المحرر موضوع: هوامش فوق سياسات الجنون*(17)  (زيارة 1272 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Nidal Elkadri

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 8
    • مشاهدة الملف الشخصي
هوامش فوق سياسات الجنون*(17)

بقلم: نضال القادري

تاريخ بالصدفة:

نحن مغبونون. لماذا نحن بممغبونين؟ لا أدري. ولماذا دائما نحن محكومين بقدرية الغبن؟! لا أدري.
نحن الذين بلانا الله بولادة طبيعية على أرض قال الأجداد أنها لنا، فأكلنا من لبنها وعسلها وفومها وبصلها بناء لرغبة أجدادنا الذين ولدوا على أديمها، وخلد العرق المتصبب من جباههم أطياف أشجارها العارمة بالعز والعنفوان. نحن هنا، كنا هنا، ولدنا هنا، سنموت هنا،  سنشرد هنا، سنقهر هنا، سنموت جوعا هنا، سنحيا هنا.. لا فرق بين الموت والحياة والفراغ والعدم. فالعبث حياة، والعيش حياة، والفراغ حياة، والقهر حياة.. ذلك أن الوطن هو الحياة وأنت فيه عضو عامل من أجل أن تحيا الحياة.
نحن مغبونون. لماذا نحن بممغبونين؟ لا أدري. ولماذا نحن محكومين بالغبن؟! لا أدري.
نحن الذين أورقت خيالاتنا رسل محبة وسلام لكل الدنى، فردت لنا وديعة الشر القابعة في نفوس مجوس الأرض وحي الفرقة والتقسيم فأمعن وحي سايكس وإبن جيرانه بيكو بما أوتيا من قوة التنكيل في حديقة بيتنا ومائدتنا الواحدة وفراشنا الواحد، حتى صرنا نأكل لحم بعضنا وزوادة أهلنا ونلعن تاريخنا الواحد وجسدنا الواحد وإلهنا الواحد، ونعبد ألهة من شمع وماء، ونقمع تحت شمس الله أهلنا بكوابيس بواسطة أناس يشبهون أجسادنا ويتقاسمون ملح جبالنا الواحدة ويستظلون بسماء بحرنا الأزرق. هذا هو تاريخنا المجيد.. التاريخ يعيد بكارته متى يشاء، وحقده متى يشاء، ويلعن عيد ميلاده وضيوفه متى يشاء، ويلعن زواره بالعناوين وبالأرقام وبالأسماء، لكنه لا يتوقف!! هكذا علمني الدرس الأول في التاريخ، فأوحى لي بأني موجود بالصدفة وأعيش بالصدفة وسأقتل بنيران صديقة بالصدفة، لذلك أنا كثير الحذر من الأصدقاء ومن صدقتهم بالصدفة.. نحن مغبونون من الدرجة الأخيرة في الزمن الأخير، فاخبروا ما تبقى ومن بقي بأننا سندخل في الريخ الأخير من البداءة، وسفر البدانة الأخير من موتنا، فأرجوكم أن نعلن، ولمرة واحدة، في وقفة عز واحدة، فن الحياة فوق صفحات الغباء!!!   


أنفلوانزا الثعالب:

توالت على بلادي المصائب بالجملة كما بالمفرق الممل منذ بدء الخليقة وحتى مولد قدرنا الأبرص الذي نعيشة مع ميليس كما مع من سبقه بالوكالة ومن سيخلفه بالأصالة!! ومن خلال خبرتي بالعقوق الوطنية المؤدية للحياة الكريمة للحيوانات الداجنة، وبحقوق الأنسان المكرسة وعقوق الحيوانات الزاحفة أيضا، يتبادر إلى ذهني أن ليست ظاهرة إنفلونزا الدجاج التي تجتاح الهلال السوري الخصيب في هذه الأيام وجواره القريب بمرض خطير وسلبي يهدد حياة أهلنا وشعوبنا بالقدر الذي تهابه السلطات المختصة في بلاد الموز (السيدة الحرة المستقلة)، فمنذ متى كان الدجاج يميت أهله الطيبين حينما الثعالب التي تأكل الدجاج لا تتعب ولا تموت، بل لا تتوب عن أكل الدجاج ولا تتورع إلا بنصيحة العناكب الأمريكية؟! ففي بلادي، كل يوم ألف ذئب والف وزير ونائب ومحتال وسمسار يقامر بقوت الشعب المسكين، هذا العتال مثله كمثل أهل جلدته لا يقوى على الوقوف بوجه الريح ولا يقوى على الأنحاء لتنحسر العاصفة!! في بلادي من يجيز في كل يوم قتل ألف مسيح؟! ومن يجيز للحياة أن تزف على ذمة البقاء في كل يوم ألف كسيح؟! من يقوى أن ينام هنئيا ويقبع نصف الوطن في أقبية الجلادين وهي تستضيف زوارا على مدار الساعة من دون قرائن؟! من؟! من؟! ونصفا أخر تحت جزمات العسكر الذي يسكر ما بين النهرين؟! من يقوى من بين الزعران أن يغدر بالشعب المقاوم ليجلس على رقبة الوطن الجريح مستحكما بزمان ليس زمانه وبأهل لا يشبهونه وبحق القوة لا بقوة الحق؟! 
بذريعة أني إنسان، بل إن شئت قل حيوان ـ لا فرق ـ فأنا أقول أن (من حقي أن أعرف) ففي النهاية هناك حق مكرس بدساتير حقوق الإنسان والرفق بالحيوان، وإذا لم تتوفر المؤهلات اللازمة لي، فعندها (من حقي أن أتعلم) ألم يقل (وقل رب زدني علما)، وبالمناسبة (كي لا ننسى) عندما قتل رفيق الحريري كنا نعرف أنه لن يكون الأخير، وما كانت من قبله الدنيا بألف خير، ووعدنا الأشرار الذين لوثوا بجزماتهم أرض الرافدين أن الدنيا ستقوم ولن تقعد ليس حبا بصدام أو كما يقول السكرجيون في قهوة أبو العبد البيروتي (كرمال عيون المدام)!! على فكرة، نفسه، أبو العبد البيروتي وكل الماكينة الإنتخابية، تعرف الحقيقة، وكل زبائن المحل، وسائق التاكسي المرابض عند زاوية المحلة، الذي يجتاحني بزموره ويتجنى بدوره على عزيمتي لأركب إلى جانبه وأغرق بضجيج بيروت، ليحط بأقدامي أمام كلية الحقوق في الصنانع، وقبل أن أدفع له 1000 (ألف ليرة لبنانية، فينيقية، أرامية، أو حتى شيكل لا فرق) يبادرني قائلا:( الله يرحموا) مع الترجومة الرنانة: "بيروت.. مدينة عريقة للمستقبل"/ وأنا أعرف.. أي مستقبل، ونحن لا نهنأ أكل الدجاج (الوطني) وحتى المهرب من أقرب الحدود!! أي مستقبل ونحن لا نحسن فن الحوار ولا نجيد إلا لوم الدجاج لمروره صدفة أمام الثعالب المتهالكة جوعا لضحية لم تولد بعد!! وقبل أن تخطو قدمي لأجتاز الشارع الرئيسي لأدخل كليتي (الحقوق) يأتي الأمر من ضابط في أحد أجهزة الجوع الوطني ليأمرني بالتوقف مع حركة السير المتوقفة فجأة لحين مرور موكب فخامة السفير الأميركي في دولتي الكريمة، طبعا أنا أحتكم لأمره ويمر الكابوس (بخير إن شاء الله وما باليد حيلة)، وعند الباب الخارجي للجامعة يبادرني شاب (يساري) ببيان يوزعه كغيره على الطلاب مفاده: "إعتبر رياض الترك أن "الخارج" أقام الدنيا وأقعدها ردا على جريمة قتل الحريري، ونحن بدورنا نستنكرها، لكن ما قيمة هذه الجريمة، وما تلاها من جرائم، أمام جريمة إبادة 30 ألف مواطن في مدينة حماه، هذه الإبادة الجماعية لم تكلف الولايات المتحدة في حينه أكثر من سطرين ونصف إحتجاجا، فأين الحريات؟ إنها مسألة تناقض سياسات وتناقض مصالح قبل أن تكون مسألة حريات وحقوق إنسان "مطالبا" قوى المعارضة السورية بالإدراك أن الخارج لن ينجدها، لأن مصالحه مع الأنظمة أقوى من مصالحه معها.. عندها عرفت كم بيروت هي متناقضة بدورها وتحرك بـ "الريموت كونترول" بعدما رأيت أبو العبد البيروتي وشوفور التاكسي وضابط الجوع وموكب السفير فخامته تتحرك بحرية ولا يكتب في الصحف إزعاجا من الظاهرة أيضا إلا سطرين من أقلام يشهد لأصحابها بأنهم من بقايا "المغضوب عليهم ولا الضالين"!! وعرفت كم دمشق ستكون متناقضة أيضا، وقرأت في العين السادسة بأن ليس عبد الحليم خدام كان وحده خائنا، مرئيا كان عبد الحليم خدام، وخائنا للمستقبل بين بقايا أترابه الغارقين في (القمامة)، فمن ذا الذي سيكون خائنا في المستقبل؟! إننا يا دمشق ننتظر الجواب!!

نضال القادري، كاتب قومي إجتماعي
nidalkadri@hotmail.com[/b][/size][/font]