المحرر موضوع: تقرير لمناسبة زيارة غبطته الى ابناء رعيته في اميركا وكندا واوروبا  (زيارة 2882 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Farouk Gewarges

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 610
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
تقرير
لمناسبة زيارة غبطة مار عمانوئيل الثالث دلي بطريرك بابل على الكلدان  في العراق، الى أبناء رعيته في
 الولايات المتحدة الأمريكية وكندا واوربا
 " 750 ألف كلداني اشوري  عراقي في المهاجر .
نبذة عن حياة غبطته وسيرته المديدة في العطاء والبذل والتضحية، تصريحاته الأخيرة للشرق الأوسط:
 "نريد دستورا عراقيا يوفر الحرية الكاملة للجميع ولا يكون مصدره الديني واحدا" (الشرق الأوسط Issue 9669 Thursday 2005 ) .

 جهود لجعل سهل نينوى التاريخي محافظة عراقية جديدة ترتبط اداريا بالعاصمة بغداد.
                                                                                    تقرير: صباح نعمو صادق
    في السابع والعشرين من أيلول 1927 وفي بلدة تلكيف العريقة، شاءت العناية الإلهية ان ترزق السيد جرجس مراد دلي وزوجته السيدة كاترينا  بطرس جعدان  ، بولدهما البكر كريم. وفي السادس من تشرين الأول 1927 بلغ كريم يومه العاشر، فاحتفلت العائلة باقتباله سري العماد والتثبيت المقدسين، على يد الأب فرنسيس كتولا، وكان بطرس عربو إشبينا للطفل.
صار الطفل كريم مصدر فرح بالغ لوالديه وأقاربه وجيرانه، فتتبعوا مراحل نموه كأمانة استودعهم إياها الله، وكاترينا الأم الشابة تكرر كل يوم:" يالك من طفل ذكي  يا ولدي  اننا نحبك بلا حدود، فليحفظك الله لنا، وان اختارتك السماء كاهنا للرب فلن نبخل بك على الله والكنيسة".
وقبل عيد ميلاده السادس في 27 أيلول 1933، دخل كريم مدرسة الراهبات الدومنيكيات للقديسة كاترينا السريانية في تلكيف، وهناك أظهر ألمعية وتفوقا في الدراسة، الى جانب رقة القلب وروح الخدمة والتضحية والتواضع والرغبة في مساعدة أقرانه ومعلميه. وكانت الراهبات تمازحنه قائلات:"انت ياكريم ابن هذه المدرسة، لأن شفيعتنا هي القديسة كاترينا، وامك اسمها كاترينا أيضا".
في 21 أيلول 1940 التحق كريم بمعهد شمعون الصفا الكهنوتي في الموصل وفيه أكمل دراسته المتوسطة والثانوية بتفوق. وفي 25 أيلول 1945 سافر الى روما والتحق بكلية انتشار الإيمان، حيث أكمل دراسة الفلسفة واللاهوت والكتاب المقدس والتاريخ والطقس الكنسي. اقتبل الرسامة الكهنوتية في 21 كانون الأول 1952 بوضع يد رئيس مجمع انتشار الإيمان آنذاك، نيافة الكردينال بيترو فورمازوني وصار أسمه الأب عمانوئيل دلي.
واصل الأب الشاب دراسته العليا في جامعات روما فحصل على شهادة الليسانس (الماجستير) في الفلسفة من الجامعة الأوربانية عن اطروحته الموسومة" وجود الله لدى الفيلسوف الفارابي" عام 1955، وشهادة الدكتوراه في اللاهوت من الجامعة اللاترانية عن اطروحته الموسومة "مجادلات مار ايليا برشينايا مع الوزير المغربي" والتي نشرتها تلك الجامعة ضمن سلسلة اصداراتها لعام 1957.
وهنا عينه المجمع الشرقي سكرتيرا للجنة تجديد الطقس الملباري، فواصل تحصيله الدراسي لنيل شهادة دكتوراه في الحق القانوني من الجامعة اللاترانية عن اطروحته الموسومة"المؤسسة البطريركية في كنيسة المشرق" عام 1959 .
بعد مضي اكثر من 14 عاما على سفر الأكليركي كريم دلي/الأب عمانوئيل دلي الى (معقل الكنيسة الكاثوليكية) في روما للدراسة في جامعاتها والصلاة في كنائسها، عاد الى بغداد الحبيبة في 30 كانون الثاني 1960 فعينه مثلث الرحمة مار بولس الثاني شيخو كاتما لأسرار البطريركية الكلدانية لمدة ثلاثة أعوام، حيث تم انتخابه معاونا بطريركيا في مجمع الأساقفة الكلدان المنعقد في روما في 7 كانون الأول 1962 ، فاقتبل الرسامة الأسقفية في كاتدرائية القديس يوسف(خربندة) في بغداد في 19 نيسان 1963 بوضع يد مثلث الرحمة مار بولس الثاني شيخو ومطرانين آخرين وبحضور جمع من الأكليروس والمؤمنين.
عاصر غبطة البطريرك عمانوئيل الثالث دلي، ستة بابوات للكنيسة الكاثوليكية، وخدم الكنيسة الكلدانية تحت رئاسة اربعة من بطاركتها العظام وهم غبطة كل من:يوسف عمانوئيل الثاني توما(1900-1947)، ويوسف السابع غنيمة (1947-1958)، وبولس الثاني شيخو(1958-1989)، وروفائيل الأول بيداويد(1989-2003). شارك في اعمال المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني المنعقد في روما(1962-1966) بصفة خبير في أعمال الدورة الأولى، وبصفة عضو في أعمال الدورات اللاحقة. وأسبغ عليه قداسة البابا بولس السادس عام 1967 لقبا شرفيا هو رئيس اساقفة كشكر(الكوت حاليا).
شغل غبطة البطريرك الجديد منصب المعاون البطريركي قرابة اربعين عاما( منذ رسامته الأسقفية في 19 نيسان 1963 وحتى قبول استقالته لبلوغه السن القانونية للتقاعد"الخامسة والسبعين" في 19 تشرين الأول 2002)، فعينه غبطة البطريرك الراحل مثلث الرحمة مار روفائيل الأول بيداويد مستشارا  للبطريركية الكلدانية ليرعى شؤون المعهد الكهنوتي البطريركي في بغداد، والأرساليات الكلدانية في الخارج، وينظم علاقة الكنيسة بالدولة وبالمحافل الرسمية، ومنحه توكيلا عاما لشؤون الأوقاف في 10 كانون الأول 2002 .
أتقن مار عمانوئيل الثالث دلي جملة من اللغات الحية كالسريانية(الكلدوآشورية) بفرعيها الشرقي والغربي، والعربية والإيطالية والفرنسية والإنكليزية(مع بعض الإلمام بالألمانية)، اضافة الى اللغات القديمة كاللاتينية واليونانية والعبرانية، وبالرغم من امكاناته اللغويه هذه، وحصوله على أعلى الشهادات العلمية من أرقى الجامعات، فقد عرف عنه تواضعه وبساطته وتقواه، وتعبده لقلب يسوع الأقدس وللعذراء مريم، فهو رجل صلاة وخدمة وعطاء، لم يشأ يوما ان يناديه أحد بلقب(دكتور) تواضعا، ولكي يولي الأهمية والكرامة والفخر للدرجة الكنسية المقدسة التي يحملها، مؤكدا بان حياة القداسة هي العماد الأول للكنيسة.
لصاحب الغبطة مقالات تاريخية وقانونية ولاهوتية وفلسفية عدة، قامت مجلتا بين النهرين والمشرق بنشر العربية والسريانية"الكلدوآشورية" منها، وصدر له في بغداد بضعة كتب بالعربية:(هكذا صلوا) 2002، و"المؤسسة البطريركية في كنيسة المشرق" 1994 ، وهي اطروحته لنيل شهادة الدكتوراه في الحق القانوني 1959، وترجمة وتحقيق لكتاب"الآباء" 1977، وبرغم الألتزامات الكثيرة، فقد دأب غبطته على تدريس مادة الحق القانوني في معهد شمعون الصفا الكهنوتي، واقامة الذبيحة الإلهية اليومية والإرشاد الروحي لراهبات الكلدان (جمعية بنات مريم المحبول به بلا دنس اصلي)، ومنذ عام 1989 .
وعلى مدى سنين خدمته الطويلة المباركة كمعاون بطريركي ، فقد ظل غبطة البطريرك أمينا على الوديعة التي استودعه إياها الرب القدير والتي نذر نفسه من اجلها، اذ لازم أبناء رعيته في بغداد وعموم العراق، وعاش همومهم اليومية ومعاناتهم في اوقات الشدة والانقلابات الدموية، وفي ايام الحروب الفتاكة والقصف الجوي إبان حروب الخليج الثلاث(1980-1988) و(1991)و(2003)، وبقي حاضرا بين ابناء وطنه عموما وشعبه الكلدوآشوري بوجه خاص، يذود عن حقوقهم وكرامتهم عاملا بهدوء وروية، دون ان يدع احد ينفخ أمامه في الأبواق أو يثير الضجة او الجلبة، حول أعماله الانسانية الجليلة والنبيلة.

وفي مطلع الستينات، وبسبب الحرب الكردية العراقية  نزح عشرات الألوف من ابناء شعبنا الكلدوآشوري، نتيجة للظروف العسكرية والاقتصادية والسياسية في شمال العراق، فهجر الأحياء منهم القرى والمدن التي عاش فيها اجدادهم ألوف السنين متجهين جنوبا الى مركز العاصمة والمدن الكبرى. وإزاء هذا التحول الخطير في ظروف الرعية، فقد بذل البطريرك الأسبق مثلث الرحمة مار بولس الثاني شيخو ومعاونه مار عمانوئيل دلي، جهودا جبارة وبعمل توافقي متناغم ومتكامل،لاستيعاب الهجرة الداخلية الى بغداد، بما يعني ذلك من مسؤولية اعداد وتدريب الكهنة الأفاضل،وقيادة حملة بناء الكنائس(والمدارس الملحقة بها) في كافة الأحياء الجديدة.
واذا ناءت المؤسسة البطريركية باثقالها في عراق يئن تحت الحصار، عمل غبطته بالتعاون مع سيادة مار إبراهيم  إبراهيم راعي ابرشية مار توما في أمريكا (آنذاك الأبرشية الوحيدة في الولايات المتحدة الأمريكية)، على إنشاء صندوق مالي خاص تقوم ابرشية امريكا بتمويله، لتأمين معيشة تلامذة المعهد الكهنوتي البطريركي الكلداني، وتغطية نفقات دراستهم، ودراسة المدعوين للكهنوت من شباب الجالية الكلدانية في الولايات المتحدة الأمريكية في الجامعات الامريكية.
وبعد حرب تحرير الكويت، وإزاء تدهور الحالة المعيشية للكثير من العائلات، بسبب ظروف الحصار، فقد أسس غبطته بالتعاون مع ثلاثة أساقفة آخرين اخوية المحبة"Caritas" في بغداد، وصار يستخدم شبكة اتصالاته الواسعة لدعم وتمويل صندوق هذه الأخوية، ثم عينه مثلث الرحمة مار روفائيل الاول بيداويد ممثلا لمجلس الاساقفة في هيئة ادارة الاخوية(1999-2000).
وكثيرا ما ترأف بالايتام والأرامل والفقراء ممن ليس لهم اقارب في الخارج يمدونهم بالمساعدات، فقدم لهم بعضا من مصروفه الشخصي ، وكانت المساعدات توزع للمسلمين والمسيحيين على حد سواء , في يومي الثلاثاء والاربعاء.
 كانون الاول 2003 اجتمع السينودس الاستثنائي لاساقفة الكنيسة الكلدانية في روما برئاسة نيافة الكاردينال مار اغناطيوس موسى داود الاول رئيس مجمع الكنائس الشرقية ، وانتخب المطارنة الكلدان غبطة مار عمانوئيل الثالث دلي بطريرك بابل على الكلدان الكلي الطوبي. وفي يوم الجمعة 5 كانون الاول 2003 احتفل الاساقفة الكلدان واعضاء المجمع الشرقي،ورؤساء الطوائف المسيحية والرهبانيات وسفير الفاتيكان السابق في بغداد ماريان اولش، وعدد غفير من الاساقفة والكهنة والمؤمنين، احتفلوا جميعا في كاتدرائية القديس بطرس بروما بقداس الشراكة في الإيمان الكاثوليكي، وقد ترأس القداس نيابة عن قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، نيافة الكاردينال اغناطيوس موسى داود الاول.
غادر البطريرك المنتخب مدينة روما يوم الاربعاء 10 كانون الأول 2003 متوجها الى عمان حيث حظي فيها باستقبالات كنسية ورسمية وشعبية حافلة. وفي نهار اليوم التالي، اقام غبطته قداسا احتفاليا في كنيسة ال"فرير" بعمان، ثم توجه الى بغداد حيث كانت الاستعدادات جارية على قدم وساق تحضير القداس وحفل تنصيبه بطريركا.
وفي صباح يوم الاحد21 كانون الاول 2003 وفي كاتدرائية القديس يوسف(خربندة)ببغداد ارتقى غبطته السدة البطريركية لكنيسة المشرق جالسا على كرسي مار أدي ومار ماري الرسولين، مسترجعا حدث رسامته الكهنوتية في نفس اليوم قبل إحدى وخمسين سنة في مدينة روما،وحدث رسامته الاسقفية في كاتدرائية مار يوسف ببغداد قبل اكثر من اربعين عاما.مضى المحتفلون بعد القداس الى نادي المشرق حيث القيت كلمات التهنئة الحارة، على مائدة غداء عامرة، وسط فرح غامر.
لقد نطق روح القدس بلسان اساقفتنا الاجلاء المجتمعين بروما، اذ الهمهم ان ينتخبوا غبطة مار عمانوئيل الثالث دلي بطريكا لكنيستنا المشرقية الكلدانية الكاثوليكية. لقد امضى غبطته اربعة عقود ونيف في خدمة البطريركية الكلدانية، وله إلمام واسع في شؤون وطننا وشعبنا وكنيستنا المتمركزة في بلاد مابين النهرين، والمنتشرة في شتى بقاع الاغتراب، فهو الحكيم الواثق، والحاضر في قلب الاحداث.له الخبرة في الامور الدقيقة والدراية في التفاصيل الحساسة، ويجيد التعامل مع المسؤولين باعتدال وتيقظ، ويتفاعل مع المتغيرات الدولية بحنكة وحكمة انه القلب الكبيرالنابض بالحب، وهو الرجل الذي عرفناه ونعرفه،رؤوفا رحيما،انيسا رفيقا، حليما صبورا،واسع الافق متفهما، وهو الاب الذي شاء الرب القدير ان يوكل اليه شأن أبناءه المشتتين فيجمعهم في بيت واحد منشدين لحب شعبنا الكلدوآشوري السرياني، والذي يحلو للبعض تسميته بهنود حمر العراق للدلالة اصالتهم وتجذرهم في بلاد مابين النهرين، خصوصا وقد تمازجت دماء المسيحيين ابدا في السراء والضراء مع اخوانهم المسلمين في ملحمة بناء العراق الجديد. وقد اظهرت الاعتداءات الوهابية الارهابية الوقحة على عدد من الكنائس والاديرة ودور العبادة لكلدان العراق والتي راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى، أظهرت بشكل واضح وصريح ما للمسيحيين ولوجودهم التاريخي الضارب في جذور العراق من مكانة ودور هام وأساسي لاغنى عنه، في حفظ هذا التوازن والموزائيك التاريخي العتيد لسكان العراق والذي بدونه يبقى العراق الذي نعرفه بشهادة الجميع ناقصا فاقدا نكهته وعذوبته وفي غير مكانه الطبيعي في سلم الحضارة والتاريخ والتقدم.

دور المسيحيين العراقيين التاريخي الرائد في العراق ...

بدون مزايدات وطنية وتبجح وبحق وحقيق ان المسيحيين العراقيين يلتصقون قبل غيرهم رومانسيا وروحيا بتربة العراق، وقد سالت دمائهم زكية سخية على مذبح الحرية والتآخي والكرامة الإنسانية. ففي العراق الحديث ناهيك عن القديم، غذى المسيحيون معظم الحركات النهضوية الوطنية بالدم والدموع من القديس الآشوري البطريرك مار بنيامين  شمعون الى القديس الكلداني الأحمر يوسف سلمان يوسف، وكان لهم دور قيادي رائد ومشرف نظرا لأسبقيتهم في مجال التربية والتعليم والدراسة في الخارج في تعزيز وتقوية الشخصية الوطنية العراقية المتفردة. حتى ان شيخ الوطنيين العراقيين الأحرار الراحل كامل الجادرجي ، وكان يتحلق حوله ويحيط به وبحزبه (الوطني) وجريدته المدرسة (الأهالي) عدد من الكلدوآشوريين ، شبه وجود المسيحيين التاريخي بالعراق بالخميرة التي لا يكتمل او يستقيم العراق بدونها. وبصراحة لا تشوبها شائبة يرى المسيحيون اليوم -شعب وكنيسة- ان طريق التآخي والتعايش الوطني المشترك على قاعدة العراق للجميع وليس لفئة او طائفة او دين معين دون سواه هو الطريق السليم والوحيد لبناء عراق عصري تعددي متحضر يتعانق ويتآزر الجميع في بوتقة امة عراقية شامخة سمكها الحضاري (40) قرنا.
ان العمليات الإرهابية القبيحة الوافدة الينا من خارج الحدود وهي لا تمت قطعا الى خصال وسجايا العراق و العراقيين المعروفين بطيبتهم وعدم تعصبهم أو غلوهم في الدين، ابرزت الأحداث الارهابية الوحشية بشكل لا يقبل النقاش مدى اهمية الدور الريادي الفاعل الذي يمكن ان يؤديه عن طيب خاطر ومحبة ووداعة مسيحيو العراق في الخارج والداخل. ومدى حاجة العراق الواعد الناهض من كبوته وعسفه وعبوديته لإمكانياتهم الفذة الكبيرة خصوصا وان نسبة المتعلمين والمثقفين والاكاديميين فيهم عالية جدا. وبكلمة موجزة .. ان المسيحيين وهم في خضم المحنة والإرهاب الأجنبي المقيت اكثر إصرارا وعزيمة كما كانوا ابدا لتقديم بكل ممنونية وطواعية كامل خبرتهم النادرة لوطنهم، وقد تفجرت لا محالة على اوسع الأبواب ينابيع الأمل والحرية والحياة.

محافظة سهل نينوى ...

ان الظروف الحالية للعراق الذي يعيد انتاج نفسه بشكل ديموقراطي حديث، ورغم المصاعب الآنية المفتعلة، تسمح لنا نحن ابناء العراق الغيارى(كلدوآشوريين) ان نطالب ومن حقنا الطبيعي ان نطالب بضرورة الاهتمام بمنطقة سهل نينوى المهمشة المهملة، وهي موطن اجدادنا ومحط آمالهم وقبلتهم، خصوصا وان الأوضاع الامنية المتردية في البصرة وبغداد والموصل قد شجعت كثيرا الهجرة المعاكسة من المدن الى قراهم الاصلية ، وقد ضجت وازدحمت بالقادمين الجدد في سهل نينوى ، الملاذ الأخير لهم . ونحن بدورنا نطالب حكومتنا العراقية الوطنية الموقرة ان تنظر الى مطلبنا العادل هذا نظرة جدية ومسؤولة لجعل هذا السهل التاريخي العظيم والذي مساحته تقدر بمساحة لبنان ، محافظة عراقية قائمة بذاتها ترتبط إداريا ببغداد" الكلدان والآشوريين والعرب واليزيدية والشبك". وسوف يقدم اهلها في الداخل والخارج بما يملكون من امكانيات مالية وتكنوقراطية وعلمية فريدة في بناء هذا الجزء الحيوي من ارض العراق ، وتقدم "هذه المحافظة الجديدة" هدية للشعب العراقي، كنموذج حضاري يقتدى به في بقية المحافظات الاخرى.
رغم ان الزيارة التي قام  بها  بطريرك الكلدان عمانوئيل الثالث الى فرنسا ذات طابع ديني، فقد حرصت السلطات الفرنسية على معاملته معاملة خاصة ، اذا استقبله الرئيس جاك شيراك في قصر الاليزيه بداية الاسبوع ، وامس كان ضيف وزير الخارجية ميشال بارنييه على مأدبة غداء رسمية في مقر وزارة الخارجية التي سبق ان وصفت زيارة بطريرك الكلدان الذي انتخب لهذا المنصب نهاية عام 2003 بانها "فرصة لتؤكد فرنسا على العلاقات التي تربطها بالعراق والتضامن مع طائفة عانت كثيرا خصوصا من موجة عمليات الاعتداء، ولتؤكد على تمسكها بان يستمر مسيحيو العراق في لعب دور في اطار عراق ديمقراطي يحترم كل معتقدات مواطنيه الدينية" .
وفي لقاء خص به "الشرق الاوسط" حرص البطريرك الذي يقوم بجولة اوربية وامريكية على الحديث من منطلق كونه "عراقيا وليس مسيحيا او كلدانيا لان ما هو واقع على المسيحي واقع على المسلم" ولان العراقيين جميعا "ابناء بلد واحد وعائلة واحدة اكانوا مسيحيين او مسلمين او يزيديين" .
وينفي البطريرك الكلداني ان يكون المسيحيون يتعرضون لمضايقات خاصة في جنوب العراق او حتى في بغداد، فالمضايقات "تطال الجميع" و"الخوف وعدم الاستقرار وغياب الامن يصب على الجميع". ورغم ما هو جار، يبدو البطريرك الكلداني واثقا من ان العراقيين سينجحون في تفادي حرب اهلية . وقال : "الارهابيون يريدون ايصال البلاد الى حرب اهلية ولكن هذه الحرب لن تقع . واضاف البطريرك الداعي الى الاعتدال : " نريد الحوار . السلاح لا يأتي بالسلام . انا ذهبت لمقابلة السيستاني والضاري وثمة تشاور بين بعضنا البعض لنرى كيف يمكن ان نعمل يدا بيد من اجل عراق افضل ينعم بالحرية ويكون قدوة للآخرين ". 
وفيما تتهيأ الحكومة العراقية الى إطلاق ورشة كتابة الدستور العراقي الجديد الذي من المفترض ان يصدق عليه في استفتاء شعبي، طرح ممثل المسيحيين في العراق تصوره لهذا الدستور الذي "يجب ان يكون عادلا ومستوحيا المبادىء الصالحة ومؤسسا لا على مصدر واحد هو القران والشريعة الإسلامية وانما كافة الكتب المقدسة والشرائع الإلهية والطبيعية ".

غير متصل Farouk Gewarges

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 610
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
تعقيب حول تقرير الزميل صباح صادق بمناسبة زيارة غبطة مولانا البطريرك مار عمانوئيل الثالث الى اوروبا واميركا وكندا .

مخاطر استفحال افة التعصب الديني في العراق الجديد .. الى اين ؟!
                                           بقلم : فاروق كوركيس
   عن المجلس الكلدواشوري السرياني , حاضرة سان دييغو

لا ريب في ان غبطة مولانا البطريرك مار عمانوئيل الثالث هو المرجعية المسيحية الوحيدة في العراق ( نسبة المسيحيين العراقيين في الداخل والخارج 7 بالمائة من مجموع سكان العراق ) .
لقد فتحت هذه التصريحات الهامة لغبطته الباب على مصراعيه بدون اي غطاء اخر لتناول رؤية وصورة بعض المثقفين العراقيين للعراق القادم ( طالع بيان منظمة المجتمع المدني من اجل دستور عراقي مدني ... من اجل مشروع حضاري للعراق . موقعا من اكثر من 27 مثقفا عراقيا ) .
وما سيتعين من لجنة صياغة الدستور العراقي التي ينبغي بشكل ملح توسيع قاعدة المشاركة فيه لكل اطياف المجتمع العراقي , ويبدو في الافق السياسي العراقي ان هناك نية مبيتة لبعض الاطراف الدينية لاقامة دولة يكون دستورها اسلاميا صرفا , ونلاحظ يوما بعد اخر ضاهرة  استشراء واستفحال الموجة الدينية المنفلتة من عقالها , وما نشاهده اليوم من مليشيات شيعية مسلحة تحاول ارهاب العراقيين مسلمين قبل المسيحيين والصابئيين والايزيديين والشبك . ما هو حاصل الان في محافظة البصرة وهي اكبر محافظة شيعية بامتياز باقالة عمداء كليات الجامعة بقوة السلاح زد على ذلك فرضت هذه المليشيات  الدينية التي وضعت نفسها فوق القانون حضر شرب او بيع الخمور واغلقت وقتلت هذه المليشيات المنفلته التي تقبض رواتبها الشهرية من ملالي ايران .
واليوم اصبحت مدينة البصرة الجميلة المعروفة بتقاليدها المسالمة الوديعة  بؤرة للتعصب الديني ( مدرسة الخميني ) وقد جرى جمع اشرطة الغناء والموسيقى ( الغناء والموسيقى والرقص حرام ) كما جرى ملاحقة طالبات المدارس والجامعات السافرات واجبارهن بارتداء الحجاب وعدم الاختلاط ومنع السفرات الطلابية وعلى اثر هذة الاجواء والاعمال الارهابية هرب معظم المسيحيين من البصرة الى دول الجوار ومن  لا يملك المال الى سهل نينوى الذي احتضن ابنائه الاصليين .

كلنا يعلم ان الخلاف على هوية العراق كان احد الاسباب الرئيسية في الصراع العنفي الذي طبع تاريخه خلال نصف قرن دام عاصف بالتحولات والجيشانات والانقلابات , واول قانون اساسي لدستور الدولة العراقية صدر عام 1925 , في مادته الثانية نص على ان (العراق  دولة ذات سياده مستقلة حرة ) والمادة الخامسة اعلنت ( لا فرق بين العراقيين في الحقوق امام القانون وان اختلفوا في القومية والدين واللغة ) .
هوية العراق واضحة جدا في انه بلد متعدد الاثنيات والاديان والمذاهب والملل , انها هوية العراق الجميلة بالوانها الفسيفسائية وتلاوينها تجمع بين العربي والكردي والكلدواشوري  السرياني والارمني والتركماني , المسلم والمسيحي واليهودي والصابئي واليزيدي , هذا التنوع لهوية العراق يحتم ان يكون النظام السياسي ديمقراطيا ليبراليا متفتحا بعيدا عن التعصب والغلو الديني الذي اذا استشرى لا سامح الله قد يخرب العراق وينزل بفتنة طائفية دينية اولها بين السنة والشيعة انفسهم فكيف الاحرى بالبقية .. ؟
اما عن هوية العراق من الوجهة القومية فلن تكن بغير عراقية العراق , امة عظيمة قائمة بذاتها ولا عجب فان عرب اليوم هم الد اعداء العراق الناهض الواعد والغريب انه لحد هذه اللحظة فقط دولتان عربيتان اعترفتا رسميا بالعراق الذي اعترف به العالم اجمع . انهم منهمكين باعداد وارسال الارهابيين العرب المغسولة عقولهم بالدين لافناء  ما تبقى في بلاد ما بين النهرين صالحا ..  العراق للعراقيين  فقط .