المحرر موضوع: هل تعرفون هذا الانسان ...ماريعقوب دانييل  (زيارة 1388 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل abdal yousef abdal

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 319
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
هل تعرفون هذا الانسان...
ماريعقوب دانييل

قد تأتي هذه المقالة في وقت متاخر عن موعد كان من الضروري ظهورها فيه , لكن الأحداث تبقى خالدة بمضمونها ...عميقة بعظمتها و قوة تأثيرها على حياتنا .
لذا آثرت في مقالتي هذه تسليط بعض الضوء على سيرة رجل عظيم اختار لنفسه حياةً ملؤها التفاني و العطاء لشعبه مجسداً صورة الشهادة الحية مثله مثل العديد من العظماء في تاريخنا الآشوري , و أود أن أحيط القارئ علماً بأن ما سيتم ذكره في هذه العجالة مؤكد بوثائق مكتوبة و مرئية و مبني على علاقة صداقة حميمة ربطتني بهذا الرجل العظيم مكنتني من التعرف عليه عن قرب فاكتشفت في كلامه ذلك الانسان المعتز بتاريخه و ماضيه العريق,و رأيت في أفعاله ذلك الرجل الذي يفكر في حاضر أمته و مستقبلها بعيداً عن أي مصالح دنيوية ضيقة , و رأيت في أعماقه ذلك الطفل البريء و ذلك الملاك الطاهر الذي يتألم لآلامنا و يسعد لأفراحنا و يشقى في أحزاننا .
فاعذرني غبطة المطران اذا استعصى على كلماتي أن توفيك حقك, وسامحني فيما اذا تلعثمت حروفي و هي تحاول جاهدة أن تتحدث عنك , و اغفر لقلمي هفواته و نسيانه فقد آلمتنا الأحداث بعد رحيلك حتى فقدنا ذاكرة الأشياء. 
و لعل مجلة المبشر الصادرة بتاريخ الآول من نيسان عام 1996من مطرانية الكنيسة الشرقية القديمة للآشوريين في قرية تخوما في سوريا , تعتبر بحق باكورة الثمار في فصول عطاء هذا الرجل , فقد كانت محاولة صادقة لنشر المحبة و الثقافة و النور طوال ما يقارب عشر سنين استقطبت فيه هذه المجلة الضئيلة بحجمها و الكبيرة بمضمونها العديد من الأقلام الصادقة التي جاهدت من خلال مواضيعها الثقافية و الدينية و الاجتماعية و التاريخية أن تضيف شمعة اخرى في تاريخ الصحافة الآشورية و أن تكون مرآة لبعض همومنا و آمالنا و هواجس افكارنا و تطلعاتنا لأيام مشرقة ستكون .
كما جاهد غبطة المطران منذ توليه أمور المطرانية في سوريا على تنشيط دورات اللغة الآشورية بأسلوب علمي حديث من خلال الكتب التي ثابر على طباعتها و نسخها و توزيعها على الطلاب اللذين تزايدت أعدادهم كل عام , كما حرص على اعداد كوادر تعليمية متميزة لتولي مهام العملية التدريسية التي كانت تبدأ منذ بداية الصيف لتنتهي في الخريف بحفل تخرج كان يستقطب العديد من الجمهور الآشوري في قرى الخابور من خلال ما كان يعرض من مسرحيات هادفة و أغاني كورال قام بكتابتها البعض من الشباب الآشوري المؤمن بقضيته ,  والذين تحلقوا حول هذا الرجل العظيم لما رأووا فيه من تصميم و مثابرة على تحقيق نهضة علمية اراد لها أن تكون, كما كان يقوم غبطته في حفلات التخرج تلك بتكريم المتفوقين و الناجحين منشطاً بداخلهم حبهم للغتهم و أمتهم , كما قام المطران بقص الشريط الحريري لمعرض رسوم الأطفال الأول و الثاني و الثالث في محاولة منه لتشجيع المواهب الفنية الواعدة التي كان يستقرئ ملامحها في عيون هؤلاء الأطفال الذين أحبوه كثيرا كما أحبهم و بكوا بدموع حارقة يوم وداعه .
كما قام غبطته منذ بداية توليه شؤون مطرانية سورية بتأسيس مكتبة في مقر المطرانية ضم فيها مجموعة مميزة من الكتب القيمة و النادرة التي قام بتجميعها من الأهالي و أعاد طبعها و جعلها متيسرة بين أيدي من تستهويه الثقافة و العلوم كما فتح المجال للجميع بغرض الاستعارة .
كما قام بتأمين مطبعة نصف آلية و طبع العديد من الكتب فيها حيث كان غالباً ما يقوم بأعمال الطباعة لوحده متحملاً قيظ الصيف و برد الشتاء مرتدياً ثياب العمل التي ظلت مدبوغة بحبرالطباعة الأسود و لكنها أشعلت الكثير من شموع المعرفة و النور.
أما جيل الشباب فكان أكثر ما يستقطب اهتمامه فقد كان يرى فيه ملامح الغد الآشوري الآتي و حاول مراراً أن يلم شتات الشباب في مؤسسات كنسية كالأخويات التي ضمت العديد من الشباب الذين اجتهد على تعليمهم و تثقيفهم من خلال المحاضرات التي كان يلقيها و الدعوات التي كان يوجهها للعديد من المحاضرين لإلقاء محاضراتهم في قرية تل هرمز التي شهدت في عهده نهضة فكرية و تعليمية لا مثيل لها .
و من الناحية الاجتماعية فقد كان غبطته مشاركاً في كل الفعاليات الاجتماعية في قرى الخابور حتى اضحى وجوده أساسياً في فعاليات الكنائس في سوريا و التي تتميز بوعي كبير مبتعدة عن الطائفية و العشائرية و التي كان يشير غبطته دائماً إليها على أنها من أفتك الأمراض التي تفتك بالجسد الآشوري الواحد و كان ينادي دائماً في خطبه و كلماته و مقالاته للوحدة بين جميع أفراد الشعب الآشوري للنهوض بالمجتمع الآشوري في كافة المجالات .
كما كان يمد يد العطاء لكل الفقراء و المحتاجين و كان يقصده كل سائل ليلقى كرماً عرف به طوال عهد وجوده في سوريا , كما كانت عيادة المرضى واجباً ظل مداوماً عليه و لم تثنيه واجباته و التزاماته عن أدائه كلما دعت الحاجة لذلك .
هذا ما أسعفتنا الكلمات على ذكره و يا خجل الكلمات ...
هذا ما أسعفتنا الذاكرة لقوله و الحديث عنه و كلنا أمل أن يسامحنا غبطة المطران مار يعقوب دانييل إذا نسينا أن نأتي على ذكر المزيد من انجازاته و عطاءاته التي ستظل على لسان الجميع ممن عرفوه انساناً سخياً في عطائه ...متسامحاً مع الجميع غافراً لكل أخطائهم و هفواتهم .
و ندعوا له بقلب ملؤه المحبة أن يوفقه الله في أعماله و مهامه في استراليا كما نوجه دعوة لكل الشباب الآشوري هناك أن يستفيدوا من خبراته و أفكاره النيرة , و أن يتحلقوا حوله دائما لفعل كل ما من شأنه أن يخدم امتنا الآشورية شعباً و كنيسة .
م. أبدل أبدل