المحرر موضوع: هـلوســـــــــه مونودراما من مشهد واحد  (زيارة 5997 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ahmed alatbi

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 5
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
 
هـلوســـــــــه
مونودراما من مشهد واحد

 
 
 
 
الشخصيات
- سندس


الستارة لا تزال مسدلة والأضواء مشتعلة, تنبعث موسيقى مضطربة من المسرح, صوت جيتار, ولكن لا توجد نغمة محددة للعزف, فجأة يتوقف الصوت, ويسمع صوت تحطم قطعة خشبية
بعد انتهاء الحطام يرفع الستار على منظر معتم, توجه بقعة من الضوء إلى الزاوية اليسرى من المسرح .... هناك تجلس سندس واضعة رأسها بين ركبتيها, وبجانبها حطام الجيتار, ينسدل شعرها المجعد ليغطي جميع ملامحها, يبدأ الضوء بالظهور تدريجيا, ليظهر ملامح الغرفة, بجانب سندس يمتد سرير خشبي مغطى بملاءة بيضاء, وفوقه بعض الدمى القطنية , تتوسط الغرفة طاولة مستديرة, وفوقها بعض الأوراق والكتب المبعثرة
( في إحدى الزوايا تنتصب خزانة من أدراج , وفوقها بعض الأواني الأثرية وبعض الشمعدانات )

تقضم أظافرها وهي تتمتم  : لابد بأن أكون على صواب, لقد نعتتني بالمريضة , إنها تستحق ما حدث لها, لقد اضطرتني إلى ضربها تلك الحمقاء.. تهز رأسها 
نعم إنها تستحق ذلك ( وتستمر في قضم أظافرها.. ) ( لحظة صمت ), إنني أكرهها ( تزداد نبرة صوتها ), نعم أكرهها ( وترتفع إلى حد الصراخ .. ) إنني أكرهكم جميعا , أكرهكم , أكرهكم ( تستمر لحظات الصمت ), ( فجأة تبدأ بالبكاء والنحيب , ثم تصمت فجأة ), ( تنهض من مكانها , تتلفت في جوانب المسرح وكأنما تبحث عن شيء...) ( تهمس ) : أبي... أهذا أنت ؟؟ , إنني أشعر بوجودك ( تبدأ بالنظر إلى شيء وكأنما هو موجود.. ) اقترب مني لألمسك.... إنني أشعر بدفء أنفاسك
( تصمت .. ) لابد أن هؤلاء الحمقى منعوك من زيارتي, إنهم لا يريدونني أن أراك, يقولون بأنك قد مت .. ( تبدأ بلمس هذا الخيال... ) قل لهم بأنك لا تزال موجودا , قل لهم بأنك حي يا أبي , بدد شكوكهم يا والدي ( تبتسم ), ( وكأنما سمعت ردا مقنعا أراحها .. ) لقد اشتقت إليك كثيرا.. لقد علمت بأنك لن تتركني طويلا .. أليس كذلك يا حبيبي.. عدني بأنك لن تتركني .. ( تبتسم..) ( فجأة تتغير ملامحها .. ) أبي !!
( ترتفع نبرتها ) أبي !! ( تبدأ بالصراخ ) , تبا ً لك َ أنت أيضا , إنك كاذب مثلهم, إنك خيال مثلهم, فلتحل عليكم اللعنة جميعا ً ( تحطم الأواني اللتي تعلو الخزانة ) ,
( تتجه إلى الأوراق التي على الطاولة وهي تتمتم..)

ما الفائدة من هذه الأوراق البالية علي تمزيقها ( تمسك تلك الأوراق وتقطعها بصورة هستيرية ) جامعة ودراسة, ما الفائدة منها ؟ سأموت قريبا لذا لا فائدة ( تبدأ بالضحك بصورة هستيرية, ويمتزج ضحكها بالبكاء.. وتتوقف عن تمزيق الكتب والأوراق.. )
( تنظر إلى السماء ويرتفع صوتها ) : يا إلهي إنني أتحطم ( تتدثر بغطائها وتحتضن دماها, تكلم إحداها وهي تضمها ) : أمي لقد كنت قاسية علي , لم تكوني هكذا قبل رحيل أبي, إنك تمنعينني من أشياء كثيرة.. لقد أصبحت قاسية جدا ( تصدر تنهيدة مرتفعة ), آه لو تعلمين كم أحبك يا أمي.. ( تنظر إلى الدمية وتخاطبها ) هل تحبينني أنت أيضا ؟؟ ( تصمت وكأنما تنتظر جوابا .. ) ( بنبرة منفعلة ) : أمي أنا أكلمك .. لماذا لا تجيبينني؟؟ هل تحبينني مثلما أحبك ؟ ( صمت .. ) ( تصرخ ) : اللعنة !!
( تمزق الدمية بحالة من الغضب ) كلكم لا تجيبون, كلكم صامتون لماذا؟ ( تمزق باقي الدمى .. ) لا فائدة من وجودكم فأنتم جميعا صامتون.. لقد قطعوا ألسنتكم لكي يغيظونني . لكي أشعر بالوحدة.. لذا علي تمزيقكم ( تتجه إلى مرآة وضعت بجانب السرير, تنظر فيها ) , وأنت أيتها الحمقاء؟ ألا تجيبين أيضا؟؟ ( وكأنما كانت الإجابة بالنفي ) , إذا سيكون مصيرك مثلهم ( وترمي المرآة أرضا فتتكسر ), ( تبدأ بالصراخ ) : لماذا كلكم لا تجيبون؟ فليحل عليكم غضب الله جميعا, فلتحرقكم النار مثلما تحرقون قلبي ( صمت... ) يا قلبي المحطم على صخرات الحياة.. ( تتساقط الدموع على وجنتيها... ) ( تمسك ورقة وقلما وتكتب وهي تقرأ ما خطته تلك السطور.. ) لقد رحلت عني دون سابق إنذار, رحلت في لحظة كنت فيها في أمس الحاجة إليك , في أمس الحاجة إلى صدر يضمني , إلى يد تحتضنني , رحلت بعيدا إلى حيث لا أدري , لقد كنتما قاسيين كلاكما ... ( تأخذ نفسا عميقا ... ) عندما حملوا نعشك إلى المقبرة, بكتك أمي يا أبي , ولبست ثياب السواد, ولقد اعتقدتُ حينها بأنها ستبكيك ما بقي من عمرها, وستظل حاملة حزنها إلى أن يحين أجلها هي الأخرى, لقد جال في خاطري أنها ستكون لنا الأم والأب ... ولكنها فضلت أن تقضي طول يومها لاهية في الأسواق , تشتري كل ما يحلو لها, وتخرج وقت ما تشاء , وتعود وقت ما تشاء... فأوكلت إلي هؤلاء الصغار, الذين قد ضاق ذرعي بهم ولم أقو على تحملهم وحدي.. لو كنت الآن معنا يا والدي لما تركتنا هكذا... لا أستطيع الدراسة في ظل هذه الكآبة.. إنني أختنق هنا... إنني أرى نفسي حاملة تلك الورود, وأقف على قبرك في الظلمة الحالكة , فتضمني إليك وتضعني إلى جانبك.... ( تترك القلم فجأة ), ( يسمع صوت شجار أولاد وصراخ...... ) ( تصرخ بأعلى صوتها ) اصمتوا أيها الحمقى لقد سئمتكم وسئمت هذه الحياة المقرفة معكم... لقد أنهكتموني
( تزداد سرعة نبضها.. ) ( تتنفس بصورة متسارعة حتى يسمع صوت أنفاسها .. تكلم نفسها.. تغطي وجهها بيديها ), إنني أنهار.. ( تجول بعينيها في المسرح ),
( تتجه نحو الخزانة, تفتح أدراجها الواحد تلو الآخر .. ) أين هي هذه الأقراص ؟؟ عندما أحتاجها لا أجدها ( تفرغ محتويات الأدراج وترميها أرضا .. ) تبا ً ( وتواصل بحثها ), ( ترتسم على وجهها ملامح النصر.. ) هاهي وأخيرا وجدتها ( تمسك علبة العقاقير, تفرغ جميع ما بداخلها في يدها ), ( تتمتم ) نعم, لن يكفي قرص واحد لتهدأتي, سأحتاجها كلها كي أهدأ ( تشربها جميعا دفعة واحدة ) , ( تبتسم ) الآن أصبح أفضل ( تلعب بشعرها وتبدأ بالغناء ), أنا طفل صغير.. ضميني إليك كطير أسير .. واحمليني فوق كفيك كعطر الأثير.. وانثريني مثل زخات المطر.. عانقيني مثل ذكرى في الصور.. وخذيني فوق أشجار الكروم.. فألقي فوقها كل الهموم.. دثريني بجناحيك فقد حان الوداع ... يا فؤادي هيا فقد حان الوداع .. حان الوداع.... ( صمت.... ) ( تهذي .. ) انتظرني أنا قادمة.. لا ترحل سوف آتي معك ( تمد يدها نحوه... ) ساعدني على النهوض إنني لا أقوى على الحراك
( تحاول أن تنهض ولكنها تسقط على أرض المسرح... )
موسيقى
 
 
 
احمد العتبي                                                         
اعلامي رابطة الابداع الثقافي/بغداد                                             
عضو المفوضية العامة لمؤسسات المجتمع المدني العراقية                             
عضو قنديل للاعلام والنشر والتوزيع/ السليمانية                                                                                         
20/9/2007