المحرر موضوع: المعاهدة الأمريكية - العراقية وقضايا الوطن المصيرية  (زيارة 865 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Ahmed Alnassery

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 15
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المعاهدة الأمريكية - العراقية وقضايا الوطن المصيرية

أحمد الناصري
Alnassery3@hotmail.com



تشرف السفارة الأمريكية ولجان البنتاغون والمخابرات الأمريكية المتخصصة في بغداد على أعداد المسودات النهائية لمعاهدة استرقاقية طويلة الأمد. ويشارف المحتل على كشف أخطر أوراقه السياسية،  في لعبة الاستلاب والخداع والموت العراقية، لفرض السيطرة الدائمة على بلادنا، حيث يبدو إن المفاوضات السرية جارية بشكل محموم ومتواصل بين الاحتلال والإدارة المحلية، ووصلت إلى مراحلها النهائية، وإن اللجان تعمل ليل نهار بأشراف المحتل، لإكمال بنود المعاهدة الأمريكية المخزية التي ستفرض على بلادنا، كتحصيل حاصل للاحتلال العسكري المباشر، ونتيجة وامتداد للحرب والعدوان، وتكريس لنتائجهما، والانتقال إلى الخطوة الأخرى، التي يحاول الاحتلال من خلالها فرض وجوده طويل الأمد بطرق ( قانونية وشرعية)، وتغطيته بوهم الشرعية، وتشمل هذه المعاهدة المفتوحة على جوانب عسكرية وأمنية وقواعد عسكرية وتواجد دائم وغير محدد بصلاحيات مفتوحة، يحق لهم من خلالها ملاحقة وقتل واعتقال أي شخص، لمدة مفتوحة دون مسائلة، مع حصانة وحماية لقواتهم وشركاتهم الأمنية من المسائلة العراقية الداخلية، وعلاقات اقتصادية وسياسية متميزة، تصل إلى حد ربط الاقتصاد العراقي بالاقتصاد الأمريكي كتابع نفطي له. وستكون الأرض والأجواء والمياه الوطنية  وعمليات التجسس ومراقبة المنطقة تحت تصرف المحتل دون حسيب أو رقيب، مع بنود سرية لا تعرف محتوياتها. معاهدة تصوغها مدافع وطائرات وبوارج قوة عسكرية ضاربة، تتألف من ما يزيد على مائتي ألف جندي محتل، أما الكلام عن مفاوضات بين دولتين مستقلتين، فهو كلام فارغ وبائس، ما دام طرف يقبع تحت الاحتلال حتى هذه اللحظة، بإقرار جميع الأطراف.
المحتل الأمريكي يعرف ماذا يفعل وماذا يريد لفرض وضمان تواجد عسكري وسياسي واقتصادي في بلادنا، ضمن خططه الاستراتيجية المعروفة في منطقتنا وفي العالم، في ظل الصراع الاقتصادي المحتدم على الطاقة بين أطراف متنافسة بقوة، وهو لا يتردد في استخدام أقذر الأساليب لضمان ما يسميه ( مصالحة الحيوية والإستراتيجية ) كما أثبتت التجارب. وأنه لا يهتم بمصالحنا الوطنية، التي تتعارض بشكل طبيعي مع مصالحه، ولا يكترث بما حصل وحل بشعبنا، من خراب ودمار، بسبب الحرب والاحتلال، ولم يعالج نتائج العدوان الرهيبة.
المحتل يتصرف ويعمل بشكل علني باعتباره المنتصر في الحرب، وهو يقود ويغذي ويراقب الفوضى العارمة، بينما الطرف الآخر، هو طرف مهزوم وتابع له، قبل بصفقة مشينة وخطيرة، لمصالح  واعتبارات طائفية وقومية وحزبية ضيقة، شارك فيها خليط عجيب وغريب، من محبي المال والسلطة والجاه، ضد مصالح الناس الوطنية الأساسية، والتمسك بنموذج مشوه ومدمر فرضه المحتل بالأساس منذ البداية، تحت مسمى العملية السياسية التي أطلقها المحتل وقبلها عملاءه، وهي عملية مشوه وبائسة، لا تقوم على أسس وطنية، ومن هنا يتأكد ويتكرس عدم التكافؤ بين الطرفين، وعدم شرعية المعاهدة، من الوجهة الوطنية.
رغم إن الوقت ينفذ بسرعة كبيرة، وإن كل شيء  يبدو أنه جاهز وكامل، ولم يبق غير التوقيع والإعلان المرتقب في يوم مشؤوم قريب، فأن بعض حواشي وأطراف الإدارة المحلية تشتكي من عدم معرفتها بشكل المعاهدة- الصفقة وبنودها وحدودها، لكن هذه الأطراف المتورطة بالعملية السياسية، والتي تسير باتجاه واحد، سوف تجد التبريرات لهذا العمل الخياني الشنيع، وتنشر مجموعة من الملاحظات الثانوية التافهة والتبريرات الجاهزة، عن ما يسمى ب( الواقع المعقد والتغييرات العالمية )، لغرض الابتزاز وفرض الشروط وتعديل الحصص، والتي لا تمس جوهر المعاهدة الاسترقاقية، لا من قريب ولا من بعيد، وتبلع لسانها وتلوذ بالصمت المطبق، الذي يشبه صمت القبور، كما حصل في حالات ومواقف كثيرة سابقة، لأن ما يجري التحضير له الآن غير منفصل عن كل الخطوات التدريجية السابقة بدءً من القبول بالاحتلال والمحاصصة ومجلس الحكم إلى الآن، أنه التسلسل ( المنطقي ) بعينه.
إن المعاهدة تمثل التعبير الدقيق لغرض ومسار الاحتلال و( العملية السياسية ) ومواقف جميع الأطراف المشاركة فيها، خاصة الأطراف الطائفية والحركة القومية الكردية، والتي أوصلت البلاد إلى هذه النقطة وفق تصور مسبق، مخطط ومحسوب من البداية، وهو ما تتبعناه ونبهنا عنه، وتابعنا خطواته. وما هي إلا خطوة واحدة حتى تتضح وتتبين الصورة البشعة والكاملة، لهذا العمل الخطير، وتلك النوايا السوداء. ولا يهم تسميتها معاهدة أو اتفاقية طويلة الأمد أو  إعلان مباديء، فكلها ذات دلالة واحدة ومعنى واحد. وكل ذلك محاولات لغوية ولفظية فاشلة للتقليل من الصدمة.
يؤكد خبراء القانون والسياسة عدم شرعية المعاهدة، التي سترفضها الحركة الوطنية، كما رفضت المعاهدات السابقة، كما سترفضه الحركة الجماهيرية الشعبية بالاستناد إلى حسها ووعيها وتاريخها الوطني، وسوف تقبلها وتتمسك بها الإدارة المحلية وهي صاغرة، لأنها مفروضة من قوة الاحتلال، ولوجود فقرة خاصة تتعهد  فيها بتوفير الحماية العسكرية لها، مما يعني عملياً استمرار الاحتلال، وليس تحقيق الاستقلال والسيادة الوطنية، وهذا لا يتعارض مع جوهر العملية ( السياسية الأمريكية ) ولا مع محتوى الصفقة المشينة مع المحتل، بل يثبتها.
إن من يقرر بقاء أو سقوط المعاهدة وتنفيذها ليس طرف واحد، ونقصد به الاحتلال هنا كما يعتقد ويتصرف، والذي سيفرضها عن طريق القوة، إنما الناس التي سترفضها وتسقطها بناءً على رؤيتها لمصالحها الوطنية فقط، ولا طريق آخر غير مواجهتها ضمن خطة مواجهة الاحتلال كله.
سيلعب الإعلام الوطني والأقلام الوطنية، دوراً حاسما وكبيراً في كشف وفضح كل حيثيات وتفاصيل المعاهدة ومخاطرها على شعبنا ووطننا، وسوف تنضم أقلام جديدة لهذه المعركة الوطنية الحساسة والحاسمة، وسوف يتعرض المحتل إلى المزيد من الرفض والمواجهة، بينما تتعرى وتسقط آخر أوراق الإدارة المحلية وبسرعة أكبر مما تعرضت له حتى الآن، ولا أعتقد بجدوى وفعالية الأقلام ألمأجورة التي جرى شراءها وتدريبها في أمريكا وأوربا وبراغ وهنغاريا وبيروت والخليج، هي وصحفها وفضائياتها ومواقعها الالكترونية، أن تفعل شيء هام وكبير لتمرير هذه الاتفاقية القذرة، رغم إنها ستحاول سوق وعرض بقايا بضاعتها الفاسدة والمزورة، بناءً على الصفقة الأولى والتكليف والتعهد الأول، وسوف تتورط بالمقارنة من جديد بألمانيا واليابان وقاعدة العديد في الخليج، رغم عدم وجود أي ربط أو تشابه في المكان والزمان مع الحالة الوطنية العراقية التي نحن بصددها، وتكرار دوران الأسطوانة المشروخة، لكنها لا تنفع ولا تفيد.
الصراع شديد ومفتوح ومتصاعد، ويدور على جميع الجهات، وعلى جميع الموضوعات، في الوطن وداخل أمريكا نفسها، وستقرره مجموعة عوامل وشروط تتكون باستمرار وبحركة دائمة.علي الحركة الوطنية، استيعاب كل الظروف والتحولات اليومية، وتصعيد كفاحها وعملها، وكشف كل ما يتعلق بالمعاهدة، كمدخل لمواجهة التحول النوعي في حالة الاحتلال، وكشف بنودها وأبوابها ومحتوياتها، وفضح مخاطرها أمام الناس من الآن، وإفشالها وإسقاطها حتى قبل الانتهاء منها ومن إعلانها. وعدم الانتظار لما يسمى فيما بعد، أمر واقع. من خلال تنظيم فعاليات جماهيرية وسياسية وقانونية وإعلامية واحتجاجية.
إنها مرحلة جديدة في الصراع والمواجهة مع المحتل، وورقة قوية وفعالة بيد الحركة الوطنية الناهضة، لتعرية كل المتسترين تحت شعارات زائفة وكلام فارغ وزائف، تتطلب وقفة وطنية واضحة، وصوت عال وفعال.