ولكن ... اين السياسة ايها السادة؟
بعد حرب الايام الستة لعام 1967 عقد في خرطوم مؤتمر للقمة العربية رفع فيها لآته الشهيرة الثلاثة، لا صلح، لا تفاوض، لااعتراف، اي لا للصلح مع اسرائيل ولا للتفاوض معها ولا للاعتراف بها، ومنذ ذلك الحين والعرب ونحن ابناء هذه البلدان ندفع ضرائب باهضة لهذا الموقف، لا بل نحن ابناء منطقة الشرق الاوسط ندفع هذه الضرائب منذ 1948 نتيجة لمواقف القيادات العربية التي لم تساير المتغيرا الدولية، وبروز مكانة مجلس الامن كمشرع ومنفذ للقانون الدولي، ان مواقف الدول العربية الغير العقلانية والتي كانت للمزايدة احدها على الاخر ادت الى وقوع الانقلابات العسكرية المتتالية بحجة انقاذ فلسطين، وبالنتيجة لا فلسطين انقذت ولا الشعوب تقدمت، بل لا زالت تتراجع القهقري، لا اود الاستطالة في هذا الامر لانه مثال، لحال بعض اطرافنا السياسية، انها بأسم المبداية تغيب السياسية، وبأسم المبداية يغيب الحوار والمؤسف انه في كل هذه السنين المغيب الاكبر كانت الشعب.
اصدر اعلام التجمع الوطني الاشوري بتاريخ 20 ايار الماضي بيان بمقدمة تاريخية طويلة، الا انه ينتهي بقرارات قطعية (مطالب) من المهم لفت النظر اليها وتمحيصها والقاء الضوء عليها لتبيان السلبيات والايجابيات ان وجدت طبعا الاثنتان,يقول البيان في الفقرة الاولىمن قراراته مايلي
(عدم السماح لكائن من كان التلاعب بالاسم الاشوري القومي، واعتباره مع اللغة الاشورية والثقافة والحضارة الاشورية ارثاً عراقياً نقياً يجب الحفاظ عليه وصونه من خلال الاقرار به دستورياً فهو شأن العراقيين جميعاً قبل ان يكون شأنا ًآشورياً. اذ حيثما ذكر العراق ذكرت آشور تلك القوة العظمى التي حركت عجلة التطور البشري لما يزيد عن ثلاثة الاف سنة ومازالت رغم كل المعاناة.)
فهذه الفقرة تطالب من الجمعية الوطنية العراقية، بعدم السماح لكائن من كان التلاعب والى اخر الفقرة، اولا ما شأن الجمعية الوطنية في خلافاتنا الداخلية وهل هي حقا المرجع الاخير لحسمها، ام انكم تأمرونها بذلك، ام تطالبونها باصدار تشريعات لتحقيق الطلب، كل هذا يبقى غير معلوم بشكل واضح، بقدر وضوح ان البيان صدر لاشباع نهم مؤيدي التيار، فتاريخيا الاسم الاشوري والسومري والاكدي والكلداني وكذلك السرياني والعربي والكردي هي ارث عراقي، اما النقاء فلا يمكن تحديده، وخصوصا اننا لا ندري هل يقصد نقاء الدم ام الثقافة، وكليهما قابلان للتفاعل والامتزاج ولا يمكن عزلهما وخصوصا في الثقافات الحية، طبعا اسم العراق ليس فقط مرتبط بالاسم الاشوري، برغم ايماننا ان الاشورية قد تكون هي المرحلة الاطول في تاريخه، الا ان اسم العراق مرتبط بالتسميات الانفة الذكر، ومرتبط بالاسم الازيدي والمندائي والمانوي والعباسي والمعتزلة والحسين وغيرها من الاسماء التي لها تاثيرها في العراق، وقد يكون تاثيرا ايجابيا او سلبيا، فاسم هتلر مرتبط باسم المانيا، كما اسم صدام مرتبط باسم العراق، وكون اشور قوى عظمى امر ممكن الفخر به ولكن الان ما الحال؟ ان اي باحث منصف عندما يدرس الفترة الممتدة بين الالف والثمنمائة قبل الميلاد والقرن السادس ما قبل الميلاد لا بد ان يذكر اسم الاشوريين، فهذا لا غبار عليه، ولكن بعد ذلك، وخصوصا اننا استعمرنا من قبل الدول المجاورة او من الاغريق ومن العرب، والتاريخ غالبا يذكر الدول والحكام، فهل يعني مصدري البيان تاريخيا ام حتى الان؟ ان الامر الواضح في الفقرة التالية والتي تقول (عدم اللجوء الى ابتكار صيغ توفيقية واسماء مركبة أو طائفية أو مذهبية وفرضها على الاشوريين بحجة الوفاق والتفاهم وما الى ذلك من سلبيات وترسبات الماضي كما اشرنا باختصار. فالاشوريون لا يقبلون الا بآشوريتهم الاصيلة الابية والشعب الذي صمد هذه القرون كلها ورفض كل الحلول لقاء كل المغريات، لقادر على ان يصبر ويصمد امام محنته ومن أجل وجوده عهوداً أخرى.)
هنا من الواضح ان هنالك رفض واضح لاي عملية توافقية، باختصار ان البيان يقول ان الاشوريين لا يقبلون الا باشوريتهم الاصيلة الابية، انني متأكد لو سألنا اي من ممن اصدر هذا البيان عن رأيه بمن يقول عن نفسه انه كلداني او سرياني، لقال انهم اشوريين اصلاء، وهذا في الحقيقة رأي ايضا، ولكن البيان يتناسى ان من نقول انهم اشوريين اصلاء يرفضون تسميتهم بالاشوريين فكيف الحال بالاصلاء، ثانيا ان البيان يتكلم بأسم كل الاشورين مختزلهم برأي من اصدره، علما ان مقررات مؤتمر بغداد لعام 2003 وبيانات الاحزاب الاخرى لا تقول ذلك، فلا ندري هل تم سحب هويتهم الاشورية، مثلما يفعل انصار السيد يونادم كنا بسحب هوية ممثلينا في الجمعية الوطنية وحصرها به، برغم لقاء بهرا مع احدهم كممثل لشعبنا، او كما اسقط النظام الصدام جنسيات بعض مبدعي الشعب العراقي لمجرد انهم عروه وانتقدوا ممارساته، وهل هم بقادرين على سحب الهوية الاشورية الاصيلة الابية؟ والامر المستغرب ان يتحدث البيان عن رفض الاشوريين كل الحلول ويفتخر بذلك لم يذكر لنا تلك الحلول المرفوضة وهنا ايضا نكرر لعبة الافتخار بمواقف لا علاقة لها بالسياسة ولا بالعقل بل بالعناد، اطلع على الفقرة التالية (الاشوري الذي لا يقبل بآشوريته لا سمح الله ويقدم الى هذا المحفل العراقي الشرعي والتشريعي بصيغ ومقترحات وبدائل وحلول يحاول من خلالها زعزعة الحالة الاشورية الصامدة، نقول له ومن خلالكم ايها السادة: لا شأن للاشوريين بالذي ينكر قوميته وذاته! فهو حرّ في اختيار ما يطيب له من العناوين ولكنه ليس مخولاً بتقرير مصير ومستقبل أمة لا يرضى ان يكون فرداً فعالاً بين صفوف ابنائها.)
من الواضح ان البيان يؤكد على ان الاشوري الذي يقبل بالصيغ التوفيقية، لا شأن للاشوريين به، اي ليذهب الى الجحيم فهو ناكر لقوميته ويريد زعزعة الحالة الاشورية الصامدة، ولكن هذه الزعزعة لم توضح لنا كيف تحث في الحالة الصامدة واغلب من نؤمن انهم اشوريين، لا يستعملون هذه التسمية كعنوان لهم، فهذه الغالبية ومعها بقية المساومين من الاحزاب الاشورية، بقدرة قادر ليسوا مخولين لتقرير مستقبل الامة، وهكذا تكون الرجولة وهكذا نجد حلولا لمشاكلنا، فاحسن حل اشطب عدوك او معارضك او من لا ترضى عنه، فالحوار لا يجدي، الم يتحاوروا كثيرا ولم يأتي المخالفين الى بر الامان الاشوري، فالاشوريين اثبتوا انهم يحبون الكلدان والسريان مثل انفسهم ولكن المشكلة في الكلدان والسريان الذين لا يقبلون التسمية الاشورية، ولذا فالاشوري الاصيل يجب ان يتخذ قراره ويشطبهم من ذاكرته.والى المزيد من المواقف التي تذكرنا بالاخوة العرب مثل قول بعض زعماءهم لمعارضيهم فليشربوا من البحر، تعالوا واطلعوا على الفقرة التالية (اذا تعذر البعض عن الاقرار دستورياً بالامة واللغة والثقافة الاشورية بحجة تجزئة الاشوريين وربما ظهور قومية جديدة في الدستور، نقول لهم: الاشوريون مجزئون ومنذ عهود طويلة كما مرّ. وان ظهور قومية جديدة أو عدمه موضوع أكبر من مقدرة الاشوريين الحالية للبت فيه. فنحن نريد آشوريتنا ولغيرنا الحق في ان يريد ويسعى الى ما يشاء.)
هل قرات عزيز القارئ هذه الفقرة، ارجو اعادة قراتها، الاشوريين مجزئون ومنذ عهود طويلة، وان ظهور قومية جديدة او عدمه موضوع اكبر من مقدرة الخ ، الن يتسأل القارئ ولماذا تأسستم، ولما تناضلون ايها الاشاوس، اليست احدى مشاكلنا هذا التشتت في التسميات، واليس من واجب التنظيمات التقريب بين ابناء هذه التسميات، بالتوضيح وخلق كل ما يقربنا احدنا من الاخر اليس من واجب التنظيمات السياسية محاولة ايجاد حلول لمشاكلنا القومية، ام ان السياسية لديكم ايها السادة اما انت معي او انت عدوي، ارجو ان لا تحسبوا انفسكم السيد جورج بوش، فهو قالها وهو يملك الاموال والاساطيل والتكنولوجيا وقالها ليس لمن يخالفه بالرأي بل لمن يساند القتلة والمجرمين، اليس من واجبكم ايهات السادة الارتقاء بامكانيات الاشوريين، وهل يجب ان نظل عهود طويلة اخرى مشتتين ولا نزيح عن ارأنا والاصح عن عنادنا، فنحن ابناء الملوك وورثتهم فهل يجب ان يتنازل ابناء وورثة الملوك، لماذا تفترضون فيكم فقط الصحة، لماذا تخرجون من المجال السياسي الى الايمان الديني، الذي لا يقبل النقاش، ان السياسة لم تكن في يوم من الايام عناد وتشبث، بل حوار وخلق مجالاته ليستمر، لكي لا يصل المتحاوران الى الحرب او القطيعة، وهكذا السادة في التجمع الوطني الاشوري، يقولون اما ان ترضوا بالاسم الاشوري، او اذهبوا وسجلوا لكم قومية اخرى، وهذا ما نحاول تلافيه بالساسة، ولكن يبقى للعناد كلمته وهذه هي كلماته. (ايها الاخوة بخصوص النقطة الرابعة (احتمالية استحداث قومية جديدة) نرى وجوب الاستئناس واستشارة المجامع العلمية والمحافل الاكاديمية في المنطقة كالمجمع العلمي العراقي والمجمع العلمي في دمشق والقاهرة والمجمع العلمي في طهران والمجمع العلمي التركي والجورجي...الخ. فأن هم اكدوا وجود قومية سريانية أو كلدانية وغيرها، وكان لها ماضٍ وارض وشأن في مسيرة العراق الحضاري أو نفوا مثل هذا الوجود. عندها يكون القرار لكم ايها السادة الكرام.)
ايها الاخوة في التجمع بحق الله عليكم من ينتخب عضو الجمعية الوطنية العراقية التاريخ ام الشعب الحي، السياسة تتعامل مع الواقع، ولنقل معكم ان التسمية الكلدانية، اطلقت على النساطرة المتكثلكين، ولكن الواقع اليوم يقول ان هنالك غالبية او مجموعة كبيرة من السكان تسمى نفسها بالكلدان وتعرف نفسيها بهذه التسمية، واذا اتيت بدليل سيأتيك بادلة، واذا اعتقدت انه معاند لاعتقد انك مكابر، في عام 1992 كتب احدهم عريضة الى رئاسة المجلس الوطني الكردستاني، يقول ما معناه اننا وانتم شاركنا في القضاء وتدمير الدولة الاشورية، اننا هنا يقصد الكلدان، وانتم يقصد الاكراد، فمثل هذا الشخص هل تريد ان تقنعه بهذا الاسلوب ام بالحوار وخلق كل ما يقاربنا احدنا للاخر، فمهما قالت المجامع العلمية فالسياسة تتعامل بالواقع، وهذا اهم شئ لم يفهمه العرب، فاعتقدوا انهم ماداموا مؤمنين بعدالة قضية فلسطينين ونذالة اليهود فعلى العالم ان يقتنع بذالك ويوافقهم الرأي في كل اعتقاداتهم، فما هو القرار التي تريدون من الجمعية الوطنية العراقية ان تتخذه بعد الاستفسار او الاستسناء براي المجامع العلمية، الم تقولوا فليسجلوا قومية اخرى في النقطة التي سبقتها، اليس عحبا كل هذا (الاشوريون يطالبون باستحداث محافظة خاصة بهم وعلى ارضهم آشور على ان تكون مرتبطة بالمركز مع العمل الجاد والمخلص لجمع نسبة عالية من المهجرين منهم فيها، لكي يستطيعوا المحافظة على موروثهم الثقافي واللغوي والحضاري ضمن ادارة هذه المحافظة وبما يخدم العراق كله.)
شكرا ايها الاخوة انكم جمعتمونا على ارض اشور، ولكن نسيتم ان ارض اشور كانت تتوسع وتمتد احيانا الى البحر الابيض المتوسط، لا بل ظمت دلتا مصر ايضا، واحيانا كانت تنكمش لتصبح مدن قليلة، ولكن الاهم هل وفرتم للاشوريين متطلبات ادارة المحافظة الجديدة، ام انكم ستديرونها باما او، وليلعن الله الحوار ووجع الرأس.
اود ان اقول ان بعض مفكرينا وساستنا لا زالوا يعيشون في التاريخ، ويعتقدون اننا بهذا الارث الكبير، يمكن ان نبز العالم، وعلى العالم الاعتراف بنا بحجم ما كان لنا في التاريخ، وهذا البعض مستعد ان يقول ان النضال والمواقف الثابتة والمبادئ ستوصلنا الى ما نؤمن به، والمشكلة اننا جميعا لا نعمل بقدر ثقل المهمة التي نلقيها على عاتقنا.
صحيح ان السياسة فيها اهداف انية واهداف متوسطة البعد واهداف بعيدة المدى، الا ان بعض سياسينا يبدأون بالدعوة للنضال للاهداف البعيدة المدى ونحن لا نملك ادوات النضال للاهداف القريبة، فنحن في عملنا السياسي نريد كل شئ او لا شئ، وليذهب العالم الى الجحيم ما لم يقرنا على رأينا، وهذكا السياسة والا بلاش.
تيري بطرس [/size] [/b]