المحرر موضوع: في الثامن من اذار دعونا نعرف ام فاضل  (زيارة 1039 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل BHA

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 12
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
في الثامن من اذار دعونا نعرف     ام فاضل

امراءة من الناصرية  معروفة جدا   قارئة للحسين في مجالس النسوة منذ بداية
الستينات في اجواء
يعرفها ابناء المدينة التي لاتهادن ,تقود نساء المحلة لمجالس الاستذكار الديني
للحسين الرمز الذي لانختلف عليه , وتنتظم مع الكثيرات ممن يفعلن ماتفعل وينشطن
مثل ماتنشط لالشيئ الا لانهن اعتدن على ذلك المسار الذي يؤكد قيمة الحسين
واثاره التي تعلم الناس معنى الشهادة من اجل المبادئ السامية التي تدافع عن
الحق والعدالة .
ام فاضل لها ستة اولاد واربعة بنات وزوج لايشق له غبار ,ابو فاضل ابن المدينة
البار وسليل تربية لاتهادن عالحق ,يشكل مع ام فاضل نموذجا للنقاء وعنوانا
للعائلة العراقية النبيلة ,ولان حديثنا عن ام فاضل فانني استميح الرجل عذرا في
انني لااريد ان استعرض تاريخه المشرف في الوطنية والنقاء .
استحقت العائلة كرامات عالية في اذهان الناس وقلوبهم على مدى العقود التي
عاشتها في شارع من شوارع الناصرية في محلة السراي منذ زواجهما الى حين انتقال
العائلة الى مدينة الحرية في بغداد مطلع عام 1969 بعد ان تخرج الابن البكر لها
فاضل من كلية الهندسة جامعة بغداد وبانتسابه الى وزارة الدفاع العراقية ضمن
برنامج الرعاية للوزارة للمجتهدين الفقراء ضمانا للاستفادة منهم بعد تخرجهم في
دوائرها .حزن الشارع والناس لفراقهم ,وكان فراغ بيتهم وسكن عائلة اخرى فيه يوما
حزينا على المحلة باسرها ,لكن عائلة نقية كعائلة ابو فاضل لابد ان تكون
استضافتها في الحرية فئلا حسنا على جيرانها وهذا ماكان ,اذ دخلت ام فاضل قلوب
الجميع وكانت بيرقا جميلا يرفرف على كل القلوب في المحلة , وكعادتها جمعت
اولادها وبناتها واطلقت في حضرتهم وصاياها التي لاتنسى ,نحن غرباء هنا وهذه
بغداد لكن الناس هم الناس ومن يكون طيب معهم سيكونون طيبين معه  .
مرت الايام واستمرت ام فاضل تسافر الى الناصرية في ايام عاشوراء لان مجالسها
هناك لاتجازف باستبدالها بملايات جدد وكبر الابناء والبنات وانتظمو في صفوف
الجهد الوطني النبيل وسارت الحياة كما نعرف وكانت ام فاضل موزعة الجهد بين
الحسين رمز الحق والعدالة وبين ابناء العدالة العراقيون الذين ينشدون بناء
المجتمع على اسس الحق واحترام الانسان فكانت غرف بيت ام فاضل على موعد مع
الشباب في اجتماعاتهم المنتظمة من خلال انتسابهم الى اتحاد الطلبة ورابطة
المراة , وكنا نجد في محياها وهي تستقبلنا في دارها البسيطة دافعا لاننساه
للعمل من اجل الوطن .
كنت حاضرا حين عرفت ام فاضل بانتساب اصغر ابنائها الى اتحاد الطلبة ,اجلسته
بيننا وقالت هذا الطريق اصعب من ان تختاره  واذا كنت مصرا عليه فانني اخبرك قبل
ان تعزم انه طريق صعب ولست مجبرا عليه فهذا الطريق لايدفع بك لمنصب ولا يوفر لك
المال بل اقول لك وانتبه انه طريق الموت  فاذا كنت داركا لكل هذا فكن ابن امك
وابيك واستمر .
وتزاحمت السنون باثقالها على العائلة وعلى ام فاضل تحديدا فكانت لها واستطاعت
ان تدير دفت القيادة في عائلتها بعد رحيل ابو فاضل ,وتخرج الكبار من ابنائها
وبناتها من الكليات العلمية في بغداد العلمية في بغداد مهندسين ومهندستين
واستمر الاكبر من ابنائها متدرجا في وظيفته العسكرية حتى اصبح من القادة
الفنيين العسكريين باختصاصه , وبدءت مءامرة البعث الخسيسة في اواخر السبعينات
من القرن الماضي باستهداف الوطنيين العراقيين من قوى اليسار وتحديدا الشيوعيين
العراقيين وانصارهم ,فكانت الانتكاسة الاولى احالة الابن الاكبر فاضل على
التقاعد واعدام اصغر ابنائها واغتيال الاكبر منه واستهداف منزل العائلة
بالمراقبة والتفتيش الدوري ومضايقة الجميع في كل مفاصل الحياة ,تستذكر ام فاضل
يوما اسودا من ايام البعث وهي كثيرة في ذاكرتها لكنه يوما له دلالاته حيث
استدعيت لدائرة الامن في الكاظمية واستجوبت عن زيارة لابنها المطلوب للسلطات
قبل اغتياله وكان فعلا في زيارة للعائلة قبل استدعائها بيومين فلم تنكر زيارته
واجابتهم بانه جاء للسؤال عنها وهي مريضة لكنها لاتعرف اين يختبئ , وبعد ايام
استدعيت مرة اخرى ليسلموها شهادة وفاة اصغر ابنائها معدوما ,عادت الى البيت
وقالت كلمتها التي لاتنسى , الان تاكدت من ان قاسم لم ينسى النصيحة في ان يكون
شجاعا ووفيا لرفاقة لان هؤلاء الانجاس لايعدمون الخونه, وبقى على عبد الهادي ان
يحذو حذوه ولااشعر انه سيكون اقل شجاعة من اخية ,وبعد سنوات تاكدت ام فاضل من
ان ذلك حدث ولم يستطع الجلادون ان ينالو من ابنها الاخر داخل العراق فاغتالوه
خارج البلد.
كل ذلك لم يثني ام فاضل على مواصلة الحياة فكانت نعم المربية ليس فقط لابنائها
بل لكل من تعرفهم ومرت السنون ولم تتراجع عن تفاؤلها في ان للبعث وصبيانه
وازلامه يوما لايجدون لهم فيه مهربا من المظلومين طوال عقود سطوتهم ,وكنا كلما
تخفت في قلوبنا جذوة الامل تنفخ فينا هواء التفاؤل كي تتجدد يقضتنا جمرا نتوق
به للحريةوالانعتاق من براثن الظلم البعثي المقيت حتى جاءت ساعة السقوط وانطلقت
الافئدة تشدو للحياة واطلقت ام فاضل ابتسامتها الحقيقية التي احتفضت بها سنوات
طوال ,وانطلقت تبحث عن اية معلومة توصلها لابنائها فاستدلت على قاسم من القائمة
التي ضمت 167 شهيدا للحزب وانتظرت شهورا لتتاكد من ان ابنها الاخر موجودا في
احد قبور الشهداء في طهران ,سافر احد ابنائها من فرنسا والتقى بها في طهران
ليحجو معا لقبر الشهيد في مقبرة طهران وتعود بعدها مطمئنة بان ابنائها الشهداء
لم يخذلوها ولم يساومو على المبادئ التي امنوا بها , ولتكون ام الشهيدين وهي
قانعة بان فقدانها لهم ليس عبثا بل فداءا للوطن كي يتحرر من براثن عصابات البعث
.
لكن كل ماقدمته ام فاضل لم يشفع لها امام عصابات الارهاب الجديد في العراق
,فبعد ان رفض فاضل العقيد المهندس في طيران الجيش والمحال على التقاعد من قبل
النظام الصدامي المقبور منذ العام 1982 استنادا الى انتماء اخوته للحزب الشيوعي
العراقي , بعد ان رفض اي وظيفة في الجيش العراقي الجديد لقناعاته بان خيارات
المؤسسين لهذا الجيش ليست مهنية بحتة بل طائفية مقيتة , اختطف على ايدي الارهاب
في ايلول 2006  ورغم دفع فديته للاوباش اغتالوه ورموه لام فاضل جثة
هامدة,تاركين لها فيها غصة لاتنسى,وبقدر ماكانت العائلة مفجوعة بهذا المصاب
كانت ام فاضل باعوامها التي تعدت الثمانين تحتضن الجميع وتواسي الصغير قبل
الكبير وتبث فيهم روح الجلد والصبر والتماسك.
هذه المراة التي لاتنسى مطلوب منا ان نتذكرها في يوم المراة في الثامن من اذار
لنقدم لها باقة ورد عراقية محفوفة بقلوبنا كي نرد لها بعض الذي علينا لها من
امتنان واحترام وتقدير,ولنقول لنسائنا بان وطننا العظيم العراق الذي انجب ام
فاضل ومثيلاتها لابد ان يحفز فيهن العطاء الثر والمتدفق من اجل بنائه من جديد
على الرغم من كل الدمار الذي تسببت به الفاشية البعثية وسنوات الاحتلال البغيض
ورغم كل ما تقوم به قوى الظلام .
تحية للام العراقية الاصيلة ام فاضل
تحية لكل نساء العراق المكافحات من اجل حياة افضل تحية لكل شهيدات العراق
والمجد للثامن من اذار عيد المراة العالمي

 بهاء هادي