المحرر موضوع: صدام الأفكار داخل المنظمة الآثورية الديمقراطية  (زيارة 1560 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Aziz Thomas

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 31
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
           صدام الأفكار داخل المنظمة الآثورية الديمقراطية

 لم يكن التصريح الذي صدر مؤخراً عن المكتب السياسي للمنظمة الآثورية بحق سليمان يوسف الكاتب المعروف والعضو في المكتب السياسي في المنظمة إلا فاتحة لصدام بين ذهنيتين قائمتين منذ فترة طويلة ، وقد عكس هذا الصدام انقسام عميق في الشارع المهتم بالشأن القومية الآشوري ، انقسام بين مؤيد لموقفين متناقضين ،فما هو واقع هذا الصدام ؟
 لمعرفة حقيقة هذه الأزمة بكل أبعادها السياسية والثقافية ، لا بد من العودة قليلا إلى الوراء واستنطاق بعضاً من نهج المنظمة " الذائعة الصيت " خلال مسيرتها النضالية . المتتبع لواقع الآشوريين بطوائفهم " المؤرقة " يجد أنه كان هناك حاجة لقيام حالة حزبية ( على الأقل في سورية ) تتكفل بدراسة وتبني الهوية القومية، وقد نجحت المنظمة الآثورية بالقيام بهذا الدور وسجلت تطوراً هاما على صعد مختلفة ولاسيما فيما يتعلق ببث الفكر القومي بين طوائف الشعب الآشوري المختلفة وكانت باكورة هذه النجاحات إحياء هوية بأبعادها الثقافية والفكرية ، هوية تعرضت لهزات عنيفة على مر التاريخ انطلاقاً من السقوط المريع للإمبراطورية الآشورية وصولا إلى الانقسامات الطائفية المعروفة . وهكذا بقيت المنظمة تنتهج هذا النهج الثقافي " البنائي " في ظروف أمنية قاسية مرت بها البلاد من غير أن تولي اهتماما للجانب السياسي أو كانت تحتاط من الحديث عنه في عصر الأيديولوجيات الشمولية التي كانت تبث سمومها في البلاد . لكن ما حدث فيما وخاصة في السنوات الأخيرة أن دخل العالم في عصر جديد عصر الانفتاح والحديث عن الحرية والديمقراطية والسماع إلى الرأي الآخر . بالطبع ،هذا الوضع كان له انعكاساته على الحالة القائمة في المنظمة في سورية ، وكانت النتيجة أن تولد تياران ، تيار يدعو دائماً إلى التهدئة والتصالح مع الحالة الأمنية وعدم تجاوز " الخطوط الحمراء " ، إذ يرى اتباع هذا التيار أن هذه السياسة جاءت نتيجة دراسة مستفيضة لواقع الشعب الآشوري في سورية ، أما التيار الآخر الذي يقوده الباحث سليمان يوسف يريد أن يتجاوز الحالة القائمة نحو مزيد من التسييس في واقع المنظمة ودفعها إلى الأمام لتغدو في مرتبة الأحزاب الوطنية السورية الأخرى ،وذلك – ربما – لحصد نتائج مستقبلية مفترضة حين يتعلق الأمر بالاستحقاقات السياسية الوطنية القادمة أو على الأقل لتعريف الآخر بحضور الشعب الآشوري ككتلة مهمة ضمن الطيف السوري ، ولطالما ركز عليها مراراً سليمان يوسف في مقالاته وأبحاثة المتنوعة في الصحافة العربية وعلى مواقع الإنترنت .
 وفي معرض رده على التصريح الصادر عن أعضاء المكتب السياسي انتقد سليمان يوسف العقلية التي تنتهجها المنظمة ودورها غير الفاعل في الحياة السياسية وأبدى امتعاضه الشديد حول كثير من النقاط التي لا تتماشى مع الحراك السياسي السوري راهناً واتهم البعض بممارسة الاستبداد ".. هذا التصريح المشبوه حرم جميع أعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية من صلاحياتهم ومن حق التعبير عن سياسة ومواقف المنظمة محتفظاً ( أي عضو المكتب السياسي ) حق الرد لنفسه فقط ، مقلداً بذلك الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة التي تشبع بثقافتها وتخرج من مدارسها ، فهو المشرع والقاضي . إذ لامبرر لصدور تصريح الإذعان ) هذا سوى إثبات حسن سلوك سياسي أمام سلطات الأمن السورية وتبرئة ذمة من كال ما يصدر عن أي عضو من انتقادات النظام السوري ".
 بالطبع ، هناك أطراف كثيرة تؤيد هذا الطرف أوذاك ، وهذا ما تبين في الردود المختلفة على شبكة الانترنت . في الواقع ، هذا الصدام في المواقف والأفكار لا يعبر إلا عن حالة مخاض وعن حراك سياسي فاعل لدى الشعب الآشوري والغيرة القصوى التي يبديها هذا الشعب على ثوابته القومية والوطنية  ، والتعدد في الرؤى ليس إلا ترسيخاً لقيم الاختلاف ، وقد يكون هذا مقدمة باتجاه مزيد من التطور في الحياة السياسية الآشورية وبناء مزيد من التصورات حول حاضر ومستقبل هذا الشعب الذي نزع وينزع دائماً إلى التمسك دائما بحق الإنسان في التعبير عن مكنوناته ومواقفه. ولا بد من القول أن الاختلاف في الرأي ليس جريمة إلا عند المستبدين والراديكاليين ، الاختلاف أصبح قيمة كونية من قيم الحداثة المظفرة ، والآشوريون أسوة بغيرهم لا بد من أن يدخلوا إلى هذا النادي الكوني وأن يكونوا جزءاً من هذا العالم المتحضر .
ختاماً أقول بأن ما حدث لم يكن إلا حالة جديدة أفرزها العصر ، عصر الانفتاح ، يمكن لاستفادة من هذا التنوع لتحقيق الطموحات ، طموحات أي شعب في الاعتراف بوجوده وثقافته ولغته وطموحات في الحرية والعدالة الاجتماعية .

   عزيز  توما
                                      aziztouma@hotmail.com
 
                  -----------------------------------