المحرر موضوع: مؤتمر السلام المعقود في باريس عام 1919  (زيارة 13182 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل henri bedros kifa

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 653
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

مؤتمر السلام المعقود في باريس عام 1919


بعد نهاية ألحرب ألكونية ( ألأولى ) في 11 تشرين ألثاني ،
أسرع ألحلفاء ألمنتصرون إلى إنعقاد مؤتمر ألسلام في باريس
وقد دام هذا ألمؤتمر من 18 كانون ألثاني 1919 إلى 21 كانون
ألثاني سنة 1920 ، وقد توقفت ألإجتماعات خلال أشهر عديدة .
دامت تلك ألإجتماعات حوالي 6 أشهر بشكل متقطع و هدفها
ألمعلن هو " إيجاد ألحلول " للمشاكل ألعديدة في أوروبا و ألعالم
ألتي وقعت خلال ألحرب ألكونية .

ألدول ألمشاركة في ألمؤتمر و أهدافها

أولا - فرنسا
إعتبر ألحلفاء إن فرنسا هي ألدولة ألتي تضررت كثيرا من
جراء وقوع ألمعارك على أراضيها ، لذا رضي ألجميع أن تكون
مدينة باريس مقرا لهذا ألمؤتمر ألعالمي . كانت ألحكومة ألفرنسية
ألممثلة برئيسها جورج كليمنصو تسعى إلى ألإنتقام من ألدولة
ألألمانية :
- معاهدة فرساي 28 حزيران 1919 في صالة ألمرايا ألمشهورة
في قصر فرساي حيث أعلن بسمارك سنة 1871 إنشاء
" ألإمبراطورية ألألمانية "
- شددت فرنسا على فرض ألعقوبات ألمالية على ألدولة ألألمانية
- إستعادت فرنسا مناطق ألألزاس و أللورين و سعت إلى إقتطاع
أجزاء من ألمانيا و ضمها إلى بولونيا و بلجيكا و حتى ألدانمرك
ألتي لم تشارك في ألحرب .

ثانيا - بريطانيا ألعظمى
مثل هذه ألدولة رئيس ألوزراء Lloyd George دافيد ليود جورج
وكان همه ألأول تحقيق ألمكاسب ألسياسية لبلده ، محاولا ألحفاظ
على ألدولة ألألمانية كي لا تتفرد فرنسا ألزعامة في أوروبا .
كان على ليود جورج أن يتصدى لمطالب جورج كليمنصو
ألظالمة بحق ألألمان و كذلك أن يتصدى لمبادئ ويلسون ألمثالية
و أشهرها حق ألشعوب في تقرير مصيرها . ( للتذكير فقط سنة
1919 كانت ألهند و باكستان و بنغلادش مستعمرات بريطانية ).

ثالثا - ألولايات ألمتحدة ألأميركية .
Thomas Woodrow Wilson توماس وودرو ويلسون ألرئيس
ألأميركي ألذي شاركت بلاده منذ 1917 بإرسال ألجيوش إلى
ساحات ألمعارك في فرنسا . إشتهر عالميا بألمبادئ 14 ألتي
نادى بها كي تتوقف ألحرب ألمدمرة .
- فرنسا و بريطانيا تلبيان رغبة ويلسون ، إعلان نشأة " عصبة
ألأمم " في معاهدة فرساي .
- تحت شعار " حق تقرير مصير ألشعوب " ، عمدت فرنسا
و بريطانيا إلى تفكيك ألسلطنة ألعثمانية و ألإمبراطورية ألنمساوية-
ألمجرية و كذلك ألإمبراطورية ألألمانية . ألإمبراطورية ألنمساوية
سوف تتقسم إلى ثلاث دول : ألنمسا و ألمجر و تشيكوسلوفاكيا
و مناطق عديدة تعطى إلى ألدول ألمجاورة . حق تقرير ألمصير
لم و لن يطبق في ألمستعمرات ألفرنسية و ألبريطانية !
- فرنسا و بريطانيا تستوليان على ألمستعمرات ألتي كانت خاضعة
للإمبراطورية ألألمانية .
- فرنسا و بريطانيا سوف تتقاسمان سوريا و ألعر اق و فلسطين
و لبنان وفقا لمعاهدة سايكس بيكو غير أبهين بحق تقرير ألمصير
لسكان تلك ألمناطق ألتي سوف " تستعمرها " بموجب ألإنتداب
ألذي يدعي مساعدة ألشعوب لنيل إستقلالها بينما هو في ألحقيقة
" إستعمار مبطن " .
لقد فشل ويلسون في تحقيق أهدافه ألنبيلة ألمعلنة في " مبادئ
ويلسون ألأربعة عشر " و حتى " عصبة ألأمم " كانت منظمة
عالمية و لكن بدون أي قدرات لمنع ألحروب . ألكونغرس ألأميركي لم يقبل بقبول أو تصديق معاهدة فرساي . ولم تقبل
ألولايات ألمتحدة ألأميركية ألدخول في " عصبة ألأمم " .
لا شك أن ألرئيس ويلسون كان صادقا في سعيه لتحقيق
ألسلام ألعادل في ألعالم ، من ألمؤسف أن أطماع فرنسا و بريطانيا
قد قضت على مبادئ ويلسون ألمثالية . سنة 1920 نال ويلسون
جائزة نوبل للسلام .

رابعا - إيطاليا
Vittorio Emanuele Orlando أورلندو رئيس وزراء إيطاليا
لم يلعب دورا مهما ، فهو موجود في ألصورة و لكن لم تكن
له أو لإيطاليا أي دور فعال . لقد ترك أورلندو مؤتمر ألسلام
حين عرف أن فرنسا و بريطانيا لا تقبلان أن تضم إيطاليا
بعض ألمناطق ألإيطالية ألمتواجدة سابقا في ألإمبراطورية ألنمساوية

هنالك دول عديدة قد شاركت في ألمؤتمر صوريا مثل بلجيكا
و أليابان و ألبرازيل و غيرها ، وفود هذه ألدول كانت موجودة
كي توقع على ألقرارات من قبل فرنسا و بريطانيا و أميركا .

بعض ألملاحظات حول مؤتمر ألسلام في باريس 1919

أولا - يجب ألا نخلط بين مؤتمر ألسلام في باريس و بين معاهدة
Versailles . لأن مؤتمر ألسلام قد دام حوالي سنة و شاركت
فيه دول عديدة و وفود تمثل شعوب عديدة في أوروبا و أسيا
بينما معاهدة فرساي كانت في قصر فرساي بين دول ألحلفاء
و ألدولة ألألمانية .

ثانيا - خلال ألمؤتمر تم عقد عدة معاهدات :
- Le traité de Versailles de 1919 معاهدة فرساي في 28 حزيران 1919 بين ألحلفاء و ألمانيا ( شروط ظالمة سوف تكون
من أسباب ألحرب ألعالمية ألثانية ) .
- Le traité de Saint-Germain-en-Laye معاهدة سان جرمان
في ضواحي باريس قد تمت بين ألحلفاء و ألنمسا في 10 أيلول
1919 و أدى إلى تفكيك ألإمبراطورية ألنمساوية .
- Le traité de Neuilly معاهدة نويي بين ألحلفاء و بلغاريا
في 27 تشرين ألثاني 1919 حيث تنازلت بلغاريا عن مقاطعات
عديدة ضمت إلى أليونان و يوغوسلافيا و رومانيا .
- Le traité de paix du Trianon معاهدة ألتريانون في 4 حزيران 1920 بين ألحلفاء و هنغاريا . هذه ألمعاهدة هي شبيهة
بألمعاهدات ألأخرى حيث خسرت هنغاريا ثلثي مساحة أراضيها
و أصبح ثلث ألهنغاريين يعيشون في دول أخرى : أين حق تقرير
ألمصير للشعوب ؟ كما تمت هذه ألمعاهدة بعد إنتهاء مؤتمر
ألسلام ألذي إنتهى في 21 كانون ألثاني 1920 .
- Le traité de Sèvres معاهدة سيفر وهي بين ألحلفاء و ألسلطنة
ألعثمانية في 10 أب 1920 . و قد قبلت ألسلطنة أن يحصل
ألأكراد على ألحكم ألذاتي في دياربكر و ضواحيها و في مناطق
في جنوب شرقي ألأناضول . أما ألمناطق ألشرقية و ومقاطعات
قارس و أردهان و أرزوم فقد شكلت" دولة أرمينيا ألمستقلة " .
كما وافقت ألسلطنة على قرار " عصبة ألأمم " بتولية فرنسا على
إنتداب سوريا و لبنان و كذلك إنتداب بريطانيا على فلسطين
و ألعراق . كما حصلت فرنسا على مناطق نفوذ في كيليكيا
و ألمناطق ألمتواجدة فيها عسكريا من كيليكيا إلى أورفا و ماردين .
كما حصلت إيطاليا على أضنة و ضواحيها و على جزر
أل Dodécanèse أي ألإثنتي عشر و أكبرها جزيرة رودوس .
أما أليونان فقد حصل على سميرن و تراسيا .
لقد رفض ألشعب ألتركي هذه ألمعاهدة و إستطاع بقيادة مصطفى كمال أن ينتصر على أليونانيين و ألأرمن و يلغي
إتفاقية سيفر .
- Le traité de Lausanne معاهدة لوزان بين ألحلفاء و ألجمهورية ألتركية حيث وافق ألأتراك على إستقلال ألمناطق
ألعربية و توقف ألحلفاء على ألمطالبة بإستقلال ألأكراد و ألشعب
ألأرمني . تمت هذه ألمعاهدة في سويسرا في 24 تموز 1923 وهي تعتبر أخر ألمعاهدات ألمتعلقة بإنتهاء ألحرب ألكونية .

ثالثا - مؤتمر ألسلام في باريس و ألمعاهدات ألتي أبرمت بموجبه
و حتى إنشاء عصبة ألأمم لن يمنع ألحروب ، لا بل أن قسوة
ألموقف ألفرنسي سوف يسمح لهتلر أن يناضل و يصل بطريقة
ديموقراطية إلى ألحكم لأن ألشعب ألألماني عانى كثيرا من
ظلم معاهدة فرساي .

رابعا - لقد قدمت إلى باريس وفود عديدة تمثل شعوبا و أقليات
تعاني من ظلم ألحكام . و كان مبدأ حق تقرير ألمصير قد أعطى
فرصة أمل لتلك ألشعوب كي تتحرر . و كان مبدأ ويلسون
ألثاني عشر يطالب " يحق للمناطق ألتركية في ألسلطنة ألعثمانية
ألحالية أن تحافظ على سيادتها و أمنها ، أما ألشعوب ألأخرى
ألخاضعة للسيطرة ألتركية فيجب تأمين حماية كاملة للحياة و
إمكانية كبيرة كي تتطور بشكل مستقل " . و لكن هيهات بين
ألوعود و ألحقوق ألتي بقيت حبرا على ألورق !

خامسا - لم يلعب ألرئيس ألفرنسي Raymond Poincaré ريمون
بوانكري دورا كبيرا في مؤتمر ألسلام ، لأن رئيس ألوزراء
Georges Clemenceau. جورج كليمنصو ألذي وصل إلى
ألحكم في تشرين ألثاني 1917 و كان يتمتع بشعبية قوية خاصة
بين ألجنود و كان يلقب بألنمر . بعد إنتصارات ألحلفاء سنة
1918 صار كليمنصو يعرف بأبي ألنصر . لا شك إن كليمنصو
قد لعب دورا مهما في إنتصار ألحلفاء ( توحيده ألقيادة مثلا )
ولكن يرى ألمفكرون ألفرنسيون أليوم أن رغبة كليمنصو
ألشديدة في ألإنتقام و معاقبة ألألمان هي ألسبب ألرئيسي لفشل
مؤتمر ألسلام في باريس !

أخيرا عندما سأل ألصحافيون رئيس ألوزراء ألبريطاني
لويد جورج عن إنطبعاته بعد إنتهاء ألمؤتمر أجابهم :
" لا بأس إذا أخذنا بعين ألإعتبار بأنني كنت جالسا بين
يسوع ألمسيح و بين بونابرت " مشيرا إلى " مثالية " ويلسون
و " جبروت " كليمنصو !

هنري بدروس كيفا