المحرر موضوع: غركانيين لشوشتهم  (زيارة 734 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Salem Ateek

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 67
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
غركانيين لشوشتهم
« في: 12:56 10/02/2008 »
    غركانيين لشوشتهم

 

الأنتماء العقائدي السياسي يفرض على أصحابه التقيّد والألتزام بمبادئ النظام الداخلي للحزب، ومن ليسوا على استعداد للقبول بذلك، من الأفضل لهم البقاء مستقليين.  ومثل هذا الموقف يتطلب جهودا مضاعفة بل واستثنائية من قبل أصحابه، خاصة اذا كانوا يعملون في مجالات الكتابة  والسياسة، لأن عليهم أن يأخذوا بنظر الأعتبار موقف ومنطق الجميع قبل النطق بالردود النقدية واصدار الفتاوى والأحكام كما يفعل البعض.  يعني هم بحاجة الى درجة واسعة وشاسعة من الأفق المنطقي المتحضر المتحرر ليستطيعوا بعدها تقبل وأحتضان أنصاف وأثلاث وأرباع وأخماس وخميسات الأنقسام، يعني بقدر مجموع الأحزاب والقوميات والأديان والمذاهب المتواجدة على الساحة، وهذا كما ذكرنا يحتاج الى جهود مضاعفة بل وأستثنائية أيضا.

بعكس الأخرين من ذوات الأفق المقسّم لأجزاء وجزيئات، فهذه لا تحتاج لأية جهود لا استثنائية ولا حتى مضاعفة ولا من يحزنون، لأن أفقهم ومنطقهم واضح وليس فقط متأثر وانما ***غركانيين لشوشتهم*** في ضيق جزئهم الذاتي أو المؤدلج.

أصحاب (القانون الذاتي) ينتمون بشكل وآخر الى فصيلة الأفق الضيق هذا حتى وأن لم يكونوا منتميين لأية عقيدة حزبية أو دينية الخ. فهولاء تكفيهم ذواتهم، ولا نخالكم الا عارفيين ما تعنيه قساوة الأنا.

قوانين ذواتنا وبعيدا عن روح روحية الجسم سريعا ما تتغلب وتطغي عليها وتتجاوزها الرغبات الشخصية الجشعة والأسوء المفروضات والتوجهات وحتى الأملاءات الحزبية والعقائدية في حالة الأنتماء لهذه، وعندها يحكم الشخص المعني على نفسه بالتحرك في ومن خلال جزئه الأفقي الذي ينتمي اليه فقط، وبقدر سعة أو ضيق هذا الأفق هكذا تكون درجة تجاوب منطقه كذلك.  وهكذا حالة تستنزف الأجزاء المتضادة ذاتها عبر رفض الآخر والخلافات والمواجهات والصراعات العقيمة المباشرة أو الجانبية الناتجة عن مثل هذه المواقف.

ولأجله نؤكد... أن أستمرار وديمومة مثل هذه المواقف ستنتهي بأصحابها الى تجاوز المواجهات والجدالات والحوارات المتحضرة والغير المتحضرة للأنتقال الى مختلف أشكال العنف الذي يتخذ طابع لغوي عدواني أو جسماني وحشي أو نفساني خبيث الخ. الى درجة قد يصل الحال معهم الى ذبح بعضهم البعض الآخر بصح وصحيح.  أنظروا حالة العراق وافتوا واحكموا وانصفوا.  فالحالة التي وصلت اليها البلاد ما كان ممكن تصورها ولا حتى بالأحلام، فالواقع المعاش أقسى من كل خيال وأحلام.   

بكلمات قليلة من يريد الأستقلالية من الكتاب والسياسيين خاصة يحتاج الى أفق مليان ومنطق خلاق، ومن ليس مستعدا لتشييد لنفسه مثل هكذا البنيان من الأفضل له أن يتجزأ بدوره وينتمي الى هذا أو ذاك من الأحزاب، أو ينسحب بكرامته من الساحة ويعتزل الكتابة والسياسة والأعلام واصدار الفتاوى والنقد والأحكام ويتفرغ للتمتع بمباهج الحياة التي هي حقا رائعة لكل من هو في سلام مع نفسه.  الوصول الى هذه المرحلة المتقدمة من السمو الروحي والمعنوي يتطلب من أصحابه قطع مسافات وتسلق درجات عالية في التجرد والنكران الذاتي ليتمكن الأنسان في النهاية من التغلب على نفسه وحب الآخر كذاته وليس أكثر منها.

عندما ندعوا بين حين وأخر الى كلمة سواء يلتقي عندها  الجميع ككلمة الله الواحد الأحد الأوحد، نفعل ذلك حبا بالألتقاء والتقارب والأحترام والأرتقاء بدرجات تبادل الأراء ولوئد وتضييق مساحة أفق الحزازات والحساسيات والتشدد والتعصب والتطرف خاصة الديني والأبتعاد عن المحرمات والمعتقدات وخصوصيات الأخرين. ولأن من ينتمون الى أهل الكتاب خاصة هم من أهل التوحيد وليس بامكانهم غير أجلال هذه الكلمة، لذلك نرى ضرورة مثل هذه الدعوة والألتقاء عند الكلمة المتجسّدة الله الجامعة الذي يكمن فيها كل السواء.

فلماذا اذن يصر البعض ليس فقط على رفض الله جلت وعت وطغت قدرته على ما سواه، وانما يضعه وعن عمد بين علامات الأقتباس بقصد الأستخفاف أو الأستهزاء بسبب قناعات ذاتية أو مؤدلجة مسبقة؟  فماذا في كلمة الجلالة من سوء ليرفضها الأخرون؟  وهل في مثل هذا الدعاء اجبار أو مس بحرية الآخرين حتى وان كانت غير مسؤولة، فكيف بهذه مسؤولة؟  ولنفرض أن فيها الكثير مما لا يعجب بعظهم، اليس من واجبهم احترام معتقدات الآخرين الذين يحاورونهم عبر الكلمة المتحضرة المستنيرة.

نحن ممتنيين جدا لكل قرائنا حتى وان كان عددهم لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة ففيهم الخير والبركة وأهم ثروة غالية علينا نعتز بها ونتمنى أن تكتبوا لنا، واذا أردتم انتقادنا فافعلوا ولكن ليكن ذلك بمنطق وتحضر ووضوح.  هل رأيتم، هل لاحض أحدكم في كتاباتنا وتعليقاتنا وملاحظاتنا حتى الآن أي تجاوز على حرية الآخر مهما كان نوعها، أذا حدث ذلك وضحوه لنا ونحن مستعديين أن  نعتذر منه أمام الملئ وطبعا سوف نشكركم على ذلك، فملاحضاتكم وأرائكم وأفكاركم تنورنا وتشجعنا.

من جانبنا نتجنب العناويين المحاربة البراقة لكتاباتنا للفت الأنظار، فالقارئ العزيز مشبع بما يكفي ويزيد من ثقافة العنف ويحتاج وقتا طويلا للعودة الى نفسه وتمتيعها بالكلمات الهادئة المهذبة الجميلة الجذابة المليئة بالمعاني الأنسانيةا.  نعم نحاول جهد الأمكان أن لا نثير الفضول لآننا نحترم جدا هذا القارئ ونريد أن نصل اليه عبر الأستحقاق وليس طبعا من خلال المهاترات او التجريحات أو العنتريات كما يفعل البعض للأسف.

وبمناسبة الأشارة الى ثقافة العنف، من المؤلم حقا وجدا ما تقوم به الكثير من وسائل الأعلام خاصة المرئية في اعطاء الأفضلية الشبه مطلقة لنشر أخبار العنف والجنس والمعصية شاحنة وشاغلة ومفسدة ومدمرة هكذا يوما بعد آخر أفق وتفكير ومنطق المشاهد بمثل هذه الأشياء، وكأنه لم يبقى في عالمنا من الممارسات غير كل ما هو سلبي.  لماذا كل هذا الأنحراف والأنزلاق والتدهور تجاه مملكة الملقب بالرجيم؟  ولماذا التخلي بكل هذه السرعة والسهولة عن جوهر ذواتنا؟  بماذا أفاد الأنسان التطبيل للعنف المادي خاصة الحروب، والعنف الجنسي وخاصة أستغلال جسد المرأة لأثارة الغرائز، والأخلاقي بأنواعه لأفساد الطبع والطباع، ليفيده الآن؟

فقليلا من الأحترام والأهتمام والتقييم للأنسان وانسانيته التي ينتمي اليها ذات أصحاب مثل هذا الأعلام الذي في غالبيته بهي المظهر ورديئ الباطن.  حال هذا الأعلام كتلك التفاحة الجميلة من الخارج والمتعفنة من الداخل.  كفانا الله الأرحم والأقدر والأجل شر المزيد من بلاويه، بلاوي الأعلام الفاسد والمفسّد.

 

                             

                                                سالم عتيق/كاليفورنيا

                                                09/02/2008