المحرر موضوع: سركون بولص..يفقد آخر ملاذاته.!  (زيارة 1507 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل adel denno youhanna

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 124
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
سركون بولص..يفقد آخر ملاذاته.!
صار سركون شعرا، والشعر سركونا
__
عادل دنو – سيدني_

الاثنين 22 تشرين اول 2007
برلين: توفي اليوم الشاعر العراقي سركون بولص، بعد صراع طويل مع المرض. بهذه العبارة انتقل الخبر الى العالم، هكذا ببساطة وربما لحسن حظ هذا الاشوري العملاق ان يموت في زمن الصفحات الالكترونية والفضائيات الفضفاضة،  التي من خلال بعضها راجت بعض الأقلام حين تنهال عبرها وتحت مثل هذا الخبر، الذي قد يكون المنفذ الوحيد التي تتظاهر فيه المشاعر والاحاسيس انها توحدت، العبارات التي احتوت تعاز وتأبينٍ وهو مايزال على وجه الارض لما يوارى الثرى بعد..
   وسركون بولص المعروف بأحد جماعة كركوك شاعر ذو تجربة طليعية قدر له ان يغادر وطنه في ستينيات القرن الماضي ليضيف الى خبراته الغربة وليمتزج عنده رحيق حضاراته العتيدة مع  عطر حنين الذكريات ليعبئها في قوارير شعرية ولينفثها مع زفرات اعماقه الى مستلذي شعره في مهرجانات عالمية وفي دواوين طبعت جميعها خارج اسوار آشور وبابل.
إن عبارات قرأناها على صفحات الانترنت: تعازينا الحارة.. بفقدان اسطورة الكلمة الجميلة .. وتغمد الله الفقيد برحمته الواسعة.. لن تشبع نهم ولن تفلح في رفع الحيف الذي لحق عملاقا من عمالقة العراق الذي كان ومايزال على هامش النقد واغفال المبدعين قبل العموم. كان مرحلا عن الحياة الثقافية نفسها لأن جزء كبير منها يقوم على عيوب انصاف المثقفين وعلى الدسيسة، وربما بسبب هامشية الثقافة نفسها في الشرق. وان يستبسل المثقف العراقي في الصراع من اجل بيت شعر فيه الرمز اعجوبة، او سطر من قصة فيه العشق كالخبز اليومي، مرتحلا ابدا في اجمل بقاع الدنيا من الحبانية الى كركوك ومن بيروت الى سان فرانسيسكو، الا انه ظل بعيدا عن الانتشار الذي هو جدير به ويستحق دراسة اثره الشعري ومعماره الفني سواء بين مجيليه او اجيال بعده، لم يسع او يلهث وراء الشهرة لانه كان اكبر من ذلك. ظل يحمل جمال روحه الموروث من تموز وعشتار وجنائن بابل وشعلة كركوك الازلية،  حمل همومه المكحولة بالغربة الى جانب القرطاس والقلم اللذان كانا بالنسبة اليه موطنه اليومي ووسائله في حفر منجم فكره المتدفق.
وهو وان مات بعيدا عن موطنه مثله مثل كبار المبدعين العراقيين الذين ابوا ان يكونوا شعراء المناسبات والموائد، كالجواهري والبياتي والملائكة، كان مثلهم يبحث عن ملاذ لديوانه المعمور الذي ظلت رموز واستعارات طفولته الكهلة وشبابه البرئ كالطفولة وتجاوزه عتبة الستين يرددها ويستنفرها خياله الخلاق.

ابصر النور عام 1944 في الحبانية، البحيرة الطافية على الرمال وسط صحراء ذهبية، امضى طفولته حتى السنة الثالثة عشرة من عمره فيها ثم انتقل مع والديه الى كركوك وهناك الهبته الشعلة الازلية وحي كتابة الشعر الذي اصبح وطنه الذي لم يغادره حتى اللحظة الاخيرة من حياته، والذي لم يحصل فيه على اقامته الدائمية بتوقيع احد، بل اصبح مواطنا ازليا فيه بتوقيعه الشخصي بمداد دمه وروحه. سطّر اول شعره عام 1961 ونشر قصائده في مجلة"شعر" البيروتية التي دخلها من بوابة يوسف الخال الذي ابى الا ان يحتفي بهكذا شاعر ذو صوت هادر يطل من العراق بلد الحضارات، ويلج صفحاتها الناصعة بموهبته الندية البضة الملونة بثائرته الشابة.كان سركون مثل كركوك المنفتحة آنذاك طافحا بالطموحات تأخذه احلام كلكامش ومغامراته ليختط لمستقبله شخصيته المتفردة، وكان في افق خيالاته فنون لا تقل اهمية عن الشعر،فمن حلمه بالسينما الى شغفه بالرسم وتعلقه بالموسيقى الاصيلة والمقامات والمداريش الروحية والسوغيثات المغناة في اجنحة الكنائس المتنوعة في بلدته، الا ان الشعر اصبح ظله الدائم وعشقه الذي لم يكن باستطاعته ان يتركه حتى وقت النوم اوالقيلولة، حتى صار سركون شعرا والشعر سركونا.  وبعد خمس سنوات رحل سركون الى بيروت ليكون اقرب الى مدينة تشتعل بالثقافة وتتمرد على الواقع الشرقي بانفتاحها على العالم، بل ليدفعه الشعر الى عوالمه الارتحالية. وانكب على كتابة النقد والترجمة الى ان توجه الى اميركا وليستقر في سان فرانسيسكو عام 1969، ولانه ليس ملك نفسه فيلتقي هناك بجماعة فكرية متقدة ويعقد صداقات معهم.
كركوك
لايمكن تذكر سركون بولص من غير فصلين مهمين زركشا حياته، كركوك الحرية والتنوع العرقي والثقافي، كركوك الإنطلاق والافق المفتوح، مدينة الأضواء الخجولة الأزلية، مدينة الحداثة التي اتاحت له رؤية الافلام الحديثة والتردد الى الأندية المتنوعة ومصاهرة الأضواء الليلية، المدينة التي قدم سريانيوها حتى مسرحيات لشكسبير في الاربعينيات، المدينة الحية التي طبعت شاعريته بميزات صخرية راكزة في التاريخ. والشئ الآخر لا بد من التوقف عند جماعة كركوك التي ضمته وجماعة مثقفة خاضت اكثر تجارب العراق الشعرية في الستينيات طليعية، منهم فاضل العزاوي، جان دمو، صلاح فائق، مؤيد الراوي، ومعضمهم كانوا يتقنون اللغة الانكليزية، مما اتاح لهم الاطلاع على التجارب الشعرية الغربية بوصفها مؤثرا ضروريا في صنع النسخة العربية من الحداثة وقصيدة النثر. ولعل الاطلاع المبكر على الشعر الاميركي  والتأثر به تدخلا في تكوين نبرة سركون الشعرية الذي راى ان الترجمة تجعل جميع اللغات والكتابات تتداخل وتتلاحم لتخلق شيئا جديدا" وناصحا " كل شاعر بان يعرف لغة اخرى وان يحاول الترجمة حتى لو كان ذلك من اجل لذته الخاصة". فكانت كركوك إذن شرنقة وهبت الجماعة خصائص لم نرها في غير هذا الجيل الماهر في ذائقته الثقافية.
النجوم تنطفئ فوق سقوف كركوك
لصياد صبور
لؤلؤة.. كركوك
وتلقي الافلاك رماحها العمياء
الى آبار النفط المشتعلة في الريح
فانه الاشوري
وعندما تشق حجاب الليل صرخة مقهورة
كلب ينبح في بستان مهجور
المتقاعد يخلع ضرسه
انه يتذكر لينسى، فكل ألم وكل جرح سابق
وكل خسارةهو اتجاه لاجتراح معجزة البقاء والغد من النسيان والتعلم


بغداد
قبل ان يرتحل سركون بعيدا عن ضفاف الرافدين، كانت بغداد وسادة شعر اراد الاتكاء عليها وان يكحل عينيه بتاريخ عريق، فلاذ مثل آخرين احترفوا البوهيمية او تشبها بالصعلكة على غرار واحد من جماعته: جان دمو، مقاهي بغداد وسينماتها وضفاف دجلة فيها ونخيلها المتسامق،
ويحفر في ذاكرته مراثي لذكريات وحنين يشده الى اخر بيت شعري يخطه، انها الاماكن والاحداث والعوالم التي عجنته ومازالت موجودة في طينته التي تتقصى بالضرورة ذلك التراب الذي شكله ومشى عليه حافيا كما قال بنفسه، وشبه هذا التعلق بالملاذ الروحي الذي تجلت فيه ذاته وكينونته الحقيقيتان. الرائحة والطعم والملمس كانت ما تزال رطبة في ذاته ومعتمرة في خياله..تلك الطرقات التي داستها قدماه الطريتان والبساتين والنخيل والازقة والسينمات والمقاهي والاصدقاء والوجوه السمراء المكتئبة والتي ترسم بصعوبة البسمة كل هذه الأشياء إن لم تتجلى في غربة الانسان فما قيمتها؟ وان لم تطفو على سطح بحر الشعر فما فعلها؟ كانت بغدا آنئذ تحاول استعادة أجواء ألف ليلة، فاستقدمت الفنانين والمعماريين من الأقاصي ليتركوا بصمات تلألآت الأضواء الحمراء والبنفسجية والصفراء في ليالي ابي نؤاس والأندية الليلية وفتيات الباليه.. والمرتديات النهارية كالمكتبات والملاذات الرفيعة، فكتب يرثي واحدا منها:


مرثية الى سينما السندباد

...
اعثر على ذاك المبنى وافتح بابا
على المهوى
كل آثار حياتي الغابرة هناك،
انهم يهدمون سينما السندباد ياللخسارة
من سيبحر بعد الآن؟
من سيلتقي الشيخ والبحر؟
 هدموا تلك الأماسي؟ حجرا حجرا؟
قمصاننا البيضاء، صيف بغداد،
حبيباتنا الخفراوات ..
سبارتكوس، شمشون ودليلة،
فريد شوقي، تحية كاريوكا
ليى مراد؟
وهل يمكننا أن نحب الآن؟
كيف سنحلم بعد اليوم
بالسفر؟
الى اي جزيرة؟
هدموا سينما السندباد؟
...
كوموا الكراسي
على الشاطئ المقفر
وقيدوا بالسلاسل أمواج دجلة.
       

بيروت
أضواء أصدقاء، وأحلام جرته الى الرحال الى واحدة من أجمل مدن الشرق، بيروت الأرز الشيخ، وشوارع التفتح والتبرعم بشكل يضيف الى التجربة دفقا سحريا وملاذا لاختبار شرقية الشاعرية العراقية، ودفئا ثرا من رذاذ موجات بحرها الشفاف، وليفتح امام ناظريه آفاقا مجهولة كانت غافية في الحلم. بيروت كانت يوسف الخال، انسي الحاج، ادونيس،وغيرهم واليوم هي المكان الذي يجمعه بالموانئ والمسافات وعوالم ما خلف البحار، في عينيه يأتلق جبران ونبيه، وآخرون مغامرون ارتحلوا من مدن خضراء وخاضوا غمار المستحيل راكبين الموج من شواطئ منحوتة في خاصرة بيروت. 
بيروت كانت دفئا، وقراها وبالاخص شطين كانت اول مكانات تدفق الحنين الاخضر، واول اختبار للبحث عن ملاذ تبرعمت فيه أحاسيس الغربة. الا انه يجد في وديع سعادة صديقا لم ينسه يوما، وحل بودلير في امسياته وساعات وحدته وشبت لوعته اسى على توفيق صائغ المنسي. وربما كانت تلك مرحلة المغامرة والبحث في المجاهيل للوصول الى الإستكانه والابحار في يم الشعر لتركيز الفرادة التي بدأت معه وظلت تلازمه.     
كتب لصديقه وديع سعادة في رسالة من سان فرانسيسكو عام 1971 قال فيها:" لم انتظر الليل بل تقدمت نحوه وانا اعرف عدوي وبلا درع او شهادة او تردد.. ومن حين الى حين، وجهي المعلق في مرآة محاكمة. وانا دائما قاضي هذا العالم.."
وفي رسالة ثانية كتب يقول :" اكتب كرجل انذروه بالساعة الاخيرة. كل ما افعله لا يملك ذلك الرنين الحقيقي او الحرارة الالهية الا عندما تخرج من اطراف اصابعي قصيدة تجعلني استحق نهاري.."




مسلكه الشعري
لقد سلك طرقا في شعره لم يسلكها الشعراء في العادة وبذا فقد ترك فرادة شاخصة في الطريق الشعري يستدل به الشعراء، انه من المتمردين الاوائل على اساليب الذائقة والوعي الشعري لدى مجايليه، ودخل معترك الشعر بكامل عافيته ومتسلحا بكل ادوات الشاعر الثوري الذي الى جانب جماعته الذين رحلوا الى بغداد وفي جعبتهم قناعات في تغيير الوعي الشعري وتنوير اساليب وتقنيات كتابة القصيدة الحديثة، مستعينا بما وصل اليه الشعر في الغرب فقدم ترجمات لعمالقة الشعر الانكليزي والفرنسي. كتب الشعر بطريقة مغايرة مكنته من دخول عالم الشعر ويكون علامة فارقة فيه، نتيجة قناعاته بقصيدة النثر الرائعة والحقيقية التي ساهم الى جانب شعراء افذاذ امثال محمد الماغوط وتوفيق صايغ وانسي الحاج ليكتسب لغته الخاصة وفسلجة القصيدة ونمط بنائها المتفرد.
فيشق مسلكه الفلسفي الخاص في عكس النص لذاته الثورية المتشظية، ورغبته في صدم القارئ بفواجع الواقع. وليعلن بملء فمه أن لا انتمائية له غير إطار الانسانية.
اعماله زاخرة بما هو غريب ومدهش، له اختراع خاص يكوّن فيه جملته، فكانت كانها جزء او تشكيل من حياته نفسها، العبارة هي لحظة حياة مكتوبة لحظة تأمل محفورة، هي لحظة ترحال عاشها، قصيدته كانت سفرا سندباديا. تجذرشعره فيه، لم يرث المألوف في الشعر العربي انما هو اورثها الجديد، الاإنغلاق، والمنفىالمختار. غالبا ما تكون استهلالاته صعبة الهضم غريبة مجهولة الاتجاه، ونتيجة عمر من الغربة والتشرد في مدن المنفى الاختياري والاجباري في نفس الوقت، ولا شك بقناعة تامة أحب مدنا كلندن وبرلين، التي اكد اكثر من مقرب اليه انه اختارها لتكون اخر الملاذات، صنع له خيال جامح من وداعته، كان تراجيديا في عرف ارسطو، فالذين أصغوا الى القاءاته في المهرجانات احسوا بالحزن الكامن في اعماقه، الحزن الذي رافق كلكامش والمؤثر ابدا في طموح الخلود والتجديد في الشعر فكان محاورا ومصغيا رائعا فاعلا ومتفاعلا وتعثر لديه كل ما يجذب وما يقرب الشاعر من الاخرين. ويتراءى انه رومانسي يتآلف قارئه مع كلماته البسيطة التي قلما تشد الشعراء اليها فهو يستخدم اللغة المنفتحة كاستخدامه الهواء والشمس والخضرة، وتكسو اخيلته الوحشية خصوبة متفردة، وتكشف عن مكامن القوة والوعي الذي طرحه جماعة كركوك التي غُيبت لفترة طويلة لتعلن قصائد سركون ان الشجرة التي زُرعت اصبحت بستانا مثمرا. لأن جماعته تفرقت في اصقاع الدنيا، وليأتي اعلان موت شاعر ميلادا واسترجاعا لمخيلة تلك الجماعة، وليكثف الغموض ويبدأ عبث الشعراء المنقبين في آثار الماضي.

 وظلت المدينة الشرقية الملونة بتلاوين حنينية ونبعها الذي لا ينضب من المشاعر الحميمة تلاحقه في هواجسه طوال غربته التي مست اعماقه وراى المدن فيها غارقة صاخبة انعكست في مفاهيمه الى شجن وانين فالليل نفسه الفراغ وهو الاخر والنهاية والختام والجرح الذي لا يلتئم ونتيجة تركيبته النفسية السلمية الهادئة فظهر مقته للحروب ولصانعيها في قصائده وعبر عن مشاعره في الحرب التي وقعت على بلده، وذكرياته وانفاسه ومدنه الاثيرة التي تتحول الى خراب وركام..ويعلن خيبته الغربية وماكينات صنع الموت التي تتجول في احياء احبها وانتمى اليها تتحول الى ماضي معتم الا ان الامل باق والجمال باق وذلك الظلام يخفي لؤلؤة وضاءة وهو يعرف جيدا اي خُفيت.  انه كما يقول سعدي يوسف ": رايته اقرب المثقفين العراقيين الى العافية."
انه الشاعر الذي نذر حياته وعصارة فكره للشعر ولم يهتم الا بوداعته وتواضعه سلما، كان يعيش حريته وعبثه ولازمه الفقر وتجاهل اهل الثقافة المشعوذين. لم يأبه بكل هذا، على العكس فانه احب الشعراء وبخاصة الذين صادقهم ولم ينسهم، عبر مشاركاته في مهرجانات دولية وعالمية .. كان عضوا في حركة شعراء العالم، التي تفاجأت برحلته الاخيرة الى عوالم فقدت اطارها،عوالم لا تستعيد ملامحها بسهولة.

موطنه وملاذاته
في كلمة ليوم الشعر العالمي كتب سركون قبل اعوام
"ان على الكاتب ان يكون له وطنان.. ذلك الذي ينتمي اليه والاخر الذي يعيش فيه فعلا"
ووطن سركون لم يكن تحده جغرافيا أو كان اشبه بجغرافيا لا يمكن تفسيرها بالمواقع والامكنة على حد تعبيره، أو بمعنى ادق كان يعيش في الشعر الذي تنفس فيه هواءه فعليا. فالانتماء بالنسبة اليه هو نهاية الاحلام، ونهاية النهايات انها مثل نهاية البرجين لم يرد ان يختار احد نهايته، وبخاصة في المدن الغربية التي ارتادها :
نهايتك انت
من يختارها؟
قال صديقي الرسام
انظر الى هذه المدينة
يشترون الموت بخسا، في كل دقيقة، ويبيعونه في البورصة،
بأعلى الاسعار
"من قصيدة له، حديث مع رسام في نيويورك بعد سقوط الأبراج"
لذا فهو ينظر الى حياته من منظار عام فيلقاها في نهر النكبات بطنه تطحن بجنون، انه صورة فقدت اطارها بفعل تشظية الانفجارات للطوابير التي تمر للغزو ورغم بعده المكاني فانه يستشعر من منفاه عودة المنجنيقات لتستهدف ذكرياته، ونسائم طفولته وبوهيمية شبابه.

الرحالة بقي في كل قصيدة كتبها ينشر نفثات روحه الخالصة الاصيلة، وبقيت تقاسيم وجهه وشعره المبيض يعكس آشوريته من الصميم. ودخل سركون باب الشعر مكتمل الوعي واختاره بحكمة واقتحم الحياة ومنابع الشعر من اصولها، الشعر العالمي والتراث وليس الشعر الضيق.
ارتحل هادئا بدون منافسة لاحد بل ممارسة لحياة من دون تباه.

وترك لنا
ديوانه الاول " الوصول الى مدينة أين" عام 1985  وهو يعكس المرحلة البوهيمية من حياته
" الحياة قرب الاكروبول" عام 1988
" الاول والتالي" عام 1992
" حامل الفانوس في ليل الذئاب" عام 1996
" اذا كنت نائما في مركب نوح" عام 1998

كما كان قد اصدر
مختارات شعرية مترجمة " رقائم لروح الكون"
سيرة ذاتية " شهود على الضفاف"
مختارات قصصية  نشرت بالعربية والالمانية " غرفة مهجورة"