المحرر موضوع: الشهيد عبد السلام يوسف قلو... مناضل من طراز خاص  (زيارة 2396 مرات)

0 الأعضاء و 2 ضيوف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Sahir Almalih

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 612
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الشهيد عبد السلام يوسف قلو... مناضل من طراز خاص
مازن يوســـــــــف
       
حدث هذا على الارجح ,في صيف عام 1965, عندما جئنا الى العاصمة, التي كانت بالنسبة لي المرة الاولى التي ارى فيها بغداد,  التي ساتعلق بها فيما بعد وتحتشد فيها ذاكرتي باحداث يصعب تجاوزها. ذات صباح , اعدت امي مايلزم للزيارة, واقلتنا السيارة الى سجن الحلة المركزي. هناك وجدت جمهرة كبيرة من الناس ينتظرون الزيارة. اذكر ان أمرأة ضخمة قامت بتفتيشنا, ثم وضعت ختما على باطن الرسغ للتمييز. في الداخل, شاهدت عدد كبير من الرجال, اتذكر امي وهي تقبل اخي .. واخي كان يقبلني. دارت حوارات لم تكن تهم ابن الست سنوات. أتذكر ان احدهم قد اعطاني قنينة سفن آب فضلت صورة اخي وقنينة السفن آب علامة فارقة في ذاكرتي ناهيك عن الاقترانات الاخرى.
كان سلام قد غادر القوش, التي ولد فيها عام 1940 الى بغداد, في منتصف الخمسينيات, حاملا الافكار الشيوعية, التي سربها ضمن مجموعة من الفتية, شماسا يدعى ابرم عما. ثم كانت ثورة تموز, ومارافقها من اضطرابات, طالت العديد من الشيوعيين في ايام قاسم لينتهوا الى السجون. ثم جاء الاضطراب الاكبر, في 8 شباط الاسود, وسلام مايزال في السجن, وسقط حكم القتله, ليبقى في السجن, حتي المجيء الثاني للبعث عام 1968, حيث اطلق سراحه.
ظل سلام امينا لتلك المباديء, التي علمه اياها ذلك الشماس, مواصلا العمل الحزبي بنشاط وتفاني, وكأن شيئا لم يكن. وصولا الى قيام اغرب تحالف سياسي, حمع الشيوعيين بقتله الامس, حيث بدء الرفاق الحلفاء فصلا اكثر شراسة ,وتهديما لبنى الحزب وقواعده, الامر الذي اضطر الشيوعيين معه الهبوط الى العالم السفلي, كما اعتادوا, لينتهوا الى المنفى او الاعتقال او الاستشهاد. كان توقيع اتفاقية التعاون مع السوفيت تستحق ان يعتلي فريقا من الشباب اعواد المشانق مرددين النشيد الاممي! دفاعا عن التحالف الجبهوي والسوفيت!!!  تلك التجربة , يمكن ان تعد واحدة من اكثر تجارب الشيوعيين العراقيين خسارة, حيث ظلت اثارها تلقي بضلالها على مسيرة الحزب حتى اليوم.
عام 1974 حصل على اجازة لمدة اسبوع, بمناسبة زواجه, لتعاني منه زوجته, بسبب انشغالاته المستمرة, التي بدأت تتفهمها مع الايام, ليترك العمل الوظيفي متفرغا للعمل الحزبي, عضوا في لجنة جبهة بغداد. وعندما بدأت الحملة تشتد على الشيوعيين, بدأ بالاختفاء, رغم ان فرص السفر الى الخارج كانت متاحة له بسهولة, لكنه رفض المغادرة. وبدأ العمل على جمع شتات ماتبقى من التنظيم الحزبي. كان شجاعا صلبا عنيدا لاتهزه الصعوبات. كان يمر علينا بين حين واخر للاطمئنان, مازلت اتذكر ايما قلق كان يساور امي, لاسيما واننا كنا نجاور مديرية الامن العامة.
التقيته مرتين في اكثر ايام بغداد سوادا. مرة كنت بصحبة صديق لايعرفه, لم يكلمني لكنه وبايماءة سريعة لي اشار ان لا اكلمه. مرة اخرى صادفته في حانة, رغم عدم مواظبته على الخمرة, لم يكلمني حتى وقع في قبضة السلطة, في احد صباحات صيف عام 1980, ليغادرنا طيلة هذه السنوات حتى دخول الدبابات الامريكية بغداد في 9 نيسان عام 2003  حيث عثرت على اسمه ضمن احدى قوائم المعدومين عام 1982 .كنا رغم معرفتنا بسلام, وحبه للقضية التي انتمى اليها بكل جوارحه مذ كان فتيا,  وثقتي من ان السوط لايمكن ان ينال منه,  ورغم طبيعة نظام القتله,  الا اننا كنا نمني النفس من اننا سنلتقي سلاما
سلام دموع امي التي لن تجف
وانتظارات زوجة هدتها سنوات الحزن
سلاما غصة الاصدقاء
 سلاما على ارواح شهداء العراق
وعلى روحك الطاهرة السلام.[/font]


غير متصل حبيب تومي

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1724
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
من تجربة الحيـــــــــاة ....
في لحظات من صيرورة الحياة ..
 تهب الرياح العاتية ، وفي متاهات الجبال والوديان والدروب .. هناك اصناف  من الأغصان والأشجار تتمايل مع الرياح ، وتتراقص على انغامها ، فتميل مع اتجاه الرياح ، وبعد ان تنجلي ويعود السكون والهدوء ، تعود الأغصان والأشجار الى سابق عهدها .
لكن هناك من الأشجار الراسخة الجذور ، الشديدة الصمود والثبات ، ولا تنحني لهذه الرياح مهما بلغ جبروتها وعنفوانها ، وهي تبقى صامدة ، وتؤثر الصمود والثبات وعدم الميلان مع الريح  .. الى ان تقتلع من جذورها .
هكذا كان عبد السلام يوسف قلو ، لقد كان كالشجرة الباسقة المتينة العملاقة التي تترسخ جذورها في اعماق تربة الوطن ولا تميل مع الرياح وتفضل الأقتلاع من الجذور على هذا الميلان .
ان تربة العراق قد سقتها ارواح هؤلاء الشهداء الذين كان تفكيرهم منصباً على التضحية بحياتهم من اجل الشعب والوطن ، وواحد من هؤلاء الشهداء الأبرار هو الصديق [ عبد السلام ] رحمه الله .
حبيب تومي / اوسلو في 18 / 6 / 2005