كثرت الآراء والتعليقات في الفترة الأخيرة حول التسمية الأصح ولكل منها دعاتها ومسانديها يندفع أكثرهم وراء أرتباطه بتسمية من تلك التسميات ماسحا من الوجود التسميات الأخرى بحجة أن تلك التسميات أو الشعوب قد أنقرضت وزالت عن الوجود لتحل محلها أخرى ومن الطروحات الجديدة التي تنشر بكثرة هي ما يخص التسمية السريانية ومرادفتها الآرامية معتبرين أن بقية التسميات يجب عليها أن تختفي من الوجود. ولما لهذه الآراء من أبعاد غير واقعية أو منطقية أبدي الملاحظات التالية آملا المساهمة في أيضاح بعض الألتباس الذي يحدث جراء هذا النوع من الآراء.
أولا: أقول للذين يقولون بأن القومية الفلانية قد أندثرت وزالت عن الوجود بأن هذا الرأي تعوزه الأثباتات لأن الشعوب لا تنقرض ألا أذا تعرضت لكوارث وأوبئة تستعصي معالجتها ومثل هذا الأمر لم يحصل في منطقة الشرق الأوسط وفي بلاد ما بين النهرين ومحيطها بشكل أدق منذ أن تم تدوين التاريخ البشري وأن ما جاء في قصة الطوفان لا يمكن التأكد منه لأفتقاره الى الكثير من الأدلة العلمية المقنعة. يمكن أن تندمج شعوب مع شعوب أخرى أقوى منها نتيجة أحتلال أو أستعمار طويل ألا أنه لا يمكن زوال شعب بأكمله من الوجود كما يتصور البعض. مثال بسيط على ذلك تواجد أبناء الرافدين الأصليين لحد الآن وعدم أنقراضهم بالرغم من وجودهم تحت السيطرة العربية الأسلامية لما يزيد عن 1400 سنة.
ثانيا: لأدعياء القومية السيريانية الحديثة نسبيا أقول بأنه لا توجد هناك قومية سريانية لأن هذه التسمية هي نسبة الى سوريا التي جاءتنا عن طريقها تسمية سورايي حيث أن فلسطين أو بلاد اليهودية كانت تابعة لولاية سوريا عند أنتشار الديانة المسيحية أبان الحكم الروماني ولم تتركز هذه التسمية ألا بعد أنتشار المسيحية وهي أذن تسمية طائفية واردة وليست رافدية أصيلة.
ثالثا: فيما يخص التسمية الآرامية فأن كل مصادر التاريخ تشير ألى أن هذه اٌقوام كانت تتواجد في وسط وشمال سوريا وتشير بعض المدونات الآشورية أليهم كقطاع طرق لكثرة تحرشاتهم بحدود الدولة الآشورية وما أنتشارهم التدريجي في بلاد ما بين النهرين ألا للأسترزاق ألى أن وصل عددهم هناك ألى أرقام كبيرة بدأت تتنافس مع أبناء البلد الأصليين وعليه فأنهم شعب مميز ودخيل على بلاد ما بين النهرين ولا يمكن أن يكونوا البديل عنهم وفرض هويتهم عليهم.
كان سكان بلاد ما بين النهرين ينتسبون الى مدنهم ودويلاتهم فهناك الأكدي أو البابلي أو غيرهم وجميعهم ساميون ومن سكان البلد الأصليين ليست هناك أشارة الى قومياتهم التي لم تكن ذات أهمية في تلك العصور ولما كان حكم التاريخ يقول بأن البقاء للأصلح فأنه من المنطقي أن تكون قومية تلك الشعوب هي آخر قومية قوية حكمت تلك البلاد وهي بالتأكيد ليست لا سريانية ولا آرامية.
رابعا : مما لا يمكن نكرانه أنه جرى أندماج بين الشعوب القديمة بسبب وقوعها تحت الحكم الأجنبي الطويل وحدث أنصهار أكبر بينها بعدما أعتنقت الديانة المسيحية بحيث يصعب بل يستحيل أرجاع أي من مكوناتها الى أصل معين. ألا أن القول بأن هذا الشعب أنقرض وأن ذاك أفني ولم يبق ألا الآراميين وورثتهم السريان فأنه أمر يحتاج ألى مراجعة من قبل أصحابه قبل غيرهم لأنه من غير المنطقي أن ينقرض أبناء البلد وهم الأكثرية ويبقى الدخلاء وحدهم.
خامسا: فيما يخص اللغة فأن الأنسان أبتدأ بالنطق أولا بالأشارات ثم بمقاطع صوتية وبعدها بلغات بدائية أخذت تتطور تدريجيا الى أن وصلت ألى ما هي عليه الآن ولم تكن هناك لغة مكتملة تفرض نفسها على البشر أنما تطورت مع الوقت وأخذت أحداها من الأخرى وأستفادت من الجديد الذي أستجد مثل الحروف الأبجدية الفينيقية التي جاءتنا عن طريق الآراميين وهنا أيضا لا يصح القول بأن اللغات القديمة جميعها أنقرضت وحلت محلها اللغة الآرامية لأن اللغات كما قلت تكمل أحداها الأخرى ولا تلغيها. عليه فأن أعتبار كون اللغة الآرامية هي التي غلبت الأخريات وقضت عليها يحتاج أيضا الى مراجعة من قبل ذوي الأختصاص وخاصة أن اللغة السريانية الغربية الحالية هي الأقرب ألى اللغة الأكدية القديمة حيث تكون الأسماء فيها مرفوعة في نهاياتها كما يقال آلوهو وملفونو ألخ..... وهي الميزة التي كانت تختص بها اللغة الأكدية .
عبدالاحد سليمان بولص