المحرر موضوع: مَنْ يكتب الدستور..؟؟؟  (زيارة 2128 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Muhsin Sabit

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 79
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مَنْ يكتب الدستور..؟؟؟
« في: 00:26 21/06/2005 »
مَنْ يكتب الدستور..؟؟؟
[/b]


محسن صابط الجيلاوي

الدساتير تكتبها الشعوب كما يقول( هيكل)، ولكن نسى أن يقول تلك المسكونة بالحداثة وبالجدل وبالسياسيين الذين يرون في( الأمة) موحدة مصدر هام للبقاء والارتقاء والتطور..ذلك هو العنصر الغائب في عراقية جريحة ينهشها العفن وبسملة التاريخ الغابر وفطاحل الداحس والغبراء...أمة نقلتها النخب ودهاء السياسي لكي تكون خانعة وخاضعة للمديح وتجارة تصدير القتلة وبزوغ نجم الدكتاتور والقائد الأوحد....دكاترة وقضاة وسياسيون فاشلون مهمتهم تضخيم الآخر لكي يصدق انه الأوحد والمهم وطوق النجاة..مصيبتنا (المصيبة)الداخلة في الروح والعقل والجسد والتي تلبستنا طويلا لكي تدخلنا نفق التاريخ المظلم...ومن يصدق غير هذا كذاب ومنافق...قبل أيام كنت تشتم وتنشر دون رقيب بعض من هم في المسؤولية ولكن اليوم بقدرة الساحر الرابض فينا تغير كل شيء وأصبح هؤلاء مصدر ألهام ومديح لناس مهمتهم التكسب ورنين الدراهم وفيء المسؤول السمين بكل شيء***...حقيقتنا مرة، وخارطة الروح والوطن مشوهة، ومخطأ من يقول أن الأمم تتشابه في فهمها للتاريخ والمستقبل..هناك أمم حية مصدر حيويتها فكر وبشر اصطفتهم الصدفة أو الضرورة كما في الفهم الماركسي للتاريخ وهناك على النقيض تماما أمم اصطفت السافل والرديء لان الديماغوجيا (شغالة ) عندما يكون ذلك تحت عنوان الدين أو العنصر أو الشعار أو النفخ الأيدلوجي لكي ندخل موت أكيد لفضاء أمة لا تريد أن تهيئ المستقبل بوضوح...

يجب أن يكتب الدستور بإرادة حرة لأمة حرة...ولكن أن يكتب تماشيا مع ضغط خارجي لطبقة سياسية غير ديمقراطية ستؤدي في أحسن الأحوال إلى معركة خاسرة حتما في التطبيق..

دستور يؤمن به الناس يحتاج إلى أرادات تؤمن به، السؤال العريض هل يمتلك العراق في نخبه السياسية والفكرية إمكانية ذلك؟ الجواب يبدو كمن يضرب في تخت الرمل، هناك غياب لأي وضوح يعمق ذلك الاطمئنان على مستقبل واعد للأجيال القادمة...مشكلتنا الدكتاتور الذي (فرخ) عشرات من الدكتاتورين الصغار الذين حاربوه على منطلقاته الشاخصة عبر سلطة تمتلك المال وملايين من البشر ولكنهم تماهوا معه في الثقافة وفي السلوك والإنجاز على قدر الزوايا التي امتلكوها عنوة...استباح الجميع هذا العراق( المسكون بتاريخ ضخم كتبه الطغاة فقط ) بوعي العارف ولكن خلف كل واحد ما يحمي جنونه عبر طائفة هوجاء أو قومية منغلقة، عروبة تبعث التاريخ، وشيعة زهدوا الدولة، وسنة كانوا دوما في قلب الطائفية السياسية, أكراد استبدلوا العراق ببندقية قديمة وحقوق قومية مستلبة...ضاع وسط ذلك ما يجعل هناك وطن يشعل الدفء والرحمة للجميع.. ضياع حقيقي لبوصلة الجميع ومعها ضاع وطن بخيراته وضفافه ومعه تبخر مستقبل الجميع بحياة يتمتع بها الإنسان بالحد الأدنى من الكرامة والعيش الرحيم...

 

شهداء وضحايا ومقابر جماعية حقوقهم تذكرني برواية الطاهر وطار ( اللاز )، وأحياء يتسلمون مسؤوليات لكي يسرقوا ما تبقى..أعضاء برلمان يناقشون تقاعداتهم القادمة وسط بحر من بشر لا يجد فرصة عمل أو تقاعد يضمن للناس الحد الأدنى من حشي البطون..

سياسيون أولادهم وعوائلهم في الخارج بمأمن من الإرهاب الذي يستبيح كل شيء (مثال الألوسي استثناء لأنه يؤمن بوطنية واحدة أسمها العراق ) خلفهم حماية مدججة بالأسلحة ومدربة في كل الدنيا...

ولاءات موزعة...ووطن كجسد ميت وسط أحياء مساكين يلفهم ذهول شديد...
سلطات تقتسم كعكة السلطة الخربة، ( صوملة) حقيقة..استبدلوا استبداد سلطة مركزية باستبداد سلطات صغيرة لازالت جائعة لأكل الأخضر واليابس...

اليوم لا تستطيع أن تجد وظيفة أو تنجز معاملة دون موافقة المجلس الأعلى في البصرة، أو الدعوة في الكوت، أو الاتحاد الوطني في السليمانية، ومثلها في أربيل..رجال حرب صغار استبدلوا البندقية بربطة عنق وبقوة فقراء يستهويهم النشيد والغيبيات والشحن العاطفي...

تلك هي صورة العراق اليوم...كل شئ حاضر إلا وطنية تحتضن مواطن كريم وعزيز وفعال يكون فيها معيار الكفاءة والإخلاص هو العنوان العريض والأساسي لكي يكون مشارك حقيقي في مسيرة الحاضر والمستقبل...