المحرر موضوع: كفى شـعبنا شـهداء وطوائف يا أهل الكلام !  (زيارة 1274 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Jamil Rafael

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 244
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كفى شـعبنا شـهداء وطوائف يا أهل الكلام !   
 
ــــــــــــــــــــــ
جميـل روفائيـل

     اعتـدت دائما أن أكتب بصراحـة ، ولكن هـذه المرة سـأكتب بصراحة وبعض الغضب . . وليرضى عني مـن وجـد فـي مـا أقوله حـق ، وليغضب مـن لايزال متشـبثا بآمـال الأقـدار وسـاكنا بانتظار أن يهـتدي الإرهابي أو هناك مـن يهدي المجرم إلى سـبيل الصواب بالغـفر لـه أو طلب الرحمـة منـه  . .

   بدايـة ، كان إنطباعي دائما عـن المطران بولس فرج رحـو ، أنـه يتميز بالرصانة والوقار والإنصراف بهمة إلى أمور دينـه وخدمة رعيتـه ، وأنـه اتخـذ مواقف إيجابية مع الكل ولـم يطلق كلمة سـوء ضد أحـد حتى تجاه الإرهابيين ، ولايوجـد لـديّ  مـن وسيلة أسـاعده سـوى البقـاء مع أمـل أن يظهر سليما مـن جديد بين رعيتـه ومحبيه ، وأن ينعـم الشـهداء الثلاثة الذين كانوا بمعيته بنعمة الـرب ورحمته وجناتـه الأبدية . 
 
     وثـمّ ، لقـد قاسـى شـعبنا من همجية صـدام وعنصرية بعثـه الكثير الكثير مـن فتـك الحروب وإعدامات وحـدات الجيش باتهامـات الجبـن والخذلان وهـدم القرى وتغيـير الطبيعة الجغرافية والسكانية في غالبية القرى والبلـدات التي لـم يتمكن مـن تدميـرها  مـن خلال  نقـل مجاميع مـن شـذاذ الآفاق أصحاب الرشـاشات والبلطـات والعصـي الحديدية  للإستـيطان  والذين لايزالون يتحكمون في عـدد منـها وكأنهـم سـادة أصلاء لهـا منـذ عهـود أكـد وآشور وبابل  ، وأهلـها أذلـة ( أهل الذمـة ) عليهم الطاعـة والخضوع وإلاّ  بيـع الموروثات والأملاك للسـادة المفـروضين والرحيل إلى  بقـاع الدنيـا الواسـعة . .   

        ولـو اسـتمر صـدام في السـلطة لعاميـن آخريـن لكـان ما تبـقى مـن قـرى الآبـاء والأجـداد قـد أصبح  أيضـا  مـن آلام هـذه الأيـام وذكريات الغـد ونسـيان الأحفاد الذيـن فقـدوا الديـار واللغـة والتـقاليد والتـأريخ وكـل الإرث في ديـار الهجرة  والغربـة  . . ولأصـبح شـعب أكـد وآشـور وآرام في سـجلات الشـعوب البائـدة ولغـة المسـيح وأفـرام ونرسـي وابـن العبـري ضـمن أوراق اللغـات المنقرضـة . 
     
   ولكـن أهل الكلام لايرونـه ولـم يسـمعوا بـه !  لا بـل كان البعض منهم  حتى في الكنائس لايتورع  عـن الطلب من الموجودين الصلاة لأجل طول عمر صدام ونصرته ، إضافة إلى الوسائل  الممجـدة لصدام وعدله وإحسانه للمسيحيين ، لأن الرئيس المؤمن باللـه صدام  جـدد بنـاء كنيسـة في القرية الفلانية ( غير مهتمين بأن القرية خلت مـن سكانها وأصبحت الكنيسة مهجورة بلا قس ولا مصلين ) أو أنـه أعاد تعمير الدير الفلاني ( ولا يهمهم أن الدير الذي كان يعـج بالرهبان والميتم والمكتبة العامرة وكثرة الزوار أصبح بقس وراهبين لاغير )  . . وإزاء هـذا وغيره كـان الأوفياء لشـعبنا يقـولون فيـما بينـهم : أي  مستـقبل سيكون لشعبنا عندما تتحكم بأمـره هكذا أفكار  ، حيث لا إهتـمام حقيقي  بحياة شـعبنا  وبقـائه  واستـقراره الـذي لـن يكون  إلاّ  بالتـركيز على حقيقتـه القوميـة وتجمعاتـه السـكانية والجغرافية .   

   ولا نريـد أن  نطيل ، لأنـنا لسـنا مـن دعاة البكاء على الماضي وإنـما جعله دروسـا وعبـرا ، وإن كنـا لانتطرق إلى آلامـه  جزافا وإنما لنـا شـهادات موثوقة ومؤكدة عنـه وجعبـتنا بحسـرة  تختـزن الكثير منـه  . .  نعـم ، إن آلامنـا جسيمة لأن لائحـة شـهداء شـعبنا التي بدأت منـذ فوضى الإحتلال الأميركي للعراق ( ولا نتحدث الآن على اللوائح الكثيرة السابقة لذلك ، لأنـنا نريد موضوعنا أن يكون مركزا على هذه الفوضى ) ظلـت متواصلة ولا تزال ولا نرى نهاية قريبة لهـا مـادام الإحتلال موجودا ومشـجعا للطائفية السياسية الدينيـة التي تناسب وجـوده  ( وهـو موجود إلى أجل غير منظور ) وأمور شـعبنا يتحكم بـها رجال لايزالون لـم يتخـذوا دروسا وعبـرا مـن تفجيـرات الكنائس وقتـل القسـس والمؤمنين ، مـن دون ذنـب غيـر هويتـهم المسـيحية . .

     ورغـم كل هـذا لايزال البعض ومـن مختلف طوائفنـا  لايريدون فيـنا غير ميسحيين مثل الأميركيين والإنكليز وأهل البرازيل ،  وليس شرطا أن يكونوا  مسـيحيين  في العراق مـا دامت أرض اللـه واسعة للمسيحيين  . . ويتـزعم   شـعبنا أشـخاص همهـم أن يتـفقوا دائما على أن لايتـفقوا في شـأن إسـم لشـعبنا حتى في برلمان المحاصصة الطائفية السياسية  في بغداد  ( الذي أخجل شخصيا منـه ومـن العلم الذي فرضه للعراق  بذريعـة المؤقت )  وإلى حـد لا يهمهم أن يخلوا  نص بيان الكتل البرلمانية الذي نشرته وسائل الإعلام مـن أي إشارة لوجود شـعبنا في العراق ، إذ يقـول ( . . مصالح كل المكونات الإجتماعية فيها ـ كركوك ـ مـن عرب وكرد وتركمان إستنادا للدستور . . ) أمـا شـعبنا الذي هو أقدم كل شـعوب أرض الرافدين الموجودة حاليـا  سـكنا  وحضارة ومجـدا  ، فهـو مهمـل ، وطبعا بفضل ( جـر الطول والعرض بيـن تبايـن  القـادة  حول التسمية القومية الرسمية لشـعبنا )  وذلـك على طريقة اللبنـاني الغريب الأطوار المتحالف مع حزب اللـه ضد شعبه المسـيحي ميشـال عـون الذي صـرح مؤخرا (غياب لبنان عن القمة العربية ـ  رئيس لبنان دائما مسيحي ماروني مثـله ـ  ما دام حضوره سيكون عبر  حكومة فاقـدة للشرعية ـ حسب رأيه فاقدة الشرعية ولـو أنها مسـتندة على أكثرية برلمانية   ) .

 
    وطبعـا يتوهم مـن يتصور أن الآخريـن هـم المذنبون في خلـو البيـان مـن ذكـر لشـعبنا ، المذنبـون هـم مـن شـعبنا الذين فضلوا أن يتركوه  مـن دون اسـم ، لأن   الإسـم القـومي الجامـع الشـامل لاينسـجم ومصالحهم  ، فانقسـموا بيـن مـن يريد لشـعبنا تسـمية ( مسـيحي ) أو على الأقـل ( سـورايا ) المرادفة واقعيا للمسيحي ، وآخرون يريـدون تكريس الأسماء الطائفية ( كلداني وآثـوري وسرياني ) . . وكسبيل لإحتواء هـذه الضجـة المفتعلة ، اقتـرح الأوفياء تسـمية جامعة  ـ على الأقـل رسمية لاتسـتثني أحدا  ـ في المؤتمر القومي في عنكاوا الذي انعقـد في آذار العام الماضي 2007  ( كلداني سرياني آشوري ) وانبثـق عـن المؤتمر هيـئة قومية غير سياسية ولا حزبية ولا طائفية باسـم ( المجلـس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ) ومـع هـذا فقـد أخذ الراغبون في التشتت مـن سياسيين وطائفيين بوضع العراقيل أمامه ويرفضون الإنضمام إلـى المجلس  بذرائع واهية مثل التبعية لفـلان وضم شعبنا لـذاك .
   
     أقـول بوضوح ، إذا اسـتمرت حالـنا على مـا كانت عليه بالأمس ولاتـزال اليـوم  ، فـأنا لاأرى غيـر بقائنـا متفرقين يتلاعب بنـا الآخرون قتـلا وتشريدا ومهانـة ، لأن الضعيـف لايمكن أن يحقق إنجـازا حتى لنفسـه ونهايتـه الزوال ، وحتى مـن يدعون أنـهم نمـور ، فحقيقتهم ( مـن ورق لاغير ) لأنـهم نمـور على شـعبهم فقـط . . لأن رجـال الدين يكونون أقوياء عـندما يكون مؤمنيهم أقويـاء متكاتـفين ، والأحزاب تكون قويـة عـندما يكون شـعبها موحـدا في مسـائله المصيرية . . وأسـأل أين نحن اليـوم مـن هـذا وذاك ؟ ولابـد مـن التأكيد أن شـعبنا قـادر على التمييز والفـرز والإختيار ، ولا أريد أن أسبق الأيام لكي لا أتـهم بالموالاة لهذا وذاك ـ على رغم أنني لـم أكن يوما مواليا لأحد  لا شـخصا ولا حـزبا سوى  شعبنا ومـن خلاله ـ بالتأكيد ـ ممتـنا  وداعـما لمـن أراه مفيـدا لشـعبنا شخصـا أو حزبـا أو صديقـا .

    ولكـي لا أطيل هـذه المرة ، كما أعتـدت عليه في كتاباتي ، فأقـول : القـوة  تعنـي أن نتـفق على قضايانا المصيرية ، وهي في المرحلة الراهنة الإسـم القومي والمنطقة الجغرافية التي تضمن إستـمرارية بقـاء شـعبنا وتحصين تجمعاته السكانية . . هـذه كلها لـن تتحقق إلاّ  إذا تجردت مـن النعرات الطائفية ومسمياتها والتخلص مـن الذين  يسـعون إلى مزجها بشؤون دينية أو مكاسب حزبية أو زعامـات مناطقية . .

    ولنبـدأ بالإسم القومي ، نحن جميعا نتكلم لغـة واحدة ونكتب ( بألب بيث ) موحدة  ويشـملنا تأريخ واحد سـواء كانت عاصمته أور أو بابل أو نينوى أو أورهاي أو نصيـبين . . ألخ وتراث وتقاليد وعادات وصولا إلى عظماء وشـهداء وأبرار وآلام ومآسـي هـذه الأيام ، ولا خلاف بينـنا إلا بالإنتماء المذهبي الذي تصاعد منـذ ثلاثة قـرون لاغير وخمـد ثـمّ بـرز مـن جديد في الأيام الأخيـرة لأسـباب غير خافية  ، وكلنا نعرف أن الديانات ومذاهبها حسـابها عـند اللـه ، فلماذا ندخلها هي ومتعلقاتها مـن أطر  تفسيرية ومسميات وقادة ورجال فـي الأمور القومية ومسمياتها التي لاعلاقة واقعية لهـا بـها ، الإلتـزام الديني والإنتماء السياسي مـن الأمور الشخصية ، لكن القومية هي رابطـة  وحدوية جماعية للمصالح المتوارثة والراهنة والمستـقبلية المشتركة ، ولـذا لها إطارها الخاص المصـان  تعاونيا وتضامنيا للمشتركين فيها ، ولذا فأولى مقوماتـها هو الإسـم المشترك ، ومادامت الخلافات قـد واجهت الإسـم القومي بأسباب الفرقة المتوارثة ، فما هـو الضرر أن نجمع الأسماء الأكثر إنتـشارا لقطع الطريق أمام الشـامتين ، مـن دون الإهتمام بماهيتها الطائفية أو التداولية أو الزمنية ، مـادام همنا توحيد الكلمة وجمع الشـمل وإنهاء هيمنة  الغرباء عن شعبنا المتصيديـن للعثرات ، وجعل الإسـم توفيقيا مـن ( كلداني سرياني آشوري ) ، ولماذا معارضة هـذا الإسم مادام رسميا ولايرغم أحـدا على التخلي عـن قناعاته المخالفة لـه في المجالات غيـر الرسمية .

    ونأتـي إلى الجانب الآخر القومي المصيري ، وهو المنطقة الجغرافية ، مناطق شـعبنا كانت بالأصل موحدة في محافظة الموصل إلى مـا قبل أقل مـن أربعين عـاما ، باستـثـناء تلك الموجودة في محافظة أربيل ، وجرى تقسـيمها بعـد إستـحداث محافظة دهوك ، وإذا أخذنا القرى الموجودة في محافظة دهوك فهي مبعثرة ومـن المستحيل إستقطاعها مـن محافظة دهوك وضمها إلى تجمع مـع  قـرى محافظة نيـنوى ، إذن لـم يبـق أمام شـعبنا إذا أراد التجمع غير إنضمام قراه في سـهل نينوى إلى إقليم كردستان ، وهو الحل الوحيد لجعل شـعبنا قويا موحدا في منطقة جغرافية واحدة ، سـواء مـن خلال محافظة أو منطقة إدارية أو حكم ذاتي أو كانتـونات ، لايهم شـكل الضـم وإنـما المضمون الذي يجمع شـعبنا المنقسـم حاليا بين محافظتي دهوك ونينوى .

   قـد يـرد معترض ، لماذا لانشكل إقليما أو محافظة مرتبطة بالإدارة المركزية في بغداد ، أقـول ، شـخصيا من حيث المبـدأ لست ضـد الفكرة ، ولكـن تنفيذ أي فكرة يتطلب وجـود مقومـات لـه ، الواقـع أن بلدات وقرى شـعبنا لاتشكل بمفردها منطقة جغرافية موحدة أو حتى شـبه موحدة ، إذ  كيف يمكن التقريب بيـن بلدات شعبنا وقـراه في قضاءي زاخو والعمادية ، وأيضا حتى في سـهل نينوى أين هو الربط بيـن خط تلكيف ( وإن كانت  تلكيف تقريبا خرجت مـن الحساب بفضل الذين باعـوا أملاكهم  للغرباء ورحلوا )  ألقوش ومـا يحيط بـه  مـن قرى لاعلاقة لشـعبنا بـها  مـن جهة ،  وخـط بغديـدا برطلة مـن جهـة أخرى ، إذن أي إقليـم أو محافظة يمكـن أن يشـكل شـعبنا مـن هـذا الواقـع الفاقـد للمقومـات  ؟ وبوضـوح أرى أنـه خطأ تأريخي الإقدام على عـزل أو إهمال أي منطقة شـعبنا كبيرة كانت أم صغيـرة .

    وأمـا مـا تتخيلـه فضائيات  وبيانات أحزاب واتحادات الذيـن يقبعـون في الخارج مـن أجل الكلام  عـن إلإقليم الممتد في مثلث بيـن الزاب ودجلة وقائلين إن مـن يرغب مـن غير شـعبنا أن يخضع فيبقى ومـن لايخضع يرحل ، فهؤلاء لاننـاقش خيالهـم ، لأنـهم على الأقل لـو كانوا مؤمنين بمـا يروجونه  للإستهلاك الخارجي ، لكانـوا عـادوا إلى ديارهم الكريمة والمجـال صـار فسـيحا أمام كل عـائد وسـاع مـن أجل شعبنا بوفـاء وإخلاص . . والأدهى أن هؤلاء ليس لهم غير الضجيج  ( غير الخاضع للضرائب ) ولـذا فلـم نسـمع أنهم سـاهموا بدولار واحد لدعـم صمود شـعبنا في الداخل .

   ومسـك الختـام ،  أن سـلامة شـعبنا هي في ترسـيخ وحدته القومية وتوحيـد منطقـته الجغرافية ، وفـي هـذا يكمـن الجـد والعمل والفرز المستـقبلي  ، أمـا أن نغفـر عـن الإرهابيين ونطلب الرحمة منـهم ونصلي مـن أجل هدايتـهم ونوقـد   الشـموع لنضئ لهـم السبيل الصائب . . فهـذا يمكن أن يكون كلاما عابـرا وليس العمل الذي يحتاجـه شـعبنا الراغب حقـا بالحياة والبقـاء والرسـوخ . . ومـن يبني مئـات  المساكن للنازحين مـن مناطق الإرهاب  ويعمر لإستـقرار عموم شـعبنا   ويسـعى لجمعه   وحمايتـه  مـن جرائم الإرهابيـن . . لـه كل الثنـاء وخلود الإسـم في تأريخ شـعبنا سـواء كان داخـل العراق أو خارجـه ، ومـن شـعبنا أو غيـره ، لأنـه مـن صنف العمل والإنتـاج  وليس مـن أهـل الكلام والفوضـى   .