المحرر موضوع: ردا ً على رد الامانة العامة لمجلس الوزراء على رسالة بعض الاحزاب والجمعيات المسيحية  (زيارة 1170 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سالم إيليا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 263
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ردا ً على رد الامانة العامة لمجلس
الوزراء على رسالة بعض الاحزاب والجمعيات المسيحية



مرة أخرى يتاكد لدينا بان بعض الذين يقبعـون داخل ابنية رئاسة مجلس الوزراء غير مؤهـلين لمناصبهم والتي من المفترض أن تكون في خدمة جميع أبناء العراق .

فقد قرأتُ ولِمرات ٍ عديدة الرسالة الموجهة من بعض الجمعيات والاحزاب والشخصيات لشعبنا المسيحي في المانيا الى السيد رئيس الجمهورية والسيد رئيس الوزراء ووزير خارجيته .
كذلك قرأتُ رد الامانة العامة لمجلس الوزراء على تلك الرسالة ، وقد لمستُ كقارئ في رسالة الجمعيات والاحزاب مدى حرصها الشديد على أن تكون مهذبة وغير متشنّجة ( وربما تم إعادة صياغتها مرات عديدة حرصا ً على أن تكون لائقة بالاشخاص الموجهة اليهم ) بالرغم من المعاناة الكبيرة والمآسي الكثيرة التي يعانيها المسيحيين والتي ادت الى كتابتها .

وقد لمستُ ايضا ً كم كان رد الامانة متشنّجا ً وإنفعاليا ً وغير مهذ ّب لشريحة عراقية يبلغ الآن تعدادها داخل وخارج الوطن أكثر مِن مليوني نسمة .
فقد أبتدأ رد الامانة بـ ( رجاء ) منقوص خالي من ( ال ) التعريف وهذا يفقد الكلمة المهذبة معناها لانها جاءت في بداية الجملة . إضافة الى انه أصلا ً لم تكن هذه الـ ( رجاء ) موجهة الى مرسلي الرسالة وإنما موجهة الى مَنْ يهمهم الأمر في السفارة العراقية في المانيا لـ ( إبلاغ ) مرسلي الرسالة برد رئيس الوزراء .

ثم أعقبها بكلمة ( إبلاغ ) أي بصيغة الأمر ، وأعتقد بان كاتب الرد (معتاد ) على صيغة الأمر ولم تسعفه ذاكرته بان يستبدلها بكلمة أكثر تهذيبا ً خاصة وانه يخاطب شريحة كبيرة ومهمة وسكان بلد أصليين كأن يقول مثلا ً ( الرجاء إطلاع ) وليس ( رجاء إبلاغ ) كما ورد في نص الرد .

ناتي الآن على جوهر الرد فيقول بالنص الحرفي :
( إن ّ دولة السيد رئيس الوزراء يولي إهتمامه بكل شرائح المجتمع دون تفرقة وفي ضوء هذا الواقع يوصي بعدم ابراز قضية معاناة المسيحيين في العراق باعطائهم خصوصية معينة وذلك بهدف قطع الطريق امام تدخل الغير في شؤون العراق الداخلية ) ، انتهى الرد .

ولنناقش هذا الرد ، انه كلام جميل ولو كان حقيقيا ً لما اختلف عليه إثنان من أبناء الشعب العراقي .
فاين هو الاهتمام الذي أولاه السيد رئيس الوزراء حين فـُجرّت الكنائس وإنتُهكت الاعراض وهـُجرّت عوائل اغلبها من كبار السن والاطفال ، واين هو الدعم المادي لهم حين هـُجروا وأصبحوا لاجئين داخل وطنهم وخارجه ، وقد جاء الدعم العسكري لتطهير منطقة الدورة في بغداد مثلا ً من الارهابيين بعد إفراغها من المسيحيين وكأنه مقصود ومخطط له !!!

وهل يرغب كاتب الرد أن أذكّرهُ كم صرف من ملايين الدولارات للعوائل التي هـُجرت الى الجنوب وبقية مناطق بغداد ، وهل يرغب أن اذكّرهُ كم حصلت عوائل شهداء وجرحى جسر الأئمة ( وهذا حق مشروع لأهلنا شهداء الجسر وليس منـّة من الحكومة عليهم ) ، وهل يرغب كاتب الرد أن اذكّرهُ بالدعم المادي والمعنوي للشهداء والمهجرين الكرد عندما طالتهم يد الغدر في بعض من مناطق بغداد وايضاً هذا حق مشروع لهم .

لكن لا نرضى أن تكون هنالك إزدواجية في التعامل تـُفقد الحكومة أهليتها لتكون لكل العراقيين وتصبح طائفية قولا ً وفعلا ً .

فلو أخذنا بالنسبة المئوية مَنْ المتضرر الاكبر من عمليات التهجير ، لوجد نا  إن المسيحيين والصابئة المندائيين لديهم الحصة الاكبر في ذلك ، فقد كان عدد المسيحيين لغاية 2003 في العراق بحدود المليون مواطن او ما يزيد ، أما الآن فان الاحصائيات الغير رسمية تقول نصف مليون ، اي أن 50% من المسيحيين قد تم تهجيرهم .
ألا تستحق هذه النسبة أن يكون لها خصوصية للحفاظ عليها خاصة وان المسيحيين لم يشتركوا باي عمل عدائي ضد ايّ مكوّن من مكونات الشعب العراقي لانهم يحبّون كل العراقيين دون إستثناء وحريصين جدا ً على وحدة العراق أرضا ً وشعبا ً .

كما وانه ليس لديهم اية ميليشيا مسلحة لحمايتهم لانهم متحضريين ومسالمين ولا يحبون قتل أخيهم العراقي لاي سبب كان ، كذلك ليس لديهم ايّ من ( الصقور ) في الحكومة لتحويل جزء من واردات النفط لمساعدتهم والتي لا تدخل ضمن الميزانية المُعلنة !!! ـ ـ ـ فالى من يلجأون ويعرضون الحَيف والظلم الذي اصابهم ولا زال يصيبهم ـ ـ ـ  اليست الحكومة هي المسؤولة  (وعلى رأسها رئيسها ) عن ذلك باعتبارها حكومة كل العراقيين ؟ !!

ثم ما معنى ما جاء في رد الامانة من أن رئيس الوزراء ( يوصي ) أي يأمر بعدم إبراز قضية معاناة المسيحيين ـ ـ ـ هل هذا هو الضوء الأخضر لِمنْ يقتل المسيحيين بالاستمرار بقتلهم وتهجيرهم مع التغطية الإعلامية على تلك الجرائم ـ ـ ـ هل إن كاتب الرد يعلم مدى خطورة هذا الكلام ، حيث أن شريحة كبيرة من العراقيين تتعرض للقتل والتهجير والاعتداء وبدون مسوغ لذلك ويأتي رد الحكومة بالتغطية على هذه الجرائم .

وأعود مرة ثانية وأقول ، لماذا الفضائية الرسمية للدولة ( الفضائية العراقية ) والمفترض أن تكون لكل العراقيين تبرز دائما ً في خدمة الاخبار المرئية العاجلة معاناة وعمليات تهجير لشريحة معينة من الشعب العراقي دون سواهم . اليست هذه إزدواجية في التعامل ، فهل من المنصف أن يولي السيد رئيس الوزراء إهتمامه بمراكز القوى لتثبيت موقعه جيدا ً و ( يوصي ) بترك الآخرين لقدرهم المحتوم ، فاين العدل والإنصاف ( وإذا حكمتم فاحكموا بالعدل ) .

ثُم يُكمل الرد فيقول ( وذلك بهدف قطع الطريق امام تدخل الغير في شؤون العراق الداخلية ) .
وقد توقفتُ كثيرا ً عند هذه النقطة ( لأحلل وأخمن وأستنبط ) مَنْ هم ( الغير ) .
ولعلمي فان السعودية تتدخل وتشارك ( وحسب ما تتهمها بعض الاوساط في الحكومة العراقية ) بالسيارات المفخخة لدعم شريحة معينة من الشعب العراقي وأكيد ليس لدعم المسيحيين .
كما وإن ايران ( وايضا ً حسب إتهام بعض الاوساط في الحكومة العراقية ) تتدخل بنفس الطريقة وربما أسوأ لدعم شريحة أخرى من الشعب العراقي وأكيد أيضا ً ليس لدعم المسيحيين ، ولو أن هذا النوع من الدعم المخزي لا يفرّق بين هذه الشريحة وتلك بالقتل والدمار فالكل من أبناء شعبنا العراقي أصبح مشروعا ً للقتل والتهجير ولكن بنسب متفاوتة .
كما وان تركيا تتدخل بالطائرات الحربية والمدفعية ( لحماية نفسها ) وإرسال رسالة لحماية التركمان العراقيين .
أما المحتلين الامريكان فهم يتدخلون لحماية مصالحهم فقط  وليس لديهم اي دافع لحماية المسيحيين ، بل العكس لو كان ثمن بقاءهم وسيطرتهم على منابع النفط في العراق هو الشعب المسيحي العراقي لوافقوا على تهجيره بكل طيب خاطر .

إذا ًلم يبقى لنا غير الفاتيكان ـ ـ ـ فهل أن كاتب الرد يقصد بان دعم الفاتيكان بمنح البطريرك عمانوئيل الثالث دلي رتبة الكاردينالية هو تدخل ( للغير ) في شؤون العراق الداخلية ـ ـ ـ الم ترسل الحكومة العراقية وفود رسمية لحظور هذا الحدث أم إنه كان فقط لذر الرماد على العيون .
هذا التكريم هو تكريم لكل العراق وهنالك دول لها موقعها العالمي تتمنى أن تحظى بهذا التكريم .
وإذا كان هنالك شئ لا نعرفه نحن المسيحيين من أن هنالك أطراف دولية لها تأثير التدخل في شؤون العراق الداخلية لحمايتنا فيا ريت يُنعم علينا كاتب رد الامانة باسماء تلك الاطراف للجوء اليها وقت الحاجة ، فنحن أحوج ما نكون الى أن يقف أحد بجانبنا ، ووعدا ً منّا باننا سوف لم و لن نسمح لتلك الاطراف بحمايتنا عن طريق زرع العبوّات الناسفة والسيارات المفخخة لقتل أبناء وطننا العراق .

أخيرا ً نرجو ونتمنى من القائمين على إدارة الحكومة العراقية أن يكونوا منصفين ومخلصين لكل العراقيين على حد ٍ سواء ، ولم يدفعني لكتابة هذه الاسطر إنتمائي لطائفتي المسيحيية وتعصبي لها ، فان أغلبنا نحن المسيحيين لا نؤمن بالتعصب والانغلاق بل بالانفتاح على جميع مكوّنات الشعب العراقي ونتفاعل مع الجميع فنتألم لآلامهم ونفرح لإفراحهم .
لكن الذي دفعني للكتابة والرد هو ابراز الحق وعدم اللعب بالكلمات كما هو واضح من رد الامانة العامة لمجلس الوزراء ـ ـ ـ فالساكت عن الحق شيطان أخرس .



                         
                                                                                     سالم ايليا / كندا