كل عام ..... وقتلة المسيحيين العراقيين بخير!
ستوكهولم ـ اسكندر بيقاشا
انتهى عاما ماساويا آخر على مسيحيي العراق مليئا بالقتل والتهجير وسلب الحقوق خاصة في مدينة الموصل حيث جاء دور المدينة هذه السنة بعد ان اكتمل تهجير المسيحيون من محافظات الوسط والجنوب.
ففي فجر عام 2008 وبالتحديد في السادس من كانون الثاني يوم عيد الاضحى تعرضت كنائس والاديرة في بغداد والموصل وكركوك الى سلسلة من التفجيرات المتزامنة. وتزامنت التفجيرات مع ارسال التهديدات للعوائل المسيحية المتبقية في المدينة اما بتركها او اعتناق الدين الاسلامي. المطران فرج رحو دعا الحكومة العراقية ان تنتبه وان تقف امام ما يحدث للمسيحيين لعل هناك خطة استراتيجية لافراغ العراق من المسيحيين.
اما الفاعلون فهم لا زالوا احرارا وابرياءا من دماء الضحايا وتفجير المقدسات!لكن الوقت لم يمر طويلا على نداء المطران بولص فرج رحو قبل تصله الايدي الاثمة فتختطفه اولا وتقتل مرافقيه الاربعة في 29 شباط 2008 ومن ثم تتركه شهيدا بعد فترة من الاختطاف ليكون اول مطران يقتل على ارض الرافدين منذ تاسيس الدولة العراقية ووصمة عار على جبين الفاعاين ادانها المجتمع الدولي جميعا. لكن الحكومة التي استنجد بها المطران الشهيد بعد ان وعدت بانها ستكشف عن القتلة تنصلت منها ونسي الموضوع الى ان فاجأت الجميع بانها حكمت على القاتل بالاعدام. وقد ظهر ان المتهم كان محكوما بالاعدام مسبقا عن جرائم اخرى من دون ان تذكر الحكومة اية تفاصيل عن المحاكمة او الضالعين في الجريمة. انها كانت فعلا مهزلة حيث طاالبت شخصيات سياسية ودينية مسيحية بايقاف الاعدام لمعرفة خيوط الجريمة لكن الحكومة اعدمته رغم ذلك, لتسدل الستار عن الجريمة.
وبعملها فقد تركت الدولة الفاعلون احرارا وابرياءا من دماء الشهداء!اما قضية الكوتا في انتخابات مجالس المحافظات فكانت مثل لعبة كرة الطائرة حيث اصبح المسيبحيون مثل كرة تتقاذفها كثلة لتكبسها الكتلة الاخرى. وانتهت بهجمة تدميرية للمسيحيين في الموصل بعدما رفع المسيحيون رؤوسهم قليلا مطالبين بكوتا منصفة وبعضهم رفع صوته فوق الحد المرسوم له بمطالبته بحقه في الحكم الذاتي مثل بقية القوميات العراقية. المؤلم في العملية ليس فقط الاثار المادية والنفسية التي تركها الهجوم الذي قتل وشرد مسيحيي الموصل بل هو استرخاص الدم المسيحي والتلاعب بمستقبلهم من قبل الحكومة العراقية اولا ومن قبل الكتل السياسية العراقية ثانيا. فبالرغم من الجريمة حصلت في وضح النهار وبسيارات مكشوفة وجاءت التهديدات بالمكروفونات. ورغم تأكيد الحكومة بانهم يعرفون القتلة فقد احجمت الحكومة عن ذكر هذه الجهات التي تقف وراءها وذلك لاعتبارات سياسية, كما كشف عن ذلك نائب الرئيس العراقي طارق االهاشمي في لقائه مع موقع عنكاوا كوم.
فلم يكشف عن المجرمين ولم يعاقب احدا رغم كبر حجم الجريمة!
لا اريد ان ادخل في توزيع الاتهامات او الضياع في التكهنات لان كل ذلك لا ينفع من دون دلائل ملموسة واثباتات جنائية.وقد يساعد ذلك على تمييع القضية واضاعة الوقت وبالتالي افلات المجرم الحقيقي من العقاب. لكنني اؤكد على حقيقتين, الاولى ان حكومة المالكي هي المسؤولة قانونيا لكل ما يجري للمواطنين العراقيين في فترة حكمها. والثانية هي ان لديها معلومات كثيرة ان لم نقل ادلة (حسب ما صرح به مسؤولي القوات الامنية وبعض السياسيين) دامغة ضد مرتكبي جميع او بعضا من هذه الجرائم التي تصل الى مرحلة الابادة الجماعية حسب قوانين الامم االمتحدة.
ان افضل هدية كان المالكي وحكومته يستطيع تقديمها للمسيحيين هو الاعلان عن هوية الجهة او الجهات المسؤولة عن هذه الجرائم بدل اقامة بعض الاحتفالات وتقديم بعض المساعدات للاجئين وتوزيع الهدايا على الاطفال وكانهم يرشون المسيحيين ببعض الحلوى والانجازات الانية لجعلهم ينسون ما جرى لهم من ظلم وقتل وقهر.
ان انجع طريقة لايقاف قتل ابناء الاقليات عموما والمسيحيين بوجه الخصوص هو الكشف عن الجهات التي تقوم بها وتقديمها لمحاكمات سياسية وجنائية. اما ان تتركهم الدولة احرارا فهو يعطي الاشارة الى كل من يرغب في ايذائهم بانه يستطيع ذلك ومن دون عقاب, اي انهم يصبحون من دون حماية قانونية ومن دون قوة ردع ايضا.
ان كان احدا يريد من المسيحيين ان يبقوا في العراق فعليه ان يجعلهم مطمئنين وواثقين من احترام وصداقة ابناء الشعب والقوى السياسية الفاعلة لهم. لكن عدم كشف الفاعلين يجعل المسيحي ينظر بعين الشك والريبة الى جميع الاطراف العراقية المتنازعة ويفقد الامان والاستقرار في عيشته مما يجعله ان يفكر بترك العراق.
ان الساكت عن الحق شيطان اخرس, مقولة تنطبق على الحكومة والبرلمان وان عدم الكشف عن القتلة والمجرمين هو بلا شك مشاركة في هذا الجرم مهما حاولت الحكومة تبريره, لان البراهين اثبتت ان هذا التستر هو ما اوصل المسيحيين الى الحالة المؤلمة التي هم فيها الان. فلو كانت الحكومة قد فضحت الجهات التي فجرت كنائس بغداد او كشفوا علنا عن الجهة التي طردت المسيحيين من الدورة وارادت اجبارهم على دخول الاسلام واعترفت بانهم مستهدفون من قبل قوى عراقية او اجنبية او عاقبوا قتلة الاباء بولص اسكندر , منذر السقا , رغيد كني وشمامسته لما تجرأ مجرموا الموصل على فعل كل الفضائع التي ارتكبوها عام 2008.
لكن ماذا يستطيع المسيحيون فعله لكشف المجرمين بعد ان اثبت ان الحكومة تتستر عليهم ولم نعد نثق بقواها الامنية وجهازها القضائي ونياتها الصادقة تجاه المسيحيين؟ هل هو التوجه الى تقديم المسؤولين الى محكمة دولية؟هل من الممكن اشتراط وجود محققين مسيحيين عراقيين من ضمن طاقم التحقيق عندما تحصل جرائم سياسية ضد المسيحيين؟ ام هل هو الطلب من الامم المتحدة او جهات دولية اخرى التعاون في الكشف عن الجناة في حالة تهرب الدولة او عجزها عن الكشف عن الجهات المسؤولة؟ان القوى السياسة الغير حريصة على مصير المسيحيين او الذين يريدونهم ترك العراق يراهنون على ذاكرتنا المثقوبة ,على ضعف اداء سياسيينا ورجال ديننا, قلة حلفاءنا في الداخل والخارج وعلى تقادم الزمن في نسيان آلامنا ومآسينا. لكن بالمقابل علينا الاصرار على كشف الفاعلين مهما كانت هويته ليس من اجل العقاب وحماية انفسنا من اعتداءات مستقبلية فحسب بل من اجل التاريخ ايضا. فما الذي نقوله في المستقبل حينما يسالنا شخصا عن هوية قاتلنا وعنوان مهجرنا ومبادئ مفجر كنائسنا ؟
وعارنا اليوم وقد يكون عندها ايضا ان يكون جوابنا هو...... اننا لا ندري