المحرر موضوع: انشاء سوق الاوراق المالية( البورصة) في اقليم كردستان العراق  (زيارة 1786 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صباح قدوري

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 148
    • مشاهدة الملف الشخصي
انشاء سوق الاوراق المالية( البورصة) في اقليم كردستان العراق

د.صباح قدوري

في الاونة الاخيرة وردت بعض الانباء من اقليم كردستان العراق ، بان هناك توجه لدي الادارة الفيدرالية في انشاء مؤسسة الاوراق المالية/البورصة/ في الاقليم ، ومن دون ذكر تفاصيل اسباب ومبرارات وتداعيات ضرورة انشاء هذه المؤسسة المالية ، وماهي اهدافها ومهامها ووظائفها في المرحلة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها الاقليم في الوقت الراهن وفي المستقبل المنظور. ان التفكير بالمستقبل السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الاقليم يجب ان يبني على الاسس العلمية ووفق الامكانيات المادية والفنية، من البنية التحتية،والقوى البشرية ،والمصانع والمؤسسات الانتاجية والمالية التي تمتلكها الادارة الفيدرالية في الاقليم، وبوجود سياسة اقتصادية تؤمن بالتنمية الاقتصادية المستدامة،والتي تلبي الحاجات الاساسية ورغبات الافراد والمجموعات الاجتماعية في الاقليم ، وكونها عملية تحتاج الى ان تكون متعددة الجوانب، وتصنيف اقامة وتنفيذ المشاريع على اساس اولياتها، ووفق خطة متوسطة وطويلة الامد لتحديد المجالات الحيوية والضرورية وكيفية النهوض بها، وتوفير الاجواء والاليات من خلال اصلاحات الاقتصادية والتشريعية ، التي تترك اثرها الكبير في محاربة الفساد الاداري والمالي ،وينقل اقتصاد الاقليم من الاقتصاد الاستهلاكي الى الاقتصاد الانتاجي ، ومن خلال فسح المجال للقطاع غير الرسمي المحلي والاجنبي، بان يلعب دوره الحقيقي  في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، والتعامل مع متطلبات الصناعة ، بحيث تكون قادرة على رفع الانتاج والانتاجية وتحسين مستويات المعيشة ، وتوفير السلع والخدمات  وتخفيف من حدة ظاهرة البطالة المتزايدة ، مع تقدير دور مجتمع الاعمال ومنظماته في عملية المشاركة في صنع القرارات الاستراتجية التي تؤثر وتعجل في النمو الاقتصادي، وتقلل الفوارق الطبقية وتخفف حدة الفقر، وتقضي على البطالة ، وترفع المستوى المعيشى للمواطنين وتحقق نوع من العدالة الاجتماعية. بسبب غياب الرؤية الاستراتجية في عملية تطوير نشاطات قطاعات الاعمال المختلفة والتداخل في متطلباتها، من الصناعة، الزراعة ، البني الارتكازية ، الاسكان والمباتي ، التامين ، تكنولوجيا المعلوماتية ، النقل والمواصلات الخاصة ، السياحة والفنادق ، التجاري الخاص ، الصحة والتعليم الخاص ،  لا تزال تعاني هذه القطاعات من مشاكل مختلفة لم يتم تصنيفها حسب اولويتها ، وتشخص الجهة ذات العلاقة بالمشاكل المطروحة وكيفية حلها، هذا بالاضافة الى ضعف واضح في اداء النظام الضريبي والمؤسسات المالية وعلى راسها البنوك ، وعدم استقرار قيمة العملة المحلية. ان الامن النسبي والمناخ الاستثماري الجديد التي يتمتع بها الاقليم، اضافة الى  بعض الاصلاحات واصدار قانون الاستثمار، لاشك بانه حافزا كبيرا في تحديد هوية النظام  والهدف الرئيسي للنشاط الاقتصادي بوضوح. ان بناء نهضة اقتصادية في الاقليم تحتاج قبل كل شيء الى تكوين بنى ارتكازية مناسبة اضافة الى بناء وحدات انتاجية عصرية كالمزارع والمصانع ومنشأت الانتاج كي يكون بامكانها تأمين السلع والخدمات الضرورية، وهذا يعني تخصيص جزء كبير من الرأسمال المحلي لخلق وتطوير وسائل الانتاج المادية التي تساهم في انتاج السلع والخدمات النهائية لتلبية احتياجات السكان. والسؤال يطرح نفسه لاي اقتصاد تنوي الادارة الفيدرالية في انشاء سوق الاوراق المالية في الوقت الراهن في الاقليم؟!. لا يوجد في اقليم كردستان في الوقت الحاضر قطاع صناعي بالمعنى الدقيق للكلمة ، اذ ان الصناعات الموجودة للقطاعين الرسمي والخاص لا تتعدد اصابع اليدين، وهي صناعات صغيرة. تعاني من تخلف كبير سواء كان من ناحية الموارد البشرية، او من ناحية التكنولوجيا واساليب الانتاج وحجمها وتمويلها، او من ناحية التشريعات القانونية والاجراءات التنظيمية الموجودة في اقليم كردستان ، وان اغلب المشاريع الصناعية لا تخدم في تاهيل وتطوير البني الارتكازية الضرورية في المرحلة الاقتصادية الحالية . ولا تحقق مستويات دخل مرتفعة ناجمة عن الانتاج والصادرات، بحيث يساهم في دفع عجلة التنمية والتقدم الى الامام وهو المدخل المناسب لاستيعاب التقنيات الحديثة التي تساهم في تحديث وتنمية كل القطاعات الاقتصادية الاخرى وتكاملها، بسبب عدم قدرة المنتوجات المحلية على منافسة المنتوجات المستوردة.اما في مجال القطاع الزراعي، هناك مجموعة من المشاكل التي يعاني منها هذا القطاع منها: قلة المشاريع الزراعية والمعامل التي تعتمد على الانتاج الزراعي المحلي، وصعوبة اقامة المشاريع الزراعية من قبل القطاع الخاص ووجود صعوبات امام الاستثمار الخاص في هذا القطاع . عدم استخدام المكننة والتكنولوجيا الحديثة في الانتاج. ضعف الخدمات التسويقية والسيطرة على المنتوجات المحلية ، وحمايتها من  التهريب الى الخارج. اشكاليات الاراضي الصالحة للزراعة وتزويد المزارعين بالاسمدة والبذور المحسنة وتسليف المزارعين وحماية الاراض المغطاة بالغابات، ومشاكل المياه والسدود وكل ما يتعلق بالري والسقي. كذلك تعاني الثروة الحيوانية ايضا من نفس هذه المشكلات ، هذا بالاضافة الى نقص حاد في الموارد البشرية ، التي تعيق تقدم وتطور هذا القطاع.عليه يجب تفعيل القطاع الزراعي،الذي مساهمته ضئيلة جدا في تركيبة الناتج الأجمالي، من خلأل تاسيس شركات ضخمة متخصصة بهذا المجال من دون ان يؤثر ذلك على الوحدات الزراعية الصغيرة، واشراك القطاع الخاص والتعاوني فيها. يشهد اقليم كردستان نموا في قطاع المباني والاسكان من خلال دخول عدد من شركات المقاولات والاسكان المحلية والاجنبية في هذا المجال ، مستفيدين من الاستقرار الامني وبعض التسهيلات المقدمة لها من الادارة الفيدرالية، وخاصة في الجانب المالي ، الا انه لا يزال يعاني من بعض المشاكل ، كمثيله من القطاعين الصناعي والزراعي منها : التوزيع العشوائي للاراضي السكنية على المواطنين وللمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص. عدم وجود تخطيط سليم للمدن يعتمد على مسوحات طبوغرافية جديدة. غياب الاحصائيات السكانية من حيث معدلات النمو السكاني ، ودخل الفرد والعائلة ، والهجرة السكانية الى الاقليم. ضعف القوانين الحالية في تصنيف الاراضي بين السكنية والزراعية وتحقيق نوع من التوازن بينها وغيرها .
الاهمال الملحوظ في بناء البني الارتكازية، وادخال تكنولوجيا حديثة في هذا المجال، لذا ارى من الضروري، الاهتمام بتاهيل واعادة بناء البنية التحتية في مجال ،الاتصالأت الهاتفية والتلفونات المتطورة ،الانترنيت والفضائيات ،انظمة امن العمل، والوسائل المعلوماتية والتكنولوجيا الأخرى،النقل والمواصلأت، وبناء المصافي وتامين الطاقة الكهربائية والماء والوقود والمشاريع المائية الاروائية ، والتي هي من اوليات بناء الأقتصاد الصناعي والزراعي المتقدم، توسيع وبناء شبكات الطرق السريعة، وكذلك الجسور وربط الأقضية والأرياف بالمدن ، بهدف تامين نقل السلع والخدمات ونقل المسافرين، وبناء المدارس والمستشفيات وتامين الادوية والمعدات الطبية. وانشاء مراكزالدراسات ومعاهد تاهيل، وتامين البيانات الاحصائية في كل القطاعات الانتاجية، والتي هي ضرورية ولازمة في عملية التخطيط وتقيم الاداء،وتاهيل القوى البشرية وغيرها.وبهذه المناسبة ارى من الضروري استحداث وزارة جديدة باسم وزارة البنية الارتكازية، التي تاخذ على عاتقها هذه المهمات ،ولما لها من الاهمية لاستراتجية التنمية وبناء اقتصاد متين ومتطور حاليا وفي المستقبل المنظور في الاقليم. ان عدد وحجم الشركات التجارية للقطاع الخاص المحلي والاجنبي ليس في مستوى الطموح، ومساهمتها في النشاط الاقتصادي لا يزال ضعيف، وهي بحاجة الى ادخال التنظيم والادارة الحديثة في هيكلتها واداءها. اجراء اصلاحات قانونية وتشريعية في مجال التجارة الداخلية والخارجية.وقف التدفق العشوائي للسلع والبضائع الأجنبية، والكف عن انتهاج سياسة الأستيراد المفتوح للسلع والايدي العاملة المعمول بها حاليا، وذلك بهدف توفير الحماية من الأنتاج المحلي،التي تتوافر مثيلأتها من الصناعة الوطنية. وخاصة في المجال الزراعي، واستخدام العمالة المحلية بعد تاهيلها. توفير السلع والخدمات الضرورية للمواطنين، من خلأل تشديد الرقابة الفعلية على السوق .اصدار قانون بانشاء قسم حماية المستهلك في وزارة الأقتصاد ، يكون مهمته، حماية المستهلك عن طريق مراقبة اسواق بضائع المستهلك ، منع حدوث الأحتكار ، واستقبال شكاوي المستهلكين ، مراقبة دقيقة للأرتفاع في الأسعار ، بغيته احتواء التضخم وحماية المستهلك من الأستغلأل، ومحارية المافية المحلية ، مما يسمى بتجار السوق السوداء والمدعومين من الأحزاب الحاكمة ، والمهيمنين على التجارة الداخلية والخارجية وتهريب السلع والمحاصيل الزراعية والعملة الى الخارج .
بعد هذا العرض المكثف( من دون الدخول في التفاصيل،حيث سبق وان كتبنا مرارا) على الحالة الاقتصادية الحالية للادارة الفيدرالية في الاقليم ، ارى انه من السهولة الجواب على السؤال المطروح اعلاه، وهو لا يوجد اليوم مفهوم التنمية الاقتصادية المستدامة بالمعنى العلمي والمتعارف عليه في علم الاقتصاد، لا في الاقتصاد اقليم كردستان ولا في الاقتصاد العراقي الحالى ولا على المدى القريب ، ويعاني الاقتصاد العراقي بما فيه اقليم كردستان العراق من الامراض المزمنة طيلة عقود طويلة ولحد اليوم.وان عملية اعادة الاعماروارجاع الاقتصاد عافيته لا يزال في بداية الطريق ويزحف كالسلحفاة ، ما لم يتم ترتيب ومعالجة الاوضاع السياسية والامنية في البلاد، بعيدا عن المحاصصة والمذهبية والشوفينية والضيق الحزبي والمصالح الذانية والفئوية مع تفاقم الفساد الاداري والمالى بشكل لا مثيلة له في تاريخ العراق ، اذن بماذا يتم التعامل في هذا السوق للاوراق المالية-البورصة- ؟!، ام هي بورصة لللذين اصبحوا اغنياء في الاقليم بقدرة القادر، ويمتلكون اموال كثيرة، ولا يعرفون ماذا يفعلون بها ، ووجدوا في فكرة انشاء هذه البورصة مكانا امينا في شراء وبيع الاسهم، من خلال استثمار اموالهم الفائضة في اسهم الشركات التي في طريق تاسيسها في الاقليم وخارجه؟!.  لاتوجود لدينا شركات كبيرة وفعالة لا في الصناعة، ولا في الزراعة، ولا في البنية التحتية، ولا في التكنولوجيا الحديثة، ولا عملة مستقرة، ولا نظام ضريبي ومؤسسات المالية وبالاخص البنوك، ولا القوانين والتشريعات والانظيمة الادارية، وحتى صادرات نفط  العراق لا يتجاوز حدوده2 مليونين برميل يوميا في احسن الظرف ، وهي نفس الحالة في كل القطاعات الانتاجية الرسمية وغير الرسمية. اذن كيف يمكن التداول او تسهيل عمليات شراء وبيع الاسهم لهذه الشركات الضعيفة التي ليست لها نشاط اقتصادي حيوي في مثل هذا السوق للاوراق المالية. ويمكن ان يتصور المرء بان يكون هذا السوق بمثابة سوق هرج يجري فيه مزايدات  الطيور والحيوانات  وعلوى الخضر، اواموال بيوت مهجومة، ومثل هذه الاماكن موجودة بكثرة في العراق اليوم، وتسمى اليوم وفق المصطلح العراقي الجديد  ب"سوق الاوراق المالية/ البورصة/.!!!. عيش وشوف الثورة التكنولجية الجديدة في العراق الجديد!!!. ان انشاء مثل هذه المؤسسة في الوقت الحاضر سابق لاوانه.على الادارة الفيدرالية في اقليم كردستان العراق ان تنصرف في معالجة الفوضى الموجودة في الحالة الاقتصادية التي يعاني منها الاقليم ، والتفكير بشكل عقلاني في ادارة الاقليم سياسيا ،اقتصاديا واجتماعيا ، وعدم التفكير بمثل هذه المشاريع التي مازلنا بعيدين عنها،وعدم القفز على المراحل والقوانين الاقتصادية،اواستنساخ تجارب بعض الدول التي تتميز سياستها واقتصادها بشئ من الاستقرار، ولديها التراكم الكمي في هذه المجالات، وهي تحصد ثمارها النوعي ،نحو غد مشرق لجيلها والاجيال القادمة .