المحرر موضوع: مسيحيو المشرق واجبات بلا حقوق  (زيارة 835 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Pierre Iwaz

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 110
    • مشاهدة الملف الشخصي
مسيحيو المشرق واجبات بلا حقوق



بقلم: بيير حنا إيواز / سوريا

 

++ لا شك بوجود خلل كبير وخطير في هذه الأيام ونحن في بدايات هذا القرن الجديد الحادي والعشرين ( 2007 )  ..  ما بين الواجبات ( وخاصة الجبرية القسرية ) للمسيحيين المشرقيين من ناحية وحقوقهم ( المهدورة المغيبة ) تماما من ناحية أخرى ،  بالرغم من كل ( التطبيل والتزمير )  الإعلامي الرسمي الوظيفي الشكلي ( المركزي ) الفارغ تماما من أي مضمون أو موضوعية أو مصداقية ..  بحيث ينعكس كل ذلك سلبا على الكيان والوجود المسيحي المشرقي برمته من ( أساسه وشرشه وجذوره ) ..  كما تم اقتلاع الجذور المسيحية في تركيا العثمانية في بدايات القرن الماضي ..  والتاريخ هنا ( يكرر نفسه ) تماما وبشكل اكثر مأساوية مع ( لا مبالاة ) تامة ( إن لم نقل مؤامرة دنيئة ) من ( الداخل ) المسيحي المشرقي  أولا ( وقد يظهر الأرشيف العثماني الأدلة على ما نقول ) ،  ثم الخارجي .. القريب والبعيد لا فرق ثانيا وسابعا ..

 

++ اعرف تماما بان هذا سيزعج الكثيرين من ( القيادات المسيحية المشرقية ) والتي تعرف اكثر مني ( أنا شخصيا ) ..  وما أقوله هنا الآن ( يقوله كل مسيحي مشرقي حقيقي وشريف ومخلص ووطني أصيل ). والقيادات المسيحية ( إن صح هذا التعبير العسكري السياسي ) ومنذ ( مئة عام ) كاملة يرددون ( مثل الاسطوانة المشروخة ):  ليس لدينا افضل مما كان أو متوفر ..  ثم يتابعون بالقول:  إن كل شيء ممنوع لنا ( وهنا الغموض:  لنا لهم لكم .. لهن وهذا درس عربي متقدم ) ..  والحمد لله أن أبواب كنائسنا مفتوحة ( ما شاء الله وكان ) ..  والحمد لله أن ( لا أحد يهددنا علنا في حاراتنا بالذبح مثل الخراف ) ..  ثم يبدأ ( القائد المسيحي ) بسرد سلسلة مطولة من ( الواجبات ) الملقاة على عاتق الإنسان المسيحي ( المشرقي دون سواه ) ..  وبان يضحي بنفسه من اجل المسيح والكنيسة والمجتمع والوطن والإنسانية والبيئة والمناخ الجوي وفقراء العالم ومن اجل الإنسان أخو الإنسان وإغاثة الملهوف ومساعدة مرضى الإيدز والتبرع لجمعيات مكافحة شلل الأطفال ..  ودفع ( الجزية والضريبة والخوة والدية والعشرية والخمسية والاتاوة والتبرع والمعونة والتامين والضمان والحماية والواسطة والمعلوم والمقدر والبودي غارد والواجب والرسوم والكشافة والفيالق والجوقات والفواتير والخ  ) للكنيسة ( المسكينة ) ..  والمؤسسات والمنظمات الإقليمية وهيئات الأمم المتحدة ولجنة شؤون الإنسان والرفق بالمهجرين والنازحين والأيتام ..  وكل ذلك صح وجميل و لا غبار عليه  ..   ولكن أين وما هي الحقوق ؟!! حقوق الإنسان أولا ، المواطن ثانيا ، المسيحي ثالثا ، الطائفة رابعا ، المذهب خامسا ، العائلة سادسا ، الفرد سابعا ، المرأة والطفل ثامنا ، .. وكم استغرب عندما اقرأ عنوانا يقول: حقوق المرأة والطفل والمسيحي في الشرق الأوسط .. من أين يستقون هذه النظريات والممارسات ..   

 

++ وهناك من يعدد منجزات كنسية مسيحية مشرقية على الساحات الوطنية والإقليمية والعالمية وكأن المسيحية العالمية تحت وصاية أو حماية المسيحية المشرقية التي تطرد أبناءها ( لا فرق طوعا أو جبرا أو إهمالا أو سذاجة أو تآمرا ) إلى كل أصقاع الدنيا  .. ثم يتباهون بأن مسيحيا ( هنا أو هناك ومرة كل ربع قرن ) تم تعيينه وزيرا وزيرا وزيرا لسياحة الرحلات الفضائية ( تأكيد ثلاثي ) في إقليم ( المريخ ) ..  ومسيحي مشرقي آخر عين رئيسا مسؤولا في وكالة ناسا لإطلاق الأقمار الصناعية الأمريكية ..  وابن فلان من عائلة مسيحية مشرقية أصيلة قد عين مديرا ( للإصلاح الزراعي ) في بادية أو مراعي تابعة للأمم المتحدة ..  وناشط في ( برج المراقبة لحقوق الإنسان ) في تايوان .. ورئيس مكسيكي من أصول مسيحية مشرقية ..  وعدد مسيحيي المشرق ( مليون أو مليونان فقط في المشرق / الداخل مقابل 60 مليون في الخارج ) ، ما هذه المقارنات الصبيانية الساذجة .. ؟!! وإذا كان هذا كلام ( النخبة ) ،  فكيف يا ترى كلام الإنسان العادي البسيط ؟!  ونضيف لنقول:  بأنه حتى ( الرهبان البوذيون ) في عمق الشرق في هذه الأيام ..  يتظاهرون في بلدانهم ضد الفساد والقمع والاستبداد والظلم ..  في مسيرات تحد ومقاومة وتعبير متقدم  وهم حفاة وعزل تماما وبصمت وبدون شعارات أو لافتات .. يمشون على الأرض الصلبة بتفاعل رائع مع طاقتي الأرض والسماء والإنسان ..

 

++ أين الدراسات الحقوقية القانونية المدنية الوطنية ( على مستوى طالب سنة أولى كلية حقوق في الجامعة ) ..  مع وجود كل هذا الأمن والاستقرار والأمان .. والهدوء ..  وإذا كان تشكيل مجرد ( لجنة ثقافية ) على مستوى ( حارة ) يعتبر من المنجزات ..  أو أن ابن فلان عين رئيسا في اتحاد الفلاحين العالمي في بروكسل مثلا ..  فماذا عن تشكيل مثلا اتحاد مسيحي مشرقي يرعى شؤون الحقوق والواجبات ..  أم أن كل ( طائفة ) مسيحية مشرقية تعتبر إمارة مسيحية مستقلة قائمة بذاتها وفق أعراف وتقاليد لا تقبل النقاش ..

وباختصار: يحصد مسيحيو المشرق في ( الداخل ) اليوم نتائج ( نومهم العميق ) على مدى ( 100 ) عام الماضية ..  يستيقظون فقط إما مع الهجرة أو التهجير .. وليس مع أجراس الكنائس التي يعلو صوتها ..  للتعويض عن الحقوق المهدورة ..  فما جدوى أن يستيقظ جرس الكنيسة والناس نيام نومة أهل الكهف ؟! وكما يقول عنوان شهير ( لمن تقرع الأجراس ) ؟! 

 

++ ويبدو أن الاستمرار بالسرد غير مفيد إذ أن ( كل مسيحيي المشرق يعرفون تماما كل ما أود قوله ) وبالتالي من الأفضل على هذه القيادات المسيحية والنخبة المدنية المسيحية إعادة النظر في أمور ( الحقوق والواجبات ) كما هو الحال في كل بلدان الدنيا المتقدمة أو المتخلفة ..

نقول لكم: أين الدور المسيحي المشرقي اليوم .. في العراق وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين وتركيا .. لا دور ولا مبادرة ولا ( من يحزنون ) .. فالمسيحي المشرقي يبيع اليوم التمر في بغداد والصاروخ في سيبيريا السوفياتية الروسية والقطعة الموسيقية في فيينا ،  وكما يقول المثل: لا بلح العراق ولا توت الشام أو بن اليمن أو قهوة البرازيل  ..   وكان من الأفضل للمسيحي المشرقي أن يصبح رئيس مخفر صغير في بلده من أن يصبح رئيس مركز ناسا في مجال معين حيث الجماعة هناك ليسوا بحاجة ماسة لعلوم وتكنولوجيات المشرق في هذه الأيام ، ولكن زيادة الخير خير ( لهم ) ،  وليس كما يقال هنا:  بالناقص واحد ثم عشرة ثم  ..  وبعد كل ذلك:  لماذا / هناك استهداف للدور المسيحي وربما مؤامرة أو ..  والمهم اليوم ( كما يتشدق الانتهازيون المشرقيون الجدد .. ما شاء الله عليكم وكان ):  يكفي أن أبواب الكنائس مازالت مفتوحة على مصراعيها ..  تعالوا إلي .. تقول لصاقة ورقية صغيرة معلقة على جدار الكنيسة .. إلى استراليا وكندا ..  حيث الحقوق لا تقل عن الواجبات سواء في داخل الكنيسة أو خارجها..

 

++ ونتساءل بقوة وببساطة:  من يقف أو يسعى أو يتآمر على إفراغ المشرق من مسيحييه وبالتالي مسيحيته ؟!! مؤامرة ضد المشرقيين كلهم بدون استثناء ..

سؤال قد يتطلب أدلة أرشيف ما بعد الحقبة العثمانية في المشرق ..  ربما عام 2050 إذا توافرت إرادة مسيحية مشرقية حرة ومستقلة .. تنطلق أساسا من الكرامة والحرية سواء المسيحية والإسلامية أو الإنسانية ..   

 

بيير حنا إيواز

سوريا حلب أيلول 2007