المحرر موضوع: بيان بمناسبة رأس السنة الآشورية (الاكيتو)  (زيارة 1823 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل A D O

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 129
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المنظمة الآثورية الديمقراطية
المكتب السياسي
                                 بيان بمناسبة رأس السنة الآشورية (الاكيتو)
                             
يحتفل شعبنا الكلداني السرياني الآشوري في الأول من نيسان من كل عام بواحد من أعياده القومية، عيد رأس السنة الآشورية البابلية (الاكيتو). حيث كانت تقوم في الماضي احتفالات كرنفالية ضخمة يشارك فيها الملوك والكهنة وكافة فئات الشعب في بابل ونينوى وكافة مدن ما بين النهرين، تتخللها طقوس وشعائر تختزن في ثناياها فلسفة وأساطير شعبنا الدينية ورؤيته للحياة والوجود، وبما ترمزه إلى معاني الخصب والتجدد والعطاء. وبعد اعتناقه المسيحية حافظ شعبنا على إرثه الحضاري، وتمثل بالقيم والمعاني النبيلة عن الوجود القومي، وتعلقه بالحياة وعمق تجذره بأرضه ووطنه.

لقد جاء نيسان هذا العام في بلاد النهرين حيث وضع شعبنا منظومة الزمن قبل 6757 عاما في عاصمته بابل، مجللا بالحزن، نتيجة لاستمرار مسلسل القتل والتهجير بحقه على أيدي جماعات الإرهاب والقتل والتكفير المتسترة بعباءة الدين، في ظل عجز تام للسلطة العراقية وقوات الاحتلال في فرض الأمن والاستقرار في ربوع العراق الجريح، وفي توفيره لأبناء شعبنا المسالم، الذي يتعرض لهجمة شرسة لم يشهدها في أحلك الظروف التي مر بها، في خطة خبيثة تنفذها قوى ظلامية تهدف لاقتلاعه من جذوره وإجباره إلى مغادرة وطن آبائه وأجداده. سقط من جراء هذه الهجمة مئات الشهداء من أبناء شعبنا، وجاء استشهاد المطران مار بولص فرج رحو الذي دفع حياته مع مرافقيه الثلاثة ثمنا لصموده ووقوفه مع أبناء شعبه في نينوى الجريحة، التي مزقتها سيوف الإرهاب المسلطة عليها ليمثل ذروة المأساة، وليلقي الضوء على المحن والمعاناة التي يكابدها شعبنا والمسيحيون عموما وأبناء الأقليات الدينية الأخرى كالصابئة واليزيد, ويكشف عن فداحة الأخطار التي تتهدد وجودهم في العراق الممتد لآلاف من السنين. وهذا يتطلب تحركا عاجلا وتدابير جدية من الحكومة العراقية والمجتمع الدولي من أجل حماية شعبنا فيه من خلال إحداث منطقة ملاذ آمن في مناطق تواجده، وخصوصا في سهل نينوى، ريثما يعود الأمن والاستقرار إلى عموم العراق.

أما في سوريا وحيث كانت الآمال معقودة على انفراج في الحياة السياسية وانطلاق حوار وطني يشمل جميع القوى الوطنية في السلطة والمعارضة الوطنية الديمقراطية، لجأت السلطة للأسف إلى الحلول الأمنية لمعالجة الأزمات السياسية والاجتماعية، بدأ باعتقالات طالت العديد من الشخصيات القيادية في إعلان دمشق والتضييق على كافة الأنشطة السياسية. وصولا لإطلاق الرصاص الحي على تجمع احتفالي لشباب أكراد في أحد أحياء مدينة القامشلي عشية عيد النيروز ومقتل ثلاثة منهم وجرح آخرين، وهو فعل مدان لا تبرره دعاوى الشغب والخروج على النظام العام، وكل ذلك زاد من الاحتقان في المجتمع. وفي ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد، ومنها تردي الحالة المعيشية في ظل موجة الغلاء الأخيرة التي بلغت مستويات أرهقت كاهل الناس وخصوصا الطبقات الشعبية، أضحت البلاد بأمس الحاجة لإنفراجات حقيقية بدلا من زيادة التشنج والاحتقان، ويتطلب ذلك برأينا المزيد من الانفتاح وتحمل كافة الأطراف في السلطة والمعارضة وهيئات المجتمع المدني لمسؤولياتها في إطلاق حوار وطني يقود لإصلاحات حقيقية في البلاد باتجاه إشاعة الحريات العامة، وإطلاق سراح سجناء الرأي وطي ملف الاعتقال السياسي، وتعميق مفهوم الشراكة الوطنية بين كافة مكونات المجتمع السياسية والقومية والدينية، بما يحقق العدالة والمساواة ويرسخ مفهوم المواطنة، ويحصن الوحدة الوطنية تجاه الأخطار التي تتربص بالبلاد.

وفي تركيا وبعد سنوات طويلة من الظلم والاضطهاد والتمييز القومي والديني طالت شعبنا، وآخرها جريمة الإبادة الجماعية (السيفو) التي ارتكبتها الحكومة التركية بحق شعبنا والشعب الأرمني خلال الحرب العالمية الأولى والتي راح  ضحيتها نصف مليون من المدنيين الأبرياء من أبناء شعبنا، وطرد وتهجير البقية الباقية من أراضيه التاريخية، لا بد لها من التصالح مع ماضيها وذلك من خلال اعترافها بهذه الجريمة، وما يترتب على هذا الاعتراف من تبعات وفق أحكام القانون الدولي، من حق العودة والتعويضات واستعادة الأراضي والممتلكات وواجب الاعتذار.

وفي المهجر أظهرت قوى شعبنا ومؤسساته وأحزابه خلال العام الفائت، قدرة وحيوية مميزة على التفاعل مع قضايا شعبنا في الوطن بشكل عام والعراق بشكل خاص والدفاع عنها، وتمكنت من رفع صوته ومعاناته إلى منابر صناعة الرأي العام  الدولية، وتجسد ذلك في العمل السياسي والمؤسساتي المنظم، والتظاهرات والتحركات الشعبية المختلفة.

إن شعبنا يعتبر عيد رأس السنة البابلية الآشورية (الأول من نيسان) بما يحمله من مضامين إنسانية نبيلة، رمزا وتجسيدا لوجوه القومي وتطويره، ويثق بأن جميع شركائه في الوطن حريصون على استمرار هذا الوجود، لهذا فهو يدعو إلى جعل الأول من نيسان عيدا وطنيا تتجسد من خلاله حقيقة الأخوة والشراكة والتنوع، ضمانا لاستمرار رسالته الحضارية والإنسانية، والتي عبرت عنها أبلغ تعبير كلمات المطران الشهيد مار بولص فرج رحو:" نريد أن نبني السلام، نريد أن نبني الوطن، الوطن لنا ونحن له، نبقى هنا والأرض أرضنا، ليس لنا أعداء ولا نحمل حقدا على أحد".

فلنجعل من خروجنا جميعا للاحتفال في الطبيعة شهادة لوجودنا ودعوة من أجل الحياة، وصرخة استنكار في وجه القتلة وجماعات الإرهاب أعداء الإنسان والإنسانية. وكل عام وأنتم بخير.

سوريا أواخر آذار 2008 ميلادية
                  6757 آشورية                                                               المكتب السياسي