اجل الوحدة القومية ممكنة .. لكن كيف ؟
[/b]
حبيب تومي / اوسلو
بمثابة مقدمة اجتمع حكماء القوم في مجتمع الفئران لبحث الحالة المزرية التي يتعرضون لها كل يوم جراء هجوم يشن عليهم من قبل هر شرس يتعشى بأحدهم يومياً . وبعد المداولة والأخذ والرد ، اقترح كبيرهم : ان يعلق في رقبة القط جرس ، فعندما يأتي الهر يسمعون الجرس فيسرع الجميع الى جحورهم ، لقد حظي الأقتراح بمباركة الجميع باستثناء اصغرهم عمراً الذي قال :
انه اقتراح جيد لكن .. من يعلق الجرس في رقبة الهر ؟
وحدتنا نحن شعب واحد ، ولا نحتاج الى توحيد الصفوف [ سوى ] الأتفاق على [ تسمية ] واحدة نقبلها جميعاً ، فتذوب الثلوج وتنساب المياه في مجراها الطبيعي دون عائق .
لكن كما كتبت للمطران لويس ساكو ، من يبادر الى تعليق الجرس في رقبة القط ؟
سؤال آخر : هل ستبقى معضلة الوحدة عندنا ازلية ، كبقائها بين القط والفأر ؟
اعتقد هنا لا نحتاج الى تفسير الأمر بتفاؤل او تشاؤم ، انما ان نأخذ الأمور بجدية ، وننظر الى المعضلة بمنظور واقعي ، عندها سنلاحظ ان لا مستحيل تحت الشمس ان كانت ثمة ارادة ونيات صادقة .
بعض الأفكار في الردود لقد قرأت بعض الردود على المقال السابق [ الكلدان والسريان في شراك الوحدة الوهمية ] ، لقد كتب الأخ داود كوركيس يقول : ان تهجمك على الحركة الديمقراطية الآشورية مرفوض .. ان نضال الحركة كبير جداً ... وهي الممثل الوحيد في الساحة لشعبنا ...
ان مثل هذه الحساسية وموقف الرفض لاي نقد يوجه الى احزابنا ، وتقييم هذه الأحزاب على اعتبار انها الممثل الوحيد لشعبنا .. ان مثل هذه التوجهات والأفكار تجعلنا نتقوقع ونتخندق في يقينياتنا ، ولا تفسح المجال للأنفتاح الى الآخر لرؤيته او سماع صوته .
ومثال آخر ان الأخ Terry Toraya يقول : لولا الاشوريين لاصبحتم في خبر كان ، اهكذا تردون الجميل ؟ ان مثل هذه الأفكار الخاطئة تفرز افعالا خاطئة ايضاً ، وتولد لدى الشخص نظرة نرجسية استعلائية ، لا تمت الى الواقع بأية صلة . في نفس المقال يناشدني الأستاذ كامل عيسى كوندا فيقول :
الى السيد حبيب تومي ان تكون وحدوياً ..
الوحدة يا استاذ كامل لا تأتي بالتمنيات ، والوحدة الغير مدروسة ، والتي تأتي تحت تأثير الشعارات القومية العاطفية ، والأشعار الثورية وكلمات المديح والأطراء الفارغين ، ان مثل هذه الوحدة يكون مصيرها الفشل لان اساسها مبني على الكلمات الجوفاء ، ومثلها كالبيت الذي ارسيت دعائمه على كثبان رملية لا تصمد امام الرياح .
الواقعنحن نعيش الحاضر ، وعلينا الأنطلاق من واقعنا ، وينبغي طي صفحة الماضي ، ان التاريخ [ كان ] ونحن علينا ان نعيش كينونة الحاضر والمستقبل ، ان الوقوف امام الأطلال والتغني بالماضي المجيد ، لا يروي غليلا . علينا ان نصنع الحاضر والمستقبل ، وهذا هو المهم .
اعود الى قول السيد داود كوركيس من ان حركة الزوعا هي الممثل الوحيد لشعبنا ، اقول ان هذه الحركة دخلت في الأنتخابات دون ان تعقد اية تحالفات جانبية ، وربما كانت الحركة تحلم بحصاد عدد كبير من المقاعد باعتبار لم تكن هناك قائمة منافسة لها من بين احزاب شعبنا العاملة على الساحة السياسية ، لكن اسقط في يد هذه الحركة عندما لم تستطيع استمالة وكسب اصــوات شعبنا .
لا ادري ان كانت تعتقد الحركة انها قد حققت نصراً مؤزراً في مقعدها اليتيم . برأيي ان شعبنا لم لم يصوت لهذه الحركة كما يعتقد الأخ داود كوركيس ، إذ لو صوت شعبنا لقائمة هذه الحركة التي كان رقمها 204 على ما اتذكر ، لفازت هذه الحركة بـ [ 8 – 10 ] مقاعد وذلك حسب التقديرات للحد الأدنى من نفوس شعبنا في العراق وخارجه .
الأقتداء بالكلدان قرأت على موقع عنكاوا عن خبر للقوى الكلدانية في السويد وغيرها وهم يطلبون ادراج التسميات العزيزة على شعبنا الكلدانية والسريانية والآشورية في حين يطالب الآشوريون بادراج الآشورية فقط ، بديلا عن تسميات شعبنا التاريخية ، ان الآشوريين مدعوون الى نبذ النظرة الأستعلائية من انهم قومية وغيرهم طوائف دينية ، ان هذه الأفكار الشوفينية قد عمقت الهوة بين ثقافات شعبنا ، ان هذه الأفكار المتطرفة تزيد من عزلة اخواننا الآشوريين حتى لو حققوا بعض المكاسب السياسية في المرحلة الراهنة ، فللكلدان والسريان ثقلهم السياسي والأجتماعي والبشري والثقافي ، وان من مصلحة الأشوريين التعاون مع الكلدانيين والسريان ، والا سيبقون على مقعدهم اليتيم في المستقبل .
اصول الشراكة اذا اراد الأخوة الآشوريين العمل بصورة مشتركة عليهم ان ينطلقوا من مبدأ الشراكة .
ان الشركة المشتركة تتكون من العناصر الداخلة في هذه الشركة ، وينبغي ان يكون للمساهمين حقوقهم كاملة من الناحية الشخصية ومن الناحية المادية ، وبعكسه ، ستكون هذه الشركة عبارة عن مؤسسة هدفها الأبتزاز والأيقاع بالمشاركين ليس الا .
المبادرة نعود الى فكرة الوحدة ، هل حقاً هي مستحيلة التحقيق ؟
اجل هي مستحيلة التحقيق ان بقينا مخمورين في خلود التاريخ .
انا شخصياً قراءاتي التاريخية تقول : اننا جميعاً قومية واحدة وهذه القومية هي القومية الكلدانية ، ولا يحتاج الباحث الى جهود كبيرة لاثبات ذلك نظراً لوفرة المصادر ، والأشارات التاريخية فائضة بذلك ولكن ..... ولكن ..
هل علي ان ابقى اعبد هذا اليقين ؟
اذا كان هناك من يعتقد انه اشوري سأحترم رأيه ، وان كان من يعتقد انه سرياني سوف لا اكون منظراً له ، علينا احترام كل المشاعر وكل الخصوصيات .
اما ما يخص التاريخ علينا ان نوظفه لخدمة الحاضر والمستقبل ، وليس العكس .
علينا ان نلتقي في جسر المصالحة مع الذات ومع الآخر ، ولكن عراة من المصالح الحزبية الأنانية والنظريات الأقصائية والنرجسية . عندئذ ، وعندئذ فقط سوف لا نفوز بنائب واحد انما سنفوز بعشرة نواب وسيكون هذا الفوز بهمة وإرادة شعبنا الواحد .
حبيب تومي / اوسلو