المحرر موضوع: دير مار قرياقوس في قره قوش  (زيارة 2092 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كريم إينا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1311
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
دير مار قرياقوس في قره قوش
إعداد / حازم عازر الخياط

 
يقع هذا الدير شرقي بغديدا ويبعد مسافة اقل من كيلو متر تقريباً وتصعب رؤيته من البلدة بسبب التواء الأرض التي يقع فيها وانه بمثابة مغارة طبيعية واسعة منقورة في رابية صخرية استغلها الرهبان الباغديديون للصلاة والسكن.. ولا يوجد فيه اثر للبناء أو العمارة وإنما كل ما هنالك إنها مغارة منقورة بيد بشرية غير انه قد أشير إلى وجود هذا الدير لأول مرة في مخطوط طقسي قد نسخ لكنيسة هذا الدير في عهد المفريان باسيليوس حبيب في سنة 1658 م من الممكن القول أن شفيع هذا الدير ليس إلا مار قرياقوس الطفل وأمه يوليطي لان كل المخطوطات التي تذكر هذا الدير تعتبر شفيعه هو مار قرياقوس.
هناك من يقول أن مار قرياقوس كان راهباً بغديدياً تنسك بجوار هذه البلدة صاحبة الكنائس والأديرة وكان يسكن لوحدهِ متعبداً ومن الأرجح إن هذا الراهب وجد أن موقعه مناسب للإقامة فيه لقربه من بغديدا أولاً ولمسيحية المنطقة ثانياً ولان أهالي المنطقة وجدوا فيه مناقب فشرعوا يزورونه لسماع إرشاداته الروحية والتبرك فقصده بعض الشباب ليتلقنوا منه أصول الرهبانية والعبادة فقسم سكنوا معه وكان بجوار هذا الدير بئر صغير إلى الجنوب كان الرهبان يستقون منها الماء لشربهم وحاجاتهم الضرورية قد يتساءل المرء هل شفيع هذا الدير هو القديس الشهير الطفل قرياقوس وأمه يوليطي أم قرياقوس آخر؟  ويذكر الأب بهنام سوني (من الممكن القول أن شفيع هذا الدير ليس إلا مار قرياقوس وأمه يوليطي، لان كل المخطوطات تدل على ذلك).
وكان مار قرياقوس باراً أمام الله نادى جهاراً لنشر الدين السماوي بين الشعب الوثني آنذاك وكان الطفل المعجزة يبهر عقول الكبار وهو ينمو بالحكمة ويتحدث عن المسيح الإله، وبصمت كانت يوليطي أمه تكتم إعجابها، ولما بلغ هذا الأمر للحاكم "عاصي" أراد الإيقاع به فعلمت يوليطي بذلك وأخذت الطفل هاربة إلى قرية طرسوس وهناك أدركها الطاغية فأقتيدا إلى الوالي .. وفي المحاكمة كان الروح القدس هو المجيب فلم يخافا وذاقا شتى العذابات في زنزانة القصر وكان الحاكم أقسى من الحكم حتى ضاق صبره فأخذ الطفل ووضعه في قدر ماء يغلي وكان بفرح يلهو بالماء فتعجب الجمع الباطل من الحاكم وحاشيته فاهتدى للإيمان المسيحي في حينها 1434 من أولئك الذين شهدوا الحدث فقرر أن يموتا بضرب العنق فنالا إكليل الشهادة بكل رحابة واستقرت روحيهما الخالدة بين أحضان الرب..
ذكر الدير من المراجع التاريخية
يذكر ابن العبري في تاريخهِ المدني السرياني وفي الجهة الشرقية من بغديدا يوجد دير على اسم مار قرياقوس وحقيقة هذا الدير هو منقور في الصخر والى اليوم نشاهد فيه القسم القائم منقوراً في الصخر ولكن في ذكر لدير مار يوحنا الديلمي أن رهبان دير مار قرياقوس كانوا بضمن إدارة مار يوحنا الديملي أي أن الرئاسة كانت لشخص واحد على الديرين وقد ورد أيضاً ذكر دير مار قرياقوس في مخطوطة بالسريانية في خزانة دير مار كوركيس جاء فيها: تم نسخ هذا الكتاب "النوفير" يوم السبت المصادف 6 نيسان من عام 2039 يونانية في عهد مار اغناطيوس شكرالله ومار ايونيس كارس مطران بيث خديدا كتبه الراهب كوركيس بن جمعة في بيعة القديسة شموني كما ورد أيضاً في سنة 1658م  ذكر لهذا الدير في عهد المفريان باسليوس حبي وورد اسم شفيع هذا الدير سنة (1722 – 1723) م في مخطوطتين باخديديتين نسخهما القس خوشابا ابن متي الخديدي ولكن يبدو أن هذا الدير هُجر من رهبانه على اثر غزو طهماسب الفارسي للمنطقة في سنة 1743م.
ولا يعقل أن يكون دير مار قرياقوس نفس دير الراهبات كما ذكر في نصوص عديدة وذلك لبعده عن المنطقة ولصغره وفي مقال للأب حنا فييه الدومنيكي كتب إن عدم وجود الحياة الرهبانية في هذا الدير كان بسبب وجود بعض الغزوات أي بعد غزوة نادر شاه الفارسي مباشرةً وقد أدى ذلك إلى قيام نزاعات طويلة الأمد – فكان دير مار قرياقوس من نصيب السريان الأرثوذكس في سنة 1837 أثناء تقسيم الكنائس والأديرة وما يزال هذا التقسيم قائماً إلى اليوم مع بعض التغيير، غير انه أصبح حالياً ملكاً لبغديدا بجملتها وبالقرب من هذا توجد منطقة تسمى "قورا دنقرتو" أي القبر المنقور او قورا دقورذايا.
تحتفل بغديدا بعيد مار قرياقوس ويوليطي أمه بحسب الطقس السرياني في 15 من شهر تموز من كل عام وقد حول إلى الأحد الذي يسبق احد السعانين ونقل هذا العيد من الصيف الحار إلى الربيع الزاهر ليتسنى لأهل بغديدا أن يحتفلوا بموسمه فينعموا بهذا العيد في الربيع فيخرج كل أهالي بغديدا بأبهى وافخر الثياب بعد أن يكونوا قد رتلوا صلوات عيد هذين القديسين وأقاموا القداس الإلهي كان وما زال أبناء بغديدا يوقدون الشموع والمصابيح الزيتية لإكرامهما على معالم هذا الموقع الأثري.
المصادر .....
1-   كتاب كنائس باخديدا – سهيل قاشا، 1982.
2-   كتاب – بغديدا بقلم الأب بهنام سوني روما، 1998، ص560.
مجلة الفكر المسيحي، العدد 389 – 390
 

 
صناعة الدهن في بغديدا
نجيب شابا هدايا

 
نظراً لكون بغديدا منطقة زراعية تكثر فيها المحاصيل الزراعية المتعددة كالحنطة والشعير والعدس لذلك أصبح من الضروري قيام سكانها بتربية الحيوانات والمواشي والأغنام والأبقار لتغزو المنتوجات الحيوانية أسواق بغديدا والقرى المجاورة لها لتسد الحاجة المحلية ولذلك سعى سكان بغديدا الى ابتكار طرق عديدة لاستخراج الدهن من الفائض عن الحاجة من مشتقات الحليب وكما يلي:-
1-   استخراج الدهن من اللبن الرائب (خلوة) ويتم بإتباع الخطوات التالية:-
‌أ-   نضع مقدار معين من اللبن الرائب (خلوة) في وعاء جلدي قربة (جودة) أو كوذه( ). معلق على ركائز ثابتة أو مشدود بحبال مثبتة بوتد حديدي (سكثه) في الحائط ويكون حر الحركة.
‌ب-   نقوم بدفع الوعاء الطليق (كوذه) إلى الأمام ثم إلى الخلف ترافقها رَجّه قوية فجائية لتحريك ما في داخل الكوذة ولمدة نصف ساعة تقريباً فتتكون كتل دهنية صغيرة مفصولة بعضها عن بعض تسمى (قصقوصي) ثم يضاف الماء البارد داخل الكوذة خاصة في فصل الصيف لغرض الإسراع في عملية فصل الدهن وباستمرار عملية الرَج والتحريك تتكون كتلة دهنية لينة تسمى (زبد) أو (كرئه) أما باقي العملية فتكون بشكل سائل ابيض اللون يشبه الحليب يسمى الشرش (دوئي) والتي كانت تستخدم سابقاً كوجبة غذائية مع أقراص الخبز (جلئي) وأحياناً تستخدم للشرب بدلاً من الماء وقت الحاجة.
‌ج-   تجمع الكتل الدهنية اللينة والناتجة عن العملية في وعاء خاص ويسلط تحتها مصدر حراري وبعد برهة من الزمن نلاحظ فصل الدهن عن بقية الرواسب بصورة تامة ويرتفع نحو الأعلى بصورة نقية جداً يسمى الدهن الحر (مشخا حر) أما الرواسب النهائية فتسمى (دويثه) ويترك الدهن الصافي جانباً حتى يبرد ويتم خزنه في وعاء جلدي يسمى (عكه) وبتطور الزمن وتطور صناعة الفخار تم اختراع وعاء فخاري كبير يسمى زير (سندانة) ليتم خزن الدهن فيه حيث كانت بعض الخديديات النجيبات يقمن بإضافة كمية معينة من مادة الدبس (خليوثة) لإعطاء نكهة أكثر طيباً ومذاقاً.
وأحياناً كانت بعض الخديديات يقمن بإضافة كمية من مادة البرغل (كركر) فوق الكتل الدهنية أثناء عملية الغليان وذلك للإسراع في عملية فصل الدهن الحر عن بقية الشوائب المترسبة (دويثه).
2-   استخراج الدهن من مادة اللورة (أُلُرْ)
اللورة (أُلُرْ): هو عبارة عن مادة مستخرجة من ماء الجبن المتخلف من صهر الجبن أثناء تسليط النار تحته مع التحريك المستمر حتى تبدأ عملية الغليان وتهدئة النار فنلاحظ تكون طبقة ثخينة فوق ماء الجبن وبعدها يتم فصل هذه المادة المسماة (أُلُرْ) عن بقية الرواسب التي تستخدم في عجن الطحين بها لأغراض الخبز بدلاً من الماء. توضع حارة اللورة (أُلُرْ) في إناء عميق ويتم دعكها بواسطة اليد بصورة مستمرة مع التحريك الدقيق وتسمى هذه العملية (براخة) وتحتاج إلى جهد عضلي كبير مع خبرة ومهارة فائقة في التنسيق بين عملية دعك المادة وتحريكها بطريقة فنية وبعد مرور ساعة على العملية نحصل على قطرات دهنية بشكل طبقة شفافة تنساب إلى إحدى جهات الإناء وهكذا تستمر العملية بإضافة قليل من الماء البارد للإسراع في عملية فصل الدهن الناتج على شكل كتلة دهنية لينة ثم تبرد وتخزن بنفس طرق الخزن التي مر ذكرها أما الرواسب فتكون على شكل مادة صلبة تترك جانباً لعدم الاستفادة منها.