المحرر موضوع: نحو بلورة التيار المعارض في الحزب الشيوعي العراقي ؟  (زيارة 1163 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Thamir Qillo

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 47
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

                     
نحو بلورة التيار المعارض في الحزب الشيوعي العراقي ؟

لا يختلف الحزب الشيوعي ، عن الاحزاب الاخرى ، فقد تتباين الرؤى والمواقف من التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية من قبل أنصاره وأعضاءه ، وفي الاغلب بين قياداته ، حالما تتوفر البنى الاساسية السليمة ، والجو الديمقراطي السليم، وعند توفر وتوفير مثل هذه الاجواء تبنى القاعدة الاساسية المتينة لتقبل الاخر المختلف في الرؤى والمواقف ، ويطرح للبساط التصارع السلمي والديمقراطي للافكار وصولا لجوهر الديمقراطية التي ينادي باقرارها وتطبيقها الجميع سواء في الحزب الشيوعي العراقي أو غيره من الاحزاب دون الفهم الحقيقي لاهميتها ووجودها في كيان أي مؤسسة او حزب أو كيان سياسي أو اجتماعي يديره مجموعة من الناس .
والديمقراطية كما يعلم الجميع مسارها طويل ويحتاج عقود من السنين لتختمر العقول وتصبح الطريق والمنار الحقيقي للاحزاب السياسية في قيادة الصراع بين التيارات التي سيتحتم ظهورها وبروزها كنتيجة منطقية للاختلاف في المواقف والرؤى حول مختلف الظواهر الحياتية والسياسية ، ويشكل هذا الاختلاف أحد أهم القوانين الاساسية في الماركسية وهو التناقض الذي يولد التطور ، مما يعني أن الديمقراطية هي الاداة التي تقود التطور في الافكار وفي المواقف السياسية من الاحداث الجارية بشكل سلمي ، ومما يعني أيضا ضرورة وجود السبق لدى الماركسي سواء كان في العراق أو في أي بلد آخر بالايمان والقناعة  بأهمية وجود الاختلاف والتباينات الفكرية حول مختلف المساءل وطرحها للنقاش وعرضها على الانصار والجماهير .

في المؤتمر السادس للحزب الشيوعي العراقي المنعقد قبل بضعة سنين، خرجت على الجماهير قيادة الحزب ببشرى وجود ثلاثة تيارات تصارعت لفرض رؤاها على المؤتمرين ، وخرجت القيادة أيضا بقرارات أخرى تعلن فيها الحرص على عرض آراء الاقلية المعارضة في الصحافة وغيره من وسائل الاعلام ، مما يعد حقا قفزة في الحراك الديمقراطي في الحياة الداخلية الحزبية ومؤشرا ايجابيا على الصحوة الذاتية للقيادات من الانانية والانتهازية والتكريس المستديم للقيادة والكادر في بعض المواقع ، فعندما يؤمن الشخص المعني بالديمقراطية ايمانيا حقيقيا واعيا ، يعني أول ما يعني الاستعداد للتخلي عن موقعه أمام الآخر الافضل في آنه ، والقبول بالانتقال الى المكان الادنى مع استمرارية البقاء في الاخلاص والوفاء للحزب والجماهير على الوتيرة ذاتها يوم كان في المواقع السابقة .

هذا الكلام الجميل حدث بالطبع قبل السقوط أو بعده بقليل ، أيام كان الحزب بعيدا عن فتاة السلطة وامتيازاتها التي لا تطال غير بضعة من المنتفعين بعد أن يتطبعوا ويرتضوا بما يخالف المباديء الاساسية للحزب الشيوعي كما نشهد هذه الايام للاسف الشديد ، فمن كان يتصور يوما أن الحزب الشيوعي العراقي الذي قاد نضالات الجماهير على امتداد عشرات السنين عبر توعيتها من مخاطر الاستعمار واستغلاله لثروات الشعوب يشارك قادته اليوم في تمرير القوانين المذلة للشعب والوطن فالموافقة على قانون الفيدرالية الطائفية التي تنادي بها هذه الايام أميركا ، تلك الدولة التي تقودها الشركات الاحتكارية لديك تشيني وجورج بوش وغيرهم حسب العرف الماركسي الذي يقتضي من الحزب الشيوعي وقياداته الايمان والعمل به ، فالقانون الامركي هو نسخة فوتو كوبي من القانون الذي تم تشريعه وتمريره في البرلمان العراقي ، ولا زالت قيادة الحزب تستميت في الاخلاص والوفاء لتطبيقه على أرض الواقع بفضولية قل نظيرها تحت ذريعة الايمان بفيدرالية العراق المقرة منذ عام 1991 في سياسة الحزب ، فهل حقا كانت فيدرالية العام 1991 هي ذاتها الفيدرالية الطائفية التي تم تمريرها بموافقة نائبي الحزب في البرلمان العراقي قبل بضعة أشهر ؟

هذا التساءل هو حق مشروع ، على قيادة الحزب الاجابة عنه ، رغم أن الامر لا ينطلي على الاميين في الحزب مع الاحترامات فكيف ينطلي على الاخرين ؟

فالفيدرالية المعنية الواردة في أدبيات الحزب عام 1991 هي الفيدرالية المقررة للشعب الكردي الذي يستحقها بجدارة للضروف الموضوعية المحيطة بالقضية الكردية في العراق ، أما أن تفصل الفيدرالية حسب المفهوم الطائفي ، وتهيء الاجواء لتقسيم البلاد سواء عن جهل أو عمد ، ذلك هو الخطأالجسيم الذي وقع في آواره الحزب أو قيادته بالاحرى ، لان الحزب الشيوعي العراقي عبر مسيرته الطويلة المعمدة بالتضحيات الاعجازية في محبة العراق وشعبه ، يأنف هذا التاريخ الكبير من الغوص في مثل هذه المستنقعات النتنة .

ما يهمني في هذه المقالة ، هو القول ، أن للقيادة حقها المشروع في اتخاذ القرارات التي تناسبها ، طالما انها انتخبت في مؤتمر حزبي رغم التحفظات ، في الوقت الذي يحق للشيوعيين العراقيين طرح افكارهم المناهضة لسياسة القيادة والاعلان عنها سواء في المنابر الاعلامية ، أو الجماهيرية ، للتأثير على صياغة سياسة الحزب ، وبلورة التيار المعارض في الحزب الشيوعي العراقي الذي يحاول أن ينافس ديمقراطيا هذه القيادة على قيادة الحزب ، والامر حق مشروع طالما يتوفر الحرص والاخلاص للحزب والمحاولة في حصر الصراع السياسي بين التيارات السياسية في الاطر القانونية التي تقرها الديمقراطية الحزبية .
لا شك أن مسيرة الديمقراطية في الحزب هي عرجاء ، بدلالة تطابق سياسة جميع قادة الحزب ورجالاته في كل المواقف السياسية المعلنة من الحزب ، الامر الذي يعني افتقار الحزب للروح الديمقراطية الحقيقية ، أو محاولة الجميع للارتضاء بالنصيب  والحرص على ديمومة هذا النصيب، فمن المستحيل الاقتناع باطلاق صفة الحرص أو الخوف المشروع على وجود الحزب وبقاء تأثيره في الساحة العراقية مع التطبيل الحزبي لاشاعة روح الديمقراطية في الحياة الحزبية الداخلية، على وحدة المواقف من الاحداث الجارية في العراق من قبل رجالات القيادة !
وما يهمني أيضا في هذه المقالة ، أن بلورة تيار معارض في الحزب هو من الضرورة بحيث لا يمكن تقويم مسيرة الحزب دون تقويته ، وطالما لا توجد فرصة أو مجرد احتمال لبلورة تيار معارض في القيادة تلتف حوله القاعدة ، لا بد من الشروع عبر القواعد الحزبية ، ومن خلال كتابات المثقفين الشيوعيين العراقيين وأصدقاءهم في مواقع الانترنت والصحافة لتوعية الجماهير الحزبية بالمواقف الحقيقية التي ينبغي النهوض والعمل بها في الحزب ، علما أن العشرات من القوانين والتشريعات تسعى الحكومة المالكية لتمريرها ارضاءا لامريكا وخصوصا قانون النفط الذي يسهل لشركات تشيني والشركات الاحتكارية الامريكية امتصاص الثروات العراقية دون حق مشروع ، مما يقتضي السير قدما لافشال تمرير هذا المشروع الخطير في البرلمان العراقي ، والضغط على نائبي الحزب في البرلمان لعدم الموافقة عليه ، رغم أن السكوت المطبق من قيادة الحزب حول مشروع قانون النفط يشي بما لا يسر الشيوعيين العراقيين، وهو ما لا نتمناه لحزب فهد وحزب عشرات الالوف من شهداء الحزب الذين وهبوا حياتهم قربانا لتحرير العراق من دسائس الاستعمار والشركات الاحتكارية الرأسمالية .

خلاصة القول ، أن تشكيل التيار المعارض في الحزب الشيوعي العراقي ، لا يعكس أبدا النيل من الحزب كوجود وكيان بل بالعكس هو محاولة غرضها التأثير لتقويم مسيرة الحزب ووضع خطى قياداته امام الانظار الحزبية والشعبية ، فتلك هي قمة الديمقراطية ، ان كانت قيادة الحزب تؤمن حقا بالقيم الديمراطية ، وقد يكون وجود التيار وجودا فكريا واعلاميا بالدرجة الاولى على الاقل في هذه المرحلة من تأريخ الحزب والعراق .
            ثامر قلو