المحرر موضوع: عذراً ، أن تأخرت في تحيتك يا أحمد الدراجي !!  (زيارة 2099 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل falh hason al daraji

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 53
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عذراً ، أن تأخرت في تحيتك يا أحمد الدراجي !!
فالح حسون الدراجي
كالفورنيا
falehaldaragi@yahoo.com

العزيزالغالي، والشهيد رقم ألف من فتيان(البو دراج) الشجعان، ورقم مليون من الجنوبيين العراقيين، الفتى الحلو كالعسل، والمضيء كالقمر، والعذب كالفرات، أحمد شعلان الدراجي: ، أيها النبيل حد الدهشة، والكريم حد الخرافة، والصالح كالأولياء الصالحين، مقالتي هذه ليست مرثية لك، لأنك لم تمت بعد كي أرثيك، وهي ليست ردود فعل حزينة ومفجوعة ، لمصاب فاجع وحزين، لأني أظن بأن ( الجنوبيين العراقيين) أقوى من الفجيعة، وأعلى من مصاب الحزن، أذ يكفينا فخراً، أنَّا شربنا كأس الفجيعة مليون مرة، دون أن يتمكن الحزن يوماً من أذلالنا بقسوته وجبروته، ربما تستطيع الفجيعة النيل من غيرنا ، وربما يستطيع الحزن تدمير شعب آخر، أما نحن فلا ، وألف لا ، كيف يذلنا الحزن ، وتسحقنا الفجيعة يا أحمد، ونحن شعب المقابر الجماعية، وشعب الشهداء، والتضحيات، نحن الشعب الذي أبكى جلاديه بصموده، وصبره ، وأسقط الطغاة بمقاومته الصلبة .
كيف ينال منا الخوف، أو الموت يا أحمد شعلان، ونحن الذين تفجرت فينا آلاف السيارات المفخخة ، دون أن ينفجر صبرنا يوماً ، فتسقط معنوياتنا من عليائها ، كيف نهزم ، ونحن عشاق الحياة والشهادة معاً، وكيف نتنازل عن الفرح ، ونحن عشاق الفرح ، نحن الذين نغني ونرقص على أكتاف الموت عنوة ، وندبك على (مصارين) صنَّاع الموت ومنتجيه ، كيف يستلبنا الحزن فرحنا، ونحن الذين نقاتل عدونا بالفرح والبهجة، ونصد هجمات الفجيعة بالصبر والبهجة أيضاً، نحن الجنوبيين الذين نفرح ونسعد لأفراح غيرنا، أكثر من فرحنا وسعادتنا بأفراحنا نحن ، ألسنا شعب االحياة والشعر والحب والطرب والليالي المقمرة؟!
ألسنا شعب التضحيات والدماء الخالدة ، نحن وليس غيرنا، الصادقون في حزنهم وفرحهم ، والضاحكون من الأعماق يا أحمد في مسراتهم، حتى قيل عنا :( يضحكون للهوا العالي)! وهيهات هيهات، أن تقدر على تدميرنا الأحزان يوماً ، مادمتَ منا وفينا، ومادامت روحك المخلصة تحلق حولنا كل صباح ومساء،ومادام في العراق مثلك الملايين ياأحمد شعلان!! لا لست أبكيك ، ولن أرثيك والله ، فالشهداء لايرثون قط ، ولايبكون قط ، وهل يرثى ( الأحياء الذين عند ربهم يرزقون ) ؟!
أن مقالتي هذه ليست تزكية لك ، أو مديحاً يا أحمد ، فالشهداء هم الذين يزكوننا، ولسنا الذين نزكيهم ، أنها تحية لك فقط يا ، مثل كل التحايا التي يتبادلها الأحياء ، وهي باقة ورد ومحبة ، مثل أية باقة ورد يتبادلها الأعزاء ، وهي هدية لك مثل كل الهدايا التي يتبادلها الأهل والخلان ، وعذراً أن تأخرت عليك بتحيتي، وبباقة وردي، وبهديتي هذه ، أذ كنت مريضاً جداً ، فقد أسقطتني نزلة صدرية عنيفة من جواد عنادي قبل عشرة أيام تقريباً ، ولأني أهملتها في البدء، فقد تضاعف أثرها على صحتي بعد ذلك، حيث وقعت في فك الألتهاب الرئوي الحاد ، وأصبحت أسيره، حتى بات الشهيق عندي أمرمن حنظل الموت ، والزفير أشد من وجع الذبح بالسكين(العمية) فلا أنا مذبوح بها، ولا أنا حي وبعيد عنها.
وثق يا أحمد بأن مرضي هذا أعاقني عن أداء الكثير من الواجبات المهمة ، منها توجيه التحية والشكروالمحبة للزميل أحمد الشمري ، رداً على تحيته الوطنية الرائعة ، التي وجهها لي ، ولعدد من الكتاب الأحرار ، كما أن المرض قد منعني أيضاً ، من أستكمال الموقف الوطني الساند ، والداعم للكاتب الشريف، والباهر وداد فاخر، وأسناد الدعوة التي وجهها الزميل العزيز سمير سالم داود ، حول الوقوف صفاً واحداً الى جنب صديقنا أبي براق، ولم يمهلني المرض فرصة لأداء واجبي في دعم الأنتخابات البرلمانية القادمة، وتشجيع المواطنين العراقيين على التوجه لصناديق الأنتخابات، ليس لأني الناطق الأعلامي للمركز الأنتخابي في مدينة سان دييغو في ولاية كالفورنيا فحسب، بل ولأني عراقي (أبن عراقي)، وأرى في نجاح الأنتخابات الديمقراطية ضمانة أكيدة لنجاح العملية السياسية في العراق ، وأظن بأن هذه الأنتخابات ستساهم حتماً بتعبيد المستقبل الوطني للعراق والعراقيين ، لكي تسيرعجلة العراق الحر بأمان وسلام !!
آه يا أحمد الدراجي:- يا أبن شيخ عشيرة البودراج ، وأبن كل الدراجيين، وحبيب الفقراء والأغنياء معاً، لأنك والله حبيبهم وصديقهم جميعاً ، فأنا لم أزل أتذكر حفلة عرسك في الحبيبية التي جرت قبل تسع سنوات، حيث أصررت على أن يكون حفلك حفلين ، واحد يقام في مدينة ( الثورة ) والآخر في ناحية (كميت) حيث تقيم مع والدك، وعائلتك، وأغلب أبناء عشيرتك ، وحيث هي مسقط رؤوسنا جميعاً ، أذ كنا ولم نزل ، نسمي ناحية كميت ممازحين، بأنها (عاصمة البودراج) !!
كما لم أزل أتذكر، كيف نهضت من مكانك راكضاً لأستقبالي ، حين قدمت مع والدي للمشاركة في حفلة زواجك تلك ، بل لم تكتف بنفسك ، فقد ركضت نحو والدك ( وهو شيخ عشائر البودراج ) طالباً منه النهوض لأستقبالي أيضاً ، محطماً بذلك البروتوكولات ، والتقاليد العشائرية الصارمة ، ومع ذلك نهض الشيخ شعلان وأستقبلنا من مسافة بعيدة ، محيياً قدومنا ، ومرحباً بمجيئنا ، أنا ووالدي ، كما لم أزل أذكر كلامك لوالدك الشيخ شعلان، وأنت تهمس في أذنه قائلاً له بصوت مسموع :- ( بويه هذا فالح شاعر كبير، ومفخرة ، ورفعة راس، هذا أبو حسون بعدال رئيس جمهورية وداعتك، مو بعدال شخص عادي )!!
وأذكر كيف ضحكنا جميعاً ، حين قال الشيخ شعلان:-(بويه أحمد،لايسمعك صدام، النوب يذبحك ويذبح الريس فالح، ويذَبِح الوادم كلها، لأن يجوز يقبل بكلشي أبوعدي ويتساهل، بس بموضوع الرياسة، لا يتساهل، ولايتفاهم أبد)
كما أذكركيف تركت عروسك، في ليلة عرسك، لتنضم لي ولخالد مطلك،َ ولعدد من شباب البو دراج ، ونحن نحتفل بعرسك في بيت أحد الجيران ، وحين قلت لك :- كيف تترك عروسك يا أحمد وأنت (الليلة عريس) ؟! أذكرأنك قلت ( خفت خاف محد يداريك ويخدمك ، فأجيت أخدمك بنفسي يا أبو حسون ) !! علماً بأن ثمة خمسة أشخاص كانوا يقفون بالأستعداد لتنفيذ أي طلب لي !!
نعم لقد كنت كريماً جداً معي ، ومع الجميع ، وكنت طيباً جداً ، ومتواضعاً جداً ، وشجاعاً جداً ، وحلواً جداً ، فقد كنت والله أجمل شباب العشيرة ، بل وأجمل شباب العراق ، ولا أعرف كيف ستستيقيظ الشمس بعد رحيلك ، فلا تجد وجهك الذي تضحك له كل صباح ، وتبتسم في مرآته كل مغيب ، ولا أعرف كيف سيستيقظ والدك بعد سفرك الطويل ، فينظر للشمس المشرقة، ولايرى ضوء عينيك الكحيلتين يلمع في شعاعها، وكيف سيتشمس الدراجيون، دون أن يتشمسوا بشمس وجهك المنير، وكيف ستنهض النوارس البيض على ( مسناية شط كميت ) فلا تجد بياض روحك قريباً منها ، وكيف ستمضي ( المعيديات ) الى (سوكً عبد الحسين المسكَف ) في مدينة العمارة ، دون أن يتصبحن بأخلى شباب العمارة ، ولا أعرف كيف ستعيش الحبيبية ، وأهل الحبيبية دون هواء محبتك، وبهاء قلبك ، وعطر أريجك الفواح ، كيف ، كيف ؟!
لن أرثيك يا أحمد ، بل أرثي قتلتك ، لأنك الحي ، وهم الموتى ، ولن أنعيك يا أحمد، بل أنعي أولئك الذين حملوا بنادقهم ومضوا لأغتيالك، وأنت الطيب والنبيل والكريم المدهش، نعم سأنعي القتلة الذين قتلوا أحلى شباب العراق وأزكاهم ، ولن أنعي ذلك الفتى الذي لم يقتل حشرة في حياته، ولم يؤلم شخصاً طوال عمره ، ربما تكون يا أحمد قد أبكيت بغيابك محبيك، وسببت لهم ألماً كبيراً برحيلك، لكنك حتماً لم تؤلم أحداً غيرهم!!
من طرفي سألعن الطلقات التي أصابتك في مدينة العمارة قبل أيام ، ليس لأنك مرشح عن القائمة الوطنية العراقية ،على الرغم من أني أعرف بأنك لست سياسياً، ولم تتعاط السياسة يوماً في حياتك وثق بأني فوجئت حين عرفت بأنك مرشح هذه القائمة، لأني كنت أظن بأنك مرشح القوائم العراقية الشريفة كلها ، وليس مرشح قائمة بعينها، نعم يألعن الطلقات التي أصابتك، لأنها لم تكن تقصدك وحدك ، بل كانت تقصد كل مافي العراق من محبة وجمال وتسامح ، وكانت تقصد قتل كل طيور النقاء ، وذبح كل غزلان الصفاء ، وأطفاء مصابيح الحياة في جنوبنا الناهض!!
ويقيناً بأن مطلقي هذه الطلقات الغادرة ، سيدفعون الثمن الغالي والباهض حتماً ، فهم معروفون لنا ، ولكل أهالي العمارة ، وأذا كانت الحكومة والأجهزة الأمنية مشغولة اليوم ( بأمور أخرى ) فأننا لسنا مشغولين بغيرك يا أحمد ، ولا شغل لدينا غير الثأر لدمك الشريف، والأيام كفيلة بذلك، فنم قرير العين يا شهيدنا الغالي، فالعراق لن يهزم أبداً، والحرية لن تندحر، والجنوب الخالد ، سيظل خالداً ، والعراق البهي ، سيظل بهياً أبداً ، فدمك ودماء الشهداء زيت القناديل المضيئة، وسيظل دمك ذمة في أعناقنا الى الأبد.[/b][/size] [/font]