المحرر موضوع: الشائعة( الدعاية )  (زيارة 1737 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كريم إينا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1311
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الشائعة( الدعاية )
« في: 10:43 14/12/2007 »
                         الشائعة( الدعاية )
غالب النجار         
رغم وجود الشائعات في المجتمع  العراقي، لكنها لم تُعالج ثقافياً بطريقة توحي بأهميتها، هذا إذا استثنينا وجودها في العلوم العسكرية، حيث يتم تناولها ضمن الحرب النفسية. إنه موضوع واسع ومثير،فالشائعة تأتي بعد ظهور الخبر، حيث يتم تطوير الفكرة الأساسية للشائعات باستمرار إعتماداً على المزيد من القصص والأحداث التي إقترنت بشائعات خطيرة تتعلق بمصير شخصيات هامة وشركات كبرى وجرائم وحروب ومنافسات محمومة كانت الشائعات تؤججها دائماً، مع تشريق وتغريب في الثقافات المحلية على خلفية البحث عن الأسس الاجتماعية والفولكلورية لهذا العالم الغريب المليء بالشائعات. إن كلمة شائعة تَستحضر بالنسبة للعامة ظاهرة غامضة وشبه سحرية يعكسها تحليل المفردات الرائجة. فالشائعة تطير وتزحف وتتعرّج وتعدو، وهذا ما يجعلها على المستوى المادي أشبه بحيوان مباغت وسريع الحركة يتعذّر أسره، ولا ينتمي إلى أية فصيلة معروفة. أمّا تأثيرها في البشر فأشبه بالتنويم المغناطيسي، خصوصاً أنّها تبهر وتغوي وتسحر الألباب وتُلهب الحماس. فالشائعة أبعد ما تكون عن الغموض، بل أنّها تخضع لمنطق قوي من الممكن تفكيك آلياته. وفي أيامنا هذه بات من الممكن تقديم إجابات فضلى على الأسئلة الكبيرة التي تثيرها الشائعات، فمن أين تنشأ، وكيف تتبلور، ولماذا تظهر في وقت ما في مجموعة محددة أو مكان معيّن؟! إلى ذلك، من الممكن تفسير الشائعات: ما الذي يجعلها مكروهة؟ وما القواعد التي تحكم مرسلتها؟ وما هي المرسلة الخفية التي تتجاوز المضمون الصريح للشائعات؟ وانطلاقاً من هذه المفارقة نكون أحد المفاتيح الرئيسية للموضوع  . الشائعة ليست جزء من  الثقافة الاجتماعية ومصالح الجهات المعنية فقط، بل أيضاً هي  مظهراً من مظاهر السلوك البشري الملتوي وغير المثير للاطمئنان! أنّ من غير الممكن تحليل ظاهرة الشائعات من دون الحديث عن دورها في الحياة اليومية. فكيف يتفاعل المرء مع الشائعة،وكيف يستخدمها ولأيّ غاية، وما تداعياتها المتوقعة وغير المتوقعة؟.. الخ.
قدر كل شائعة أن تخمد. ولعل المرادفات التي يشيع إستخدامها للتعبير عن نهاية الشائعات تنطق بالمعاني والدلالات. فنحن نتحدث في معظم الأحيان عن (موت) الشائعة، عن (قتلها) عن (إخمادها) عن (إسكاتها). ولا شك في أنّ هذه الكلمات تترجم النية لتحويل الشائعة إلى شيء حي له كيانه الخاص، حتى لكأنّها نوع من حيوان حي، وحشي وغالباً خطير. وإذ ذاك تنفصل العامة عن الشائعة وتجعلها عنصراً خارج ذاتها، وهذا ما يسمح لها بأن تصوِّر نفسها - أي العامة - بعد فوات الأوان، ضحية لهذه القوة الخارجية. وقد تفسر هذه الظاهرة الطابع السحري الذي يميز الأسئلة المطروحة عموماً بشأن نهاية الشائعات. فكيف يتوارى هذا الكائن الخفي الذي يصعب إدراكه؟ هذه اللقطة المكثفة والحيوية عن الشائعة ومرحلة إخمادها تبدو وكأنها النهاية.