المحرر موضوع: الرقم الصعب في حسم نتيجة الاستفتاء على مسودة الدستور الدائم العراقي ؟  (زيارة 1378 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل M.T.Yako

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 133
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
لم نندهش ولم نستغرب ابدآ أن تصوّت محافظتي صلاح الدين والانبار بـ ( لا ) لمسودة الدستور الدائم في العراق  والذي جرى الاستفتاء عليه في 15 / 10 / 2005 ،  وايضآ لم نندهش ولم  نستغرب ابدآ ان تصوت ما تبقى من المحافظات العراقية عدا المحافظات ( كركوك ،  ديالى ونينوى )  بـ ( نعم ) للدستور ، ومنذ البداية كانت الانظار متوجهة الى المحافظات الثلاثة السابقة وخاصة الى محافظة نينوى ذات الأغلبية العربية السنية ، اما سبب توجه الانظار الى  المحافظتين الآخرتين ( ديالى ، كركوك )  فلأنها  تضم  خليط  يكاد يكون تنافسي بين المصوتين بـ (لا ) أ و بـ  ( نعم )  فبالاضافة الى تضمنهما بنسب تكاد تكون متقاربة من العرب السنة والشيعة والاكراد فإنهما ايضآ تضمان من القوميات والاعراق والاديان والمذاهب  الأخرى كالمسيحيين والتركمان والأيزيديين والشبك ... التي ربما سيكون لها القدرة على ترجيح احدى كفتي الميزان .
وتكمن حساسية الموقف بعد ان تأكد من  رفض محافظتي صلاح الدين والانبار للدستور ، انه  في حال رفض ثلثا الناخبين ( المصوتين )  في أي ثلاث محافظات من محافظات العراق الـ 18  عند ذلك سيعتبر الدستور  لاغيآ بموجب قانون ادارة الدولة النافذ  حتى وان فاز بالأغلبية المطلقة في عموم المحافظات الأخرى ، وهذا معناه ان مصير الدستور يتوقف على نتيجة الاستفتاء لمحافظة واحدة من المحافظات الثلاثة المذكورة  و التي لعرب السنة فيها ثقلآ كبيرآ وتأثيرآ مباشرآ على مصير الد ستور وخاصة اذا ما اتخذت الأقليات في هذه المحافظات الموقف السلبي من الدستور .
رغم تضارب المعلومات بشأن نتائج الاستفتاء الواردة من مراكز فرز الاصوات الا ان الاشارات الواردة من  المسؤولين سواء كانوا  من مفوضية الانتخابات في محافظتي ديالى وكركوك  أو من خارجها يؤكدون انهما قد صوتتا بـ ( نعم ) للدستور او على الأقل استحالة وصول نسبة الرفض فيهما  الى ثلثي عدد المصوتين في ختام فرز الاصوات  ، واذا ما تأكدت هذه الاخبار ، لم يبقى أمام اقرار الدستور الدائم في العراق سوى ما ستؤول اليه نتيجة فرز الاصوات في محافظة نينوى ، أي انها اصبحت المحافظة الوحيدة  التي ستحسم مصير الدستور ،
ولكن رغم تفوق عدد عرب السنة في هذه المحافظة على عدد أي قومية او اقلية اخرى فيها ، الا انه ليس كلهم ( عرب السنة  في نينوى) ضد الدستور ، فمثلآ يتمتع الحزب الاسلامي العراقي الذي قرر التصويت بـ ( نعم )  بقاعدة واسعة من المؤيدين بين عرب السنة في هذه المحافظة   ، بل وتعتبر هذه المحافظة  مركز ثقل لتواجده ، و بالتأكيد هناك قطاعات اخرى من هؤلاء عرب السنة سيصوتون بـ ( نعم ) للدستور بسبب استفادتهم من الوضع الجديد او لرغبتهم في بناء دولة المؤسسات وسيادة القانون أو لغيرها من الأسباب ،
وإذا اضفنا الى ذلك  نسبة الاكراد وايضآ  الايزيديين المحسوبين عليهم و الذين لا يستهان بعددهم في هذه المحافظة و المرجح انهم سيصوتون بـ ( نعم ) للدستور الى اصوات عرب السنة الذين يصوتون بـ ( نعم ) ، اعتقد اننا عند ذلك سنحصل على نتيجة ربما غير حاسمة  في الاستفتاء ولكنها ستكون  متقاربة جدآ من نتيجة المصوتين بـ ( لا ) ، وهنا يبرز دور واهمية اصوات المحسوبة على خانة الاقليات كالمسيحيين والشبك والتركمان والذين سيشكلون رقمآ له وزنه في هذه المعادلة الحساسة  ، لا بل ستتحول نتيجة تصويتهم الى بيضة قبان حقيقية التي سترجح كفة الميزان في هذا الاتجاه او ذاك ،
قد يبدوللبعض ان هذا الاستنتاج هو مجرد اجتهاد غريب او غير منطقي ولكن عند رجوعنا الى مجريات الامور في مثل هذه الحالات سنجد ان ما ذكرته هو عين الحقيقة ، فمثلآ نجد ان الكثير من الاحزاب الكبيرة  في الدول الديمقراطية تحصل في الانتخابات على نسبة اصوات قد تصل الى ( 49% ) ولكنها لا تستطيع تشكيل الحكومة لوحدها  الا بعد  ترضية وربما الخضوع لشروط الاحزاب الصغيرة والتي لا تملك من الاصوات  الا نسبة مئوية تكاد لا تصل الى ( 5 % ) لكي تتحالف معها ، لذلك وجب على أية اقلية ان لا تستهين بعدد سكانها ومهما بلغ ، لأنه وفي حالات كثيرة يتحول هذا العدد الصغير الى رقم صعب لا يمكن تجاوزه من دون تحقيق مطالبه ، فكيف إذا كانت تلك الآقلية واقصد هنا المسيحيين في العراق يشكلون  اساسآ رقمآ صعبآ لا يمكن تجاهله أو التقليل من شأنه في المعادلات الصعبة كالإنتخابات الوطنية او المحلية التي يشكلون  الثقل الاكبر فيها وما اكثرها  . ولكن هذا الرقم الصعب الذي نشكله فعلآ وللأسف لم نستطع أن  نستثمره لحد اليوم و لا يمكننا استثماره بالشكل الأمثل  ليخدم عموم شعبنا الا بعد ان نعتمد الشفافية  في نهجنا السياسي الداخلي ، واقصد هنا في علاقات وتعاملات كافة مكونات ابناء شعبنا من الكلدانيين والاشوريين والسريان والارمن على مبدأ النزاهة فيما بينهم  واحترام شعور واختيارات بعضهم البعض ، من غير تفضيل أحد او كيان على آخر ولا لفرض الرأي بالقوة والتخريب والجهل ،  ومن ثم توحيد الصف السياسي والمواقف لأبناء شعبنا تحت خيمة سياسية  نموذجية واحدة ، عندها فقط سنبلغ ما نأمله وما نسعى اليه  إن كنا صادقين . 
 
منصور توما ياقو
استراليا /سدني 19/10/2005