المحرر موضوع: منعوني من لقاء الوالي ...؟الحلقة ـــ 2 ـــ  (زيارة 773 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عادل شيخ فرمان

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 19
    • مشاهدة الملف الشخصي
منعوني من لقاء الوالي ...؟
الحلقة ـــ 2 ـــ

في مجلسنا وبينما كنا نقوم بالترتيبات اللازمة لإحياء إحدى الامسيات التي تعودنا أن نلقي الشعر فيها ونطرب أسماع المستمعين برنينه كما تعودنا أن نستمع الى الاغاني التي تمسح الاحزان من القلوب ، وأن نمتع ناظرنا بتموجات الابدان الرقيقة في بحر الرقص الشرقي الذي تتفن فيه الفاتنات فيأسرن بذلك النظر ويحصرنه بين تموجات خصورهن ونضارة صدورهن ، في ذلك المجلس وفي تلك الاثناء دنى مني رجل مسن وهمس في أذني ليخبرني أنه ذاهب الى الحج غداً وأردف يسألني إن كنت أريد مرافقته الى مقصده فأومأت موافقاً وأضفت أن ذلك فريضة على كل انسان وأن من الواجب تأديتها علّ ذلك يمسح شيئاً من ذنوب حياته.وتابعنا سهرتنا ونحن نرتع نصيبنا من اللذات ومن الجمال فما أحسسنا بأنفسنا الا بعد أن قضت جلستنا وقبل أن يذهب كل الى سبيله ، شاهدت الشيخ المسن يقترب مني ليؤكد على موعد لقائنا في الغد فقلت له بأني لا أخالف إن وعدت وما دمت وعد أن أرافقك فسأكون في الانتظار في الموعد المحدد.أخبرته
بأني إن قلت شيئاً أفعله وإن قصدت أمراً لا أتراجع عنه مهما كانت الظروف ومهما تطلب الامر لأن التاريخ يحترم من يصنعه وأنا لا أحب أن يتحدث عني التاريخ بما لا يعجبني ولن أعطي له الفرصة ليتحدث عني بما يخالف مرادي وقبل أن أصافح الشيخ مودعاً أياه ومتمنياً له ليلة سعيدة قلت له بأني من سينتظره في الغد الباكر فاستغرب الشيخ من كلماتي وأفترقنا فذهب كل منا الى حيث يريد.
وعندما أقبل الصباح كنت أنتظر الشيخ المسن في المكان المتفق عليه وكم كانت دهشته كبيرة حين اكتشف بأني كنت قد أمضيت الدقائق في انتظاره فما كان منه الا ان القى التحية وباشرنا الطريق الى الحج.وفي الطريق تطرقنا الى أمور الحياة المتشعبة ثم دار الحديث عن الوالي فسألني الشيخ المسن عن رأيي به فتوقفت لبرهة وقلت له قبل أن اجيب على سؤالك احب ان اعرف رأيك فيه خاصة وانك قد قطعت في الحياة شوطاً طويلاً ولابد ان يكون لك في الناس رأي سديد ، فنظر الي واشار بيده الى السماء وقال بأن من يعطي لله حقه كما للعباد حقهم هم الفقراء ليس غيرهم وحين كان الوالي من بينهم كان يعرف الله أكثر منك وأكثر مني..! ثم فكر الشيخ ملياً وكأنه يجول بفكره في عوالم الحكمة وقال لو أنه أعطي الفرصة ليحكم فربما حكم ظلماً ولكنه عبر عن عدم رغبته في ذلك وتحسر قليلاً ثم سألني عن رأيي مجدداً فما ترددت في الاجابة وقلت بأني أكاد أراه المسيح في خلاصي فسكت لبرهة وقال لي لابد انك تحمل في قلبك هماً كبيراً فقلت هو كذلك ولكنني أحمل للوالي حلماً كبيراً ولكنني أخاف أن يفسره بغير تفسيره وأن يفسر الحلم على أنه كابوس وهذا ما أخشاه لأنني أريد له كل الخير وما يشدني اليه هو أنه أول والي فقير يحكم الولاية وأول والي يعرف معنى الجوع والعوز ومعنى البرد والعطش والاهم من هذا وذاك أن والده كان من شيوخ زمانه فما بخل على أولاده يوماً فأغدق عليهم من مناهله الحكمة والمعرفة والعلم ، وسألت الشيخ إن كان يشك في كلامي مؤكداً على كل كلمة بيد أني لم أقتنع بجوابه وسألته السؤال ذاته ولكن بصيغة مغايرة فأجابني بأن المال يغير الناس وأن الله لا يعطي الا لسبب ، فلا يعطي المال الا لسبب ولا يعطي السلطة الا لسبب والحكمة في ذلك عند الله وقال لي : هل رأيت غنياً يعمل الخير وهل رأيت حاكماً يحكم بالعدل..! إن تلك ارادة الله وما علينا الا ان نتعلم من هذه الحكمة.وبعدها تنهد الشيخ المسن وقال لي ها أنا اتجاوز الثمانين من عمري واعطيك زبدة ما تعلمته من الحياة ومن اخذته عن ابي وعن جدي فخذ مني وتعلم وعندما نظر الي ولاحظ هالة الكآبة على محياي ، ابتسم حينها وقال لي ربما تبتسم لك الحياة وتفتح لك ابوابها فالله يعطي لمن يشاء من عباده ووضع يده على كتفي وقال لي: انني ارى النور في عينيك واضاف قائلاً لو ان الله استجاب الى دعائي فسوف يحقق لك ما جئت تصبوا اليه..ورغم انني شعرت بالراحة لما قاله ولكن حديثه لم يغير في الامر شيئاً لأن ما أحمله في قلبي وما أريد ارسائه وتحقيقه والوصول اليه هو ما يريده كل من حولي وما يريده الله قبلنا جميعاً ولكن يبدوا ان لكل شيء حكمة فالى اين ستصل بي الحكمة يا ترى..؟
وهنا أقول للقارىء : لنا لقاء.....
عادل شيخ فرمان