المحرر موضوع: هل المشكلة في شعبنا ام في قادتنا السياسيين ؟  (زيارة 1185 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوحنا بيداويد

  • اداري منتديات
  • عضو مميز جدا
  • *
  • مشاركة: 2495
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
               هل المشكلة في شعبنا ام في قادتنا السياسيين؟

بقلم يوحنا بيداويد
ملبورن / استراليا
13/8/2007

في القرنين الماضيين خرجت كثير من المدارس الفلسفية الى الوجود ، من هذه المدارس الفكرية هي مدرسة التجربيين، الذين يؤمنون  بان الانسان يولد في هذا العالم بريء لا يحمل اي شر في اعماقه وان عقله او مخه هو  كصفحة بيضاء ، فكل ما يكتسبه من الخير او الشر في مرحلة الطفولة هو من المحيط الخارجي له  بصورة كلية، فلهذا اذا اصبح الطفل مجرما  فان المجتمع الذي تربى فيه هو سبب اجرامه ، واذا اصبح الطفل نابغة الفضل يعود لاهله واساتذته.
الحقيقة ان هذه النظرية صحيحة في كثير من الجوانب لكنها غير واقعية في تفسيرها من جوانب اخرى،  لانها تلغي دور نقل المواهب عن طريق الجينات الوراثية  من الوالدين الامر الذي اثبت صحته عن طريق علم الوراثة والجينات.

 ان الغرض من هذه المقدمة المختصرة هو التساؤل الذي يطرحه  بعض  المثقفين العراقيين حول وضع شعبنا والحرب الاهلية الطائفية والمذهبية، هل ان المشكلة في قادتنا ام في شعبنا؟ هل قادتنا هم سياسيون فاشلون ام ان المجتمع الذي خرجوا منه (اي شعبنا) هو الفاشل؟ الى متى تستمرمحاولاتنا لحين نستطيع قفز مرحلة واحدة من المراحل التي صنفها هيجل في ديالكتيكيته.

من الناحية التاريخية قليل من القادة السياسيين الذين تولوا ادارة الحكم في العراق اكتسبوا رضى الشعب. لانريد سرد مواقف الشعب العراقي منذ مجيء المللك فيصل الى يومنا هذا، فالشعب اتهم معظمهم  بالخيانة والعمالة للاجنبي.
ربما في زمن عبد الكريم قاسم خفف الشعب شيء من اتهامهم له لانه كان قائد الثورة  و لم يجلب اي دمار لشعب العراق كما فعل صدام حسين  وزمرته الذين خلفوه في حكمهم لمدة  اربعين سنة وقادوا الشعب  الى الكثير من الصراعات الغير ضرورية. او بسبب قصر فترة حكمه وعدم اتكاله على حزب او جهة معينة الامر الذي كان سببا في دفع حياته ثمنا لها  في نهاية الامر.

هناك ثوابت مهمة في العملية السياسية حسب فلسفة النظام الديمقراطي لم يطبقها السياسيين العراقيين في السابق ولا اظن انهم سيطبقوها في القريب العاجل، من هذه الثوابت هي ان للشعب حق في ابداء ارائه ومعارضته لخطوات الحكم، وان وجود اي قائد سياسي في قمة الهرم لا يعني قد استملكه الى اخر لحظة من حياته، وان حدث تنازل هذا السياسي عن منصبه، لا يعني  يجب ان يتهم كل من يأتي خلفه هو عدو له مهما كان صادقا او متمكنا في انجازاته السياسية. خلال القرن الاخير لم يحدث تغيير احدهم الا بانقلاب عسكري اوبمجزرة دموية .

في عصر التحرير او الاحتلال ( لان العراقيين منقسمون في تسميتهم لها) نجد قائدتنا السياسيين  قد قرروا الرجوع الى الوراء قرنيين ، فعوض عن تطبيق الاهداف التي حرمها صدام حسين على الشعب مثل (الحرية السياسية )  قرروا بالاحتماء خلف القبيلة والعشيرة اوالطائفة او المذهب الديني لهم. لحد الان قادتنا السياسيون يجهلون ان السياسة هو الفن الممكن، اي ان اي شيء يمكن ان يحدث في اي لحظة ؟ مثل التغير في المواقف والتحالفات والعقود والتعهدات التي تحدث بين اعضاء الحزب الواحد او التكتل الواحد او مجموعة من الكتلات ويكون مقبول من قبل الشعب  بشرط واحد مهم وهو ان يكون الهدف النهائي منها هو تقديم خدمة للوطن وان يتم  ذلك بصورة ديمقراطية وسلمية.

 في الدول المتطورة التي شرعت كثير من القوانيين تخص التربية لا سيما في المدارس وفي العائلة والحياة العامة والتي نراها نحن الشرقيون ساذجة وغير عملية ولكن لو دققنا في سبب وضعها ، سنجد انه تطبيق حسب نظرية فلسفة التجربيين التي بدأت من زمن جان جاك روسو وفولتير وسينسر وديوي وسانتانا وغيرهم من الفلاسفة و علماء الاجتماع .
لكي يتعلم الطفل القوانين العامة، مثل عدم الاعتداء على غيره حتى في حالة وجود تعدي على  حقه الا من خلال اقامة محكمة مدنية او اجرامية ضد المعتدي ، يجب ان يحترم حق غيره في الوجود  وان لا يكون ذو نزعة عدوانية  في اي لحظة يمكن ان يحدث لها فوران لمجرد انفجار عاطفي اوحالة غضب لا معنى او سبب له.
نعم يعلموا الانسان منذ طفولته لا يحق له ان يُحمل او ان ينقل اثار نواقصه اوعيوبه على الاخرين (المجتمع المحيط فيه). بالمقابل الحكومات تفكر في حماية الشخص المريض وترعاه وتوفر له كل المستلزمات الحياة وتحفظ حقه في الوجود على حساب المجتمع (الدولة).  وتحفظ سجل تصرفاته، وحينما يقدم الى العمل في دوائر الدولة، يدققون او يطلبون هذا السجل (كنيته) كي يعرفوا صفاته شخصيته.
عالمنا الشرقي او عراقنا المطمور في حربه الاهلية الطائفية، حيث هناك المئات يقتلون يوميا ولحد الان حكومتنا  تعتبرها  شيء عادي . فلا احد يفكر في مستقبل الاجيال والاطفال الذين ربما يوميا  يشاهدون  جثث او اشلاء جثث والاسلحة او حرب حقيقة بين الارهابين ورجال الامن او القوات الامريكية في الشوارع وهم في طريقهم الى المدارس ، وكم حالة تعدي او قتل داخل ساحة المدرسة و امام انظار الطلاب حدثت . فاي جيل يخرج من اطفالنا؟.
 هل يعلمون اخوتنا هنا في المهجر ان القانون يحرم حتى قتل الحيوانات (مثل الغنم) في البيوت؟ لانها تترك اثارا نفسية سلبية على الذي يقتلها والذي يراها مذبوحة. (تذكروا عندما قصة قتل صدام حسين لرجل  في طفولته كيف تركته ان يجنح الى ممارسة هذا العمل بكل سهولة طوال عمره، فكم الف والف من شعبنا قد  قتلهم او تسبب في قتلهم،  لانه تعلم هذه المهنة وهو طفل. فهل تريدون يكونوا اطفالنا متأثرين بسلوك صدام حسين ويصبحوا قتلة و مجرمين  وثروات بلادنا تذهب في جيوب اللصوص  ام نريدهم يخلصوا من توارث هذه العقدة ).
نعم لقد نسى قادتنا السسياسيين انهم جاؤا باسم الحرية والعدالة والمساواة، جاءوا كي يخلصونا من حكم طاغية لا لاستبداله بحكم طائفي مبني على الهوية القومية او الدينية او المذهبية موالي لدول الجوار او امريكا ولا يبالي بمستقبل اجيال العراق. لم يعلنوا لنا قادتنا السياسيين الموجودين في الحكم اليوم قبل مجيئهم على الحكم عن رؤيتهم عن الاهداف والقوانيين التي يريدون تطبيقها او تم  تشريعها لحد الان والتي بعضها غير انساني  .

نعم خدعت امريكا الشعب العراقي بقبولها بجلب هؤلاء الحكام والسياسيين الطائفيين باسم  الحرية والديمقراطية الذين ازادوا الطين بله في العراق . وخدعونا قادتنا الحاليين في مؤتمراتهم الكثيرة ( سوريا ولندن وصلاح الدين). لانهم لم يعلنوا عن خطتهم عن تقسيم العراق حسب الطوائف والمذاهب الكبيرة ولم يقولوا لنا ، لتحررنا امريكا من صدام و نحن نصبح تابعون لايران او سعودية ونوقع قانون النفظ لصالح شريكات امريكا، او يهمنا قوميتنا  او طائفتنا ومصالحها الذاتية. 

مهما تكون فلسفات قادتنا السياسيين من المعارضين والمعتدلين و الذين في الحكم ، يجب ان يعلموا ان التاريخ لا يرجع للوراء، لا لان نحن المغتربين نرفضه، بل لان الله خلقنا نسير للامام واعطانا المواهب التي فيها نتتطور ، نبدع ، نفكر ، نبني، . لن يتوقف  التطور فينا مهما اردنا حصر الناس من عدم التعلم ( لقد جربها غيرنا وفشل)  والحل الامثل هو التجديد في طريقة التفكير والتطبيق واعطاء الاولوية للوطن الواحد.
نعم خلاص العراق ليس خلاص الصراع بين الطوائف الكبيرة فقط ولن يحصل هذا الخلاص الا بشمول كل العراقيين و من جميع طوائفه ، فمن يظن ان هذا الخلاص يخص شيعة وسنة او عرب واكراد فقط ففكره طائفي و يجني على حقوق الاقليات الاخرى في عراق الجديد  .