المحرر موضوع: زلزال في سنجار ، من صنع الأشرار  (زيارة 5523 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نبيل دمان

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 896
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
زلزال في سنجار ، من صنع الأشرار


بقلم نبيل يونس دمان
     يكاد قلبي يتفجر حزنا ً على فقراء بلدي في قضاء سنجار، منذ ايام والقلم بجانبي يرجف ويرعف لأستله ، غاضبا ً ومعبراً عن ألمي ، لما وقع لأحبتي الأيزيدية في مجمعات بعيدة عن الحضارة ، تشرف على الصحراء الغربية لبلاد ما بين النهرين ، كأنها عيون ترقب ما تقذفه تلك الطبيعة القاسية ، من حمم الحقد والغضب على بني البشر. الأيزيديون قوم مسالمون ، ليتهم في لحاهم وشعورهم خارجون للتو من أعماق التأريخ ، ومن حواضر أوروك ، بابل ، آشور ، يُستهدفون في حمّام دم قلّ نظيره في البشاعة ، وكأنها رسالة الى علم التاريخ بان يطوي صفحاته الى الابد ، امام هذا السيل المرعب للتيار الديني المتزمت ، يضاهيه في الشدة ، التيار القومي الذي ابتلينا به طوال العقود الماضية ، فهل البشرية وقوى الحضارة والتقدم عاجزة أمامه ؟ ذلك سؤال يؤرقني فأطرحه بإلحاح ، وأقرنه بآخر : هل اصبحت كل الابواب مشرعة امام جبروت الارهاب ، يختار منها ما يشاء ليدخل ويقتل ويغتصب ؟.
     لكي اختصر الاسترسال على هذا المنوال ، بما قد يسهم في إخراج ما تبقى من هؤلاء المساكين من النفق المظلم ، والمعرضون في المستقبل المجهول ، لغزوات البدو القاطن في اليباب ، وهو يحمل الألوية السوداء ، وكل ما هو منحط ومخجل في التاريخ ، اضع النقاط التالية :-
1- لا يكفي التنديد بالحدث والتضامن مع الضحايا ، بل يتطلب من العرب المحيطين بالمجمعات الأيزيدية من قرى وبلدات ، البعاج ، تويمين ، ام جريص ، ام الذيبان ، ربيعة ، وحتى ما وراء الحدود ، ان يثبتوا بالفعل عن تضامنهم القلبي ، وذلك بالتصدي وضرب الأوباش الذين يعيشون بينهم ، او يصلون من اماكن وبلدان اخرى ، يجب ان يلاحقوهم ويطردوهم ، ان لم يثبتوا ذلك بالملموس ، فالمعنى واضح بأنهم متواطئون ويؤوون الإرهابيين ، الذين في خططهم ابادة الجنس والدين الآخر عن بكرة أبيهم .
2- لا تعولوا على الحكومة المركزية ولا على دول الاحتلال كثيرا ً ، فجميعهم عاجزون في الوقت الحاضر، عن إلحاق الهزيمة بالإرهابيين في ساحات المواجهة الرئيسية ، في بغداد والموصل وكركوك وديالى والانبار.
3- اربطوا مصيركم  بمصير اقليم كردستان ما امكنكم ، فهو أرحم وأنصف وأعدل في معاملتكم تحت ظروف وطننا الراهنة ، وبالمقابل على سلطة الاقليم وضع ثقل وامكانيات اكبر في تلك المناطق .
4- اعتمدوا بالدرجة الاولى على انفسكم وعلى مساعدة اصدقائكم في الداخل والخارج ، وذلك في تنظيم دفاعات عن مناطقكم ، اسمحوا لي احبتي ان ادعوكم الى اليقظة الدائمة ، ووضع حراسات مشددة ومستمرة في مداخل قراكم ومجمعاتكم التي اجبرتم على سكنها ، بعد ان احرق النظام البائد قراكم الجميلة في جبل سنجارالأشم ، أوائل السبعينات من القرن المنصرم .
 5- تعاونوا بينكم وساعدوا بعضكم في مواجهة قلة الخدمات ، ضعف الطاقة بما فيها الكهرباء والمحروقات ، قلة المواد الغذائية ، والمراكز الصحية ، واللوازم المنزلية ، أقدر صبركم وصمودكم الطويل ، ولابد ان تفرج يوماً ، فتخرجون بألوانكم وأزيائكم الى الحياة والحرية .
6- اطرقوا ابواب الامم المتحدة والدول التي تمتلك المقدرة والجبروت العالمي في عصرنا الحاضر، لتتبنى مظلوميتكم وللحفاظ عليكم ، باعتباره حفاظا ً على سكان البلاد الأصليين ، ومعكم الصابئة المندائيين ، الشبك والكاكائيين ، والمسيحيين المستهدفين ، بالامس القريب أطفات شمعات متوقدة  في عقر نينوى العضمى ( القس رغيد ورفاقه الشمامسة ).
     يا اولاد واحفاد علي بك ، داؤود الداؤود ، الفقير حمو شيرو ، والبطل محمود الأيزيدي وغيرهم ، انهضوا للدفاع عن أُسركم وأرضكم وحقوقكم ، ضعوا مشاكلكم الداخلية إن وجدت جانبا ً ، والتي ولدت من الظروف الصعبة التي تعيشونها ، اوجدوا افضل السبل والتنسيق مع قيادتكم الروحية المتمثلة بالأمير الوقور تحسين سعيد بك ، الذي جُبل على الحكمة وبعد النظر، او من ينوب عنه بين ظهرانيكم.
nabeeldamman@hotmail.com
CALIFORNIA- USA


ملحـــــــــــــق

     عزيزي القارئ في عام 1996 كتبت موضوعا مطولا عن الأيزيدية ، أعيد نشره مع بعض التعديلات الطفيفة ، بهذه الكارثة او الزلزال الذي وقع في مجمع تل عزير( القحطانية ) جنوب البلدة العريقة سنجار ، يوم 14 أب الدامي 2007 : 
الأيزيديـــــــة
   يزهو المجتمع العراقي باقوامه وطوائفه المختلفة ن والتي تعايشت جنبا الى جنب آلاف من السنين انتابتها فترات مضيئة مزدهرة واخرى مظلمة . وفي موضوعنا التالي نتناول الايزدية ، وهم طائفة دينية من الاكراد على الارجح ، يرجع تاريخها الى ما قبل ميلاد المسيح ، ويقطن غالبيتهم في العراق وما تبقى في سوريا ، تركيا ، وبعض جمهوريات آسيا الصغرى مثل ارمينيا ، يربو عددهم النصف مليون نسمة تقريباً .
ديانتـهم :
     هناك وجهتي نظر مختلفتين عن اصل ديانتهم ، الاولى مستقات من المؤرخين المسلمين الذين ينسبونهم الى يزيد بن معاوية الاموي وبالتالي بالاسلام وابرزهم احمد تيمور باشا ، عبدالرزاق الحسني ، المحامي عباس العزاوي . اما الوجهة الثانية التي تنبثق بالاساس من صفوفهم ، فتنسبهم الى يزدان الذي يعني الله في الديانة الزرادشتية ، وتعتبر مدينة يزد الواقعة جنوب شرق اصفهان عاصمة الزرادشتية والتي ولدت فيها تلك الديانة قبل 2500 سنة .
     ترتكز ديانتهم على المانوية المرتكزة على قوى الخير وقوى الشر ، وانهم بقدر حبهم للخير يخافون الشر خوفا شديدا ، ويعتبرون الفعل السيء والشر منبثق من نفس الانسان . يؤمنون بتناسخ الارواح ، فالروح الطيبة بعد الوفاة تدخل في الملوك او ترفرف في الهواء ، اما الروح السيئة فتدخل في الكلاب او الخنازير ، وبالتالي ترى ديانتهم بان استمرار الحياة بعد الموت مسألة اكيدة .
     عند دخول الاسلام مناطقهم ، تحولت من ديانة علنية ومشهورة الى صوفية وزاهدة بسبب حملات التنكيل والاضطهاد التي تعرضت لها ، فحصنت نفسها وادخلت العديد من التغييرات عليها لتواجه الواقع الجديد واصبح سهلاً عليها تقبل تعاليم الشيخ عدي الصوفية بعد انهيار الخلافة الاموية ولجوء الشيخ المذكور الى جبال كردستان .
من هو الشيخ عدي :
     ويسميه الايزديون ب " الشيخادي " ، وهو بن مسافر ولد في بعلبك وتوفي سنة 558 هجرية ، مؤمن بالاموية وبيزيد بل ومتعصب له ، لجأ الى جبال حكاري بعد ضياع حكم الامويين ، فتولّى رئاسة بعض القبائل الكردية على طريقته الصوفية وزهده ومجمل سلوكه ن قال عنه الشيخ عبدالقادر الجيلي ( لو كانت النبوة تنال بالمجاهدة لنالها عدي بن مسافر ) .
     كانت طريقته في الصوفية ، مقاطعة اللعن او انه حذر من اللعن ، حتى لعن الشيطان خوفا من الاتصال بشائبة السب . ولكن بعد وفاته اصابهم غلو في امر اللعن ، ولشدة تمسكهم باللفظ حرموا :
#  اللعن وما اشتق منه .
#  نعل وهو مقلوب لعن .
#  نيل وهذا تحتوي الفاظه على اكثر حروف اللعن ، ومن ذلك حرم النيلي واللون الازرق .
#  خسا الذي هو بمعنى لعن ، وبالتالي حرم التلفظ بالخس واكله .
#  البصاق لانه يستعمل للاهانة والسب .
#  الشيطان وأبليس ، والتلفظ باكثر حروف الشيطان مثل شط ، شخاط ، طشت ، مشط .
     كان الشيخ عدي وتلامذته يلبسون الخرقة السوداء ويلجأون الى حياة الزهد في كل شيء وكانوا يرفضون اكلة لا معرفة لهم بها ويستحرمونها ، وهناك من يرى ان تحريم الخس واللهانة جاءت من هذا المنطلق .
للشيخ عدي كتابان هما الجلوة ومصحف رش ( الكتاب الاسود ) ، وان اختلف المؤرخون حول نسبة الكتاب الثاني اليه ، يقول الوالي العثماني نوري مصطفى في رسالته " عبدة ابليس " ان واضع الجلوة راهب نسطوري كان قد فر من دير القوش ، ولحق بالايزدية وصار مقدما بين رجالهم .
     ترتكز فلسفة الشيخ عدي على قوله " لو كان الشر بغير ارادة الله لكان عاجزاً " وراى الشيخ في روحه نفس روح طاووس ملك حين قال :
#  انا الذي جعل آدم يسكن الفردوس ، ونمرود يسكن نارا مشتعلة .
#  وانا الذي قال لي رب السماء ، انت الحاكم العادل وحاكم الارض .
#  وانا عدي الشامي ابن مسافر، أعطاني الرحمن الرحيم الاسماء والعرش السماوي والكرسي         والسبعة والارض . 
#  في سر معرفتي لا يوجد اله غير هذه الاشياء خادمة لقوتي .
#  واذا شئت ارسلته مرة اخرى ثانية وثالثة الى هذا العالم او الى غيره بتناسخ الارواح . اه .
     يقع مقام الشيخ عادي في جبل لالش شمال بلدة عين سفني ، ويذكر ان صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ قام بنبش ضريح الشيخ وحرق عضامه في سنة 652 الهجرية . ويذكر ايضا بان مقام الشيخ كان ديرا للنصارى بأسم مار يوحنان ومار يشوعسبران ، وقد استولى عليه عام 619 هجرية او نحوها ، ابو المفاخر شرف الدين بن ابي البركات ن ولعل استيلاء آخر سبق هذا الاستيلاء في زمن عدي بن مسافر .
     يعتقد البعض بان الشيخ عدي مدفون هناك فيما يعتقد الايزدية انفسهم بانه عرج الى السماء ، واعتقاد آخر انه قتل في مراغة على يد المغول عام 619 هجرية بسبب اغتصابه الدير .
     ان بناء المعبد وتصميمه على نسق كنائس النصارى كما يقول القس سليمان الصائغ ( مؤلف كتاب تاريخ الموصل ) ويضيف ، بان وجود خطوط آرامية في جدرانه الداخلية ن وقد طليت عمداً ثم انقشع عنها الطلاء ، وبرزت من تحتها  الحروف . ومما يجعلنا نصدق ما كتب ، هو وجود نساء في خدمة المرقد يأبون الزواج على طريقة الرهبنة المسيحية ، وهناك رجل بأسم بابا جاويش ( يقابل القسيس  ) لا يتزوج ابداً .
المراتب والطبقات :
     قسم الشيخ عدي الايزدية الى المراتب التالية :
#  الشيوخ ( آداني – قاتاني – شمساني ) .
#  البيـــــــــــــر .
#  المريد ( اي العامة ) .
     وتوجد بينهم مراتب دينية مثل أ -  القوّالون  ب-  الفقراء ( يلبسون خرقة داخلية سوداء ، ويطلقون لحاهم ) .
     اما اميرهم أورئيسهم الديني والدنيوي فيسمى مير شيخان ، وكانت له سلطات مطلقة في العهد العثماني ، وحاليا يشغل هذا المنصب تحسين الذي ورثه من ابيه سعيد بك ( توفي عام 1944 ) وهكذا ، وهناك منصب ديني هام يطلق عليه بابا الشيخ يرتقي نسبه الى الشيخ فخر الدين من السلالة الشمسانية . وهذا الشيخ لا يذكر اسم الطاؤوس ملك بالحرف .
    يعبد الايزدية هذا الطائر الذي له تمثال من معدن ويسموه بالسنجاق او السنجق ( الذي يعني العلم او اللواء ) وقد جاء وصفه في كتاب قصص الانبياء للكسائي كما يلي " الطاؤوس له جناحات وذنب من الزمرد الاخضر وعلى كل ريشة منه جوهرة بيضاء وعيناه من ياقوتة وهو اطيب طيور الجنة صوتا وتغريدا واحسنها الحانا بالتسبيح ويتبختر في مشيته " .
تقاليدهم وعاداتهم :
 
يقطن ايزديو العراق بمحافظة نينوى في قضائي الشيخان وسنجار ويتكلمون الكردية بشقها الكرمانجي .
     زْي رجالهم شبيه بالزي الكردي التقليدي عدا غلبة اللون الابيض عليه ، وفوق الرأس يضعون الكشايد الحمراء ، اما رجال ساجار فيعتمرون القلبق المخروطي المصنوع من الوبر ، او يلفون اليشماغ الاحمر والكوفية السوداء ، ويطيلون شعورهم بل يضفرونها في جدائل مرسلة . اما النساء فزيهم الابيض يمميزهم عن غيرهم ، وغطاء الرأس يتفننون في صنعه حيث تتخلله الخرز او قطع الذهب او اللآلي وحسب منزلة المرأة الاجتماعية ، واذا اضفنا الى زي نسائهم المئزر الشايع في مناطق تلكيف والشيخان ، فان الصورة تقربنا من ازيائ آشوريات نينوى في العصور الغابرة .
     يعتمد غالبية الايزدية على الزراعة والرعي ، وبعد ثورة 14 تموز 1958 ، دخلوا المدارس على نطاق اوسع من السابق ، وبذلك تخرج جيل من هم شغل الوظائف والاعمال ، كالتعليم والهندسة ومجالات الطب وغيرها . اما تعليم النساء فكان محرما عندهم ، الى ان بدأ اختراقه مع تنامي الوعي الحضاري وخصوصا بين نخبة معلمي فترة الستينات والسبعينات ، وهم بالطبع رواد نهضتهم ، وكانت اول فتاتين حسب علمي وصلتا الدراسة الجامعية هما : رايات ( كلية العلوم 1974 ) وكروان خلات ( كلية الهندسة 1974 ) ، وكلتاهما من ناحية بعشيقة الاكثر تطورا من باقي القرى والبلدات الايزدية .
     وفيما يخص الزواج فعندهم نظام تعدد الزوجات كما عند المسلمين ، وهناك ظاهرة الخطف التي يتباهون بها ، بل هي كثيرة الحدوث بينهم . فعند خطف الفتاة ، ياخذها الخاطف الى قرية اخرى بعيدة ويعودان بعد فترة ليتم التفاهم على الموضوع وبحضور الشيخ والاهل معا . عندما يقول الزوج انت شيخي او بيري فتعتبر في تلك الحالة طالقا .
حينما يحل موعد الزفاف يحضر اقارب الخطيب مقادير كبيرة من العرق والنبيذ ، ثم يدعى شباب وشابات القرية الى حفلة العرس ، حيث يبدأ قرع الطبول والعزف بالزورناي ، وتشرع الشابات بالرقص على شكل حلقات وتستمر الحال هكذا لعدة ايام . وفي الليلة الاخيرة تزف الخطيبة الى دار خطيبها راجلة او راطبة خيل مزين بابهى الحلل ، وتكون مغطاة بالبرقع الاحمر وهي في وسط المعارف في طرب الاغاني والزغاريد ، اما الطبل والزورناي فيشنفان الاسماع .
 
     ختان الاطفال عندهم ، فيتخذون منها وسيلة لمصاهرة المسلمين من العرب او الاكراد في تلك المنطقة . وعند اجراء عملية الختان المتبادلة بينهم ، يدخل ون في صداقة متينة بل قرابة ، وفي هذه الحالة يطلقون على المقابل جملة ( كريف الدم ) ، كثيرا ما يتوجه العربي او الكردي الى احدى القرى الايزدية في ضيافة كريفه ، وبالعكس يحلو للايزدي ان يمكث اياما عند العربي او الكردي .
بيوتهم، قراهم ، ومناطق سكناهم :
يبني الايزديون بيوتهم على شاكلة بيوت المناطق الشمالية اي من الطين والآجر او بالحجارة ، وبجوارها اسطبلات او قاعات لايواء ماشيتهم . اما بيوت الموسورين فتشيد بالجص ( البورك ) والحجارة ، ثم ابتداءً من السبعينات من هذا القرن كثرت القصور المبنية من الاسمنت المسلح بعد ان تحسن وضع الكثيرين منهم جراء عمهم في نوادي وبارات وسط وجنوب العراق .
     اذا جمعت عشرات او بضعة مئات من البيوت السابق وصفها تتكون القرية الايزدية ، ومجموع القرى متناثر هنا وهناك في سهل نينوى وعلى طرفي جبل سنجار ، ويمكن القول ان بعض تلك القرى توسعت وكبرت بمرور الزمن مثل بعشيقة ، خانسور ، حتارة ، باعذرة . وفي وسط تلك القرى او اطرافها شيدت اماكن عبادتهم ومزاراتهم مثل :
مزار شيخسن في قرية ( ايسيان ) ، مزار الشيخ فخرالدين في قرية ( مام شفان ) ، مزار بيرفات ( كيس قلعة ) ، مزار حاجي فيرس ( حتارة ) ، مزار شيخمند ( عين سفني ) ، مزار شيخ سوار ( بيبان ) ، مزار ناسر دين ( بعشيقة ) ، عبد رش ( كندالة ) ، بير خوشابا ( كلي شيخادي ) ، جلميران ( كولكان ) ، مزار شيه آمدين ( سنجار ) ، وغيرها كثير .
     ندرج هنا اسماء بعض القرى في سهل نينوى : ـــ
دوغات ، سرجكه ، حتارة كبير ، داكان ، سينان وشيخ خدر ، بعشيقة وبحزاني ، مجمع مهاتي ، بوزان ، بيبان ، خورزان ، جراحية ، طفطيان ، يسيان ، كرسافة ، كَابارة ، باعذرة ، كندالة ، مام شفان ، ملّي جبرا ، بيرستك ، شكفتيان .
     وندرج ايضاً بعض قرى غرب نينوى ، اي في منطقة سنجار :
مهركان ، وردية ، جدّالة ، كرسي ، سنوني ، بــارة ، خانسور ، ممسكي ، المجنونية ، تبــة ، آديكة ، جفرية ، نخسي ، عوج ، سكينية ، حيالي ، ملك قرسي .
اعيادهم :
     للاخوة الايزديين اعياد دينية وعلى مدار السنة واهمها جميعاً :
#   عيد رأس السنة ( سري سال ) :
     يصادف في الاول من نيسان ، وهو ايضاً تاريخ راس السنة الآشورية ، ويبدو هنا وجود ترابط تاريخي في المسألة . يعتقد الايزديون بان الطاؤوس ملك ينزل في هذا اليوم على الارض كوكيل الله عليها . فتقدم القرابين له وتذنحر الذبائح ، وتزين البيوت بورود الطبيعة الزاهية ، ويخرج الناس والاطفال بابهى حللهم واجمل ملابسهم للاحتفال بذلك اليوم ، ويصبغون البيض بالوان مختلفة ويقامرون به في لعبة تكسير البيض الشيقة والسائدة ايضاً بين نصارى المنطقة في عيد قيامة المسيح الذي يصادف في نفس الشهر من كل عام . وعند المزارات القديمة يدور الناس حولها للطواف ، ثم يعقدون الدبكات الشعبية على شكل حلقات منتظمة ومتناسقة حيث يشترك فيها الرجال والنساء وعلى صوت الزرناي والطبل .
عين ماء في كَلي لالش
     ان ايام سري سال فرصة نادرة للتعارف بين الجنسين وللمغازلات واختيار شريك الحياة ، كما ويسري مفعول المشروبات الروحية في الاوصال فيزيد حرارة الجسد ، وتدب فيه طاقة اضافية للاندفاع للمسرة واللهو والمرح . كما ويولمون الولائم ويهبون الهبات ، والى مقابر موتاهم تتوجه الناس ايضاً ، حيث يدور القوّالون ( جماعة من قرية بحزاني ) بدفوفهه وشباباتهم وهم يجيدون الضرب على هذه الآلات بامتياز والتي توارثوها عن آبائهم ، فيشاركون العامة في البكاء على الموتى ، وينشدون الاناشيد الدينية على الالحان الحزينة ، فيرفعون من وتيرة الضرب على الصدور ونتف الشعور وذرف الدموع واطلاق الآهات .
 
#  العيد الكبير ( جمّـــــا ) :
     وهذا العيد يبدا في 23 ايلول من كل عام ويستمر لاسبوع ، وهو موسم الحج الى جبل لالش حيث مرقد ولي الايزدية الاعظم ( الشيخ عادي ) . في ذلك المضيق الجبلي الغني بعيونه ومياهه الصافية الرقراقة ، والكثيف باشجاره وانواع طيوره وحيواناته البية . هناك تتجمع الآلاف المؤلفة من الايزدية وهم قادمون من مناطق سكناهم وفي المقدمة ميـر الشيخان واخوانه واسرهم ، الشيوخ ، القوالون ، والمريت ( العامة ) .
     تجري مراسيم متعددة وفق التقاليد والسنن الدينية المتوارثة ، وتبلغ اوجها في ذبح الثور الذي يعد تقليدا تاريخيا منذ الازمان الوثنية . حيث اعتبر موت الثور ضروريا لتسقى من دمه الكائنات الحية من نباتات وحيوانات ، وهنا تقرع الدفوف وتنطلق الاغاني الشجية مع اضرام النار لطبخ الثور ، ليتحول الى كتلة لحم مقدسة تسمى ( بالسماط ) وتتزاحم الناس للحصول على قطعة من ذلك اللحم القربان .
     لا تنتهي تلك الايام الا بمزيد من الافراح والرقصات والاغاني ويرتقي احدهم برتبته الدينية ( جاويش ) الى قمة الجبل وعلى رأسه طبق من الخبز اليابس ، ومن هناك يلقي به في الفضاء فيتناثر فتاته ، مما يدفع الشبان للتسابق والحصول على كسرة من ذلك الخيز المقدس ، حيث يغمس في مياه عين زمزم الباردة ليتم تناوله .  كذلك يطلق الرصاص بكثافة في ذلك الوادي احتفاءاً بالعيد الكبير ، وقد كان الحج في السابق يتم بالسير ساعات بل وايام لبلوغ ذلك الوادي ، والآن اصبح السبيل ميسورا بواسطات النقل الحديثة .
المآسي التي تعرض لها الايزدية :
     قبل الخوض في تفاصيل المآسي التي تعرضوا لها في تاريخهم ، نشير الى مأثرة ايزيدي سنجار في ايام مجازر الارمن في تركيا سنة 1915 ، حيث نزح الآلاف من العوائل الارمنية جنوباً ، وقد حصل لهم في بعض الاماكن اعتداءات اخرى في سبي المئات من نسائهم ومثال ذلك في بلدة تلعفر التركمانية . اما من لجأ منهم الى جبل سنجار فقد اصبح في امان تام وفي ضيافة الزعيم المعروف حمــو شيرو ، وفي نهاية تلك الفترة العصيبة توجه غالبية العوائل الارمنية الى سوريا ولبنان ، واستمرت المراسلات الودية بينهم وبين " الفقير " حمــو شيرو . كما وان بريطانيا قد منحت ( حمو شيرو) السلطات الواسعة بعد ان احرق السجلات العثمانية عام 1919 .
     الآن نلخص المآسي والويلات التي تعرض لها الايزدية ، وفق التسلسل التاريخي : ـــ
#  في سنة 1639 جمع والي ديار بكر في عهد السلطان ابراهيم جيشا مؤلفا من ثمانين الفا ، فحارب به الايزدية في جبل سنجار وقتل منهم في حدود ثلاثة عشر الفا واسر مثلهم .
#  في سنة 1647 شنّ والي ( وان ) شمسي باشا ، هجوما على جمع من الايزدية فامضى فيهم تقتيلا واقتيد صاحبهم ميرزا بك ( من قرى الموصل ) الى السلطان محمد اباهيم فامر بقتله .
#  في سنة 1715 نكل باهل سنجار والي بغداد ( حسن باشا ) فقتل منهم خلقا كبيرا ودمر قراهم ونهب اموالهم .
#  في سنة 1752 شن سليمان ابو ليله من المماليك حملة على سنجار .
#  في سنة 1807 شنّ والي بغداد ( سليمان باشا ) حملة اخرى عليهم في جبل سنجار .
#  في سنة 1831 شنّ امير راوندوز( ميري كور ) حملة على الايزدية في سهل نينوى ، فولّوا الادبار زحوصرت اعداد كبيرة منهم في منطقة النبي يونس في مركز نينوى ، ولم ينجوا منهم الا من قطع دجلة سباحة ومن ضمن القتلى اميرهم ( علي بك ) . ومن المعروف ان ميري كور قد ستباح بلدة القوش المسيحية وقتل منهم المئات في حملة شرسة وبنفس تلك الفترة ، واغتصب اديرتهم وكنائسهم وقتل رهبانهم وفي مقدمتهم رئيس دير الربان هرمزد الاب جبرائيل دنبو .
#  في سنة 1891 جهز الفريق عمر وهبي باشا حملة شديدة على الايزدية في مناطق الشيخان بحجة اخضاعهم للعسكرة وادخالهم الدين الاسلامي عنوة ، وقد اراقت الحملة دمائهم ونهبت قصورهم ، وصودرت السناجق . ثم امر بفتح مدرسة دينية اسلامية في مقام الشيخ عادي بجبل لالش ، وعهدت ادارتها الى الشيخ امين القرة طاغي .
     ورغم قساوة ما احدثته تلك الحملة ، لكنها لم تثنيهم عن ديانتهم ، وفشلت كذلك المدرسة الدينية تلك ، وعزل الفريقعمر وهبي . وقد اعاد والي الموصل ايام الحرب العالمية الاولى ، الكاتب سليمان نظيف شارات الايزدية الدينية ومنها الطاؤوس ملك .
#  حركة داود الداوود عام 1935 :ــ  هناك ترابط وثيق بينها وبين الحركة الآشورية عام 1933 ، وكلتاهما كانتا ضحية وعود كاذبة من بريطانيا وفرنسا ، في اعقاب اقتسام تركة الرجل المريض ( الدولة العثمانية ) ، وهي المطالبة بحقوقهم وتطلعاتهم القومية . عند اصرارهم المطالبة بها جوبهتا بالحديد والنار ن كما حدث في مجازر سميل 7 آب 1933 ، اما في منطقة سنجارالتي ثارت بقيادة داود الداوود ، فان الحملة العسكرية الحكومية بقيادة امير اللواء حسين فوزي ، كانت متفوقة عددا وعدة ، فدحر الثوار وسقط المئات من القتلى ، واضطر قائد الثوار مع بعض اعوانه الى دخول منطقة النفوذ الفرنسي في سوريا . 
     فرضت الحكومة العراقية الاحكام العرفية ، وسيق الى منصة الاعدامجوراً المحامي الموصلي عبدالله فائق بولص ، وعبدالكريم قرة كلة ، وسبعة من مختاري قرى جبل سنجار .
#  محنة الايزدية في ظل السلطةالحالية :ـــ  من ابشع الاضطهادات على الايزدية في العصر الحديث ، هي تلك التي مارستها وتمارسها السلطة الحالية منذ مجيئها الى الحكم في انقلاب عام 1968 ولحد هذا اليوم . فقد هدمت العديد من قراهم المتاخمة لجبل باعذرا وهجر اهلها او ادخلوا معسكرات او مجمعات قسرية ، وفي سنجار انشات المجمعات اثر هدم قرى جبل سنجار الغنية بمواردها الاقتصادية ، وسميت باسماء عربية مثل ، مجمع القحطانية ، العدنانية ، الجزيرة ، تل قصب ، وتل البنات .
     (بــارة ) قرية جميلة خلف جبل سنجار ، ينبع فيها الماء من كل مكان تقريبا ، تزرع فيها اجود انواع التبوغ ، واروع انواع التين الذي كان الجبليون يكبسونه بطرقهم الخاصة ويسطحوه اقراص او يعلقونه بخيوط على شكل خرز من الفاكهة المجففة اللذيذة ايام الشتاء . فهل تعلم عزيزي القارئ ماذا حل بتلك القرية ؟ ، لقد مسحت بالارض وهجر سكانها الى سوريا في اوائل السبعينات .
     شنت السلطة كذلك حملة تعريب منظمة وواسعة النطاق في مناطقهم ، ففي التعداد العام لسكان العراق في 17- 10 – 1977 ، اجبروا على التسجيل عرباً ، وقد تمرد الكثير منهم على تلك العملية الشائنة ن كما حدث في قرية دوغات ، حيث مزق الكثير منهم دفاتر تعدادهم ، مما حدا بموظفي السلطة الانسحاب بخفي حنين ، فزعين من غضب الاهالي ودون ان تكتمل عملية تعدادهم السيئة الصيت ، وفي مقدمة من تصدى لاجراء السلطة آنذاك ( علي خليل و جوقي سعدون ) والاخير استشهد بالاسلحة الكيمياوية عام 1987 اثناء هجوم السلطة على مواقع الانصار .
     لقد برز من الايزدية في العصر الحديث ( محمود الايزيدي ) ، الذي خاض حرب عصابات ضد السلطة الحالية وهي في اوج قوتها بين سنة 1975- 1979 ، متخذا من جبال كردستان حصنا له ، وقد ادار عملياته تلك ببسالة نادرة . وقد بذلت السلطة الجائرة جهوداً مضنية للقضاء عليه ، حتى تمكنت منه ، فقتل غدرا على يد مأجور منسلخ من قوميته في خريف 1979 في وادي ( شيرانة ) شرق قضاء العمادية .
الخاتمـــــــة :
     للأيزدية طموح مشروع اسوة بباقي قوميات وطوائف الشعب العراقي ، في الانعتاق من الظلم والاضطهاد والعيش بسلام والتمتع بحقوقهم كاملة ، واحياء تقاليدهم وشعائرهم الدينية بحرية وفي اجواء الهدوء والطمأنينة ، وذلك بارساء دعائم مجتمع القانون والدستور الدائم ، ومن خلال ذلك المجتمع المنشود تتطور احوال الايزدية الفكرية والاجتماعية ، وتدخل اشعة النور لتخترق اركان الظلام في زواياهم المظلمة . والى دولة الديمقراطية في عراق الغد تتجه انظار ابناء الشعب العراقي بما فيهم الايزدية .
مصادر الموضوع :
+ اليزيديون في حاضرهم ومستقبلهم –  عبدالرزاق الحسني ,
+ ضوء على الديانة اليزيدية –  مقالة د. حمو فرحان .
+ جوانب من حياة اليزيديين في سنجار -  مقالة ميرزا حسن الدنادي .
+ اليزيدية –  مجموعة مقالات -  يعقوب نعوم سركيس .
+ اصل اليزيدية وتاريخهم -  مجموعة مقالات المحامي عباس العزاوي .