المحرر موضوع: كنيسة الطاهرة .. سنواتٌ للذاكرة  (زيارة 2370 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل namroud_kasha

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 43
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كنيسة الطاهرة .. سنواتٌ للذاكرة                         
نمرود قاشا
Namroud_kasha@yahoo.com‏ ‏
‏1.‏   القرار ( 1931)‏
لما لاحظ اهالي بغديدا (قره قوش) بأن ‏كنيسة الطاهرة القديمة ونتيجة للزيادة الحاصلة في ‏عدد السكان باتت لا تستوعب الخوديدين وخاصة ‏في الاعياد والمناسبات، مما حدا بهم الى التفكير ‏ببناء كنيسة اخرى، وعليه فاتحوا سيادة راعي ‏الابرشية المطران جرجس دلال اثناء زيارته للبلدة ‏عام 1931 مع القاصد الرسولي "انطوان درابييه" ‏والذي لم تَرقهُ الفكرة على اساس "عدم الحاجة الى ‏بناء كنيسة جديدة وان كنيسة مار يوحنا كافية، ‏اضافة الى ان روما لا تستطيع مساعدة مشروع كهذا ‏في الوقت الحاضر"(1).‏
الا ان الخوديديين اصرّوا على بناء كنيسة جديدة ‏معتمدين في ذلك على ابناء البلدة في دعم المشروع ‏بالمال او العمل المجاني. وعلى هذا الاساس باشر ‏ابناء محلة الطاهرة "محلة ايتا" بتشكيل لجاناً ‏سبع تعمل كل لجنة ليوم كامل في الاسبوع اضافة ‏الى لجنة مشرفة على هذه اللجان مكونة من وجهاء ‏محلة الطاهرة. وهكذا كان قرارهم المباشرة بتهيئة ‏المواد الاولية ولوازم البناء بعد ان استطاعت اللجنة ‏العليا اقناع "اصحاب العرصات والبيادر الواقعة ‏على حدود ارض الكنيسة لادخالها ضمن الارض ‏المزمع اقامة البناء عليها"(2).‏
‏2.‏   المعول الأول/ 28 آب 1932‏
في هذا التاريخ كان الخوديديون على موعد ‏مع الراعي الجليل "جرجس دلال" وهو يتقدم ‏الحشود ليضع الحجر الاساس لكنيسة كانت فيما ‏بعد اكبر واضخم كنائس العراق والتي جاءت بابعاد ‏‏54×24م. ومنذ اللحظة التي غادر فيها المطران ‏‏"دلال" مكان الاحتفال بدأت المعاول تشق الاسس ‏في حملة عمل شعبي قل نظيره والتي جاءت "بعمق ‏‏4م وعرض 4م، استغرق العمل في الحفر وبناء ‏الاسس بحدود ثلاث سنوات"(3) وعندما وصلت ‏هذه الاسس الى مستوى سطح الارض "سارت عليها ‏السيارة العائدة الى (يعقوب مقدسيه) والتي كانت ‏من نوع شوفرليت موديل/ 1930"(4). ‏
بعد هذا التاريخ بدأت التفاصيل العمرانية لهذا ‏الصرح بالظهور للعيان، وكلما كان البناء يرتفع عن ‏سطح الارض يزداد زهو الخوديديين ويزداد ‏اصرارهم في اكمال المهمة التي قطعوا العهد على ‏انفسهم بأكمالها. ‏
‏3.‏   سنة القحط ( 1939)‏
بعد سبع سنوات من العمل المتواصل ‏والذي كان اغلبه مجاناً اضافة الى التبرعات التي ‏كانت على شكل مواد زراعية (حنطة، شعير) ‏وانشائية او مصوغات ذهبية وفضية اضافة الى ‏الاموال. ‏
ولكن موسم هذا العام والاعوام التي سبقته كانت ‏شحيحة اضافة الى اثارة الدعاوي الخاصة باراضي ‏قره قوش، وتوتر الوضع السياسي في العراق ‏ومخاوف الحرب العالمية الثانية، كل هذه الامور ‏كانت السبب في توقف العمل لفترة محدودة قامت ‏اللجان خلالها بحملة لجمع التبرعات من الخيرين ‏من ابناء البلدة وخارجها. ‏
‏4.‏   التكريس  (7 تشرين الاول 1948)‏
وهكذا إذن بعد (16) عاماً من الجهد ‏الذي قل نظيره، وقطرات العرق الذي غذَّى ‏مساحة (1296م2) اكتمل بناء هذا الصرح الشامخ ‏ليؤكد للاجيال صلابة وعزيمة هؤلاء الناس البسطاء ‏ولكنهم اقوياء "جُلُهّم مزارعون، كادحون، صناع، ‏مبدعون، واشداء مدافعون عن حياض بلدتهم، ‏مضطهدون في عهد العنصرية والتطرف.. هم ايقظوا ‏الضمائر الغافية، ونشطوا الهِمم، وبعثوا في ‏المجتمع نخوة وحميّة لتشييد هذا الصرح الشامخ، ‏الناطق بعرق الجباه، وقوة الارادة وحماسة ‏التقوى.."(5).‏
فالراعي الجليل الذي تقدم الحشود يوم ضرب ‏المعول الاول، نفس هذه الحشود تقدمها هذا ‏‏"الشيخ" ليقول لهم هذه المرة بان تلك القطرات من ‏العرق التي نضحت من هذه الجباه اثمرت هذا ‏الصرح الشامخ. ‏
‏5.‏   الترميمات (1962 ــ 1995)‏
كان لا بد من بعض الاضافات كنتيجة ‏حتمتها الزيادة الحاصلة في عدد النفوس، كان ‏للاب يوسف ككي مسؤول كهنة قره قوش عام ‏‏1962 اليد الطولى في اضافة الرواق الخارجي ‏للكنيسة من الجهة الشمالية وبناء البيم الداخلي ‏ثم بناء الرواق من الجهة الجنوبية. وعندما اصبح ‏الاب لويس قصاب مسؤول كهنة قره قوش اشرف ‏على انشاء برج فخم للناقوس عام 1975، بعد ان ‏جدد القبة الرئيسة بمادة الكونكريت المسلح عام ‏‏1968. الاب شربيل عيسو هو الاخر شمر عن ‏ذراعيه ليكمل اكساء الكنيسة بالحلان عام ‏‏1982. ‏
فاتنا ان نذكر بان نهاية التسعينات هدت ‏ترميمات على سطح الكنيسة وطلائها باللون ‏‏(الخمري) الذي لا زال علامة مميزة لقبتها ‏الرئيسية. ‏
‏6.‏   القرار الصعب (25 ايار 2004) ‏
نتيجة للتصدعات الحاصلة في العديد من ‏هياكل الكنيسة، اضافة الى التخسفات الحاصلة في ‏الاعمدة الرخامية الضخمة التي تحمل السقف ‏البيضوي، فعليه لا بد من اجراء ترميم اساسي ‏لمعالجة هذا الخلل الحاصل. فقررت اللجنة المكلفة ‏لدراسة واقع الكنيسة دعم الاسس وسند الاعمدة ‏من جذورها ومعالجة التصدّعات الخطرة والسقوف ‏والجدران. ‏
ان عمل كهذا يتطلب قراراً صعباً واموالاً ‏ضخمة للمباشرة بالتنفيذ.. وهكذا كانت الايادي ‏البيضاء التي امتدت لدعم هذا المشروع .. لياتي ‏بعد ذلك دعم الاستاذ سركيس آغا جان الغير ‏المحدود ليتحقق بذلك التجديد الشامل لها.‏
‏7.‏   الاحتفالية العرس (4  تشرين الثاني ‏‏2005م)‏
قبل سبع وخمسون عاماً من هذا التاريخ كان الشيخ ‏الجليل (جرجس دلال) يتقدم الحشود في احتفالية ‏رائعة يتذكرها (شيوخ بغديدا) جيداً حيث كانوا في ‏حينها اطفالاً. ‏
شيخ آخر او لنقل (جرجس آخر) قاد تلك الحشود ‏مدة اخرى في احتفالية العرس، عندما شق المطران ‏مار باسيليوس جرجس القس موسى الجموع التي ‏احتشدت لتكون شاهدة لصباح العشق الباغديدي، ‏فعلىانوار الاية الانجيلية "انت الصخرة، وعلى ‏هذه الصخرة ابني كنيستي" اجتاز الموكب البوابة ‏الكبرى لكنيسة الطاهرة الكبرى بعد ان كانت ‏النواقيس تطلق رنينها في التاسعة من صباح يوم ‏الجمعة الرابع من تشرين الثاني عام 2005م، ‏محافظ نينوى ومعاونه كانا في مقدمة من شهد هذه ‏الاحتفالية، مطارنة اجلاء زينوا المذبح الكبير ‏وشاركوا في هذا العرس فكانت كلمات (رحو) ‏الهادئة وقراءات (ساكا) المهيبة وتراتيل (شعيا) ‏اضفت على هذه الاحتفالية رائحة طغت على ‏رائحة البخور. ‏
بترتيلة (توبشلوم) كانت الانطلاقة، ثم (طوبولوخ) ‏التي انطلقت من افواه (جوق اصدقاء يسوع) ‏الجميلة، ثم (صخرتي) لنفس هذه الافواه.. كلمة ‏رئيس كهنة قره قوش الاب لويس قصاب كانت ‏‏"قصيدة كل القصائد" تلتها قراءات روحية من ‏الكتاب المقدس، لتأتي بعدها كلمة راعي الابرشية ‏المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى، ‏ليوضح بالكلمة والرقم مراحل الاعمار منذ القرار ‏الصعب حتى لحظة الافتتاح، ولم ينسى ان يشكر ‏كل الذي ساهموا بالمال والجهد والكلمة في جعل ‏بغديدا ان تعيش هذه اللحظات. كما تم افتتاح ‏معرض فناني بغديدا المقام في قاعة دار الاباء ‏الكهنة شارك فيه الفنانون التالية اسمائهم:‏
سامي لالو     ‏   لوثر ايشو    ‏   بهنام اسحق
اخلاص متي  ‏   عماد بدر    ‏   ‏ لميع نجيب‏
ميعاد سامي   ‏   انعام بولص  ‏   ‏ امانج بهنام
غزوان كرش  ‏   وسيم يوسف ‏   ‏ وسيم  صباح   ‏عمار بهنام   ‏   رؤى فرج   ‏ لينا ابلحد  ‏فداء سولاقا   ‏   ندى سالم ‏   نوار بهنام   ‏سؤدد نمرود ‏   روزا موشي.‏
كما قدمت فرقة مسرح قره قوش بالتعاون مع ‏الشباب المسرحي في الخورنة عصر اليوم نفسه عملاً ‏مسرحياً في داخل الكنيسة بعنوان "من الازل الى ‏الابد" من تأليف طلال وديع واخراج الفنان نصار ‏مبارك. وتمثيل: نشأت مبارك    مجدل جمال ‏
عدنان خضر  ‏   غازي ياس ‏   فادي نوئيل      ‏رائد ميخائيل ‏   ميثاق ميخائيل  ‏   نصير جورج
صدام سالم        كرم خضر ‏  رغيد يوسف  ‏   جون خضر ‏   ايفان سالم   ‏            احسان حبش ‏
رحمة جمال  ‏   عذراء هادي ‏   رشا بولص         ‏ساهرة ناصر   وعد توماس ‏   براق هادي ‏
انس زهير  ‏       ساندي افرام ‏      ارامسن جورج ‏كرم سعدالله    روميل خالد  ‏       فادي ميخائيل ‏
وفي عصر اليوم التالي 5 تشرين الثاني 2005م  ‏اقام  نادي قره قوش مهرجانا رياضياً حافلا على ‏ملاعبه بمناسبة تجديد كنيسة الطاهرة.‏
قام بتنظيم احتفال افتتاح كنيسة الطاهرة الكبرى ‏بعد تجديدها الشامل: لجنة الخدمة والحراسات ‏ووليد الخورنة الجديد الرائع "كشافة السريان" ‏‏(الذي يشرف عليه مركز السريان للثقافة والفنون). ‏فتيان وفتيات بزيهم الكشفي الاخاذ واعلامهم ‏الملونة والاتهم الموسيقية قد اضافوا الى عرس بغديدا ‏زهوا وبهجة.‏
‏ واذ احتفلت بغديدا بتجديد كنيستها الكبرى انما ‏احتفلت بتجديد اعماق انسانها المحتفل بالحب ‏والسلام ابداً.‏
[/color]