المحرر موضوع: اليد الغادره وهجره اهالي مدينتي الموصل  (زيارة 950 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل المهندس معن باسم عجاج

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 462
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
اليد الغادره وهجره اهالي مدينتي الموصل

يسالونني متى اغادر مدينتي الحلوه الموصل ويقولون احذر واسرع ان تنالك يد الغدر الذي قتلت مدينتك وشردت اهلك وجففت مياه دجله واحرقت بحرارتها اشجار الغابا ت الجميله ... اسرع هاربا اذا  لم يعد لشمعون الصفا رحلات مدرسيه يجلس عليها احفادك لو كتب لك ان تراهم...قالو لي لقد اغلقوا الكنائس واستولوا على الجوامع كل الجوامع ولم يبقى بين البشر ناس ..قالوا لي لقد اقفل الله ابواب الرحمه عن الموصل فمات يونان من جديد..قالوا لقد سقطت مسكنته فادخلوها دار العجزه ...قالوا انهم اسقطوا اسم ابيك وعائلتك فغدوت انسان بلا انسانيه ..صرخوا بوجهي اهرب اهرب والا نالت منك سكين الغدر او مسدس الاغتيال...
الحقيقه ارعبتني تلك الكلمات ..وجعلتني اخفق ويرتجف قلبي الكبير القوي ..وشعرت لبرهه بالخوف والقلق ..بل كدت انهار عندما رايت تلك الافواج تغادر مدينتي الحبيبه وهم صامتون خائفون ..تجاسرت وسالتهم لما تتركون دياركم وبيوتكم وتولون هاربين خارج الحدود...الجميع سكت ولا يجيب الا شاب صغير ابتسم ليقول لي كل تلك القصه التي حكوها  لي ...
قررت ان اتسائل لما يقتلون البشر ويسكرون الكنائس ويستولون على الجوامع ؟ . لما غضب الله الذي اوقف نزول رحمته كما اوقف نزول المطر؟؟؟
بدءت ابحث بصدق عن تلك اليد الغادره التي قتلت ابناء مدينتي وشردتهم عن ديارهم...سالت ابي وامي لما شردوكم فقال ابي ومن قال هذا فانا ابن الموصل ومازلت واهلك نسكنها وما جاءتني يد الغدر فنحن يا ولدي محصنين بدرع الايمان بالله الواحد الضابط الكل وفداء السيد المسيح له المجد ومحبه العراق العزيز ومن احب الله والوطن وشعبه لن يناله الغدر ... فقررت ان اسال دجله لما جف مائه ..فقال دجله مبتسما انا مازلت اسير فاشق ارض نينوى لاروي اهلها واراضيها وغاباتها ..فقلت تقصد الغابات المحترقه ..فقال لا الغابات في نينوى شامحه وقد حاولت حراره اليد الغادره للمحتلين الغرباء ان تحرقها وتسمم مناخها ولكني مازلت دجله الحي الذي ابعث بفرح لكل شجره نسيمي فيعزل الحراره عنها لتبقى خضراء تزين الموصل الحدباء...شكرت دجله وقررت ان ازور مدرستي الحلوه  شمعون الصفا المسماه بابل على اسم الارض التي شع منها الكلدانيون ابناء الحضاره والعلم وابناء العراق اول اوطان العالم ..فسالت مديره المدرسه الاستاذه جليله ..لما كسروا رحلات مدرستنا الغاليه واغلقوا ابوابها ...فابتسمت بفرح لتقول ومن قال ذلك فنحن ما زلنا نعلم ونربي وندرس طاعه الله ومحبه الوطن وكل العلوم بل والاداب التي ورثناها من اهلنا واجدادنا ابناء وطننا الغالي ..ابتسمت  المربيه الفاضله عمتي جليله لتقول لي انظر لوحه اسماء مدراء مدرستنا وافخر باسم ابيك واسم عمك وعمتك المزين لوحه شرف الاداره وافخر يا ولدي ان كم من اجدادك  من بني عجاج عملوا معلمين في هذه المدرسه التي لن تموت ولن تتمكن منها يد الغدر الغريبه التي ستولي بقوه ارادتنا الطيبه ..فهذه المدرسه ابنه الموصل واهلها النجباء... وودعتها متجها لكنيسه مسكنته ام الخير واساس المحبه بين اهلي واقاربي وبينما كنت اسير في ازقه محلتي الاوس والخزرج  استوقفني بيتنا القديم بشموخه وبيت استاذي عزيز عمران وبيت صديقي الشهيد جوني ايشو وبيت سيد علي النعيمي وبيت الشهواني وو ..وغابت بي الذاكره الى ايام الخير في السبعينات والثمانينات ..وتذكت ايام العيد حين نخرج من الكنيسه ونتجه الى دار المطرانيه وياتي الجميع لتهنئه سيدنا المطران وكنا ننتظر مجيئ المحافظ ومسؤولي الامن والحزب وشيوخ الجوامع وننظر اليهم بفرح فكان لساننا صامت وعيوننا تقول لهم نحن نحبكم لانكم اهلنا بالعراقيه ..وفجاءه دق ناقوس كنيسه مسكنتا فجعلني اتذكر تلك الايام التي سحقها الاحتلال وحاول قتلها في ذاكرتنا ..وكنت اتامل ايام رمضان حيث يدق الناقوس متزامنا معه اذان العصر من جوامع الخزرج والجامع الكبير ليعلنوا لنا وحدانيه الله  ومحبه ابناء الوطن ....حينها ادركت ان مسكنته بخير واهلها مازالوا يعيشون مشاركه اهالي المنطقه معاني المحبه الصادقه ويوم سالتهم لما لا تغادرون البلد فاليد الغادره ستنال منكم فقالوا نحن اقوى من اليد الغادره وقد علمنا مطراننا فرج رحو ان من يحب الله والعراق وابناء مدينته وشعبه ولا يقبل المحتل لن ولن تناله قوى يد الغدر لان بوحدتنا مع ابناء شعبنا ننتصر على اليد الغادره . ونجعلها تولي من حيث اتت وراء المحيطات والبحار والصحاري..
وحينها ادركت ان تلك اليد الغادره التي نراها في الافلام الامريكيه انما هي من صناعه ما وراء الاطلسي وانها تنال المسلم واليزيدي كما تنال المسيحي وان من ترك الموصل لا بد ان يعود لها فويلا لمن شرب من دجله نينوى ونساها...وقبل ان اعود الى بيتي مررت بجامع النبي يونس سائلا امازال نبينا يونان (النبي يونس عليه السلام ) راقدا في مكانه ام هرب من نينوى خوفا من جحيم اليد الغادره  فابتسم حارس المرقد ليقول لي كيف له(عليه السلام) ان يغادر الموصل والنعمه الالهيه تبارك ارضها ..انظر السماء لترى البركه والنعمه والرحمه الالهيه تبارك سمائنا واهلنا وها هو الغيث قادم ليسور على الموصل بالامان والفرح والسلام ..فابتسمت وركبت الباص لانظر من نافذته الى شوارع الموصل التي رغم انها فارغه الا ان المحبه قد ملئت قلوب اهلها النجباء فرفع اذان المغرب فادركت ان تلك اليد الغادره لن تتمكن من الاستيلاء على جوامعنا وكنائسنا..ومن الله التوفيق لكل ابناء شعبي.
المهندس معن باسم عجاج