المحرر موضوع: متى نتعلم الدرس ؟ / 3  (زيارة 1492 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Abdullah Hirmiz JAJO

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 604
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
متى نتعلم الدرس ؟ / 3
« في: 08:12 16/01/2006 »
متى نتعلم الدرس؟ / 3
نحتاج إلى جهد كبير لكي نفهم جميعا درس الانتخابات وقواعده والأساليب المستخدمة في كسب الأصوات، والجهد الكبير هو لأن العملية الانتخابية جديدة علينا وبهذا الاسلوب، فالجميع أحرار وهم يقررون بأنفسهم ما يريدون، أليس من المفروض أن تكون مادة الانتخابات إحدى المواد التي يتوجب وضعها ضمن مفردات المناهج الدراسية لكي يتم إفهام الطلبة منذ الصغر بهذه الممارسة الخلاقة لأن هذا الصغير عندما يكبر ينمو معه الوعي الانتخابي ويكون مستعدا لها عند بلوغه سن التصويت.
وكلنا نعرف أن الساحة ليست أمينة والخوف متسلط على الجميع والموت في كل مكان، بل على الأبواب وكأن الجحيم فاتحة فاها لتلتهم المزيد من أبناء العراق، والارهاب يتربص بالجميع وكأنه لو عمّت الديمقراطية في العراق ستقوم القيامة!!! وكل هذا مصحوبا بالعنف، فأين يكون موقعنا من هذه الخارطة العجيبة ؟ فإن قلنا تخلصنا من عنف السلطة، نجد أن أنواعا وأشكالا شتى من العنف قد حلّ بديلا عنها، وإن قلنا نحن أحرارا بقرارنا فجميع ما يحيط بنا يكبّل أيادينا ويكمُّ أفواهنا ويدفعنا للانزواء وعدم الظهور والتصريح علنا بكل ما يجول في خاطرنا وما نتمناه لأنفسنا ولبلدنا، فأين أصبحت الحرية ؟ وكيف نستطيع التمتع بمزاياها إن كنا لا نعلم ما يحلُّ بعد لحظات، وإن كان العنف والقتل والموت والدمار يلف حوالينا، فماذا نستطيع أن نفعل ؟ وكلنا شاهدنا ماذا كانت هدية الإرهاب لنا في أول يوم من عام 2006 حيث طاب لمن يصرح بأنه حتى الارهابيون احتفلوا برأس السنة ولكن على طريقتهم الخاصة!!!!
لكن الحياة علمتنا أن لا نيأس، وطموح الانسان يجب أن يبقى قائما ونشطا لكي يكون لنا هدف في الحياة وإلا تصبح هذه الحياة موتا حقيقيا، لا بل أن الموت يكون أرحما منها أحيانا، لأنه يضع حدا نهائيا لكل شيء، عكس حياتنا اليوم لأننا نموت في كل لحظة ونتألم باستمرار عندما نرى ما يجري من حولنا وأحبائنا يبتعدون عنا وآخرون يقضون نحبهم بعبوة أم في انفجار أم بقصف عشوائي، لكن الأمل الذي تحدثنا عنه هو الذي يُبقي للحياة طعم يدفعنا لكي نجتهد ونستمر فيها خاصة ونحن ورثة رسالة عظيمة، فربنا بعث لنا برسالة على لسان الملائكة بأن يكون السلام على الأرض والرجاء الصالح لبني البشر، هذا هو الذي ننتظره ونستمر بالعمل دوما على أمل أحلاله بيننا وفي أيامنا.
ففي ظل هذا الواقع نطالب أخوتنا ببذل أقصى جهدهم واستخدام ذكائهم وحنكتهم بالاسلوب الذي يخدم قضيتنا ويدفعها لتكون في الموقع الأمامي من الاهتمام، لأن اللاأبالية أمر يجب أن نبتعد عنه ونفكر بمسؤوليتنا التاريخية، فالأمر ليس فقط أكل وشرب، وتستمر الحياة، بل هناك روابط أخرى تربطنا بالآخرين شئنا أم أبينا، علينا الالتزام بها لكي نعطي معنى للحياة الحقيقية، فهل ينكر الأخ أخاه، أو الابن أباه أو أبناء عمومته، أو الذين ينحدرون من أصل واحد أو حتى المحيطون به فقط لعدم وجود مصلحة مادية له معهم ؟ وإن أصبحت هكذا، فبكل تأكيد لا نستطيع أن نطبق تسمية الحياة الانسانية على حياتنا لأن جميع مخلوقات الله غير المُدركة والتي لا تحمل عقلا هي هكذا، فما هو فارق الانسان هذا الكائن العاقل عنها، لذلك علينا التعايش مع هذا الواقع الذي نحن نعيش فيه، ولن بعذرنا الزمن إذا اخترنا السبات سبيلا للنجاة، بل العكس فإن نشاطنا هو الذي سيقهر هذه الظروف ويقوم بتصحيح المسار، والانتخابات هي أحدى هذه النشاطات التي تقود سفينة العراق نحو شاطيء الاستقرار، فمنها تنبثق حكومة قوية، التي تكون قادرة على تصفية العراق من كل الشوائب التي لحقت به من جراء الانتقال من واقع إلى واقع، ومن نظام إلى آخر، وهذا ما نطالب به أبناء شعبنا، لأننا الآن مقبلون على انتقال السلطة بالأسلوب السلمي، والمفروض أن الخوف من سلطة غاشمة ومتسلطة يصبح في خبر كان، علينا الانطلاق بقوة نحو الحرية، وما الذي يجري من حولنا من عنف وجريمة إلا محاولات لقوى الظلام في منع قدوم رياح الحرية، إنها تريد لنا العيش بخنوع وذل.
ورغم أن مبادئنا الدينية تدعونا إلى المحبة والتسامح ، لكن عندما يتعلق الأمر بذاتنا وتغيير معتقداتنا فعندها ليس صحيحا أن نستخدم أضعف الإيمان سبيلا لنا في العيش، فإن كنا جميعنا ننبذ العنف وندعو إلى السلام، فكيف نصل إلى هذا السلام دون أن نتكلم ونتحدث ونطالب بحقوقنا ونعمل على أكثر من جهة في سبيل تحقيق أهدافنا، والبرلمان هو المكان المناسب الذي من خلاله نتحدث ونطالب وبدون خوف، لذلك فالجميع يتحملون المسؤولية، علينا التكاتف والتآزر ورصّ الصفوف، لا بعثرتها، وكما حدث في أكثر من مناسبة إن نزولنا بقوائم عديدة أمر يشتت الأصوات، وعلى من يرغب النزول إلى الساحة ومحاولته تمثيل شعبنا أن يحسب النتائج ولو التقريبية منها لكي يتوقع النجاح بشيء يسير قبل أن يدخل حلبة المنافسة، وإلا فإنه يعمل ضد إرادة شعبه، بل أنه يساهم في سحب شعبه وأمته إلى الخلف، والتخلف والضياع. ليس المهم أن يكون هذا اللون أو ذاك الحزب أو التنظيم الذي يمثله، بل المهم هو أن يكون هذا التنظيم عند وجوده منبثقا من قاعدة متينة، تكون سندا له عند ساعات الامتحان التي هي الانتخابات، وقد يقول قائل من التنظيمات الحديثة؛ من أين لنا هذه القاعدة المتينة ونحن حديثين على الساحة؟ ولهؤلاء نقول لا ضير أن ينهمكوا في بناء القاعدة وعدم النزول إلى حلبة المنافسة لحين أن يقوى عودهم ويستطيعون منافسة غيرهم، لأن دخول الحلبة بدون استعداد يضر الآخرين على أقل تقدير ولا يعود بالمنفعة لهم إن لم يؤدي إلى تقويض قاعدتهم الفتية التي قد يدخل اليأس إلى صفوفها نتيجة الفشل المستمر.
فإن كنا نُعَدُ بالمليون فعلينا حساب نصفهم أطفالا أو دون سن الانتخاب القانوني، كما علينا حساب نسبة كبيرة من هؤلاء قد لا تستطيع الانتخاب لسبب أو لآخر، لذلك فإن من سينتخب من شعبنا قد لا يتجاوز 250 ألفاً!!! فإن عملنا على تجزئة هذا الرقم المتواضع بين الكيانات السياسية لشعبنا فمن دون شك سيكون الجميع خاسرين، ونتائج الانتخابات لكانون الأول 2005 يجب أن تكون درسا لنا، فماذا كان جواب المرشح من مدينة معينة لشعبنا عندما لا يحصل حتى في مدينته على مائة صوت وتعداد المصوتين فيها هو بالآلاف؟!!!!!! أليست هذه النتائج مدعاة لمراجعة الذات دون أن نقول مدعاة للخجل!!! فعندما تتجاهلني مدينتي فكيف أنتظر الانصاف من المدن الأخرى لشعبنا؟ وهذا لا ينطبق عليه قول الكتاب أن النبي مرذول في بيته أو مدينته، لأن مرشحينا لم يصلوا لكي يكونوا بهذه المنزلة، بل هم حديثي التكوين، تنقصهم الخبرة السياسية والحنكة الإدارية لإدارة مثل هذه الأمور.
إن ما حدث يتوجب علينا قراءة الدرس مجددا لكي لا نُلدَغ بنفس الطريقة مرة أو اثنتين وربما أكثر، وهذه دعوة للكيانات السياسية أو التي تحاول أن تكون سياسية لكي تعي الدرس جيدا وتعمل من الآن لتقريب اللحمة فيما بينها لكي نحقق ما نصبو إليه في الانتخابات المقبلة!!! وإن أربعة سنوات ليست طويلة لأننا بحاجة للعمل وبنشاط مع شعبنا لكي نحصل على ثقته ويدلي بصوته لكم على أقل تقدير ومحاولة إفهامه أن لا يعطي هذا الصوت لقوائم غريبة على شعبنا.
إنه درس معقد وعلى جميع الأطراف أن تدرسه جيدا لكي تكون اللعبة متوازنة ونحقق النتائج المتوازنة والإيجابية. لنحاول ونطلب البركة من ربنا وعندما تكون النيات خالصة وشريفة سننال البركة حتما.
عبدالله النوفلي