المحرر موضوع: الذكرى الثلاثون لاستشهاد الطالب الشيوعي جمال وناس  (زيارة 904 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Rabiea A H

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 6
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الذكرى الثلاثون لاستشهاد الطالب الشيوعي جمال وناس

 

د. أحمد الشيخ أحمد ربيعة

 

تمر هذه الأيام  الذكرى الثلاثون لاستشهاد الطالب الشيوعي جمال وناس، الطالب في كلية زراعة – جامعة البصرة. ورغم هذه السنين الطويلة التي مرت إلا أنها لم تلق بغبارها على صورته والتي   ستبقى كما هي حية وصافية في عيون رفاقه وأصدقائه اللذين عرفوه وزاملوه، جمال الذي كان عضو في اتحاد الطلبة العام وعضو الحزب الشيوعي العراقي (ستار)، المنحدر من عائلة كادحة والقادم من مدينة السماوة الى مدينة البصرة للدراسة في جامعتها والتي سبقتها إليها أخته سهام الطالبة في كلية الهندسة، كان يحلم كالآخرين أن يشق طريقه في الحياة بالحصول شهادته الجامعية وليكن عونا لعائلته وان يكون نافعا لشعبه ووطنه. كان جمال في مطلع العشرين من عمره، شابا وسم الطلعة ذا سمرة عراقية جذابة، تترسم على وجهه شامة تترك أثرها في عين الناظر إليه، هادي الطبع،خافت الصوت، ذا قامة مائلة الى الطول، ضعيف البنية.

في تلك الأيام السوداء  كان قدر كلية الزراعة أن يتواجد فيها عدد من أن الكلاب البعثية المسعورة، فعلى مستوى طلبتها كان أبرزهم عادل  عطا الله من الفلوجة ومسلم طاهر من القرنة ومحمد زونه من البصرة، الطالب الذي كان مبعوث للدراسة في مصر والمطرود لاحقا منها  لنشاطه المخابراتي ، وأميرة كاظم الطالبة والأستاذة لاحقا ولحد الآن في قسم الإنتاج الحيواني في كلية زراعة البصرة وغيرهم من كلاب السلطة، إضافة لعدد من أساتذتها من البعثين المسعورين، وعلى مستوى المحافظة والجنوب كان يقود المكتب الطلابي شخص يدعى أبو رويدا، وهو شخص غير معروف بين أوساط الطلبة او البصراويين، ربما كان يحضر بعض الامتحانات في كلية العلوم ، يشاركه مجموعة من السفالات مثل محمد حسن رئيس الاتحاد الوطني في البصرة والجنوب وبشار حربي سبتي – طالب كلية العلوم وعضو المكتب الطلابي في البصرة والجنوب والأسير اللاحق في إيران والمحو سم بعد سقوط النظام  ورجل الأعمال الحديث العهد في ديترويت. وكان هذان الأخيران من البصرة دفعتهم ظروف حياتهم الرثة والمحبطة إلي أن يجدوا في البعث ومنظماته الأمنية طريقا سهلا لتحسين أحوالهم

لقد حول هؤلاء إضافة لأسماء أخرى الحياة الجامعية في جامعة البصرة وبالذات في كلية الزراعة ولاحقا الإدارة والاقتصاد الى نوع من المرارة التي تجرعها كل من كان خارج إطار منظمات النظام الساقط من مستقلين أو شيوعيين أو إسلاميين وحتى الطلبة العرب. فلم يكن مستغربا أن جري إعدام طالب فلسطيني يدعى تيسير بشكل سري بحجة علاقته بالمخابرات الأردنية، ثم اغتيل جمال وناس ومن بعد قتل بالضرب وبنفس الطريقة طالب من حزب الدعوة كان قد عاد الكلية بعد انتهاء محكوميته ولأسباب سياسية في السجون العراقية.

يؤرخ مقتل جمال وناس بداية الحملة السافرة ضد الشيوعيين والديمقراطيين في الجامعة وفي البصرة ولاحقا في عموم العراق. فبعد مقتله أخذت الحملة شكلها السافر ولتمتد بعد ذلك لتشمل أيضا أعضاء حزب الدعوة. فبعد جمال اعتقل وحكم بالسجن   على الشهيد عصام عبد الشهيد من قسم الأسماك من مدينة الفاو مع  أبيه وأخوية بعد أن تصدوا ببطولة لرجال الأمن الذين حاولوا اعتقالهم وقد أذاقوا رجال الأمن بما يكفي من الضرب وتبع ذلك استشهاد العامل الشيوعي البطل حميد عاتي تحت التعذيب وبعدها جاءت إعدامات العسكريين أل 31 من الشيوعيين وأصدقائهم وبنفس الفترة امتلأت زنازين امن البصرة بعشرات الشيوعيين والذين لم تكسر صلابتهم وصمودهم وحشية وصلافة الجلاد أحمد الخفاجي معاون مدير أمن البصرة. ومن ينسى ذلك التحدي والإضراب البطولي لهؤلاء المعتقلين وبالذات أستاذ الرياضيات والفيزياء علي عبدا لواحد الذي اضرب لمدة 57 يوم عن الطعام وعبد الباقي شنان (47 يوم) والنقابي الشيوعي ناصر الثعالبي (45 يوم). من ينسى تلك البطولة لهم ولغيرهم من المعتقلين حين كان صمودهم يفجر بركان التحدي والنضال.

تعرض جمال وناس للمضايقات والاستفزازات الفجة داخل الجامعة وخارجها وبشكل متواصل منذ نهاية 1977، ورغم هذه السنوات الطوال لم أجد مايبرر هذا السلوك العدواني ضده سوى استغلال ضعف بنيته وهدوءه. مما شجع هولاء الجبناء في المواصلة في سلوكهم العدواني ضده. واستغل قسم من هولاء القتلة استضافة جمال لأحد أقربائه في القسم الداخلي لكي يستدعوه لأحدى غرف القسم الداخلي المخصصة لهم ويكمموا فمه بأياديهم وانهالوا علية ضربا وبالذات في منطقة الرأس وبقسوة وجبن معهودة عند البعثيين وأشباههم، ولم يتركوه حتى فقد وعيه ونزف من أذنيه. وبسب التدهور السريع في وضعه الصحي ترك الجامعة عائدا إلي أهله في السماوة. بعض الاختصاصيين ربط بين الضرب الذي تعرض له وتدهور وضعه الصحي ولكن من يجرئ على تثبيت ذلك تحريريا في زمن النظام الساقط. وبعد ما يقارب الثلاثة أشهر توفى جمال وحتى في نزعه الأخير كان جمال يردد أنهم قتلوه ويردد أسماء القتلة  وكلهم كانوا طلبة في كلية الزراعة وهم:

عادل عطا الله وهو بعثي قذر وطالب فاشل لولا انتمائه البعثى لما استطاع الاستمرار في الدراسة، من الفلوجة،  معروف دوره المخابراتي

 2- علي وناس – من الديوانية- قضاء عفج- حصل على رتبة نقيب أثناء الحرب العراقية الإيرانية- هرب الى رفحا بعد الانتفاضة- يقم حاليا في السويد أو الدنيمارك.

3- علي الجابري من بغداد

4- صباح محسن نجم من السماوة يقيم حاليا في كندا.

قدم جمال شكوى الى العمادة ولكن جرى تجاهلها من قبل العميد الدكتور محمد- خريج بلغاريا في الإنتاج النباتي والذي كان نفسه من قيادات البعث وتعاون مع الأمن في محاولات الاعتقال التي جرت للطلبة الذين فضحوا الجريمة أو الاعتقالات اللاحقة. وكانت له مقولة مشهورة بان رجال الأمن تابعين لمؤسسة تأخذ الطالب من اجل إعادة تربيته ويقال بان الأمن في سنوات لاحقة إعادة تربية هذا الدكتور والقيادي المتقدم والقديم في البعث.

قام بعض الطلبة الشيوعيين بفضح القتلة وما جرى أمام الطلبة، وقدم أربعة منهم لمجلس الكلية من اجل فصلهم من الكلية وهم جلال جهاد من السماوة وكاتب المقالة وثورة احمد الاسدي ورحيم، وتعرض اثنان منهم لمحاولة الاعتقال ثم طوردوا لاحقا. وكان للطالب الشيوعي جلال جهاد المقيم الحالي في النرويج وكان صديقا قريبا لجمال، موقف بطولي مشهود حيث أعلن أمام كل طلبة القسم الذي يدرس فيه وبأعلى صوته متحديا زمر البعث والاتحاد الوطني بأنهم من قتل جمال وناس وبعد عدة محاولات اعتقال افلت منها، جري اعتقاله بسب موقف سياسي بائس اتخذه الآخرون واعتقل لفترة طويلة في الأمن العامة من اجل تقديمه لمحكمة الثورة السيئة الصيت باعتباره شتم البعث وبشكل علني أمام الطلبة وتهمة كهذه كانت تعرضه لحكم الإعدام أو الحكم المؤبد في أفضل الأحوال، ولو تدخل عائلته المتمكنة ماديا وتقديمهم الرشاوى لكن في خبر كان.

كانت تلك الأيام السوداء تطبق على الطلبة الشيوعيين والديقراطين ثم طالت الاسلامين وكل العناصر الوطنية الشريفة والمخلصة لاحقا وبقى أولئك الأنذال والقتلة والباحثين عن مجد مفقود وغيرهم من تلك الحثالات يصفقون ويهتفون للموت والجريمة والفاشية الى أن عصفت رياح الموت والدمار بكل الوطن والشعب ودفع قسم من هولاء حياتهم الغير مأسوف عليها نتيجة سياسة النظام الساقط والذي ردحوا من اجله طويلا. ورغم هذه السنين الطوال يبقى التاريخ ينظر الى قتلة جمال وكل قتلة الشعب العراقي بعين العار والجريمة. فهل يتعض الحاكمون الجدد وغيرهم من العابثين بالعراق وشعبة مما حدث.