المحرر موضوع: الشهيد ميخائيل سيرون ..... وداعآ صديقينا الراحل الى الابد  (زيارة 2001 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل تيريزا ايشو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 466
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الشهيد ميخائيل سيرون ..... وداعآ صديقنا الراحل الى الابد
وردا ألبيلاتي

    هكذا غادرت ايها العزيز ميخائيل في هذا الوقت العصيب، رصاصات غدر حاقدة صوبت من مجموعة مرتزقة لتوقف ذلك القلب النابض بالمحبة والارادة الصلبة المفعمة بالتواصل مع من حولك من الاصدقاء. تحية اجلال لروحك الطاهرة، وانت تغادرنا،  سوف لن تكون الاخير في ركب قافلة الشهداء مادام العراق يغرق بطائفية مقيتة وعنصرية قومية واحتلال بغيض، وفلول واتباع بعث تحلم بالعودة الى الواجهة.
 ان اغتيالك ما هو الا محاولة اغتيال  لكل خطوة يمكن ان تنقل الحياة بالاتجاه الصحيح وهو حلقة من سلسلة الجرائم بحق الكوادر العلمية المستقلة، ان تلك الايادي الحاقدة التي عاشت وترعرعت ومارست صنوف شتى، من القتل والتعذيب  خلال العقود الاربعة وفقا لايدلوجية البعث الفاشية، هي نفسها تعود اليوم لتمد يدها الى المجموعات التكفيرية بقيادة الارهابي الزرقاوي وغيره لتدمير العراق.
اي حزن يمكن ان يلج الى فضاء ذكراك وانت الذي ملأت حياتك بالعمل وحب العمل، هل نبكيك ام نبكي ما آل اليه الوضع في العراق. لا احد يعلم سر العلاقة بين الاختيار ان تكون مهندسا في مجال النفط وموتك المبكر، لكن القتلة هم القتلة، لا يختلف الامر ما دمت واحدا من المخلصين لعملهم ووطنهم في هذا الزمن الذي اصبح فيه القتل مهنة المهزومين والدولة سوقا لبضاعة اللصوص والمرتزقة.
 حينما سمعت نبأ استشهادك عبر وسائل الاعلام ( الفضائيات : العراقية والعربية) حاولت تأويل تفسير عدم ذكر اسمك الجميل في خبر الاستشهاد، لاقنع نفسي، وايجاد ما يبرر ذلك،  لكن لم اجد ما يسعفني لقبول صيغة الخبر.
كان حزني اكبر والمي اشد وانا التقط الانفاس لالعن ذلك الاعلام الذي امتدت يد الخراب اليه. حينها ادركت ان اسمك الجميل يسقط عند طائفية الاعلام. فأنت الاثوري القومية، المسيحي الديانة، قد لا تجد مساحة لذكر اسمك في اعلام يقرن الشهادة بالطائفة. فتبا لاولائك الاعلاميين الطائفيين.
اليوم وانت تغادرنا ايها الشهيد اعود لاستحضار تلك الذكريات من ماضي عايشناه معا فمازلت اتذكر روحك المتوهجة الى العلم والمعرفة منذ ايام الدراسة الاعدادية فقد كنت دائما من عداد المتفوقين علميا في دراستك الجامعية.
 عرفت الشهيد المهندس ميخائيل في البداية ولاول مرة حين كان صديقا لاخي خنو حين كانوا معا ضمن فريق الدراجات الهوائية في النادي الاثوري وكانت لنا علاقات عائلية متميزة. وقد حدث ذات مساء ان جاء اخي الى البيت واخبرني ان ميخائيل في حالة حزن شديد.
اعتقدت ان مكروها ما قد اصابه وحاولت ان اطمئن على وضعه وسألت اخي عن اسباب هذا الحزن؟ عرفت بعدها ان ميخائيل قد تأخر عن تقديم استمارات طلب القبول في الجامعة لكونه لم يتسن له ايجاد من يقدم له كفالة مالية.
نهضت مسرعا مع اخي خنو وتوجهنا الى دارهم، ما ان دخلنا عتبة البيت حتى لاحظنا الارباك والجو غير الطبيعي الذي كان يسود البيت، وبعد حديث ونقاش حاولت طمأنت العائلة واخبرتهم انه مازال هناك ناس طيبين، وطلبت من الشهيد ميخائيل ان يصاحبني، ونهض مسرعا طالبا مني معرفة وجهتنا.
توجهنا الى دار الصديق عبد الوهاب العبيدي الذي كان يشغل منصب مدير البنك الصناعي للمنطقة الشمالية حينها، وهو من اهالي بغداد، وبعد ان رحب بنا عرضت عليه موضوع الكفالة فلم يتردد في اظهار سعادته لتقديم خدمة لنا.
في اليوم التالي توجهنا الى كاتب العدل لتقديم اوراق كفالة الشهيد ميخائيل. وما ان حل موعد تصديق الكفالة والتوقيع عليها اطلع كاتب العدل على اوراق الكفالة واسم الكفيل عبد الوهاب العبيدي، نهض من مكانه معتذرا للصديق عبد الوهاب بالقول كان علي ان ارسل هذه الاوراق الى دائرتكم لكن الصديق عبد الوهاب اجابه بتواضعه المعهود بأنه كأي مواطن عليه القدوم لانجاز معاملته.
كانت فرحة الشهيد لا توصف بعد انجاز الكفالة. اما وصية الصديق عبد الوهاب قبل ان نفترق فكانت ان نخبره عن نتيجة الشهيد ميخائيل سنويا. كانت دراسة الشهيد في تفوق مستمر وهذا كان موضع اعتزاز وتقدير لكل من عرفه.
كانت طموحات الشهيد لا حدود لها، فقد كان من الطلاب الاوائل في الجامعة، اخبرنني حينها، انه حقق جزء من طموحاته وانه ينوي السير قدما في الدراسة للحصول على درجة الدكتوراة. لقد كان همه الوحيد الدراسة فقط. ذات مساء دخل مبتسما رحبت به وتبادلنا الحديث حول موضوع البعثات الدراسية للدولة عبر وزارة التعليم العالي الى خارج العراق.
كانت قناعاتي تتقاطع مع افكاره، قلت له اتمنى ان اكون مخطأ في تحليلي وارجوا ان تسامحني. كان يحدوه الامل بأن يجد مقعدا دراسيا له في قائمة المرشحين. اوضحت له وجهت نظري بشعارات البعث الشوفينية  ومقايس القبول في البعثات الدراسية وكيفية الاختيار. كان حديثنا ذو شجون لا يقف عند اتجاه واحد ولكن قبل ان نفترق لم تغادر ملامح الامل محياه فكان ينتظر بصبر فارغ ذلك اليوم الذي يقبل به لمواصلة تحصيله العلمي. ودعته على ان نلتقي.
ومضت الايام والاشهر واذا بالشهيد يدخل علي في المحل الذي اعمل فيه ليخبرني بقرار تسويقه الى الخدمة العسكرية بصفة جندي منتدب وارساله الى شركة نفط البصرة. تألمت لهذا الخبر الذي لم يعط الشهيد موقعه الذي يستحقه.
وها انا اليوم امضي في حزني الكبير على الشهيد في رثائه. وداعا وسلاما ايها الشهيد وخزيا للقتلة الجبناء ...
لك الخلود والمجد ايها الصديق العزيز ميخائيل سيرون، والصبر والسلوان للام الحنونة والاخوات العزيزات.

وردا ألبيلاتي[/b][/size][/font]