المحرر موضوع: استخدام الدين وسيلة لتحقيق مصالح ذاتية وأهداف سياسية  (زيارة 1040 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Abu Fady

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 84
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
استخدام الدين وسيلة لتحقيق مصالح ذاتية وأهداف سياسية

مارسيل فيليب
marcelphillip@yahoo.com.au

   بمراجعة تطورات الأحداث  في العراق والخطوات التي نفذت " لما سمي أستحقاقات العملية السياسية " منذ عام 2003  ، نجد أن الوضع  الراهن  يطرح إشكالية وتساؤل  ، عن مدى قدرة حكومة عراقية يقودها  تيار الأسلام السياسي ، مبنية على نهج المحاصصة الطائفية والقومية وأعلاء صوت الهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية ..   مدى قدرة هكذا حكومة على بناء الدولة الديمقراطية الاتحادية ، وضمان الحقوق القومية و الثقافية والادارية للتركمان والكلدان الآشوريين السريان والصابئة والأيزيديين والشبك وغيرهم كأقليات قومية ، والعمل على أشاعة وتحقيق الحريات العامة بشكل عام ، وحقوق أو مساواة المرأة بشكل خاص ، حيث أن غاية الدولة الحضارية ليست أستعباد المواطن ،  بل لتحرّر هذا الأنسان  بغض النظر عن انتمائه الديني المذهبي أو القومي أو الفكري ،  ولضمان حقّه الطبيعي في الوجود وممارسة كل حقوقه وحرياته دستورياً  .

      لكن واقع دولتنا العراقية  الفتية  ، يتميز بالعنف والتكفير والاقصاء وتهميش الأقليات القومية والغاء الأخر المختلف ، يتميز بمحاولات وأد الثقافة السياسية الديمقراطية ، وأغتيال أو تهجير الكفاءات العلمية والمثقفين حاملي بذور وعي التغيير ، يتميز بيتفاقم  الاستقطاب الاجتماعي  وبأستفحال أزمتنا الاقتصادية  ، يتميز بتردي الخدمات المفروض توفيرها لمواطنيه ، وأتساع ظاهرة الطائفية وبكل ماتعنيه كمخاطر على وعي الحركة الجماهيرية ، ومدى تأثير ذلك على تطور العملية السياسية  "المفترضة " بالاتجاهات السليمة ، أضافة لأرتباك اداء الحكومة وارتكابها  للكثير من المخالفات الدستورية  سواء كمؤسسات لسلطة  تنفيذية وتشريعية أو مؤسسات امنية وقانونية  ...
وكمثال  .. كيف تم التعامل مع المادة (50) بطريقة استخفافية في البرلمان ورئاسة الجمهورية  ، وبما هو مفترض تمثيله لكل شرائح ومكونات شعبنا العراقي ، مما أدى الى إلغاء هذه المادة ، ثم تنصل الكل من مسؤوليتها في الألغاء لابل التأكيد على ضرورة حق تمثيل الأقليات القومية في مجالس المحافظات أو مؤسسات الدولة بما يضمنه الدستور كحق  .
 أو تحرك القوى الأمنية ومسارعتها  للأستجابة في الكشف عن ، وأعتقال قتلة النائب الصدري صالح العكيلي في مدة زمنية قياسية  بعد تهديد موجه من كتل سياسية داخل مجلس النواب لكن مدعومة بميليشيات مسلحة  ... بينما جرى تسجيل جريمة قتل المفكر كامل شياع مستشار وزير الثقافة العراقية ضد مجهول ، أو وضع الملف على الرف كما في جرائم سابقة طالت مفكرين ووطنيين من ابناء العراق الطيبيين . 
          هنا لا ننكر ما للوضع العراقي من خصوصية وتركه ثقيلة ورثناها عن العهود الاستثنائية السابقة ، لكن سؤالي يتعلق بمدى ملائمة النظام الحالي في العراق ومؤسساته القائمة ، تلك المؤسسات التي لا تعترف بالخط الفاصل بين الدين والدولة أي بمعنى حياد الدولة  إزاء الانتماءات الفكرية والدينية والمذهبية والقومية والثقافية لمواطنيها ... أو ما مدى مصداقية نظام يتأسس على هكذا مفهوم  خادع لمساواة صورية بين المواطنين ، ويهمل بشكل فاضح  الجانب المتعلق بتعزيز مفهوم المواطنة والهوية الوطنية .. على تحقيق دولة القانون والمؤسسات الدستورية  .
         الواقع يقول ، ان حكومتنا واكثرية احزبنا قد اكتفوا بتحقيق " الديمقراطية الانتخابية  " ديمقراطية الأعتماد على رأي الأغلبيات القومية والدينية والطائفية ، رغم الحقيقة التي يعرفها الجميع ، بأن هكذا ديمقراطية منقوصة لن تتمكن أبداً  من  تأمين ممارسة الحقوق والحريات التي تنص عليها المواثيق الدولية ، ولا ضمان حقوق القوميات الكبيرة او الأقل عدداً والتي يتكون منها النسيج الاجتماعي العراقي ، ولذا لا بد من بلورة آليات اخرى إضافية تستوعب المعادلة الوطنية في تعقدها وتنوعها ، بدل حقيقة الركون لمنظومة افكار هذه الأغلبية الأنتخابية كنسبة طائفية و مفهوم  خادع لمساواة صورية بين المواطنين بعيد عن تعزيز مفهوم المواطنة والهوية الوطنية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعض الأمثلة لممارسات حضارية انسانية لبعض  الدول " الكافرة " 

     أقرت كندا  في عام  ( 1988 ) لسكانها الهنود الذين يتوزعون بين ‏(600)‏ قبيلة بوضعية ثقافية خاصة‏ ،‏ وأفردت بندا خاصا من قانونها الاتحادي البند‏ ( 27 ) لتكريس حق الأفراد الذين ينتمون إلي أقلية إثنية أو لغوية أو دينية في التمتع بتقاليدهم الثقافية الخاصة ،  وبممارسة شعائرهم الدينية ، والتكلم بلغاتهم الخاصة وتعلمها .

        ولقد أنشأت كندا أخيرا للهنود المعروفين باسم الأينويت من سكانها‏ منطقة مستقلة ذاتيا لها برلمانها الخاص ، وعاصمتها الخاصة ، ومدارسها الخاصة‏ ،‏ وحتى شركة طيرانها الخاصة‏ ....  مع إن تعداد الهنود الأينويت لا يزيد عن‏35‏ ألف نسمة‏ .‏

أما أستراليا فيتسابق حزب العمال أو الأحرار لأقناع وأختيار أحد مواطنيهم من أصول مهاجرة لينضم الى فريقهم الأنتخابي سواء في الأنتخابات العامة أو مجالس البلديات ، مع اعطاء الحرية في المدارس الثانوية لأختيار اللغة الأم الى جانب اللغة الأنكليزية ، واعتبار درجتها ضمن المعدل الذي يؤهل الطالب للدراسة الجامعية .

 أما إيطاليا فقد أقرت في عام‏1999‏ قانونا تشريعيا لحماية الأقليات اللغوية‏ ،‏ ومنحت وضعية إدارية وثقافية خصوصا لخمس من محافظاتها في جزيرتي صقلية وساردينيا وفي جبال الألب والتيرول‏ .‏