره ...!!



  جلال جـرمكا / سويسرا

من دفتر ذكرياتي في / أبوغريب ـ الحلقة الثالثة والعشرون ـ عنوان الحلقة / دفع ثمن حلم غيره ..!!.
ياترى هل متأكد من العنوان..؟؟ ياترى ممكن للبشر أن يدفع ثمن غيره حينا يحلم..؟؟ .
بالتأكيد .. نعم .. والف نعم .. والغريب إن الضحية شخصية معروفة وقائد عسكري معروف ومحترم ... عجيبة .. ومع ذلك لنرى :
                                      **********

القصة غريبة .. ولكنها حقيقية عشتها بنفسي.. رأيتها بعيني..لست وحدي بل عاشها معنا أكثر من الف شخص .. ولله الحمد أكثرهم أحياء!!.
بطل القصة شقيقان :
1 / اللواء الركن / واثق مصطفى مديرصنف الدروع الجيش العراقي .
2 / أبو أحمد / قبطان باخرة لعشرات السنوات ..في الموانىء العراقية .
بدأت القصة كالأتي :
لواء واثق كان في إجازته الدورية.. يتمع بالأجازة مع العائلة وألأقرباء.. أنه في البصرة.. حيث أنهما من أهالي تلك المدينة الجميلة أباً عن جد .
في تلك الفترة كان شقيقه / أبو أحمد أيضاً هناك.. وجهت اليهما دعوة / لحضور حفل زفاف أحد ألأصدقاء.. لبيا الدعوة .. كانت حفلة جميلة على طريق أهل البصرة.. حيث الكرم والغناء ألأصيل والطرب الذي لايمل منه البشر!!.
في تلك ألأثناء كان أحد المدعوين ( شارب عالأخر ) .. ينكت ويضحك بطريقة غير طبيعية..حتى أن حركاته جلب أنظار الجميع!!.
نفس الشخص كان يتحدث بالقرب من عائلة ( لواء واثق وأبوأحمد ) قال :
ــ بالأمس حلمت وكأني رئيس جمهورية العراق!!.
ضحك الناس.. أنها نكتة سخيفة.. رجل يعمل مستخدم بسيط في دائرة الموانىء .. كيف أصبح رئيساً للعراق.. أنه حلم سخيف.. الجميع سمعوا النكتة..اللواء لم يعلق عالموضوع ولكن تعابير وجهه كانت غير راضية من هكذا كلام !!.
أنتهت الحفلة .. وأنصرف الجميع !!.
بعد ثلاثة أيام يتفاجأ ( اللواء واثق ) بمكالمة هاتفية من / مدير أمن البصرة يقول :
ــ سيدي ممكن تتفضل عندنا خمس دقائق ؟؟.
رد عليه اللواء :
ــ أنا حاضر.. سأزوركم آلآن !!.
كان الوقت صباحاً.. على أمل العودة الى البيت وتناول الغداء مع العائلة وكالمعتاد!!.
وصل / اللواء الى مديرية ألأمن .. أدخلوه الى المدير ، أستقبله حسب ألأصول.. بعد شرب الشاي سأله مدير آلآمن :
ــ كيف كانت ألأجازة..؟؟ أنشاء الله مرتاح!!.
أجابه /اللواء بالأيجاب وشكر الله .
بعدها قال مدير ألأمن :
ــ أين كنتم قبل أيام ؟؟.
أستغرب اللواء من سؤاله رد عليه :
ــ لم أغادر البصرة.. قضيتها مع ألأولاد وألأقرباء وألأصدقاء..!!.
رد عليه مدير ألأمن :
ــ هل حضرتم حفلة عرس مثلاً..؟؟.
رد اللواء : نعم أشتركنا حفلة زفاف بن أحد المعارف جلست بحدود ساعتان.. من طبعي لا أحب هكذا مناسبات ولكن للضرورة أحكام.. مجتمعنا هكذا.
قال المدير : وماذا رأيتم وسمعتم؟؟
كان اللواء المسكين قد نسى حكايات ذلك الرجل ( الثمل ) نهائياً ولم يعطي المسألة أي أهتمام.. حادثة وأنتهت .. ثم ماعلاقته بمتابعة هكذا مسائل..؟؟!!.
لذلك رد على المدير :
ــ لا أعرف ماذا تقصد..؟؟ لكوني لم الاحظ شىء غريب.. حفلة وطرب وأكل وشرب.. ومئات البشر ..لاغير!!.
قال المدير : لم يجلب أنتباهكم ..كلام.. تهجم على القيادة مثلاً؟؟
رد اللواء :
ــ معاذ الله ..أبداً .. كانت حفلة وليست مناظرة سياسية .. ثم من قال لك نقبل التهجم على القيادة!!؟؟.
حينها قال مدير آلآمن :
ــ طيب وما رأيكم بحلم ذلك السخيف الذي يريد أن يطيح بالسيد الرئيس ويستلم الحكم وأنت لم تحرك ساكناً ... لماذا لم تقتله..؟؟ الم تكن تحمل مسدساً ..؟؟ ثم القيادة لماذا تزودكم بالأسلحة الشخصية ؟؟.
رد اللواء :
ــ كلامك غريب.. أنا أصلاً كنت ناسي المسألة .. شخص ( ثمل ) سائق سيارة في الموانىء..كيف يصبح رئيساً للعراق ..؟؟ ثم هل يعطونا السلاح الشخصي لنقتل بها الناس أم لندافع بها عن أنفسنا ؟؟؟.
بعد هذه المشاحنة في الكلام .. قال مدير ألأمن :
ــ شوف واثق ( هنا نسى الرتبة والمنصب .. يا للوقاحة) .. شوف أنت موقوف.. وسنحقق بالموضوع ..أنت وشقيقك / أبو أحمد أيضاً.. أنه موقوف منذساعات.. أما ذلك الكلب ( الحالم ) لقد مات تحت التعذيب!!!.
أستغرب اللواء واثق من هذا الكلام.. غصب بوجه المدير وقال :
ــ أنت مجنون ؟؟ أنت تعرف مع من تتكلم..؟؟ أنا لواء ركن ومدير صنف الدروع في الجيش العراقي.. أفتهمت.. أنا سأخرج وإذا أنت رجل أمنعني!!!.
هنا نهض اللواء.. لكنه تفاجأ بوجود ( عصابة ) المدير مدججون بالسلاح ..وضعوا الحديد في يديه ووضعوه رهن ألأعتقال في زنزانة منفردة رطبة مظلمة..!!.
يبقى اللواء واثق سنة كاملة معتقلاً في أمن البصرة .. يتعرض الى تعذيب من الدرجة ألأولى.. ضرب.. تعليق.. صعقات كهربائية ...وغيرها .. يصاب خلال تلك الفترة بالعديد من ألأمراض ،أقلها السكر والضغط وعدد من الكسور في الجسم !!.
بعد عام..يحكم على / أبو أحمد لمدة عامان والتهمة لتستره على معلومات خطيرة وعدم أبلاغه عن مؤامرة ضد الحزب والثورة !!.
أما اللواء/ واثق وبسبب أمراضه أجلوا نقله الى أبوغريب فترة زمنية وقد حكموا عليه بنفس المدة!!.
بعد شهر جاؤا باللواء الى أبوغريب.. من العادة أنه يسلم الى / قسم ألأستقبال..بعد سلسلة إجرات أدارية ينقل الى القسم المختص!!.
بقى اللواء / واثق ثلاثة ليالي في ( قسم ألأستقبال ) بسبب عدم وجود سياره لنقله.. كان لايستطيع المشي!!.
بعدها فكروا وكما يلي :
إن إدارة المعتقل لديهم ( ماكنة / شفل ) ولكن أطاراتها غير متناسقة..لذلك عند القيادة تتمايل..أي تتحرك بشكل غير طبيعي لكون عجلاتها مختلفة ألأحجام!!.
يأتون باللواء / واثق ويضعوه في ( كيلة ) الشفل.. بعد أن يفرشون له ـ بطانية ـ يا للمهزلة .. شوفوا قيمة البشر!!!.
المسافة بين قسم ألأستقبال وقسم ألأحكام الخاصة دقائق فقط .. ولكن بسبب عطلات / الشفل..أستغرقت الرحلة أكثر.. طبعاً هنا كلها على حساب وضع وصحة / اللواء واثق ـ المتعب أصلاً ـ!!.
فجأة أخبرونا بوصول اللواء.. تهيئنا وشقيقه / أبو أحمد لأستقباله!!.
طلبوا منا أن نذهب ونحمله.. أسرع شابان وجاؤا به الى غرفتنا!!.
عندما رأه شقيقه / أبو أحمد بكى بحرارة..لم يصدق بأن / شقيقه اللواء أصبح هكذا..حيث فقد العشرات من الكيلوغرامات من وزنه.. ناهيك عن ألأمراض والكسور التي أثقلت كاهله.. ياللمصيبة!!.
المهم..أستقبلناه.. ووضعناه على سرير أحدهم.. كان لايقوي الكلام.. من خلال الكلام الواطىء علمنا بأنه جائع!!.
ألأطباء الموجودين نصحونا بأعطائه  لبن ..أو حليب.. لكون معدته خاوية.. لذلك يجب أن لايتناول شيئاً أخراً أطلاقاً!!.
تناول ( نصف كاسة لبن ) .. بعد دقائق لم تتقبل معدته حتى اللبن.. أبتسم أبتسامة.. وأغمض عينيه وفارق الحياة!!!.
هنا بدأت المعاناة.. بكى شقيقه بحرارة .. أبكانا معاه.. كانت كارثة.. لم يبقى بيننا سوى نصف ساعة فقط.. حملناه وودعناه الى الباب الخارجي.. أما شقيقه فقد أغمي عليه!!.
ما العمل .. غير مجلس فاتحة وقرأة الفاتحة على روحه الطاهرة ...!!.
يشهد الله بالرغم من مرور كل تلك السنوات لا أستطيع أن أنسى وجه ذلك الرجل ( البرىء) الذي أغتالوه من غير سبب!!!.
كانت أيام صعبة .. مرت ولكنها لاتفارقني ... هنالك حلقات أخرى بأذنه تعالى .