المحرر موضوع: العراق مسرح.......  (زيارة 958 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل rashid karma

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 499
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
العراق مسرح.......
« في: 19:37 03/04/2008 »
العراق مسرح.......
                            رشيد كَرمــــــة
يعتبر المسرح من اقدم الفنون التي خلقها الإنسان وطوعها تبعا ًلإشباع حاجته  , ذلك ان المسرح يمتلك ما لاتمتلكه بقية الفنون من حيث علاقة المشاهد ( المتفرج ) والممثل , كماً ونوعاً . وقد يصبح الجميع ممثلين وقد يكون الجميع متفرجين , ولابد من فضاء جغرافي يمارس فيه الناس عملية التمثيل ضمن  إطار  المسرح ولقد صار  ( الوطنُ ) برمته صالة عرض تتصارع النصوص فيه وتتقاطع تبعا لجدية هذا المخرج ورصانة وذكاء ذاك  , ويخطأ من يظن ان مقولة ان الحياة مسرح هي فكرة إعتباطية إنشائية الخَلق فالمسرح يقوم على حوار ونص فكري  يتناول كل تفاصيل حياتنا بدء من فلسفة الوجود وإنتهاء بالتهريج وسفسطة الأشياء  , والمسرح يطرح كل نتاجات البشردون إستثناء عبر تأريخ وجوده ,سواء المادية والمثالية  الفنية والأدبية , الموسيقية والرقص , بالإيماء او حركة الجسد والصوت وبإختصار شديد يبلور المسرح لحظة ما في خضم صراع الإنسان مع الطبيعة والسلطة ويركز عليها الضوء , لا بل يخضع تلك الجزئية من حياتنا الى ( التشريح ) لذلك تكمن اهمية المسرح فيما يقدمه للناس من زاد لايقـل شأناً عن الغذاء , وإن بدا للكثرة من الناس ترفا ً, والحديث هنا يكاد يكون شاملا حتى لـما أعتدنا ان نصنفه المسرح الهابط فلهذا النوع من المسرح جمهورا يجب التوجه اليه وتقديم ما هو انفع وأجدى , واذ دأب الناس  على إستغلال المسرح للتكسب الرخيص و كوسيلةٍ  تجارية ألا ان الأمر في نهاية المطاف يكمن فيما يحتاجه الإنسان من ( جد ٍ) لمواجهة أعباء الحياة .
ولـــو عدنا الى بدايات المسرح لوجدنا ايضا حلقات التهريج وساحات المصارعة والمبارزة الى جانب المسرح الذي يتناول امورا حياتية تعني بالهموم التي تؤرق البشر نتيجة التغيرات المستمرة .
وبقدر ما تتاح لي المساحة وبعد المسافة بيني وبين رفاقي في بغداد وكربلاء والبصرة والحلة وفي مصر ولبنان والشام ودبي واماكن أخرى نائية اذكر بإعتزاز  جهود الرواد الأوائل والمبادرين  في تحيةٍ عطرة ٍ  للمسرحيين العراقيين بمناسبة يوم المسرح العالمي الذي تصادف مع أعياد ( الربيع )!!!! الشهر الماضي  وأجد من الطبيعي الأشارة الى ان العراق تحول الــى صالة عرض مسرحية لـنصوص متناقضة ومـخرجين ذو رؤى متباينة كــلًُ يحاول ضبط حركـــة الشخوص .... والمسرحية هنا عامرة بهم فالى جانب حركة مسرح اللامعقول يناضل ويجهد المسرح المعقول وينشط التجريبيون ويحارب بل ويُغتال المسرح التعليمي الرصين  ولمجرد محاولته إيصال صوته تتحرك أضدادهم خنقا لهم حتى الموت وهنا تتحرر الحركة المسرحية ( التمثيل ) الى الجد وليس نادرا حدوث ذلك , كما ان المخرج ( الجنرال العسكري  ) فـــــــي الطرف الآخر مـــــــن المسرح المترامي الأطراف يستخدم الذخيرة الحية , وتجز الرؤوس وتقطع الأعناق دون الحاجة الى نص أو حكاية تقال ..وتضرم النار على أطراف المسرح لا للتدفئة أو شئ من هذا القبيل وإنما لحرق الناس , وتتحول محلات التجميل الى مصالخ بشرية والنساء الى أشباح وبين حركة هذا وذاك يأمر مخرج آخر بتفجير المفخخات هنا وهناك ضد هذا التجمع البشري أوذاك .
وتتعدد وتنشط حركة الجميع إذ تستخدم في هذا العمل الكبير أجهزة  ومكبرات صوت وتقنية حديثة , هواتف خلوية وإنترنيت وخيول وبغال وسيوف الجميع يهجم على الجميع في ظل إنارة تتوزع مساقط ضوئها كيفما اتفق والعمل برمته لايحتاج الى مؤثرات صوتية أو ديكور حتى فإختلاط السادية بالمازوشية لآيدع مجالا لأحد بالتروي وانتظار الفرز بين الجد والهزل  ..
واعتقد جازما ان المتفرجين الحقيقين الآن متابعي العرض المسرحي المتفرد بكل شئ   جمهور سلبي . لطالما لجأ الى الصمت المتعدد الأوجه هربا من شهادة قول صادق .
ويبقى للمثل والمخرج الجاد والنبيل الألتزام بما هو مفيد للمسرح وصالته التي لابد في نهاية المطاف من أن ينهض حراسها لمنع النصوص التي تنتهك حرمة الأرض والسماء والهواء والماء وبالتالي البشر سيد المخلوقات وأثمنها .وإلا من يعجبه هذه الجملة من النص :
سأله صديقه : ماذا تعرف عن البرد ؟
أجابه العراقي : أتصدق, لقد إضطررت ان انام على بضعة جثث آدمية في ليلة, كانت حرارتها تحت الصفر , ولم أجد ما أغطي به جسدي إلا جثث زملائي الذين إستشهدوا , ولم اجد وسادة ( مخدة ) غير جثة صديقي التي وضعتها تحت رأسي ,,,
هنا قاطعه صديقه مرتاعا فزعا ً وهل نمت ؟
قال العراقي : كان علي ان أنام وأتدثر بالجثث أو أصبح جثة هامدة...............
فالى الرائعين الصادقين من عمال المسرح العراقي  ومبدعيه  أناثا وذكورا والى شهداء المسرح الذين إفتقدهم الوطن وأفتقدوه  والى صديقي الذي خانته الذاكرة ولم يعد يتذكرني  محبتي  وكل عام والوطن مسرح ولكنه جميل .
السويد  3 نيسان عام 2008    رشيد كَرمــــة