المحرر موضوع: لماذا ترفض الحركة والكنيسة الحكم الذاتي؟  (زيارة 3356 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل الخوري عمانوئيل يوخنا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 418
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
لنتحاور في قضايانا
القسم الثالث: رافضو الحكم الذاتي بين الذرائع المعلنة والاسباب المخفية
لماذا ترفض الحركة والكنيسة الحكم الذاتي؟

لقراءة القسم السابق، انقر:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,209517.0.html
وللاطلاع على مقالات وتقارير ومعلومات وخرائط متعلقة بالموضوع، انقر:
http://www.atranaya.org/Maps/index1.htm
في القسم السابق تعرضنا للمادة 140 من الدستور ونتائج تطبيقها على ديموغرافية شعبنا وجغرافية سهل نينوى، كما تعرضنا في نهاية المقال الى مبدأ الحكم الذاتي والمطالبة به كسقف ممكن ومشروع وتضمينه واقراره وضمانه دستوريا. واشرنا اننا لا نذيع سرا بان مؤسسات شعبنا الرافضة لمبدا الحكم الذاتي تنحصر في مؤسستين هما: الحركة الديمقراطية الاشورية والمؤسسة الاوليجاركية الكنسية. وفي الوقت الذي لكل منهما دوافعه الحقيقية غير المعلنة في الرفض فانهما يتشاركان في اعلان رفضهما وتغطيته بـ"اسباب" حاججنا بعضها في القسم السابق.. وليتدافع الكتاب الموالين للمؤسستين في تسويق رفض الحكم الذاتي والاستهزاء به ويضيفوا "اسبابا" اخرى يتلخص اهمها في ترهيب شعبنا من المجزرة القادمة لا محال في حال مطالبته بالحكم الذاتي!!! ويخضع عدد من مخلصي ابناء شعبنا الى ضغوط هذا الجو التعبوي من رافضي الحكم الذاتي فيطرحون هواجسهم وتساؤلاتهم الصريحة والبريئة.

نكرر ادناه ما اوردنا في نهاية القسم السابق ونزيد عليه ردودنا لمجمل ما يثيره الرافضون او المتوجسون.. وننهي المقال بالاسباب الحقيقية، كما نعتقدها، في رفض الحركة والكنيسة للحكم الذاتي، ذلك ان اسباب الرفض الحقيقية هي غيرها المعلنة. فخلاصة المعلن من اسباب الرفض هي:

-  يقولون: ان شعبنا هو جزء من الشعب العراقي ولا نريده معزولا او منفصلا عن بقية العراق والعراقيين!!
فنرد: ومتى كان الحكم الذاتي يبني جدار عزل بين شعبنا وبقية العراقيين؟ واذا كان الدستور الذي يمثل سيادة العراق ووجوده  اقر الفدرالية دون ان ينتقص ذلك من العراق سيادة وهوية، ودون ان يعني ذلك عزل العراقيين عن بعض وبناء الجدران بينهم والانتقاص من عراقيتهم، فكيف لحكم ذاتي اقل صلاحيات من الفدرالية ان يسيئ الى عراقية المطالبين به والممارسين له.

-  يقولون: ان شعبنا يعيش في كل العراق، ولا يمكن تجميعه او الطلب اليه بالانتقال الى سهل نينوى.
فنرد: ومن دعا الى جعل سهل نينوى علبة سردين للشعب الاشوري، بل وكيف لسهل نينوى اساسا هذه القدرة.. منذ 1991 واقليم كوردستان يتمتع بالفدرالية، ولكن ما زال وسيبقى للمستقبل اكثر من مليون كوردي في مختلف مدن ومحافظات العراق.

-  يقولون: ان الدستور بمادته الـ125 ضمن حقوقنا في الادارات المحلية فلا داع للمطالبة بالحكم الذاتي.
فنرد: حتى بافتراض ان المادة 125 ضمنت حقوقنا السياسية فهل يعني ذلك ان الطموح والتاريخ يتوقف.. ما المانع من تطوير المادة 125 والانتقال منها الى سقف اعلى في الحكم الذاتي. . قلنا حتى بافتراض، لان حقيقة الامر فان المادة 125 لم تحدد ايا من الحقوق بقدر ما هي مادة عمومية اشبه بالكليشة التي تجدها في دساتير مختلف الدول حتى الاستبدادية. فالمادة 125 في احسن احوالها تنحصر بسقف الادارات المحلية التي لا تمتلك صلاحيات تشريعية. وتسلسلها في مواد الدستور تثبت ذلك.

- يقولون: ان الحكم الذاتي مطلب شوفيني عنصري وليس مطلبا وطنيا.
فنرد: كيف يمكن للحركة الديمقراطية الاشورية التي تبنت في منهاجها السياسي حق تقرير المصير للشعب الكردي وبانه مطلب وطني ان تتهم الحكم الذاتي لشعبنا مع بقية مكونات سهل نينوى بانه مطلب غير وطني!! وكيف يمكن لها وقد قبلت بفدرالية العراق على انه مطلب وطني ان تتهم الحكم الذاتي بغير ذلك!! وكيف يمكن لامينها العام الذي قال بصراحة في ندوة سياسية في لندن خريف 2005 ان العراق هو اسرائيل الاشوريين(1) ولكنه يتهم اليوم الحكم الذاتي بانه مطلب شوفيني عنصري.

-  يقولون: ان المطالبة بالحكم الذاتي ستجعلنا هدفا للارهاب والارهابيين.
فنرد: ان استهدافنا من قوى الارهاب والتكفير والاسلام الاصولي ليس بسبب مطالبنا السياسية بل بسب هويتنا وخصوصيتنا القومية والدينية. فهذه القوى ترفض الاخر بغض النظر عن اجندته السياسية.. فهل طالب الصابئة بالحكم الذاتي ليتم استهدافهم حد الاجتثاث. وهل طالب الايزيدية به ليتم استهدافهم بشكل بشع في سنجار والموصل. وهل كانت كنائسنا ورجالها ومؤسساتنا وبناتنا وابناءنا مطالبين بالحكم الذاتي عندما استهدفهم الارهاب بالتفجير والنحر والقتل والاختطاف والاغتصاب.
انه امر مشين ان يلجا البعض، وهم في مستوى المسؤولية السياسية او الكنسية او الفكرية، الى ترهيب شعبه لتبرير موقفه السياسي برفض الحكم الذاتي. ان هؤلاء انما يبررون الارهاب بل ويوجهون اليه دعوة مفتوحة لاستهداف شعبنا في سهل نينوى.. فلسان حالهم يقول للارهابيين: هلموا استهدفوا شعبنا فان ارهابكم مبرر.
شخصيا اقولها وبصراحة: ان هؤلاء الدعاة يتحملون مسؤولية اية قطرة دم ينزفها شعبنا في سهل نينوى من جراء اي عمل ارهابي يحدث هناك، لا سمح الله.

يقولون: ان المطالبة بالحكم الذاتي في سهل نينوى تجعل شعبنا بين فكي كماشة كردية-عربية.
فنرد: انه بغض النظر عن سقف مطالبنا السياسية فان السهل هو من مناطق التحادد بين اقليم كردستان والمحافظات العربية.. فالـ"الكماشة" (رغم تحفظي على التسمية) موجودة بحكم الجغرافيا سواء كنا في هذا الجانب او ذاك من جغرافيا التحادد.
ولكن الاهم من هذا ان الحكم الذاتي هو مشروع وطني للسلم والتكامل والتضامن وليس مشروع حرب وصراع.
فوسائل المطالبة بالحكم الذاتي في حال شعبنا واليات ضمانه تختلف عن المسار الذي اتخته المطالبة الكردية في العقود المنصرمة.. ففي الحالة الكردية كان العراق محكوما بانظمة فاشية دكتاتورية واستبدادية وكان يفتقر الى المؤسسات الدستورية للدولة التي رفضت حقوق القوميات غير العربية، فلم تدع خيارا للشعب الكردي وقواه السياسية سوى خيار الكفاح المسلح.
في حالة شعبنا، الامر مختلف تماما.. نحن لا ندعو الى الكفاح المسلح في جبل مقلوب والقوش لفرض الحكم الذاتي..
نحن ندعو الى تبنيه واقراره دستوريا في عملية سياسية دستورية وطنية.. وبذلك يتحول الحكم الذاتي الى التزام وطني بعهدة الحكومة العراقية ويفرض التزامه عليها بقوة الدستور.
وحتى، بافتراض السيناريوات الداكنة لرافضي الحكم الذاتي، فان سهل نينوى ليس اكثر من 30 كلم من تحادد كردي-عربي يمتد لمئات الكيلومترات.. وانه جغرافيا، وكما اسلفنا، يقع في هذه "الكماشة" بغض النظر عن سقف مطالبنا السياسية.

يقولون: نحن لا نريد الحكم الذاتي من الخارج (كما اعلنت الحركة بلسان امينها العام السيد يوناذم كنا).
نرد: ما المقصود بالخارج؟
فان كان المقصود المؤسسات الاشورية المهجرية او غير العراقية.. فاننا نتساءل: هل ان الاحزاب والمؤسسات الاشورية المطالبة بالحكم الذاتي (احزاب لجنة التنسيق والمجلس الشعبي) هي من الخارج؟. التناقض الغريب ان كافة احزاب ومؤسسات شعبنا التي اقامت الحركة علاقات وتحالفات سياسية معها (مستقرة او متقلبة) هي تنظيمات مهجرية او غير عراقية!!
واذا كان المقصود المهجر الاشوري.. فهل نسي السيد كنا ان اصوات المهجر هي التي منحته مقعده البرلماني، فلماذا هذا المعيار المزدوج.. للاصوات نعم وللحكم الذاتي كلا!!
 واذا كان المقصود بالخارج دول الجوار.. فهل يتكرم علينا ويخبرنا اية دولة جوار طالبت بالحكم الذاتي لشعبنا.. بل، واساسا، ايا من احزاب شعبنا له علاقات او تلقى الدعم من الاجهزة الاستخبارية لدول الجوار كالتي كشفها السيد اللواء قرياقوس متشو في اللقاء المنشور معه على اكثر من موقع الكتروني.(2)
واذا كان المقصود بالخارج الولايات المتحدة الامريكية.. فلماذا هذه الازدواجية والمزايدات.. اليس السفير بريمر من عين السيد يوناذم عضوا في مجلس الحكم؟. اليست الحركة من سعى مع السيدة انا ايشو في مطلب ربط السهل بالحكومة المركزية؟. اليست الحركة واصدقاءها يدفعون التكاليف الشهرية الباهظة للسيد مايكل يواش وانشطته في واشنطن لكسب الدعم للحركة؟. وهذا من حق الحركة فواشنطن لها تاثيرها في العراق، ولكن ما ليس من حقها هو المزايدات والمعايير المزدوجة.
واذا كان المقصود الامم المتحدة.. فالمنظمة الاممية تمارس دورها في العراق بطلب ودعم من الحكومة العراقية.. وهنا ايضا، اذا كانت الامم المتحدة مقصودة بـ"الخارج" فلماذا الركض وراء مسؤوليها ولجنتها العاملة في العراق.
نتمنى ان يتم تنويرنا ما هو هذا الخارج الذي يرفض السيد كنا تصديره الحكم الذاتي الى شعبنا.
 
يقولون: ان الاوان الحالي بسبب اوضاع العراق السياسية والامنية وعدم الوضوح في الرؤيا ليست مؤاتية للمطالبة.
نرد: ان مطالبتنا هي ضمن العملية السياسية والدستورية المستمرة في العراق حيث تحاول جميع الاطراف السياسية والقومية المشاركة بما يضمن حقوقها وطموحاتها ويعطيها الغطاء والشرعية الدستورية.. فلماذا لا يكون الشيئ ذاته لشعبنا؟
وبما اننا ندعو الى اعتراف وضمان دستوري بمبدا الحكم الذاتي فانه لا بد من السعي اليه الان حيث عملية مراجعة الدستور وتغييره قائمة.. حيث لا يمكن لنا تغيير او مراجعة الدستور متى ما شئنا وكيفما شئنا، فهي عملية معقدة وصعبة وتضبطها ضوابط دستورية (ادعو القراء الى مراجعة مواد الفصل الاول من الباب السادس من الدستور للاطلاع عليها).
وبذلك لا بد من استثمار الفرصة التي تتيحها العملية السياسية الجارية للسعي لادخال تعديلات دستورية لصالح شعبنا سواء من حيث وحدة تسميته الدستورية، سقف مطالبه السياسية، علمانية الدولة ودور الشريعة، او ديباجة الدستور وغيرها..
واقول بصراحة، شكرا للعرب السنة الذين بسعيهم لمراجعة الدستور بعد التحاقهم بالعملية السياسية اتاحوا لنا ايضا فرصة مراجعة الامور لتصحيح ما فشل به اعضاء لجنة الدستور في حينها، عندما اصر احدهم على تسمية منتحرة لشعبنا في حين سعى الاخر الى ادراج واو العطف بين تسميات شعبنا وتمزيقه دستوريا، والى ما ذلك من مظاهر الفشل في الدستور القائم.

يقولون: ان الاهم والاولوية هي للاستقرار الامني والاستثمار والرفاه الاقتصادي.
نرد: لا احد ينكر اهمية الامن والاقتصاد ليس لشعبنا ولسهل نينوى فحسب، بل ولكل العراق والعراقيين.
ولكن هذا لا يبرر عدم المطالبة بالحكم الذاتي، فهذه مطالبة مرتبطة بالعملية السياسية والدستورية القائمة وكما اوضحنا في النقطة السابقة، في حين ان الامن والاستقرار والتنمية الاقتصادية هي مهمة مستمرة.
نحن لا ننكر اهمية الامن والاستثمار الاقتصادي بل وندعو اليه، وندعو تحديدا المهجر الاشوري ايضا للاستثمار في الوطن وخلق فرص العمل وغيرها من الامور الحيوية، ولكن هذه دعوة مستمرة ليست رهينة زمنيا بمراجعة الدستور، عكس المطالبة بالحكم الذاتي التي اذا ما فشلنا في تحقيقها مع العملية القائمة لمراجعة الدستور فاننا نكون فوتنا فرصة وعلينا الانتظار، ربما لعقود، قبل ان تتاح لنا عملية اخرى لمراجعة الدستور.

يقولون: وما هي صلاحيات الحكم الذاتي، وحدوده، ومرجعيته الادارية؟ وكيف يرتبط او يتكامل فيه وجودنا الديموغرافي في اقليم كردستان؟ وغيرها من الاسئلة المماثلة او في هذا الاتجاه..
نرد: ان جميع هذه الاسئلة وغيرها هي مشروعة ومستحقة، ولكنها سابقة لاوانها. فالمطالبة الحالية هي لتضمين الدستور مبدا الحكم الذاتي الذي ستصاغ تفاصيله في قوانين لاحقة، كما هو الحال في العديد من المبادئ السياسية التي اقرها الدستور. فالفدرالية مثلا، مبدا اقره الدستور، ولكن تفاصيله من حيث عدد الفدراليات وحدودها وصلاحياتها وميزانياتها هي تفاصيل لا تدخل ضمن مهام الدستور بل تركت لتشريعات يتم اقرارها في الحوار السياسي وضمن المؤسسات السياسية العراقية.
الامر ذاته للحكم الذاتي.. فالمطلوب حاليا هو اقراره كمبدأ دستوري.. اما تفاصيله فستاتي لاحقا.
ان تعمد تقديم اجابات على هذه الاسئلة بصيغة او باخرى بغاية اجهاض المطالبة بمبدا الحكم الذاتي هي عملية غير مسؤولة وهي بمثابة قتل الجنين قبل ولادته بذريعة نوع الملبس او الماكل الذي يتوجب اعداده له.

يقولون: لماذا المطالبة بالحكم الذاتي في سهل نينوى؟ لماذا لا يقر الكرد الحكم الذاتي لشعبنا في اقليم كردستان؟ اليس هذا دليل على ان الكرد لا يريدون لنا الحكم الذاتي؟
نرد: ان المطالبة بالحكم الذاتي لسهل نينوى حيث شعبنا وبقية مكونات السهل من الاقليات هي مطالبة اشورية وليست كردية.
وان القوى السياسية التي تشعر بالمسؤولية تجاه شعبها لا تحدد مطاليبها بحسب ما يريده الاخرون ولا تتحرك بدافع اختبار نوايا الاخرين او امتحانهم، بل تتحرك وفق رؤيتها لمصلحة شعبها والتي قد تلتقي او تتعارض مع مصالح الاخرين. فلا الالتقاء يعني التشكيك بصدقية القوى ومطالبها، ولا التعارض يعني التخلي عنها.
القيادات الكردية، مثلا، لم تشترط موافقة العرب والتركمان ولم تطلب اختبار نواياهم في دعوتها لضم كركوك الى الاقليم.. فالقيادة الكردستانية مؤمنة بحقها المبدئي هذا بغض النظر عن موقف العرب والتركمان، وتسعى الى اقناعهم وطمانتهم وكسب دعمهم عبر الحوار السياسي وعرض الحقائق وتبيان المصالح المشتركة.. وان رفض العرب والتركمان لمطلب القوى الكردية لا يجعل الاخيرة تتخلى عما تراه حقا مشروعا لشعبها.
كذا الحال، فان القوى والاحزاب الاشورية في مطالبتها بالحكم الذاتي فانها لا ترتهنه بموقف القيادات الكردية، التي اذا ما دعمت المطلب فانه يسهل ويعجل الامر، واذا ما لم تؤيده فان قوى شعبنا لا تتخلى عنه. وهنا نقول ان الكرد ليس مطلوبا منهم ان يكونوا اكثر اشورية منا، مثلما ليس مطلوبا من الاشوريين ان يكونوا اكثر كردية من الكرد.. فاذا كان بعض الاشوريين يرفضون ويعيقون ويستهجنون مطلب الحكم الذاتي، فلماذا يكون مطلوبا من الكرد الدفاع عن الحكم الذاتي!!!
ونتسائل: هل ان عدم تضمين الحكم الذاتي في دستور الاقليم يعني علينا التخلي عن المطالبة به في الدستور العراقي؟ علما ان المطالبة هي تضمين المبدا في كل من الدستورين العراقي والكردستاني..

هذه بصورة عامة اهم ما اطلعنا عليه من المحاججات التي يسوقها رافضي الحكم الذاتي (مع فارق ايرادها من قبل مؤسسات او من قبل افراد مهتمين يطرحون تساؤلاتهم من منطلق الحرص البرئ او خاضعين لضغط الاجواء الرافضة).. ولانها اسباب واهية وحجج متساقطة وغير خافية فمن حقنا ان نتساءل عن الاسباب الحقيقية وراء رفض الحركة الديمقراطية الاشورية والسلطة الكنسية للحكم الذاتي؟
نقول، انه وفق اعتقادنا الذي نطرحه بصراحة وشفافية للنقاش على مبدأ احترام الراي والراي الاخر فانه في الوقت الذي تلتقي فيه الحركة مع السلطة الكنسية في رفض الحكم الذاتي فان لكلا منهما اسبابه ودوافعه المختلفة عن الاخر.
فبالنسبة للحركة الديمقراطية الاشورية، او لنقل بشكل اكثر تحديدا امينها العام السيد يوناذم كنا حيث نرى، كما يرى مجمل المطلعين على الحركة والية تحديد مواقفها، ان الحركة ومنذ امد بعيد، ولاسباب متعددة لا يسمح بها اطار المقال، قد انتهت من اداء المؤسسة السياسية واختزلت نفسها في شخص امينها العام في تحديد المواقف التي ليس على اعضاء المؤسسة وانصارها سوى الموافقة وتسويق ما يقره حتى لو كان بالضد من منهاج الحركة والمبادئ السياسية التي قامت عليها.. ولعل قبول وتسويق وتبرير اعضاء واعلام الحركة لمقولة (الحكم الذاتي مطلب شوفيني عنصري) التي نطق بها السيد يوناذم في الوقت الذي دعمت فيه الحركة فدرالية العراق هو شاهد على ما نقول.
تصوروا معي للحظة واحدة ماذا كان سيكون عليه موقف اعضاء الحركة واعلامها لو ان قائل مقولة (الحكم الذاتي مطلب شوفيني عنصري) لم يكن السيد يوناذم بل كان سياسيا عراقيا شيعيا او كرديا!!!
وتصورا معي للحظة واحدة ماذا كان سيكون عليه موقف اعضاء الحركة واعلامها لو ان ملفات عملاء استخبارات النظام لم تكن اوردت اسم السيد يوناذم بل اسماء ساسة اخرين (حاشاهم) من ابناء شعبنا مثل السادة سركيس اغاجان، فوزي حريري، ابلحد افرام، نمرود بيتو، روميو هكاري، وغيرهم..
سبقني كثيرون في الاجابة عن سؤال: (لماذا ترفض الحركة الحكم الذاتي) (4). وادرج ادناه الاسباب التي هي برايي وراء رفض السيد يوناذم للحكم الذاتي، فاقول باختصار:
- رفض المواقف او المطالب السياسية ما دامت لم تأت من طاولة السيد يوناذم هو جزء من التكوين النفسي لشخص السيد يوناذم وهو نتاج محاولات الاختزال المستمرة التي يحاولها.
والرجل نجح في اختزال الحركة بشخصه واقصاء كل غير الموالين فيها وابقاء طالبي النعمة وملء الشواغر بسياسيين قوميين حديثي الولادة.. ولكن محاولة اختزال الامة بالحركة وبالتالي بشخصه، وان كانت مستمرة منذ 1991 (المجال يضيق بها في هذا المقال) الا انها محاولة فشلت لحد الان ولكن الرجل مصر للاستمرار بها، ففضاءه وعالمه لا يتسع لغيره هو.
هناك معيار واحد في اداء الحركة السياسي ومشهدها الاعلامي وهو:
الكل، مؤسسات واشخاص ومواقف، ما داموا خارج الحركة تنظيميا او فكريا او سياسيا هم: مدنسون وخونة وغير قوميين وغير وطنيين.. والكل ما دام ضمن الحركة ويسير ضمن اجندة السيد يوناذم ويسوق له هو طاهر ومخلص وقومي ووطني.. حتى بات التصنيف بحسب معيار الحركة لا يتحمل اي لون اخر سوى الاسود والابيض.
وحيث ان الحكم الذاتي ياتي من خارج غرفة السيد يوناذم (ليس مهما كانت غرفة عمل او طعام) فانه مطلب غير قومي وغير وطني وهو موقف خياني لا بد من رفضه!!
- السيد يوناذم لا يعيش الا على فتات الصراعات السياسية بين اللاعبين الكبار، والمشكلة الاكبر انه دائما يكون في الطرف الابعد جغرافيا وحياتيا عن مصالح شعبنا.  فعلى مدى 12 عاما اقتات على الصراعات السياسية بين البارتي واليكتي وكان اداة اليكتي في ساحة البارتي ومن خلال هذا كسب الادوار لشخصه وحركته (وليس لشعبه)، وهذه معروفة ولا تتطلب الاستفاضة.
ومع الاتفاق الاستراتيجي بين البارتي واليكتي في مرحلة عراق ما بعد التحرير، كان لا بد للسيد يوناذم ان يقتات على صراع سياسي اخر، فنقل تموضعه الى الطرف العروبي. وما كسبه لحد الان من هذا التموضع ليس هينا، فقد تم شطب اسمه من قوائم الاجتثاث مع الكثيرين من العرب السنة ضمن تفاصيل الصفقة السياسية لاشراك العرب السنة في العملية السياسية. وهو يطمح للمزيد من المواقع الشخصية في القادمات من العملية السياسية في العراق.
ولكن التموضع له استحقاقاته، ومن بينها رفض الحكم الذاتي الى جانب رفض او اعاقة تطبيق المادة 140 ، والدفاع عن الهوية العربية والاسلامية لمحافظة نينوى (4) (وهما مطلبان عروبيان بامتياز).
- الا ان التموضع اعلاه يهدف ايضا تمرير رسالة الى الجانب الكردي مفادها: (اني قادر على ازعاجكم فلماذا لا تعيدون تاهيلي، خاصة واني اعود نادما). وبوابة رفض الحكم الذاتي هي المدخل، من حيث ان السيد كنا يتوقع ان هناك في المؤسسة السياسية الكردستانية (البارتي واليكتي) متنفذين او اجنحة ترفض او تتحفظ على الحكم الذاتي لشعبنا، ومع اجماع كافة الاطراف السياسية والقومية الاشورية على مطلب الحكم الذاتي يصبح السيد يوناذم الجهة السياسية الاشورية الوحيدة التي سيبادر رافضي الحكم الذاتي في المؤسسة السياسية الكردية الى تبنيها وبالتالي اعادة تاهيل السيد يوناذم. خاصة وهو يدرك انه ورغم كل المواقف السياسية والاعلامية والتعبوية التي التزمها وحركته ضد القيادات والمطالب الكردية بل والشعب الكردي عموما فان القيادة الكردية لم تبادر الى رد الفعل، فامتيازات السيد يوناذم والحركة ومنحتها الشهرية الكبيرة من الحكومة الكردستانية ما زالت مستمرة.
- والعيش على الصراعات والازمات يمارسه السيد يوناذم داخل شعبنا ايضا ليضمن استمرار مركزه، فمن ناحية يتم الهاء الشعب ومؤسساته واستنزافهم، ومن ناحية فان الانقسام العمودي يعني بالضرورة ان احد طرفيه يتخندق مع السيد يوناذم وحركته. ولاجل ذلك فانه يتم دعم الانقسام اذا كان موجودا، وخلق الانقسام حيث ليس موجودا.
من منا لم يشهد ويعايش هذا السلوك التمزيقي من طرف السيد يوناذم في مؤسساتنا القومية المختلفة في الوطن والمهجر.. الم تكن احتفاءات يوم الشهيد الاخيرة شاهد على اننا اصبحنا شعبين وخندقين، احدهما هو الشعب بمؤسساته وابناءه، والاخر هو الحركة واعضاءها.. ومن منا لم يشهد ويعايش ذلك حتى في القرى والقصبات الاشورية في الوطن.. ومن منا لم يعايش دور الحركة في محاولة شق كنيسة المشرق الاشورية في المهجر من خلال دعم تمرد الاسقف مار باوي.
ومن منا لا يتابع مؤشرات ذات الدور في الخطة الموضوعة على طاولة غرفة العمليات في زيونة لشق كنيسة المشرق الاشورية في العراق، والتي ابتدات عملياتها منذ فترة وبدات واجهات الحركة الاعلامية التسويق التدريجي له (تابع ما ينشره موقع ميسوبوتيميا الذي يديره اعضاء الحركة في لندن).
وبذلك كان لا بد للسيد يوناذم والحركة ان ترفض الحكم الذاتي ومنع تحوله الى نقطة اجماع قومية.. فالاجماع يضر بالولاء للحركة، في حين ان الانقسام السياسي على خلفية سقف المطالب السياسية سيعزز من تخندق المتخندقين مع الحركة، وربما يزيدهم من خلال التحاق اخرين من رافضي الحكم الذاتي بمختلف دوافع الرفض التي شهدناها من بعض يعتبر نفسه وريثا للفكر العروبي الذي زرعه النظام في العراق وسهل نينوى، واخرون مدفوعين بمواقف شخصية من المطالبين بالحكم الذاتي.
- سنين عديدة امضاها ويمضيها السيد يوناذم كنا في تعبئة المهجر الاشوري المؤسساتي والشعبي ضد القيادات الكردية وعموم الشعب الكردي وضد مبدأ الشراكة الوطنية معه.. ولسنين طويلة يستمر السيد يوناذم بتصوير نفسه وحركته بانها مستهدفة من قبل الكرد.. وهذه التعبئة تطلبت، بين ما تطلبته، التعبئة ضد المؤسسات والقوى والشخصيات الاشورية التي تؤمن وتلتزم بالشراكة الوطنية مع الشعب الكردي، واتهامهم باشنع التهم حد تخوينهم.. وحيث ان هذه التنظيمات والشخصيات اجمعت على مطلب الحكم الذاتي فبالنتيجة كان توجه انصار الحركة في المهجر ضد مطلب الحكم الذاتي وبانه مشروع كردي!! وبذلك وجد السيد يوناذم كنا نفسه في زاوية ضيقة، فاما دعم الحكم الذاتي وبالتالي الالتحاق بخانة التنظيمات الاشورية الاخرى، وعندها ماذا سيقول لانصاره في المهجرالاشوري الذين اتهموا هؤلاء بالخيانة والعمالة للكرد!! او رفض الحكم الذاتي والابقاء على دعم مناصريه في المهجر.. فاختار الخيار الثاني.. يقول الكتاب المقدس: (حيث هي كنوزكم هناك تكون قلوبكم).. وكنوز السيد يوناذم هي في المهجر الاشوري وليست في اجيال شعبنا ومستقبله في الوطن.
- السيد يوناذم كنا يدرك ان انقسامنا العمودي بطلب او رفض الحكم الذاتي يعني بالنتيجة النهائية ان العملية الدستورية ومطبخها السياسي لن يتبنى الحكم الذاتي بل سيتبنى السقف الادنى، فهذا هو شان البازارات السياسية، فما دام (القاضي راضي) وما دام العضو الاشوري في لجنة مراجعة الدستور يرفض الحكم الذاتي فهل نتوقع ان يطالب به الاعضاء الاسلاميين الشيعة والعروبيين السنة والكورد.. ومع عدم اقرار الحكم الذاتي سياتي السيد يوناذم ليقول: (انظروا اني الوحيد الذي قرات المشهد السياسي واني الوحيد الذي امتلك الرؤية السياسية)!!!
نقول له ومن الان: (ان رفضك للحكم الذاتي هو سبب عدم تبنيه، فلا يشرفنك ذلك.. انه موقف رخيص ان يعمل المرء بالضد من مصلحة شعبه ليقول في النهاية اني كنت ادري النتيجة). من يقتل القتيل يجب ان يمتلك الجراة لعدم السير في جنازته.
مما سبق ندرك ان الاسباب الحقيقية (وليس الذرائع المعلنة) لرفض السيد يوناذم كنا وحركته الديمقراطية الاشورية هي جميعا اسباب ودوافع شخصية لا تمت بشيئ للمنهاج السياسي للحركة ومبادئها القومية والوطنية والتي من اجلها استشهد قادتها وكوادرها. وان الاغلبية الصامتة للحركة المؤمنة بهذه المبادئ باتت لا حول لها ولا قوة فارتضت بالانسحاب والسكون تاركة المسرح لمن ملئوا الفراغ من الملتحقين الجدد والاقلام الصريحة والمستعارة ليسوقوا لرفض الحكم الذاتي.
(بالمناسبة اتوقع كما هائلا من الكتابات المستعارة ونزرا يسيرا من الصريحة نتيجة هذا المقال، ستتوجه جميعها، وكالعادة، الى التهجم السوقي على الكاتب وليس النقاش الموضوعي للمضمون. اشكر الجميع مقدما فذلك يثبت ما اوردته اعلاه).

اما لماذا ترفض المؤسسة الاوليجاركية الكنسية الحكم الذاتي؟
نقول اولا ان ليس كل المؤسسة الكنسية ترفض.. فهناك من اعلن دعم المطلب واخر الشواهد كان كلمة قداسة البطريرك مار دنخا في احتفائية يوم الشهيد الاشوري في شيكاغو.. وكان هناك موقف الاسقف مار سرهد جمو (رغم الدور السلبي للاسقف جمو في مسائل مهمة اخرى).. وهناك من يعلن ان الكنيسة ليست من يقول في هذا المطلب بل الاحزاب السياسية (موقف قداسة البطريرك مار ادي الثاني وغبطة المطران مار كوركيس صليوه) وهو موقف اراه شخصيا داعما بصورة غير مباشرة لمطلب الحكم الذاتي.
القائمون على المؤسسة الاوليجاركية الكنسية هم بشر مثلنا.. ومن الطبيعة البشرية حب السلطة.. وتاريخ السلطات الاوليجاركية يشهد انها لا تتخلى بسهولة عن السلطة على الشؤون الحياتية والسياسية لاتباعها.. وهذا ينطبق على عموم السلطات الدينية لمختلف الاديان وفي عموم الازمان والاوطان.. وشعبنا والسلطات الاوليجاركية الكنسية فيه ليست مستثناة عن هذا القانون العام.
ان الحكم الذاتي يعني، بين ما يعنيه، ان يكون للشعب مؤسساته القانونية التي تنظر وتخطط وتعمل وتعالج مختلف الامور والمسائل الحياتية للشعب، السياسية منها والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها. ولن يكون الاكليروس الكنسي في هذه الحال المرجعية التي يلتجا اليها ابناء الشعب في مطالباتهم وهمومهم وطموحهم. وستنحصر مهام السلطة الكنسية بالامور الكنسية.. وهذا اخر ما ترضى به قانعة هذه السلطات التي ستبقى تتشبث الى ما يمكن لها التشبث بهذه السلطة.
هذا ببساطة ولكن بصراحة السبب الاول والاخير لرفض السلطات الاوليجاركية الكنسية للحكم الذاتي بما سيوفره من مرجعيات مؤسساتية مدنية للشعب.

لا يخدعن ايا منا نفسه بان شعبنا اجتاز او هو خارج ساحة الصراع بين العلمانية القومية والسلطة الدينية..
واذا كان الحكم الذاتي ورفضه هو المشهد الاكثر حدة في هذا الصراع، فان هناك مشاهد اخرى قائمة تعبر عن هذا الصراع اهمها السعي المحموم للسلطة الكنسية الى تمييع هوية ووجود شعبنا وحصرها بهوية دينية مسيحية.. فمصطلحات مثل (شعبنا المسيحي) و(احزابنا المسيحية) و(الكوتا المسيحية) وغيرها باتت تسود تدريجيا الخطاب السياسي لشعبنا. فيوم نكون فيه (شعبا مسيحيا) له (احزاب مسيحية) و(تمثيل مسيحي) فعندها تكون المرجعية الكنسية المسيحية هي المتحدثة باسم الشعب والوصية عليه.. وهذا هو الهدف من المسعى.
وتمييع الهوية القومية من قبل المؤسسة الكنسية ليس جديدا، فقد سبقه، وما زال مستمرا، جهد تعريب الهوية الثقافية للكنيسة وابناءها حتى باتت العربية لغة الكنيسة الرسمية في طقوسها، مقرراتها السنهاديقية، رسائلها البطريركية، صفوف ومناهج تعليمها المسيحي، وغيرها مما يجب التوقف عنده ومراجعته بجدية.

ان ما يعزز قدرة الاوليجاركيا الكنسية في ادامة وصايتها على الشؤون والامور السياسية والحياتية لشعبنا في العراق هو الوضع السياسي السائد في الحكومة المركزية وهيمنة التوجهات الدينية عليها، فمعظم سياسيي الحكومة المركزية هم من الاحزاب الدينية الاسلامية التي تدين بالولاء للمرجعيات الدينية، ومن المستحب لها ان تتعامل مع شعبنا من خلال مرجعياته الدينية التي لا تتردد في قبول هذا الدور لانه يشبع رغباتها.
اضافة الى ان بين احزابنا من فتح الباب واسعا لهذه المرجعيات الكنسية للتدخل والوصاية على الشان السياسي لشعبنا.. فمن منا لا يتذكر من كان يشغل الصف الاول لكراسي مؤتمر بغداد في مقابل اقصاء وابعاد الاحزاب والمؤسسات القومية لشعبنا عن المؤتمر المذكور. ومن منا لا يتذكر مقولات ان فلانا هو مرشح البطريرك، او ان البطريرك ايد القائمة الفلانية وغيرها من الممارسات التي تحكمت بها الانانية الحزبية على حساب مبدأ فصل الدين عن الدولة بما يعنيه من تحرير الشان السياسي لشعبنا عن وصاية المرجعية الكنسية.
ان المرجعية الدينية (ايا كانت) اذا كانت اكتفت في اليوم الاول بدعوتها لتاييد فلان او وتزكية علان، فانها في اليوم التالي لن تقبل باقل من دور تسمية فلان وعلان، وانها في اليوم الثالث لن تقبل بغير السلطة المطلقة.
بالتاكيد فان للكنيسة قولها وموقفها المطلوب والواجب بشان القضايا الحياتية لشعبها، ولكن القول شيئ والوصاية واخذ دور البديل وتمييع الهوية القومية شيئ اخر.


والى اللقاء في الاسبوع القادم مع (بين الحكم الذاتي والمنطقة الامنة)..

القس المهندس
عمانوئيل يوخنا
المانيا في 9 اب 2008

(1) استمع: http://www.capiraq.org/Audio/YYK_IraqIsrael.mp3
(2) http://ishtartv.com/interviews,33.html
(3) http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,187808.html
(4) http://www.atranaya.org/Maps/Articles/ADM_Nineveh.pdf