إذا كنت تعرف نفسك فذلك حسن ، وإن كنت تظن أن الناس تعرفك فتلك مصيبة ؟
قالها أفلاطون ( اعرف نفسك ) ، فهل حقاً نعرف أنفسنا ، هذا السؤال يجب أن نتوجه به الى أنفسنا كل صباح أو عند الخلود الى النوم ، وإذا عرفنا أنفسنا إحترمناها ، ولكي نحقق ذلك ، علينا أن نجزل الإحترام للآخرين ، فنفرضه بأنفسنا ، وإذا إعتبرنا أنفسنا أُناسا محترمين دون أن نحترم أراء الآخرين وشخصياتهم ومعتقداتهم وميولهم ... فنحن على وهم كبير ، فكل فرد راضٍ عن نفسه على الأغلب ، وإن ارائه صائبة ومواقفه تجاه الناس
لا تشوبها شائبة ، وعلى الآخرين إحترامه والسير حسب ارائه ، وإلا كانوا على ظلال كبير ، فتلك مصيبة المصائب ، أما إذا كنت لا تعرف نفسك ، وتعطي لمقامك ومعلوماتك المتواضعة أكثر من حجمها ، موهما نفسك
بأنك على الصواب دائما ، فذلك إستمراء للجهل ، وقد تتوهم بأنك الأديب العالم الذي لا يشق لك غبار ، عندها
ينطبق عليك قو الشاعر :
حمار في الكتابة يدعّيها كدعوى آل حرب في زياد
فدع عنك الكتابة لست منها لو لطخّت نفسك بالسواد
وستظل تجادل وتجادل وتغالط نفسك متجاوزاً الحقائق الدامغة ، وتريد الإنتصار في المناقشات ، فتكون كشجرة اللبلاب المتسلقة على الحائط ، فمتى ما سقط الجدار ، تكومت بشكل هلامي ، لأنها بدون عمود فقري .
فالمعرفة هي الرصيد والمعين الذي يكوّن شخصيتك ويرفع مقامك ، ويجعلك كبيراً في نظر الآخرين ، عندما تكون متواضعا ،حيث إن المتكبرين مكروهون منبوذون ، وقد تكون ثقتهم الزائدة بأنفسهم دافعاً لهم ليعملوا كل
شيْ بأنفسهم ، لإعتقادهم بأن عملهم مثالي ، وعمل الآخرين تنقصه الدراية والخبرة والدقة .
مما تقدّم نستلخص الحكمة والموعظة ونرتد على ذواتنا لكي ندرس أنفسنا لأجل معرفتها بعمق ، ومدى قابلياتنا
بدون مبالغة أو مواربة ، ثمّ نحاول أن نتعلم بالمطالعة والتنقيب وتمحيص الحقائق العلمية ، فنعطي كل شيْ ما يسنحقه ، فنحترم بذلك الآخرين المختلفين عنا وخصوصياتهم ، وبذلك نكون قد إحترمنا أنفسنا وعرفنا وزننا ،
ويكون بمقدار معرفتنا ، وشخصيتنا تقاس بمدى سعة مداركنا وتواضعنا بدون ضعف ، وقوتنا من غير عنف ،
نكون بذلك قد عرفنا أنفسنا , وقديما قيل : ( رحمّ الله أمرؤٍ عرف قدر نفسه ) ، نسأله تعالى أن يعيننا كي تعرف
أنفسنا ، وهي قمة العقل .
بقلم – منصور سناطي
Mansoor sanaty@yahoo.ca