المحرر موضوع: عزلة ياكية  (زيارة 2182 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صميم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 226
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عزلة ياكية
« في: 17:21 16/11/2005 »




تنين العزلة الباكية

     بألم سأودع الحياة، وباجنحة الموت البيضاء سأطير، محلقا في سماء الحرية اللامدركَة ، وبدمعة ساحفر ذكرى وجودي في تاريخ الموت الصامت. وددت أن أسخر من بقائي؛ فأنا فريسة  تجمعت حولها نسور كوّرها الجوع، وباتت تشبه الانسان حين يطرق ابواب الذات النائمة. نسور تمزق اشلائي بمناقير  قدستها أزمنة التضور، تدعوني للقيامة حتى اختبر بصمت عذاب الجسد وهو يُمزَق.
    هلموا لنجدتي، يا معشر حكماء العصر. انها ليست نسور بل اشعة شمس التنين الهائل، انه يلاحقني في وحدتي، يذيب وجودي كذوبان الحديد في سعير النار، يمتص رحيق نشوى الحياة من قلبي كامتصاص الارض القاحلة لرذاذ المطر. لا أقوى على المخاتلة. أنه يقترب ويبتعد في لحظة تُسرمِد التاريخ كلعبة في ايدي الكلاب؛ يقدس وحدتي ويمرغني بترابها. يوهمني بسعادة منخورة الاساس. لم يكن بوسعي الا أن اجرب خطط المناورات، وأطرق أبواب مُنظرّي الاوهام، ولكن بلا جدوى !!

      التمست معونة سادة العصر والزمان، وليس من مفر، فهو قابع في ركن الحياة، يتربص انهيار صرح صيرورتي بعيون شاخت من النظر، كعيون التمساح. لم أتق يوماً الا للحظة فرح، وكأنها لحظة سبرت اغوار اللاوجود، وأمست حلماً لا تطأه سوى الافكار، يفوح بعبير أموات الاساطير، وابطال الشعوب المقهورة... شرعت أصلي صلاة الخطر،  تلك التي علقت في ذهني كما يعلق الطفل في احشاء المقر. طلبت الانقاذ واحسست بصغري أمام ذاك الذي يسمع. شرعت انادي:" يا من أخاف عليه من نجاستي، يا من أدعوه ليصلب من جديد، لا تجبني، فانا لا استحق!
    اطرق ابوابك في الخطر، وانت تطرق بابي كل لحظة تمر. ولكن ما العمل، فالتنين يقطن  تلافيف مسمعي ليهمس في اذني أغنية العبودية، يستوطن ملكَة بصري مُلاشيا ملامحك ويرسم بدلا عنها بالوان زاهية ملامح الوهته، ما فتأت تخدش قلب البصر. انك أسد يزأر، صوته يهز كيانات اثخنتها جراح الاغتراب، لكن نار التنين تحرق وتُلاشي. يا ملك السموات، أنا جيش كامل، قسمه التنين الى ارتال. وبات كل رتل يحارب في جبهة الاستقلال. فكيف يمكن أن تزاوج الارواح المترامية في كيان واحد. بل كيف تبلج النهار في قلب الليل الحالك، وتعلن اتحادا بلا انفصال. أنا ضعيف، وسابقى حتى بزوغ شمس الاصيل، شمسك الخافتة الضوء ، الصامتة الحضور، العظيمة الحرارة، لا تدفأ الجسد بل الذات، وتخزن دفأها في ذاكرة صامتة ... ولكن اين صوتك يا ملك السموات، لماذا انا الوحيد الذي يتكلم .أسمعني صوتك يا رب .. يا رب .. أين أنت !!".

أيتها الوحدة فارقيني، فانك منصة يتمسرح عليها سيد الاقدار، هروبي مواجهة، بقائي فرار ، فهل من قرار ؟ مللت اللحن الحزين، حين تتناغم حشرجة الفراغ مع صوت الكرب، صوت الحروب مع صوت السلام الممسوخ، والفى نباح التاريخ اهزوجة تعظم انجراحاته، وتمجد محاسن مزيفيه.. أين أنت ايها الفرح، أرني وجهك، لم تحملك سوى كلمات ينطق بها حكماء جِهال، كلمات تسبح في الاوحال، بلا واقع، بل على رمال.. كلها لحظات منفردة تصدر نغماً متوحدا، كانغام الكمان حين يبكي في عزلة باكية:" أين أنت يا رب ، أين أنت" !!

     قد قيل : " حين تحب لا تقل:"  ان الله في قلبي"، بل قل :" أنا في قلب الله". ولكن يا معشر الحكماء، انكم تنطقون بما تجهلون، هل يسمح التنين أن تعبدوا الها آخر سواه، هل يسمح بشريك يعتلي عرشه، ويسرق مقتنياته بمرأى منه. انكم صنّاع كلام، تتراوحون من رحم الى رحم، تبحثون عمن يغذيكم، ويكسيكم. فمنذ أن قذفتكم أرحام امهاتكم في رحم الارض الكبير وانتم تلعنون يوم ولادتكم، ولم تعرفوا معنى الشبع قط. تبغون عبادة الله، وانتم تسجدون للتنين في غلسة الليل، تقدمون له قرابينا باهضة الثمن ليست كمثل قرابينكم لله.
    سمعتم أنه قد قيل:" اذا اردت أن تصلي، ادخل غرفتك واغلق الباب وابوك السماوي في الخفية هو الذي يراك". نعم، نغلق الباب، ولكن ليس هناك الله بل تنين يحتضن اللحظة، يستر العيوب، يُلبس الوجوه البراقة، يُنشي الذات بخمر المحاسن. هكذا نحن البشر:

•   نمجد البطولة ونوهم البطل انه فرادة العصر والزمان، وانه سيد الاكوان، حتى يختنق بكبرياءه ويموت بنرجسيته، وفي النهاية نكتب على قبره ( هنا يرقد انسان عظيم، قدّس أفكار  مجتمع اعظم).   
•   نبني في سنين ونهدم في لحظات.
•   نبرر عيوب من نهوى، وندين محاسن من لا نهوى.
•   نبجل من لا يكترث لنا، ونتجاهل من يحرق نفسه لينير دربنا.
•   نقدس الحلول الجاهزة والكليشهات، ونُسكِت كل محاولة للخروج من المألوف.
•   نتظاهر بالتواضع، ونحن في الداخل نَئِد الايام التي لم تُجلِ اسماءنا كعظماء قد غيروا عجلة الزمن.
•   نعشق المفاهيم ونحترفها لنُسكت أفواه الواقع المتساْءلة.

   مساكين نحن البشر، نعاني، ونحن في قلب الجماعة، العزلة الباكية، فالتنين حقن دماءه في اجسادنا الفكرية، لتنتشر كسرطان هاديء: يُُتلف خلايا الفكر وهي تحتضن الله، في مجد شرع بالأفول أمام لاهوت التنين المؤنسَن، تتلف خلايا القلب، وهي تقلب مغارة الطفل المتسخة بفضلات الحيوانات الى قصر يليق بطفل التنين.
هل عرفتم من هو التنين؟
سؤال يطرح نفسه، ويحتاج الى تجسيد  ..
أنه الــ( أنا ).. فطوبى لمن يعرف من يعبد !




غير متصل نادين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 88
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: عزلة ياكية
« رد #1 في: 19:36 16/11/2005 »
الصديق صميم  ساطلب منك طلب اذا ممكن ان ترد عليه اكون من الشاكرين
هل انت من تكتب هذه المواضيع ام انها منقولة؟؟وان كانت كذلك فاتمنى ان تضع اسم الكاتب من فضلك....
لاني كل ما امر على مواضيعك تطير بعيدا عني العيون........ واحلق في فضاء عالم الرواية
وهذا السحر المتناثر.... في كل موضوع تطرحه فتذهب عني نفسي ولا تعود الى ان انتهي من الارتواء من هذا النهر الذي لا اتمنى ان يتوقف سيلانه  ؟؟فلم تطرح الا حقائق ؟؟نعم هذا هو الانسان........ ماتت فيه الروح واضحى حيوان مسخر لا يملك حتى الارادة ...يعرف الخير ولكنه يشتهي الشر يبحث عن قشور تزينه ويتناسى ان ماوهب له في لحظة خلقه ؟؟ومن دون عناء ؟؟لا يعادل  كل مايتمنى ويشتهي على ممر حياته؟؟ولكن مالعمل هذا هو حالنا نترك الغالي ونركض وراء الرخيص .... نترك الجوهر ونبحث عن قشور ومظهر؟؟ نعيش حياتنا في ركض مستمر ومن دون نهاية
ونعمل المستحيل لارضاء الذات ولاشباع الملذات بغض النظر عن الوسيلة ولو انهكنا التعب وسقطنا على اوجاهنا فلا يهم ......نسمع صوت الله ينادي تعالوا الي يا مثقلين ومتعبين وانا اريحكم  ولكننا نستلذ في هذا التعب المضني اكثر من الراحة لانها ستبعدنا عن حيواننا المدلل الذي نعيش العمر لنرضيه ونحقق له كل امانيه ؟؟
فترانا كالاطفال المدللين كل مازاد الدلال وكثرة النعم والمواهب كل مازاد تمردنا وضاعت اخلاقنا وعميت عيوننا ونسينا ان كل مانملك ليس الا منحة
من كريم وهاب ......يكثر الكلام في هذا الموضوع ولا استطيع ان ارسم له نهاية
لانه وبكل بساطة من دون نهاية ........

تحياتي واحترامي

نادين/امريكا



غير متصل صميم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 226
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: عزلة ياكية
« رد #2 في: 20:02 16/11/2005 »
عزيزتي نادين ...

    أشكرك على حسك المرهف، الذي سربلني في عالم العمق المكشوف المحجوب، مكشوف لأنه بلا قناع ومحجوب لأنه يحتاج الى سبر الأغوار...
   كم أتمنى أن أكون قنديلاً للاخرين، إن كان ذلك مجدياً وليس مؤذياً، وتدور الحياة وأرى أمامي القنديل، وأنا المُنار ولست المنير.
 أشكرك لأني رفعت القنديل بعد أن كان محجوباً.

    نادين، أنا من يكتب هذه الخواطر. كنت أكتبها وأحتفظ بها، قائلاً لربما سيأتي اليوم الذي تكبر فيه هذه الخواطر شيئا فشيئاً وتنضج. فمنذ نعومة أظفاري وأنا أعشق الخيال متمنيا لو احلق  في فضاءه كطائر يبحث عن السماء حيث العمق. كلها لا تتجاوز المحاولات.. وعن طريق الصدفة وجدت هذا الموقع، وأعجبني أن أنطلق من خلاله. وأنا بدوري وطنت نفسي على الكتابة لأنه لحظات جوهرية اتفقد فيها ما اضعته في الطريق. فلربما ألتقي بعمقي يوماً.

ولكني اتساءل : لقد كتبت ثلاث خواطر ( عمق يبحث عن الجمال" و " صراع الرغبة " و " حكمة على طريق الزمن ") ولكني لم أجدها في الموقع بعد فترة . ( هل يتكرر ذلك كثيرا أم قد حذفت لأسباب متعلقة بمسؤولي الموقع .

    المهم عزيزتي نادين ... أنا من يكتب هذه الخواطر وليس سواي.. شاكراً اياك على اهتمامك .. آملا التواصل والعطاء ..

صميم / روما 
       

غير متصل نادين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 88
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: عزلة ياكية
« رد #3 في: 21:14 16/11/2005 »
اشكر لك الرد على تساؤلي  
اما عن بقية الخواطر التي وضعتها فلم يسعفني الحظ ان اقراها كاملة لانها اختفت كما تقول وممكن ان يكون السبب حذف من الادارة بسبب تكرار المواضيع في ان واحد او لسبب اخر لا توجد عندي اي فكرة ولكن من الممكن ان تتوجه للادارية المسؤولة  الاخت ليلى برسالة استفسار وباذن الله ترى الجواب على تساؤلك؟؟
وقبل الختام اتمنى ان يكون زيت قلمك غني ووفير ليديم علينا نور هذا القنديل
الذي نورنا بنوره واسعدنا بحضوره

لك تحياتي نادين/امريكا


ghada

  • زائر
رد: عزلة ياكية
« رد #4 في: 12:35 15/07/2006 »
الأخ صميم

بينما اتجول في عتق المنتدى عزلتني كلماتك الصارخة الى آخر العمق و حررتني من اطنان من الاسئلة بل و قوتني لأواصل الحرب على الأنا..أرجو ألا تحرمنا متعة تذوق ما يلهمه الله بين أصابعك ..

تقديري

غاده

غير متصل صميم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 226
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: عزلة ياكية
« رد #5 في: 15:06 18/07/2006 »
عزيزتي الأخت غادة ...

    في ظلمة أضداد العصر، ودهاليز عالم اللاحس، ينبثق بصيص شمعة الأمل بضآلة نوره  ليحارب كل سلبية الظلمة. هل من جمال يساوي جمال الضعف حين يتحول الى قوة في قمة ضعفه. انا مدعوون كذلك أن نحارب بعزلتنا مهما لفها تنين القسوة الأنوية سطحية الخارج. ولنكن في قلب الفوضى روحاً يتأمل فرادته ...

   أشكرك من أعماق قلبي على كلماتك الجميلة المرهفة الحس، فقد مر زمان طويل ولم أطا أرض الموقع. بسبب الانشغالات وضياع كلمة السر.

    مع تحياتي وتقديري ..

   صميم 

غير متصل مهند الكانون

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2076
  • الجنس: ذكر
  • رغم إنَ أشرعة أيامي مُمزقة .. لكني سأبحر
    • MSN مسنجر - hanody_2@hotmail.com
    • ياهو مسنجر - hanody_2@yahoo.com
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: عزلة ياكية
« رد #6 في: 14:51 19/07/2006 »
الأخ العزيز صميم

لقد أبحرت فينا في بحر الذات في وقائع من مواجع الحياة

وغربلت ما يستطرق في داخلنا وخارجنا فعصفتنا بهذهِ الكلمات ...

وأرجو  أن نبتعد عن نار التنين لآننا فيها نحرق و نحترق ،، لكن ما زالت الحلول موجودة وبأستطاعت كل منا استأصال هذا الداء الذي  يقراء  من الجانبين    .. ا ن ا ..

لا أعلم أن كانت نظريتي صحيحة أم خاطئة لكن أشعر في هذهِ الكلمة فيها تتطابق من جوانب معينة مع العلم

حين ما قيل
(( العلم ينفخ و لكن المحبة تبني ))  هكذا هي كلمة أنا في رئيي .

مع كل المحبة والأحترام .


ليحميكم الرب
أخوكم / مهند الكانون
** الحب في معجم الروح هو : نبع ٌ ينضح في القلب .. يفيض بنا شوقاً ..  ويطوف بنا عشقاً **

غير متصل صميم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 226
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: عزلة ياكية
« رد #7 في: 13:15 20/07/2006 »
    عزيزي مهند ...

      اشكرك على ردك الجميل، وأؤيد مقصدك؛ فهو يحمل فكرة معبرة تفسر نظرتك للحياة وادلجتها اليومية .

    يرمينا الأنا في صمت أخاذ ساحر، فهو من يجرح ويداوي بالكيان، يزرع ويستأصل، يساند ويهدم، يلين ويقسي... هكذا دواليك،  حتى يغرقنا في تناقض لذيذ - مؤلم.  ولربما تمسي الحياة وبالا بلا هذا التناقض . ففي رأيي، علينا أن نتصالح مع مفاهيمنا التي ما فتأنا نغرقها  في ضحالة الحياة السطحية اليومية.  ونلجأ الى تأمل الذات في عمق ايجابية الأنا ، لانه نعمة وجودي أمام أصالة كياني، ومرآة كاشفة لكل مواطن ضعفي وقوتي تجاه نفسي ...


    يا مهند العزيز، اشكرك جدا على رأيك ، متمنيا لك المزيد من الابداع والتألق ...

   أخوك
صميم