المحرر موضوع: المعذرة ! فراس كان مسؤوليتنا أيضاً ..  (زيارة 1077 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Adib Isho

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 9
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                                                  المعذرة ! فراس كان مسؤوليتنا أيضاً ..




أديب إيشو






آلمني كما بقية أبناء شعبي الآشوري خبر مقتل الشاب هاني فراس في ظروف غامضة لا تبعث على الارتياح سيما و انها

حدثت في بلد لا تشوب سجله في مجال حقوق الانسان أي شائبة . و قد دفعتني حيثيات القضية لأن أتساءل و بعد عبارات

العزاء و المواساة ـ التي أصابها الإعياء لكثرة تداولها في قواميسنا الحياتية ـ ضحية من هو هذا الشاب ؟ و هل هي قضية

شخصية لا أكثر ، يمكن أن تحدث مع أي انسان و في أي بلد بغض النظر عن انتمائه و هويته ؟ خصوصاً اننا بدأنا ندخل

و بامتياز / شئنا أم أبينا / في عالم مجنون تشحنه و تجره ثقافة الفوضى إلى ركب العصور القديمة .


قد نتفق و نختلف في أبعاد و حيثيات هذه القضية و خصوصاً ان أعصاب الجميع باتت مرهقة و حالة الإحتقان التي يعيشها

الشعب الآشوري بمختلف انتماءاته وصلت إلى مرحلة أقل ما يمكن أن يُقال عنها انها { مَرَضية } . و يكفي إلقاء نظرة

على المشهد الآشوري بكل مفاصله ، حتى ندرك أننا بحاجة إلى أشواط طويلة لعقلنة خطابنا العام و آلياته العقيمة .

إذاً دعونا نتساءل بهدوء :  ضحية من هو هذا الشاب ؟

هاجر هذا الشاب من بلاد تيقّن و هو شاب من ان لعنة / مصطلح الأقلية / سيلاحقه من المهد إلى اللحد ، و ازداد يقينه و

اصراره بعد ان جاءته الأخبار من بلاد المهجر بأن الكرامة التي لطالما بحث عنها في أرضه و أرض أجداده ، سيجدها

في بلاد لم يطأ أرضها الانبياء و لا ادعى شعب من شعوبها بأنه خير أمة و لا ادعى آخر بأنه شعب الله .

هاجر من بلاد لدي عنها من الأخبار اثنين و بشهادة أهلها ، أحدهما فضيحة و الآخر شبه فضيحة ، لكن جرائم الشرف تقع

لسبب آخر ، كأن تستمع فتاة لدقات قلبها و تعشق من تريد ! . أما أبطال هذه الجرائم فقد فاتهم قراءة هذه الأخبار . لماذا ؟

إليكم الأخبار :

ـ يقول تقرير التنمية العربية للعام 2002 ان مجموع الكتب التي تُرجمت إلى العربية خلال 12 قرناً من الزمن يكاد يوازي

ما تترجم اسبانيا " أقل دول اوروبا / الغربية / تقدماً " في خلال عام واحد ! .

ـ تقول المنظمة العربية للثقافة و العلوم ان عدد الأميين في العالم العربي سيصل إلى 70 مليون شخص خلال سنة 2005  !

الحديث هنا يشمل أمية القراءة و الكتابة [ للتنبيه فقط ] .


حمل فراس كتابه المقدس و هجر أرض الأنبياء قائلاً : لا كرامة لإنسان في وطنه . وقع في دفتر الإغتراب :

لسنا بأنبياء و زمن المعجزات قد ولى . كنتم السابقون و نحن اللاحقون .



ماذا حدث بعدها ، و لماذا ضاعت حياته بين هذا الكم الهائل من دساتير حقوق الانسان ؟

أين كانت المنظمات الإنسانية ؟ هكذا تساءل الجميع و هو سؤال مشروع . لكن ليعذرني جميع من تساءل ، فلدي تساؤل

مشروع أيضاً و إجابة قد تفتح و تُقلب المواجع أكثر مما هي ......

من المفروض ان هذا الشاب هو مسؤولية المنظمات الآشورية المنتشرة في أوروبا ، و حتى إذا ما كانت هناك جهود

شخصية قد بُذلت في هذا السياق ، فإن هذا لا يلغي و لا يمنع من التساؤل و بشفافية :

لماذا يدفع الشعب الآشوري الثمن مرتين ؟

المرة الأولى بهجرته من موطنه بعد ان يأس سواء من سياسات جيران الرضى أو من سياسات الأحزاب و المنظمات

الناطقة باسمه .

المرة الثانية في بلاد الاغتراب حيث فرضت المنظمات الناطقة باسمه غربة من نوع آخر بتخليها عن واجباتها الأساسية

بمتابعة أخبار الجالية الآشورية و خصوصاً الوافدين الجدد ، بل بقيت و بكل أسف أسيرة المناخات الضيقة التي حملتها

معها بلا زيادة أو نقصان . و هي لم تستفد على الإطلاق من هامش الحرية المتوفر في المهجر و لهذا السبب نجد ان الفكر

السياسي الآشوري لم يتمكن من الإرتقاء بنفسه رغم كثرة التجارب و الأخطاء و التي ألبستهُ في النهاية ثوباً ممزقاً ضعيفاً

مرناً في تعامله مع الآخر و متخشباً و صلباً مع ذاته .



اليوم لا تكاد تخلو التصريحات من كلمة عقبات . و أي كان السؤال الموجه لمسؤول ما أو جهة معينة ، فإن الجواب سيأتيك

على الشكل التالي : نحاول تذليل العقبات قدر الأمكان ! و لهنري فورد جملة معبرة بهذا الشأن إذ يقول : " العقبات هي تلك

الأشياء المخيفة التي تراها عندما تبتعد عيناك عن الهدف " .

الخطاب الآشوري و بمختلف توجهاته ابتعد و منذ وقت طويل عن الهدف .. عن الانسان الآشوري الفاقد لمشروع واضح

المعالم يكون حماية و ضمانة له في أوقات الأزمات ، و هل هناك أكثر من هكذا أزمة ؟و ليعذرني جميع المتفائلين بمستقبل

مشرق للمنطقة التي يسكنها الآشوريين : العراق / سورية / ايران / تركيا / لبنان . فهي دخلت في مشروع زلزال تقوده

إدارة محافظة لن تتراجع قيد أنملة عن تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد و الذي يحمل ضمنه مشاريع متعددة تبقى رهناً

لتطور و مجرى الأحداث و هذا ما يفسر قول البعض و من داخل الولايات المتحدة نفسها بأن كل السيناريوهات واردة و كل

الاحتمالات مفتوحة .



و يُقال أول الغيث قطرة ، و قطرات المرحلة العراقية و بكل ديمقراطيتها لم تبشر حتى الآن  سوى بذات الموال القديم

[أكثرية و أقلية ] .
و حتى في سورية التي تأنّ تحت الضغوط الأمريكية ، فقد جاءنا الغيث ملوثاً بعض الشيء ، فها هي المعارضة السورية

تكشف بعض من أوراقها في بياناتها و اجتهاداتها الأخيرة ، حيث قرأنا و ذُهلنا بمسودة دستور اقترحها المعارض النشط

مأمون البني و فيها يعود إلى ذات النغمة [ أكثرية و أقلية ] و التي تعكس ازمة ثقافة تعيشها المنطقة برمتها . و عندما نقرأ

تصريحاً آخر لرياض الترك الزعيم الشيوعي الذي أمضى قرابة 20 عاماً في السجون من أجل مواقفه و مبادئه ، يحق لنا

ان نقول يالها من أزمة ! التصريح يقول : " الاخوان المسلمون هم أكثر التنطيمات السورية تنوراً ! " نوّرونا و ضعوا

اسماً لهذه الأزمة ؟!.



ان وقف نزيف الهجرة في هذه الفوضى ـ القديمة الجديدة ـ يبدو ضرباً من المستحيل ، غير متناسين الأخطاء و الهفوات

الأمريكية و التي تزيد من الهستيريا الدينية و نتائجها المدمرة و لا سيما على الطرف الأضعف أي / الأقلية / . و المزيد من

اللامبالاة  من قبلنا في التعامل مع المستجدات و الأحداث المتسارعة سيجعلنا نستخدم قواميس العزاء و المواساة لا أكثر .






ألم يحن الوقت ؟

بين الحين و الآخر تصدر من بعض الأحزاب و العاملين في الشأن القومي مبادرات تستحق المناقشة و التفكير .

حزب شورايا و في إحدى دورياته التي يصدرها تحت اسم * رأينا * و تحديداً في العام الماضي طرح موضوعاً غاية في

الأهمية و قد حمل عنوان : ألم يحن الوقت لقيام حكومة آشورية في المنفى ؟

و بغض النظر عن الآلية المقترحة لتفعيل هكذا مبادرة ، فإنها و بكل المقاييس تعكس رؤية سليمة و صحيحة للعمل القومي

المشترك . و المطلوب من كافة القوى الآشورية أخذها على محمل الجد و دعمها لما لها من انعكاسات ايجابية في الساحة

الآشورية .

ان قيام هكذا حكومة سيعطي بعداً دولياً للقضية الآشورية المنسية في خزائن الامم المتحدة ، و سيعطي زخماً قوياً لأبناء

الشعب الآشوري في المهجر و سنداً قوياً للمتواجدين في أوطانهم . أما تجاوز الأزمات و لا سيما المفتعلة منها فستكون

بالتأكيد إحدى مهام هذه الحكومة و إذا ما ضمت جميع  أطيافنا ، فستكون مهمة غير عسيرة .




من حق الجميع ان يسأل : أين كانت المنظمات الانسانية ، لكن قبل هذا لنسأل أنفسنا : ماالذي قدمته منظماتنا لفراس و غيره

وهم في مجاهل الطرقات باحثين عن متنفس يبرزون فيه هويتهم التي هُمشت و بيد ذوي القربى أولاً ؟ . و الذي يعرف

المنظمات الانسانية المنتشرة في أوروبا و في العالم ، يدرك ان أغلبها يعمل وفق توجهات معينة . و هي غالباً ما تكون

ممولة من قبل بعض الجماعات الدينية الثرية و المتحكمة في الخطوط العريضة لسياسات تلك المنظمات . و هي نادراً ما

تقدم يد العون في / المسائل الحرجة / إلا إذا كان الشخص المعني قد خرج حتى من ثيابه و ركب إحدى موجاتهم الدينية ، و

نال رضى محافلهم ! .

ثوب فراس كان الآشورية . و ضياعه كان مسؤوليتنا جميعاً ، و جميعنا مطالب الآن بإنقاذ البقية و بالأخص أولئك الذين

يهاجرون بشكل غير شرعي حيث ترفضهم أغلب المجتمعات ، لتبدأ بعدها رحلة من المعاناة و الألم ، تنتهي إما حزينة

كما انتهت حياة هذا الشاب " و للموت أكثر من شكل " أو تنتهي بانضمام الكثير لمجموعات و مؤسسات غريبة عن هويتنا

و ثقافتنا و تلك مصيبة أخرى .


أما تعبتم من الحزن و المواساة و من هذه اللعبة و قوانينها ؟!

 متى نسمي الأمور بأسمائها و نلتفت لمشاكلنا الحقيقية ؟ أم ان مقتل شاب لا يساوي في حساباتنا السياسية الشيء الكثير ؟

المعذرة ! لا زلت أعتقد ان فراس كان مسؤوليتنا بالدرجة الأولى مهما كانت أسباب رحيله و ضياعه .