المحرر موضوع: صدام الحضارات  (زيارة 1637 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل فريد باسيل

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 180
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
صدام الحضارات
« في: 02:09 02/01/2006 »
صدام الحضارات
   



فريد باسيل الشاني

                         في العدد ألأخير من مجلة
                            (Foreign Affairs)
كتب صموئيل هنتنغتون ، أستاذ العلوم السياسية في جامعة هارفارد  و احد أشهر المفكرين  الاستراتيجيين  في  الولايات المتحدة، مقالته  الجديدة أنطلاقا ً من تحليل الحضارات الذي أشتهر به  في كتابه " صدام الحضارات. “The Clash of Civilizations”
                                   
 أدّعى هنتغتون في مقالته هذه أن ألنظام العالمي الذي كان قائما ً على ألأتحاد ألسوفياتي ، ألولايات ألمتحدة ألأمريكية و بلدان ألعالم ألثالث، ، والذي يرجع امتداده إلى انهيار المعسكر الاشتراكي و بروز أمريكا كقوة وحيدة في الصراع من اجل السيطرة على الدول النامية  لا و بل على العالم كله، يتحول ألان ألى نظام من ثمانية حضارات.

       هذه الحضارات هي:
الحضارة الغربية و تضم النموذجين الأوروبي و الأمريكي وبعض الدول التي استوطنها الأوروبيون مثل استراليا و نيوزيلندا، والحضارة الكونفوشيوسية او الصينية نسبة إلى فيلسوف الصين كونفوشيوس الذي عاش في القرن الرابع ق.م ، والحضارة اليابانية ، والحضارة الهندوسية أو الهندوكية ، و الحضارة  الأرثوذكسية ، و حضارة أمريكا اللاتينية ، و الحضارة الأفريقية ،  و الحضارة الإسلامية.
 
في عالمنا الجديد هذا، عالم ما بعد الحرب الباردة، ستقوم  أكثر الاختلافات و الصراعات انتشارا و أهمية وخطورة بين الشعوب على أسس ثقافية أوحضارية  لا على  أساس أيديولوجي  أو سياسي أو اقتصادي.  وسوف لن يكون الصراع دائرا بين طبقات اجتماعية غنية و فقيرة، أو جماعات اقتصادية أخرى محددة ، بل بين شعوب تنتمي إلى هويات ثقافية مختلفة. لهذا فان التماثلات  والاختلافات الثقافية ستشكل المصالح والتناقضات  بين الدول. 

ان الطرح الرئيسي لهذا المقال هو إن الثقافة أو الهوية الثقافية، والتي هي في أوسع معانيها الهوية الحضارية، هي التي تشكل التماسك أوالتفكك و الصراع في عالم ما بعد الحرب الباردة. لهذه ألأسباب يدعي هنتنغتون بان الحضارتين الإسلامية والكونشيوسية هما الحضارتان اللتان لا يمكنها أن تندمجا في الحضارة الغربية وهم اللتان تسعيان للتحديث بدون " غربنه ". أنطلاقا ً من ذلك سيكون  الصراع بين تلك الحضارتين و بين الحضارة الغربية حتمي.  وعلى هذا الاساس ستكون الصراعات المقبلة بين الحضارتين الغربية من جهة والحضارة الإسلامية والكونفوشيوسية من الجهة الأخرى.


الحضارة الغربية هي الوحيدة  التي  لها تأثيرا ً متميزا ً على  بقية ألحضارات، كان ذلك نتيجة ًلقوة وثقافة الغرب بالمقارنة مع قوة وثقافة الحضارات الأخرى. في هذا الصدد تعتبر ثقافة الغرب (ثقافة ألكوكا كولا)   أكثر انتشارا من بين حضارات العالم ألأخرى وذلك من خلال محاولة الغرب المستمرة لادماج اقتصاديات المجتمعات غير الغربية في النظام الاقتصادي العالمي الذي يسيطر عليه الغرب.
 ترى الولايات المتحدة الأمريكية بان الشعوب غير الغربية يجب أن تلتزم بقيم الديمقراطية الغربية ، السوق الحرة، حقوق الإنسان الفردية و حكم القانون، ويجب أن تضمـّن هذه القيم في مؤسساتها و أن تعتنق وتعمق هذه القيم في مجتمعاتها.

 هذه ألنظرة المتعالية و الغير منصفة هي التي حكمت ولا زالت تحكم  العلاقات بين الغرب وبقية العالم وهي التي كانت ألسبب في التنافر من سياسة وثقافة ألغرب و خاصة أمريكا.

إن الغرب يحاول جاهدا ً الاحتفاظ بـ موقفه المتفوق و تدعيمه و الدفاع عنه ، إلا ان قوته النسبية في مواجهة الحضارات الأخرى أخذت في الهبوط.

هذا في الوقت الذي يحاول فيه الغرب أن يؤكد قيمه ويدافع عن مصالحه، تواجه المجتمعات غير الغربية اختيارين. فالبعض يحاول أن يكون صديقا للغرب و يساير مصالحه وينساق إلى الانحياز إليه  في حين تحاول المجتمعات الكونفيوشيوسية والاسلامية بناء و توسيع قوتها الاقتصادية والعسكرية لكي تقاوم وتخلق ألتوازن ألمطلوب مع الغرب.


فريد باسيل الشاني
Gothenborg
2005-12-30